< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/04/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: احکام النیة/ کتاب الصوم/

 

كان الكلام فيما ذكره صاحب العروة في المسألة الثامنة من انه اذا كان عليه نذران فنذر مرة ان يصوم يوما و نذر مرة اخری ان يصوم يوما، فهنا اصل الوفاء بالنذر يحتاج الی القصد، فان صاحب العروة يقول: عنوان الوفاء بالنذر عنوان قصدي، و لكن تعيين ان صومه في اليوم الاول وفاء لنذره الاول أو لنذره الثاني لايجب.

كلام السيد الحكيم في المسألة الثامنة و الاشكالات عليه

السيد الحكيم اشكل عليه فقال: اذا كان متعلق النذر امرا عباديا متعلقا بعنوان فمضافا الی لزوم قصد الوفاء بالنذر يلزم قصد امتثال ذلك العنوان. اما انه يجب قصد الوفاء بالنذر لانه يری ان النذر دين، لله علیّ ان اصوم يوما، فينشأ ان الله يملّك في ذمته صوما، فلابد في اداء الدين من قصد اداء الدين و بدون قصد اداء الدين لايتحقق اداء الدين، و اما انه لو نذر عنوانا عباديا تعلق به الامر فلايمكن امتثال ذلك الامر العبادي الا بقصد امتثاله فيحتاج الی قصدين: قصد الوفاء بالنذر و قصد ذلك الامر الذي تعلق بعنوان.

السيد الخوئي قال: هذا الكلام مو صحيح، لا معنی للملكية الاعتبارية له سبحانه كما لايخفی، شنو معنا ان الله يملك في ذمتي صوم يوم؟ الله مالك السموات و الارض، ما يحتاج انت تملكه مثلا صوما أو تملكه فيما اذا قلت لله علیّ ذبح شاة تملكه هذه الشاة.

هذا الكلام من السيد الخوئي مو صحيح،‌ فانه بنفسه في كتاب الخمس يقول:‌ الخمس ينقسم الی ستة اسهم، سهم الله هو ملكه تعالی بملكية اعتبارية مع ان كل السموات و الارض ملك له تعالی بملكية تكوينية.

و لامحذور في ذلك. اذا ترتب اثر عقلائي علی اعتبار الملكية له تعالی بالنسبة الی سهم واحد من ستة اسهم خمس أو بالنسبة الی الانفال قل الانفال لله فاي محذور في اعتبار ذلك،‌ اثر اعتبار الملكية له تعالی حرمة تصرف الآخرين في ملكه تعالی كحرمة تصرفه في ملك الناس بينما انه لادليل علی حرمة‌ التصرف في ملك التكويني، لله تعالی أو لغيره. فلامحذور في ثبوت ملكية اعتبارية لله تعالی علی شيء من الاشياء.

ثم اشكل علی كلام السيد الحكيم باشكال آخر،‌ فقال: لو فرضنا ان النذر دين، ان المنشأ بالنذر كون المنذور ملكا لله تعالی، لله علیّ صوم يوم فيكون مثل الاجير الذي يكون مدينا للمستأجر بعمل،‌ انما يتم كلام السيد الحكيم في نذر الكلي،‌ كما لو نذر صوم يوم من هذا الشهر فان انطباقه علی صوم غد يتوقف علی القصد، و اما لو نذر ان يصوم في غد بعينه فانه متعين في نفسه بلاحاجة الی التعيين. نظير رد الوديعة. الوديعة مال متعين، اذا رد المال الی صاحبه يصدق انه رد الوديعة و ان كان غافلا عن كون هذا المال وديعة عنده.

هذا الاشكال الثاني ايضا غير تام. ليش؟ اي فرق بين مثال صوم غد مع الاستئجار علی عمل غد، استؤجر شخص علی عمل في زمان معين، فاتی بذلك العمل بلاقصد ان يكون اداءا للدين، فهل يكون اداءا للدين؟ اذا لم‌يقصد انه اداء للدين. استؤجر علی ان يخيط خلال ساعة، هذا القماش أو اي قماش، افرض هذا القماش حتی يكون جزئيا لزيد، غفل عن كونه اجيرا، فترحم علی زيد، شاف زيد لابس فالثوب عتيق، فترحم عليه، قام يخيط هذا القماش، بلانية انه وفاء بالاجارة و اداء لدينه،‌ فهل يستحق الاجرة؟‌ من اين ذلك؟ و لم‌يقصد اداء الدين. مجرد ان الدين يكون متعينا بلحاظ الزمان لايعني انه لايحتاج الی قصد اداء الدين.

فالمهم ان اللام في لله علیّ ليس لام التمليك، هذا هو المهم،‌ بل لازم الالتزام. خلاص بعدُ، هذا هو الاشكال الاساس علی السيد الحكيم.

و الوفاء بالنذر ليس الا عنوانا مشيرا الی متعلق النذر. فما اختاره صاحب العروة و وافق عليه جمع من الاعلام كالسيد البروجردي و السيد الخميني قدس سرهما من كون الوفاء بالنذر عنوانا قصديا هذا غير تام لانه ليس عنوان الوفاء بالنذر الا عنوانا مشيرا الی الاتيان بمتعلقه، كعنوان الوفاء بالشرط و يشهد علی ذلك انه لو نذر ترك عمل فتركه بدون الالتفات الی انه نذر ذلك، ألايقال انه وفی بنذره؟ أو عمل بمقتضی الشرط بدون التفات الی انه وفاء بالشرط و قال عمل بالشرط، وفی بالشرط يعني عمل بالشرط، وفی بالنذر يعني عمل بالنذر،‌ لايستفاد منه اكثر من هذا.

فاذا ليس عنوان وفاء بالنذر قصديا كما انه لو تعدد النذر لايحتاج الی التعيين.

كلام السيد الامام و السيد البروجردي

السيد الخميني قدس سره هنا له تعليقة‌ علی العروة، اقرأ تعليقته، و هكذا السيد البروجردي و السيد الگپايگاني فيما اذا نذر نذر شكر و نذر زجر، لله علیّ ان عوفي ولدي من مرضه ان اصوم يوما، لله علیّ ان استغبت مؤمنا فاصوم يوما، الاول نذر شكر و الثاني نذر زجر، نذر ذلك حيت يترك الغيبة، هذا نذر زجر بعدُ، هنا يقول السيد الخميني يجب تعيين ان هذا نذر زجر أو نذر شكر. و هكذا السيد الگپايگاني احتاط في نذري الشكر و الزجر التعيين. و السيد البروجردي قال وجوب التعيين فيهما لايخلو من وجه. اقرأ لكم كلام السيد البروجردي: و كذا اذا كان عليه نذران، هنا بعد ذلك قال و كذا اذا كان عليه كفارتان،‌ صاحب العروة لايحتاج الی التعيين في نذرين و في كفارتين، السيد البروجردي قال وجوب العيين فيهما اي في كفارتين لايخلو من وجه و كذا في النذرين اذا كانا من نذري الشكر أو الزجر.

انا افهم من هذه التعليقة انه حتی لو كان النذران كلاهما نذر شكر أو كلاهما نذر زجر، فيجب التعيين. لانه قال و كذا في النذرين اذا كانا من نذرَي الشكر أو الزجر، ما قال الا اذا كان احدهما نذر شكر و الثاني نذر زجر، لا، قد يكون كلاهما نذر شكر، لله علیّ ان عوفي ابني من مرضه ان اصوم يوما، لله علیّ ان عوفي بنتي من مرضها فاصوم يوما، فعوفي الابن و عوفيت البنت من مرضهما يقول السيد البروجردي هنا يحتاج اذا صمت في غد تنوي انه وفاء باي من النذرين و الا لم‌يقع من اي منهما. هكذا معناه بعدُ. قصد الوفاء بالنذر، عنوان الوفاء بالنذر يقول السيد البروجردي انه عنوان قصدي،‌ مي خالف،‌ قصد الوفاء بالنذر و لكن حيث لم‌يعين انه وفاء‌ بنذره الاول أو الثاني لم‌يكن وفاءا بالنذر لانه نذر شكر.

اعود و اقرأ تعليقة السيد الخميني: و اما في نذر الشكر و الزجر اذا كانا في نوعين فلايبعد وجوب التعيين. شنو معنی اذا كانا في نوعين؟ هل يعني انه اذا كان احدهما نذر شكر و الآخر نذر زجر؟ شنو معنی اذا كانا في نوعين؟ ان اريد منه ان احدهما كان نذر شكر و الآخر نذر زجر و لكن كلام السيد البروجردي ليس كذلك و هكذا كلام السيد الگلپايگاني يعني اذا كان كلاهما نذر شكر أو نذر زجر فظاهر كلام السيد البروجردي انه يجب تعيينهما.

لكن نقول ما هو الدليل علی لزوم التعيين؟ حتی لو كان احدهما نذر شكر و الآخر نذر زجر. خلاص بعدُ، انا نذرت إما شكرا أو زجرا، فوجب علیّ صوم يومين و قصدت الوفاء بالنذر،‌ مي خالف، ما هو الدليل علی لزوم تعيين ان الصوم الاول وفاء بنذر الشكر أو ان الثاني وفاء‌ بنذر الشكر، فضلا عما اذا كان كلاهما نذر شكر أو نذر زجر، ما هو الدليل علی هذا التضييق علی الناس؟

المسألة 9: اذا نذر صوم يوم معين و نذر صوم يوم معين آخر، فصادف النذران

المسألة 9: اذا نذر صوم يوم خميس معين و نذر صوم يوم معين من شهر معين، لله علیّ ان اصوم يوم الخميس الآتي و لله علیّ ان اصوم اليوم الفلاني من شهر ربيع الثاني، يوم الخميس ليلة الخميس، يعني صار بنائي اصوم في يوم الخميس وفاءا بالنذر الاول، فصادف نفس اليوم الفلاني الذي نذرت ان اصوم في ذلك اليوم الفلاني من ربيع الثاني،‌ يقول صاحب العروة: يكفيه صومه و يسقط النذران فان قصدهما اثيب عليهما و ان قصد احدهما اثيب عليه و سقط الآخر لانه قصد الوفاء بالنذر، صاحب العروة يری ان قصد الوفاء بالنذر لازم لكنه قصد الوفاء بالنذر و لو بلحاظ احدهما.

كلام السيد الخوئي

هنا اشكالان علی صاحب العروة:

الاشكال الاول للسيد الخوئي. السيد الخوئي يقول اصلا النذر الثاني لغو. هذا نظير ان شخصا قال لله علیّ ان اكرم زيد بن بكر،‌ و بعد ذلك قال لله علیّ ان اكرم اباخالد، افرض ابتنائي ان زيد بن بكر غير ابي‌خالد،‌ بعد ذلك فالواحد قال لي: تنذر نذرين لله علیّ ان اكرم، اطعم أو اعطي الف ريال لزيد بن بكر و اعطي الف ريال لابي‌خالد،‌ خب ابوخالد نفس زيد،‌ مو غيره، السيد الخوئي يقول ينكشف عدم انعقاد النذر الثاني. ليش؟ يقول السيد الخوئي: لانه بعد ما وجب عليه اكرام زيد بن بكر فيستحيل تعلق وجوب آخر باكرامه، لانه يكون من اجتماع الوجوبين بفعل واحد. المعنون بعنوان زيد و بعنوان ابي‌خالد شخص واحد، فيكون النذر الثاني ملغی أو يكون تاكيدا للاول و هذا يعني انه لاينعقد.

نعم، لو فرضنا انه نذر صوم اول خميس من رجب، ثم نذر الصوم في اول يوم يشفي فيه مريضه، فاتفق انه شوفي مريضه ليلة الخميس من رجب، يقول السيد الخوئي هنا: لا، النسبة بين النذرين العموم و الخصوص من وجه، اتفق انطباقهما علی يوم واحد،‌ هنا يصح النذران و لو لم‌يصم، عليه حنث النذرين، عليه كفارة حنث النذرين، و هذا بخلاف المقام. فيعني ذلك انه اذا نذر ان يصوم يوم خميس معين و نذر صوم يوم معين من شهر ربيع الثاني فاتفق انه نفس يوم الخميس القادم، فلاينعقد نذره الثاني.

جواب سؤال: فاتفق نذر صوم معين من شهر معين،‌ فاتفق يعني ما كان يعلم بان يوم العشرين من ربيع‌الثاني متحد مع يوم الخميس القادم، هذا معناه. و الا في علم اصحاب التقاويم واضح ان يوم الخميس مصادف مع يوم العشرين من ربيع‌الثاني، هو ما يدري، هذا بخلاف ما لو نذر صوم الخميس القادم و نذر ان عوفي ابنه من مرضه فيصوم في غده فاتفق انه عوفي ولده ليلة الخميس، لا،‌ النسبة بينهما عموم من وجه.

مو بعيد كلام السيد الخوئي و الا لزم من ذلك انه اذا كرر نذره، لله علیّ ان اصلي صلاة‌ الصبح،‌ شاف عنده عدة فلوس، ما يصلي، لانه عرف ان كفارة حنث النذر اطعام عشرة مساكين، فيستمر في النوم، قال اكرر النذر، لله علیّ ان اصلي صلاة الصبح بقصد الانشاء الجديد مو بقصد التاكيد،‌ صار مثلا عشر مرات،‌ عشر مرة نذر سواه، حتی الكفارة يصير مثلا اطعام بمأة، لادليل علی انعقاد النذر الثاني و الثالث و غيرهما.

هذا اشكال الاول للسيد الخوئي و اشكال متين.

الاشكال الثاني علی مباني السيد الحكيم، يقال بانه لو فرض انعقاد النذرين كما في مثال لله علیّ ان عوفي ولدي من مرضه اصوم في غده و قال لله علیّ ان اصوم يوم الخميس القادم،‌ فاتفق ان ولده عوفي من مرضه يوم الخميس فان صام بنية الوفاء بالنذر الاول دون الثاني أو بالعكس فعلي مبنی السيد الحكيم لايكون وفاء بالنذر الثاني لانه مدين بدينين، اذا كان شخص مدينا بدينين و قصد اداء الدين الاول كيف يقع اداءا للدين الثاني ايضا؟ و لكن هذا الاشكال مبنائي فلايهمنا هذا المبنی.

المناقشة في كلام السيد الامام

السيد الخميني هنا بعد ما قال صاحب العروة يكفيه صومه و يسقط النذران، قال لو قصدهما و اما لو لم‌يقصد الا واحدا منهما فتحقق الوفاء بالنسبة الی ما قصد دون غيره و لايبعد ثبوت الكفارة بالنسبة الی غير المقصود. السيد الخميني لايری ان النذر دين، بس يری ان الوفاء بالدين عنوان قصدي، يقول اذا قصد الوفاء بالنذر الاول صوم يوم الخميس و لم‌يقصد الوفاء‌ بالنذر الثاني و هو صوم معين من شهر ربيع‌الثاني مثلا فلايكون وفاءا بالنذر الثاني. فيثبت عليه كفارة‌ حنث النذر الثاني. ليش ما نويت الوفاء بكلی النذرين؟

هذا قابل للنقاش، لانه اولا لادليل علی لزوم قصد كلی النذرين اذا قلنا بان الوفاء بالنذر عنوان قصدي فرضا مع انا لانقول به، ما هو الدليل علی لزوم قصد الوفاء بكلی النذرين؟ قصد الوفاء بالنذر للاول، فينطبق عليه الوفاء بالنذر الثاني، و لو قلنا بانه لايصدق انه وفی بنذره الثاني فالموضوع للكفارة حنث النذر و العرف قطعا لايقول هذا حنث نذره الثاني،‌ خالف نذره الثاني،‌ انما يصدق عليه انه خالف النذر الثاني اذا لم‌يأت بمتعلقه.

هذا تمام الكلام في هذه المسألة. اقرأ المسألة 10 و 11 لانهما مسألتان بسيطتان و نتكلم في الليلة القادمة عن وقت نية صوم شهر رمضان.

المسألة 10: اذا نذر صوم يوم معين فاتفق ذلك اليوم في ايام البيض مثلا

المسألة 10 يقول اذا نذر صوم يوم معين فاتفق ذلك اليوم في ايام البيض مثلا فان قصد الوفاء بالنذر و صوم ايام البيض اثيب عليهما و ان قصد النذر فقط اثيب عليه فقط و سقط الآخر، سقط استحباب صوم ايام البيض و لكن لايثاب عليه و لايجوز ان يقصد ايام البيض دون الوفاء بالنذر لانه يری ان الوفاء بالنذر يجب قصده فلو نذر صوم البيض و لم‌يقصد الوفاء بالنذر فهذا يكون تركا للواجب.

قلنا بان قصد الوفاء بالنذر مو لازم، خلاص بعدُ.

المسألة 11: اذا تعدد في يوم واحد جهات من الوجوب أو جهات من الاستحباب أو من الامرين

المسألة 11: اذا تعدد في يوم واحد جهات من الوجوب أو جهات من الاستحباب أو من الامرين فقصد امتثال الجميع اثيب علی الجميع و ان قصد البعض دون البعض اثيب علی المنوي و سقط الامر بالنسبة الی البقية.

هذا واضح.

اعود علی كلام السيد الخميني حيث قال اذا نذر نذرين و انطبق النذران علی صوم يوم معين فان قصد الوفاء باحدهما فقط خالف النذر الآخر و عليه كفارة حنث النذر. السيد البروجردي ايضا ذكر نفس هذه التعليقة فقال لايبعد وجوب قصدهما، اقرأ عبارة هنا، و يسقط، لايبعد وجوب قصدهما بعد فرض كون قصدهما محصلا للوفاء بهما و لكن المسألة بعد غير صافية عن الاشكال. هذه تعليقة السيد البروجردي،‌ لكن السيد الخميني ما قال المسألة غير صافية عن الاشكال افتی بانه عليه كفارة حنث النذر لانه لم‌يقصد الوفاء به و قد تقدم الاشكال عليه.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo