< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/04/06

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: احکام النیة/ کتاب الصوم/

 

كان الكلام في انه اذا لم‌ينو ان قضاء الصوم الذي صامه اليوم، قضاء عما فاته في السنة السابقة أو قضاء عما فاته في السنة الحالية؟ السيد الخوئي قال: حيث ان قضاء صوم السنة الحالية له اثر زائد فينطبق قهرا ما صامه علی ذلك الصوم الذي ليس له هذا الاثر.

فاشكلنا عليه فقلنا بانه اولا ماذا تقول فيما اذا كان لكل منهما اثر؟ كما لو نذر انه ان لم‌يقض صوم السنة السابقة تصدق بعشر ملائين.

و ثانيا: هذا ليس معينا لسقوط الامر بوجوب قضاء صوم السنة السابقة بعد ان لم‌يقصده. غاية الامر انه لايتعين في قضاء صوم السنة الحالية فيصدق عليه انه لم‌يقض صوم هذه السنة فيجب عليه كفارة التأخير لا من باب انه انطبق علی قضاء السنة السابقة، بل من باب انه ليس مصداقا لقضاء صوم السنة الحالية. نظير ما لو اشترينا احدی الدجاجتين من زيد ككلي في المعين و دجاجة بيضاء و دجاجة حمراة فدجاجة حمراة بيّضت، البيضة لاتكون للمشتري، واضح، لانه لايملك الا دجاجة غير معينة،‌ و لكن لايعني انه ينطبق ما يملكه علی تلك الدجاجة البيضاء التي لم‌تبيض، لا، هذا المشتري بعدُ يملك احدی الدجاجتين لا بعينها و لكن حيث لايمك الدجاجة الحمراة‌ فلايملك هذه البيضة. هذا هو الصحيح.

و اما اذا ترتب علی كل من القضائين اثر فهذه مشكلة عويصة. نذر انه ان لم‌يقض صوم السنة السابقة تصدق بعشر ملائين و نذره مطلق و الشارع هم يقول ان لم‌تقض صوم هذه السنة الحالية فعليك كفارة تاخير،‌ فصام يوما واحدا بدون تعيين و لم‌يوفق لقضاء صوم آخر الی ان حل شهر رمضان، ففي باب التكاليف لايبعد ان نقول بثبوت كلی التكليفين، الا اذا كان الاثر مشتركا، فهنا قد يقال بانه لايترتب اثران مشتركان. الشارع قال ان لم‌تقض ما فاتك من اليوم الاول من شهر رمضان فادفع كفارة، ان لم‌تقض صوم اليوم الثاني الذي فاتك من شهر رمضان فادفع كفارة،‌ بحيث لو لم‌يصم كلی اليومين كان عليه كفارتان، صام يوما واحدا، فالاثر مشترك، فالعرف يقول لايجب عليه الا كفارة واحدة، لانه يصدق انه صام احد اليومين و بقي عليه صوم يوم واحد فلم‌يؤخر الا قضاء صوم يوم فليس عليه الا كفارة واحدة و لكن اذا اختلف الاثران ففي التكاليف يجب عليه ترتيب كلی الاثرين لانه لاترجيح لاحدهما علی الآخر.

السيد الزنجاني: العبرة بمرتكز المكلف الاجمالي ما في صميم ضميره

السيد الزنجاني هنا قال: استفدنا من الروايات ان العبرة بمرتكز المكلف الاجمالي ما في صميم ضميره، هذا هو المهم، و المرتكز لكل مكلف انه يريد ان ينتفع اكثر ما يكون و اذا صام و كان صومه قضاءا عما فات منه هذه السنة انتفع من صومه اكثر شيء، سقط عنه وجوب قضاء يوم و سقط عنه كفارة التاخير، بينما انه لو قضی صوم السنة السابقة لم‌ينتفع من صومه اكثر ما يكون. فهو و ان لم‌ينو شيئا لكن صميم قلبه و اعماق مرتكزاته اذا حللناها نجد فيها هذا المطلب انه بصدد جلب اكثر منفعة. قال يدل علی ذلك عدة روايات. ذكر تقريبا اربع روايات:

الرواية الاولی ما نقلنا امس ان شخصا كان لابيه جارية، وسائل الشيعة الجزء 23 صفحة 287 عن ابي‌بصير عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال سألته عن رجل اعجبته جارية عمته فخاف ان يصيبها حراما فحلف ان لايمسها ابدا فماتت عمته فورث الجارية، أ عليه جناج ان يطئها قال انما حلف علی الحرام. فيقول السيد الزنجاني: الامام كشف ما في ضمير هذا المؤمن و الا هو حلف ان لايمسها ابدا، الامام قال: لا، الموجود في اعماق ضميره و مرتكزاته هو ان حلفه لاجل ان لايمسها حراما.

الرواية الثانية: امرأة نذرت ان لاتخرج من بلدها الی بلد زوجها، (هذا النذر صحيح أو مو صحيح، لاندخل فيه، لكن الامام ذكر شيئا آخر لان السؤال هو كان هكذا) فضيّق عليها زوجها في نفقتها (يعني قال ابد ما انفق عليه شيئا) فتريد المرأة ان تذهب الی بلد زوجها حتی الزوج ينفق عليها (قطع باب رزقها) الامام قال تخرج الی بلد زوجها. الامام كشف عن ضمير هذه المرأة و الا قالت المرأة لله علیّ ان لااخرج الی بلد زوجي، و لعل من حقها ذلك،‌ مثل بعض النسوان في ضمن عقد الزواج شرط ان يكون حق السكنی بيدها فمن حقها انها تبقی في الكوفة و كل اسبوع تروح مسجد الكوفة و تزور مسلم بن عقيل، و لكن زوجها ضيّق عليها و قطع نفقتها فاذن الامام في ان تخرج الی بلد زوج لان مرتكز هذه المرأة ان يكون نذرها بصالحها، سببا للتوسعة عليها، سببا لراحتها، صار بالعكس.

جواب سؤال: مو معلوم تظن بالحرج.

اقرأ الرواية: صحيحة عبدالرحمن بن حجاج، تهذيب الاحكام الجزء 8 صفحة 290 سألت ابالحسن عليه السلام عن امرأة حلفت ان لاتخرج الی زوجها ابدا فلم‌يرسل اليها نفقة و احتاجت حاجة شديدة و لم‌تقدر علی نفقة فقال انها حلفت حين حلفت و هي تنوي ان لاتخرج اليه طائعة و هي تستطيع ذلك و لو علمت ان ذلك لاينبغي لها لم‌تحلف فلتخرج الی زوجها و ليس عليها شيء في يمينها فان هذا ابرّ.

الرواية الثالثة: رواية ابي‌بصير عن احدهما عليهما السلام و هي رواية معتبرة: رجل اعطی رجلا دراهم يحج بها عنه حجة مفردة أيجوز له يتمتع بالعمرة الی الحج فقال نعم انما خالفه الی الفضل. الامام كشف عن مرتكز هذا الباذل انه يريد يجيب هذا المؤمن افضل الحج و لكن قال حج بهذا المال حجة مفردة‌. و لو كان ملتفتا الی ان حجة ‌التمتع كان فضل لكان يأمره بذلك فالامام كشف عن مرتكز هذا المؤمن.

الرواية الرابعة صحيحة ابي‌ولاد: ابوولاد كان يطلب من شخص مبلغا فاستأجر بغلا حتی يذهب الی مكانه و يأخذ منه دينه فلما غرب من الليل اخبر بانه ذهب الی بغداد و سار بهذا البغل الذي استأجره ليذهب من الكوفة الی النيل مثلا، ذهب الی بغداد، خمسة‌عشر يوما بقي في الطريق‌، يعني استأجر واحدا، صار خمسة‌عشر يوما، طوّل، بقي في الطريق،‌ فلما رجع، صاحب البغل قال شنو حال؟ انت استاجرت من عندي يوما واحدا، انت طولت، فاشتكی الی ابي‌حنيفة، ابوحنيفة قال هذا صار غاصبا، بعد ما عدل من النيل و ذهب الی بغداد صار غاصبا و الخراج بالضمان يعني هو ضامن بالبغل كل منافع البغل صارت له و لايضمن لك شيئا، فذاك المطرود قام يسترجع انا لله و انا اليه راجعون، شنو حال هذه الفتوی؟ فلما خرجا من عند ابي‌حنيفة، قال ابوولاد انا ترحمت عليه فاعطيت الدراهم فحللني، قال انت في حل، ثم جاء ابوولاد الی الامام عليه السلام قال انت ضامن، بمثل هذه الفتيا تمنع السماء قطرها و الارض بركتها، قال انا ادري اعطيت الدراهم لذاك الشخص و حللني، قال ميفيد،‌ قم ترجع اليه و قل له سألت الامام الصادق عليه السلام عن هذه المسألة‌ فقال انت ضامن لصاحب البغل بكل الاجرة‌ خلال هذه الايام الطويلة، فان رضي فهو، فرجع ابوولاد الی ذلك الشخص فاخبره بما جری‌ بينه و بين الامام الصادق عليه السلام فقال دخل في قلبي حب صاحبك، انت في حل.

السيد الزنجاني يقول: هذه الصحيحة لماذا حكمت ببطلان تلك المصالحة؟ المصالحة بين صاحب البغل و ابي‌ولاد. لانه حينما قبِل هذا الاستحلال لاجل انه كان يتخيل انه لايستحق شيئا حسب فتوی ابي‌حنيفة لانه كان عاميا و الا ما كان يقول دخل حب صاحبك في قلبي.

فمن هذه الروايات نستفيد ان الشارع ركز علی ما في اعماق الناس،‌ لا ما في ظاهر لسانهم. ففي هذا المجال هذا الذي صام قال اصوم صوما قضاءا لكن في عمق مرتكزه يريد ان يكسب انفع منفعة، فلايكون عليه كفارة التاخير.

المناقشة

الانصاف ان هذه الروايات لاتدل علی ما ذكره السيد الزنجاني،‌ لان كل هذه الروايات بها قرائن. الرواية الاولی و الثانية منصرفتان عرفا عن الفرض الحادث. لله علیّ ان لاامسها، واضح انه يريد يجتنب من الحرام و اصلا ما في ذهنه ان عمته في يوم تتوفی و يكون هذا وارث اليها، و الا كل العرف يقولون منصرف عن هذا الفرض. اك قرينة واضحة.

و الرواية الثانية هكذا،‌ لله علیّ ان لااذهب الی بلد زوجي نذرت ما يكون موجبا لراحتها، صار بالعكس، قطعا منصرف عن نذر هذا الفرض.

اما الرواية الثالثة، قضية الحج، لايمكن توجيهها الا بالتعبد و الا فذاك الشخص الذي اعطی مبلغا للانسان ليحج به حج الافراد، العامة يرون ان حج الافراد افضل من حج التمتع، فهذا العامي في مرتكزه ان يعطي هذا المال لافضل حج بنظر هذا الشيعي أو بنظر نفسه؟ هو يعطي المال يحجون حج الافراد عن ابيه أو عن نفسه و لو قالوا له يحج حج التمتع عنك يقول قال سيدنا كذا متعتان محللتان علی عهد رسول‌ الله انا احرمهما، فهذه الرواية محمولة علی التعبد[1] .

و اما الرواية الرابعة‌ صحيحة ابي‌ولاد، وارد في مورد خاص، المصالحة نتيجة قضاء حاكم غير صالح للقضاء، الامام قال هذه المصالحة ليست نافذة، شنو علاقة بالمقام؟

و من ناحية الصغری ابد ليس هناك مرتكز واضح في انني حينما اصوم اريد ان اكتسب منفعة، اصلا مو ببالي ظن الامور، بل انا اريد اصوم يومين و اتخلص من قضاء الصوم، لكن ما توفقت، صمت يوما واحدا، ابدا مو في مرتكزي اني اريد بهذا الصوم اكتسب اكثر منفعة.

و لاجل هذا لايسعنا ان نقبل هذا الكلام للسيد الزنجاني.

و اما ما ذكره بناءا علی مسلك القوم من ان هذا الصوم لايمكن ان يكون باطلا هذا خلاف المرتكز، فلايمكن ان لايكون مصداقا لا لامتثال الامر بقضاء صوم السنة السابقة و لا قضاء صوم هذه السنة،‌ فنعلم اجمالا بانه مصداق لاحدهما،‌ الاستصحاب الذي ييقول ليس امتثالا للامر بقضاء سنة السابقة يتعارض مع استصحاب عدم كونه امتثالا لقضاء هذه السنة و بعد معارضتهما تجري البراءة عن كفارة‌ التاخير، نقول:‌ اصلا الاستصحاب في مورد واقع الذي نشك فيه، هنا ماكو واقعة، امتثال لاحد الامرين لابعينه حتی الملائكة‌ ما يقدرون يعينون ان هذا قضاء لذلك الصوم أو قضاء لهذا الصوم لانه ماكو معين، فهو امتثال لاحدهما لا بعينه، حتی واقعا، و لكن هذا امر عقلائي فاذا ضم اليه قضاء صوم آخر تحقق الامتثالان و الا بقي ذلك الصوم الاول امتثالا لاحدهما لا بعينه، اصلا الواقع مو مجهول و لو كان الواقع مجهولا يا سيدنا الزنجاني هذان الاستصحابان مثبتان للتكليف ليسا نافيين للتكليف و الاستصحابان المثبتان للتكليف يجريان معا، كما لو كان هناك ماءان نجسان فعلمنا بتطهير احدهما اجمالا، لايتعارض استصحاب نجاسة هذا الماء مع استصحاب نجاسة ماء آخر، لايلزم من جريانهما ترخيص في المخالفة‌ القطعية للتكليف بل غايته ان نجتنب عن كلی المائين، باي سبب نحكم بمعارضة الاستصحابين لو فرضنا وجود واقع معين يختلف فيه الاستصحابان.

فما ذكره غير تام، و لكن بقيت المشكلة الاولية لابد من التامل فيها و هي ان السيد البروجردي قال لايجب قصد انك تصوم للسنة السابقة أو لهذه السنة، لكن اذا نويت الخلاف قصدت صوم السنة السابقة و لم‌يكن عليك قضاء صوم السنة السابقة، قصدت الخلاف، فاشلون نحكم بانك صمت قضاء هذه السنة، ما قصدته لم‌يقع، اذا لم‌تقصد شيئا مي خالف، اما انت قصدت اقضي الصوم الذي بقي في ذمتي من السنة السابقة أو قصدت اقضي الصوم الذي في ذمتي من هذه السنة الحالية بنحو التقييد يعني لو كنت تعلم بانه ليس عليك قضاء صوم هذه السنة لما صمت لانك تخاف من كفارة التاخير، فصمت بعنوان انه قضاء صوم هذه السنة، قصدت الخلاف و انكشف انه ليس عليك قضاء‌ صوم هذه السنة،‌ فكيف يقع قضاءا عن صوم السنة السابقة. لاتقولون هذا العنوان لايحتاج الی القصد، مي خالف، لكن اذا قصدت الخلاف اشلون، قصد الخلاف، قصد صوم هذه السنة و لم‌يكن عليك في هذه السنة اي قضاء، فكيف يقع قضاءا عن صوم السنة السابقة.

هذه شبهة عويصة لابد من حلها. و بقية الكلام في ليلة الاثنين ان‌شاءالله.


[1] الماتن: لم‌يكن اهتمام ابي‌بصير في السؤال ان ما هی وظيفة الشخصية لباذل عامي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo