< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/04/13

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: احکام النیة/ کتاب الصوم/

المسألة 12: وقت نية صوم شهر رمضان

المسألة 12 آخر وقت النية في الواجب المعين رمضان كان أو غيره عند طلوع الفجر الصادق و يجوز التقديم في اي جزء من اجزاء ليلة اليوم الذي يريد صومه و مع النسيان أو الجهل بكونه رمضان أو المعين الآخر يجوز متی يذكر الی ما قبل الزوال اذا لم‌يأت بمفطر و لايجزيه اذا تذكر بعد الزوال.

يقع الكلام في ان وقت نية صوم شهر رمضان متی يكون؟ هل يجب ان تكون نيته عند طلوع الفجر أو قبله ام لا؟ المشهور ان وقت نية صوم شهر رمضان الی طلوع الفجر فلو اخر نية الصوم الی ما بعد طلوع الفجر و كان متعمدا في ذلك بطل صومه. و لكن حكي عن السيد المرتضی جواز تاخير نية الصوم عمدا الی ما قبل زوال الشمس من شهر رمضان. و نقل عن ابن‌الجنيد جواز تاخير نية الصوم الی قبيل الغروب.

قبل ان نتكلم عن مستند المشهور و كذا مستند هذا القول من السيد المرتضی و ابن‌الجنيد، اقرأ لكم عبارة المختلف حيث ان كلام ابن‌الجنيد مذكور في كتاب المختلف. يقول في المختلف، الجزء 3 صفحه 365: "قال المفيد رحمة الله عليه: يجب لمكلف الصيام (يجب لمن وجب عليه الصيام) ان يعتقده (اي ينويه) قبل دخول وقته. و قال الشيخ الطوسي وقت النية من اول الليل الی طلوع الفجر اي وقت نوی اجزأه و يتضيق عند طلوع الفجر. هذا مع الذكر. و قال ابن ابي‌عقيل: يجب علی من كان صومه فرضا ان يقدم النية في اعتقاد صومه ذلك من الليل. (لابد ان ينوي الصوم من الليل). و قال السيد المرتضی: وقت النية في الصيام الواجب من قبل طلوع الفجر الی زوال الشمس. (هذا ما يؤكد ما نسب اليه لانه لم‌يقيد الصوم الواجب بغير صوم رمضان، قال وقته من قبل طلوع الفجر الی وقت زوال الشمس). و قال ابن‌الجنيد: و يستحب للصائم فرضا و غير فرض (يعني سواء كان صومه واجبا أو غير واجب) ان يبيت الصيام من الليل لما يريد به (يستحب) و جائز ان يبتدأ بالنية و قد بقي بعض النهار و يحتسب به من واجب اذا لم‌يكن قد احدث ما ينقض الصيام. و الاقرب ان نقول (هذا كلام المختلف) محل النية من اول الليل الی آخره للمتعمد الذاكر فان خرج الليل و لم‌ينوه مع العمد لم‌يجزئه الصوم". فهذا المنقول من ابن‌الجنيد هكذا: و جائز ان يبتدأ‌ بالنية و قد بقي بعض النهار و يحتسب به من واجب اذا لم‌يكن قد احدث ما ينقض الصيام و لو جعله تطوعا كان احوط. هذا يعني شنو؟ هذا يعني انه شهر رمضان؟ يقول: ان لم‌ينو من الليل جائز ان يبتدأ بالنية و قد بقي بعض النهار و يحتسب به من الواجب و لكن لو جعله تطوعا كان احوط. هذا لايتناسب مع كون اليوم من رمضان، اشلون يقول و لو جعله تطوعا كان احوط مع انه لاصوم تطوع في شهر رمضان. هذا يتناسب مع الواجب غير المعين. فعليه ما نسب الی ابن‌الجنيد من انه ذهب الی ان وقت نية صوم شهر رمضان يمتد الی قبيل غروب الشمس لااساس له. هذه النسبة مذكورة في كلام السيد الحكيم و السيد الخوئي.

جواب سؤال: يعني صاحب الرياض هو الذي اوقعهم في الخطأ؟ يا ليت كانوا يراجعون المصدر. السيد الخوئي ما يراجع المصادر لكن السيد الحكيم ليش؟ و لكن مو مهم.

المناقشة في توجيه السيد الحكيم لكلام السيد المرتضی و ابن‌الجنید

السيد الحكيم هكذا وجّه كلام السيد المرتضی و كلام ابن‌الجنيد حيث قال: بل ظاهر ابن‌الجنيد جواز التاخير الی ما قبل الغروب، يقول و حينئذ يكون ذلك منهم خلافا في وجوب وقوع الصوم بتمامه عبادة فان لم‌ينعقد الاجماع علی خلافهم كان مقتضی الاصل جواز التاخير اختيارا. ليش؟ يقول: اذا لم‌يكن هناك ارتكاز علی عبادية الصوم عند المتشرعة في طول النهار من طلوع الفجر الی غروب الشمس لكان القدر المتيقن لزوم عبادية الصوم و لو في بعض الوقت. ان نية الصوم (هكذا يقول السيد الحكيم) ليست مقومة لعباديته لعدم اعتبار وقوعه علی وجه العبادة و انما يعتبر وقوعه في حال كون المكلف عازما علی الامساك بداع الامر فاذا لم‌يقم دليل علی وجوب العزم من اول الفجر فالمرجع اصل البراءة.

كلام غريب من السيد الحكيم. لعله خلط بين كون الصوم عبادة و كون الصوم عنوانا قصديا. يا سيدنا الحكيم! تركيزكم علی عبادية الصوم لا علاقة لنا به. المهم ان الصوم عنوان قصدي و اذا لم‌ينو الامساك من اول طلوع الفجر فلايصدق عليه انه صام من طلوع الفجر، لايصدق انه صام عند طلوع الفجر. نعم، صام بعد زوال الشمس، لكن الواجب في صوم شهر رمضان ان يكون المكلف صائما من طلوع الفجر الی غروب الشمس. المتيقن لزوم قصد القربة فيه و لو في بعض الوقت، هذا بحث آخر، تقبلون ذلك أو تناقشون فيه ذاك بحث آخر، اصلا افرض ان الصوم ليس عبادة، المهم ان الصوم عنوان قصدي،‌ فما لم‌ينوه من طلوع الفجر لايصدق عليه انه صائم.

لماذا تقول فاذا لم‌يقم دليل علی وجوب العزم في اول طلوع الفجر من اجماع أو غيره فالمرجع اصل البراءة؟ لا، المرجع هو العموم الدال علی وجوب الصوم من طلوع الفجر. و ان كان بعد ذلك قال لكن الانصاف ان ارتكاز عباديته عند المتشرعة مما يوهن الخلاف المذكور، يعني المرتكز ان الصوم عبادة من طلوع الفجر، لا،‌ لانحتاج الی ذلك.

الواجب تقارن نية الصوم بطلوع الفجر و سبق نية الصوم مقدمة علمية

الكلام يقع في مقامين:

المقام الاول ان المتعمد لو اخر نية الصوم الی بعد طلوع الفجر هل يجزيه ان ينوي الصوم قبل زوال الشمس في شهر رمضان؟ و المتعمد يشمل الجاهل بالحكم. و ان شئت قلت: هل يصح لغير الناسي و من لايعلم بدخول شهر رمضان، من كان يعلم بدخول شهر رمضان و لكنه لايعلم وجوب الصوم عليه أو يعلم بذلك هل يجزيه ان ينوي الصوم قبل زوال الشمس من شهر رمضان ام لا؟

مقتضی القاعدة عدم مشروعية ذلك لاننا كما ذكرنا ان المقتضی للاصل الاولي لزوم تحقق الصوم من طلوع الفجر و لم‌يقم دليل علی استثناء المتعمد، ان قام دليل فانما قام علی استثناء الناسي.

فاذاً متي ينوي المتعمد؟

صاحب العروة قال هكذا: آخر وقت النية عند طلوع الفجر الصادق و يجوز التقديم في اي جزء من اجزاء الليلة اليوم الذي يريد صومه.

هذا مو صحيح، الواجب تقارن نية الصوم بطلوع الفجر، و سبق نية الصوم مقدمة علمية. اي فرق بين نية الصوم و نية الوضوء مثلا؟ الذي يقول بان الوضوء يحتاج الی النية ماذا يقصد؟ يقصد انه لابد ان يكون غسل الوجه مقترنا بقصد عنوان الوضوء. فاذا لابد ان يكون ترك الاكل و الشرب في اول طلوع الفجر مقارنا لقصد الامساك و مقارنا لنشوءه من قصد قربي.

ان قلت: يختلف مثال الوضوء عن مثال الصوم لان الوضوء عبادة فعلية و الصوم عبادة فاعلية، فيمكنه ان ينام اول الليل و ما يقعد من النوم الا قبيل طلوع الشمس يصلي صلاة الصبح أو ما يصلي، بعضهم يصومون و ما يصلون.

نقول: الفارق هو كفاية كون نية الصوم ثابتة في اعماق مرتكز الصائم و لايضر به النوم، صحيح، و لكن المهم ان النوم لايزيل تلك النية الارتكازية الموجودة في ذهنه قبل ان ينام، فالمهم مقارنة تلك النية و ان كان المكلف نائما.

و هذا لايحتاج الی ان يكون احداث النية في الليل؛ حتی لو ان شخصا قبل غروب الشمس من اليوم الاول من رمضان شاف هو و ان عصی قال انام، ان‌شاءالله قبل منتصف الليل اقعد لصلاة المغرب و العشاء، فنام نوم اصحاب الكهف أو كاد ان يكون نوم اصحاب الكهف، فلم يستيقظ الا بعد طلوع الفجر أو طلوع الشمس من اليوم الآخر، يعني كان نائما في طول الليل، لابأس به، مع ان الاعلام و الفقهاء قالوا بان النية‌ لابد ان تكون في الليل،‌ لا،‌ المهم ان تكون النية موجودة في اعماق مرتكز هذا المكلف و لو كان احداث النية قبل دخول الليل، هذا مو مهم.

كلام السيد الخوئي

نعم، السيد الخوئي قال: اجزاء نية الصوم قبل غروب الشمس فيما اذا نام المكلف قبل غروب الشمس و لم‌يستيقظ الا في نهار غده، انما يتم لو كان وجوب الصوم لليوم الثاني ثابتا من اول دخول شهر رمضان. اذا اهل هلال شهر رمضان لابد ان نری هل وجب صوم غده فقط أو وجب صوم تمام الشهر؟ اذا قلنا بانه كل ليلة من ليالي شهر رمضان يجب صوم غدها، الليلة الاولی يجب صوم غدها، الليلة الثانية يجب صوم غدها و هكذا، يقول السيد الخوئي: هذا الذي نام قبل غروب الشمس من يوم الاول من شهر رمضان و لم‌يستيقظ الا بعد طلوع الفجر بطل صومه لانه لم‌يكن مامورا بالصوم. قبل غروب الشمس من ليلة اليوم الثاني لم‌يتحقق موضوع وجوب الصوم لليوم الثاني، و بعد غروب الشمس هذا نائم و رفع القلم عن النائم حتی يستيقظ فصومه باطل. اما اذا قلنا بان وجوب صوم شهر رمضان في تمام ايامه يصير فعليا في اول ليلة شهر رمضان فقد وجب عليه الصوم. حينما نام كان وجوب صوم اليوم الثاني فعليا في حقه.

ان قلت: يلزم من هذا الكلام انه لو ان شخصا نام قبل الليل الاول من رمضان و نوی الصوم و نام، قبل دخول الليل الاول نوی الصوم لغده و نام و لم‌يستيقظ الا بعد طلوع الفجر لابد ان يستلزم بفساد صومه.

نقول: نعم، هو يلتزم بذلك و لكن لم‌يلتزم بمثله في اليوم الثاني و الثالث و هكذا لان رأيه علی وجوب صوم كل ايام شهر رمضان من اول دخول شهر رمضان، فمن شهد منكم الشهر فليصمه. من شهد منكم الشهر يعني من اهل عليه هلال شهر رمضان وجب عليه صوم شهر رمضان.

س: اصلا ذاك مو مهم، انه ينوي صوم تمام الشهر أو ينوي كل ليلة صوم غدها بعد ما قلنا بان المهم هو اقتران النية الارتكازية لصوم النهار، احداث هذه النية متي كان هذا مو مهم،‌ لكن السيد الخوئي يقول احداث هذه النية لابد ان يكون حين وجوب الصوم. اذا احدث النية و نام و لم‌يستيقظ الی بعد طلوع الفجر لابد ان يكون احداث النية‌ حين وجوب الصوم، فقبل دخول الليل الاول من شهر رمضان اذا نوی صوم غده و نام قبل غروب الشمس و لم‌يستيقظ الا بعد طلوع الفجر بطل صوم اليوم الاول.

و لعل هذا نظير أو شبيه و لو بنحو مّا مع ما ذكره السيد السيستاني في الوقوف بعرفات و المشعر و المبيت في منی. استشكل انه لو ان شخصا قبل زوال الشمس من يوم عرفة قال: انا انوي الوقوف بعرفة و انام، لاتقعدوني من النوم، انا تعبان، السيد السيستاني يستشكل يقول لابد ان تكون حين اول وقت وجوب الوقوف بعرفات لابد ان لاتنام في ذلك الوقت لابد ان تكون مستيقظا ثم تنام. و هكذا في اول وقت يجب فيه الوقوف بالمشعر أو في اول وقت يجب فيه المبيت بمنی. نعم، يحتاط في جميع ذلك لكنه هكذا قال.

نرجع الی كلام السيد الخوئي ثم نری هل يوجد فارق بين لكامه و كلام السيد السيستاني ام لا. نقول للسيد الخوئي اما ما ذكرتم من انه يكفي نية الصوم لليوم الثاني و لو نام قبل غروب الشمس و لم‌يستيقط الا بعد طلوع الفجر فكلام متين جدا لانه لادليل علی اكثر من ذلك لاننا لانتمسك لجواز النوم بالسيرة‌ المتشرعية حتی تقولوا بان القدرالمتيقن منه النوم بعد دخول الليل، بل نتمسك بالاطلاقات. هذا نوی الصوم و صام و العرف يقول حتی لو لم‌يستيقظ الی ما بعد دخول الليل يعني اربع و عشرين ساعة نائم، العرف يقول هذا صائم، قد يقولون الله ما يقبل منه، ذاك مو مهم، هذا صائم، فاذاً مقتضی القاعدة ذلك.

لكن هل تفصيله بين القول بوجوب الصوم و عدمه و التزامه ببطلان الصوم اذا نام قبل غروب الشمس من اليوم الاول و بقي نائما الی بعد طلوع الفجر صحيح ام لا، نتكلم عن ذلك في ليلة الاحد ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo