< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/03/26

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: احکام النیة/ کتاب الصوم/

 

الكلام في قادحية قصد الخلاف

ذكر صاحب العروة انه في شهر رمضان يكفي الصوم من دون حاجة الی ان يقصد انه صوم شهر رمضان الا في مورد واحد فان الاحوط وجوبا ان ينوي ان صومه صوم رمضان. ما هو ذلك المورد الواحد؟ من كان عالما بدخول شهر رمضان و جاهلا ببطلان صوم آخر في شهر رمضان، هذا اذا لم‌يقصد خصوصية شهر رمضان بطل صومه علی الاحوط. هذا بالنسبة الی قصد كونه صوم رمضان و اما اذا قصد صوما آخر فان كان جاهلا بدخول شهر رمضان أو ناسيا له اجزأه عن صوم شهر رمضان لما ورد في روايات من انه يوم وفّق له، ان صام بنية شهر شعبان ثم انكشف انه قد دخل شهر رمضان فهذا يوم وفق له أي يكون صومه من رمضان و اما اذا علم بدخول شهر رمضان و مع ذلك قصد صوما آخر كصوم القضاء أو صوم الكفارة بطل صومه و لايقع لا عن صوم رمضان و لا عن صوم غيره.

السيد الخوئي قال: اما قصد الخلاف مع العلم بدخول شهر رمضان فموجب لئلايقع صومه صوم رمضان و لكن نحن لانقبل ان صومه بنية ذلك الصوم الآخر باطل، لا، مقتضی القاعدة صحة صومه بذلك العنوان الآخر الذي قصده. نعم، قصد الخلاف مع العلم بدخول شهر رمضان مانع عن كون صومه صوم شهر رمضان فلايجزئ عنه.

و اما ما ذكره صاحب العروة من انه في فرض العلم بدخول شهر رمضان و الجهل ببطلان صوم آخر فيه فان لم‌ينو خصوصية شهر رمضان بطل صومه علی الاحوط، هذا ممنوع، لماذا يبطل صومه؟‌ هو لم‌يقصد الخلاف،‌ المفروض انه لم‌يقصد الخلاف،‌ لماذا تقول يا صاحب العروة ان من علم بدخول شهر رمضان فان علم ببطلان صوم آخر فيه لايحتاج الی قصد ان صومه صوم رمضان، و اما اذا احتمل أي كان جاهلا ببطلان صوم آخر في شهر رمضان فهو و ان لم‌يقصد الصوم الآخر و لكنه حيث لم‌يقصد صوم رمضان يبطل صومه علی الاحوط. اذا لم‌يتقوم صوم رمضان بقصد خصوصية الرمضانية فلماذا تستشكلون في صحة صومه؟ هو لم‌يقصد الخلاف. لايظهر من شيء (هكذا يقول السيد الخوئي) من الادلة لا من الكتاب و لا من السنة اخذ عنوان شهر رمضان في صحة صومه حتی يلزم قصده، بل اللازم تعلق القصد بنفس الصوم مع العلم بان غدا من رمضان كما هو ظاهر قوله تعالی‌ فمن شهد منكم الشهر فليصمه. فيكون الشهر ظرفا للصوم لا قيدا ماخوذا في العنوان ليلزم تعلق القصد به. و عليه فينحصر المبطل في قصد الخلاف، المبطل لصوم رمضان ينحصر في قصد الخلاف مع العلم بدخول رمضان. و لكن السيد الخوئي يقول: مع ذلك نحن لانقول ببطلان الصوم مطلقا، نقول يبطل كصوم رمضان و لكن لايبطل كصوم آخر مثل صوم القضاء اذا نوی القضاء.

المحقق الهمداني ذكر انه ان تمشی قصد القربة من هذا المكلف الذي قصد الخلاف حتی و لو كان عالما بدخول شهر رمضان لاوجه للحكم ببطلان صومه فضلا عن الفرض الذي لم‌يقصد الخلاف و انما لم‌يقصد الوفاق، يقول المحقق الهمداني قصد الخلاف مع العلم بدخول شهر رمضان لايبطل صوم شهر رمضان اذا تمشی منه قصد القربة. لماذا؟ لانه لايتقوم الصوم في شهر رمضان باكثر من قصد الصوم و وقوعه في شهر رمضان،‌ هذا قصد الصوم و وقع في شهر رمضان و قصد الخلاف زائد يلغی‌ و لايكون قادحا. فاذاً المحقق الهمداني اختار في المسألة ان صوم شهر رمضان لايتقوم لا بقصده و لا بعدم قصد صوم آخر حتی في فرض العلم بدخول شهر رمضان.

السيد الخوئي ادعی ان صوم شهر رمضان لايتقوم بقصده،‌ بقصد خصوصيته من رمضان و لكن يعتبر فيه قيد عدمي و هو عدم قصد الخلاف.‌ اذا قلتم السيد الخوئي ما يذكر شيئا بدون دليل عادتا، خب شنو مستند السيد الخوئي في هذا التفصيل،‌ قصد الوفاق لايعتبر و لكن قصد الخلاف يضر لصحة صوم شهر رمضان،‌ هذه الدعوی ما هو الدليل عليها.

نقرأ كلمات السيد الخوئي الموسوعة الجزء 21 صفحة 19: نعم قد يقصد عنوان آخر مضادّ و لاجله لايقع عن رمضان و ذلك امر آخر نتكلم فيه. نتظر حتی يتكلم فيه السيد الخوئي. آخر هذه الصفحة يقول:‌ اما بالنسبة الی صوم رمضان فانه كان متقيدا بعدم قصد عنوان آخر حسب ما عرفت في الجهة السابقة. ما وجدنا دليلا من السيد الخوئي علی دعواه من تقيد صوم رمضان بعدم قصد الخلاف. مجرد دعوي. و لاجل ذلك اشكاله علی المحقق الهمداني فقال صوم رمضان و ان لم‌يكن مقيدا بخصوصية وجودية الا انه مقيد بعنوان عدمي و هو عدم قصد الخلاف المانع من انطباق الطبيعي علی رمضان، هذا يتوقف علی تقوم طبيعي صوم رمضان بقيد عدمي و هو عدم قصد صوم القضاء أو صوم الكفارة،‌ و هذا اول الكلام.

ما هو دليل السيد الخوئي علی ان صوم الواقع في شهر رمضان حيث قصد كونه صوم الكفارة فلاينطبق عليه الواجب،‌ هذا صام و كان صومه في شهر رمضان و تمشی منه قصد القربة، من اين تدعون ان هذا الصوم لايقع عن شهر رمضان؟ خصوصا و انه في فرض الجهل بدخول شهر رمضان دلت الروايات علی ان قصد الخلاف ليس قادحا فانه يوم وفّق له.

و لعله لاجل هذا الاشكال علی السيد الخوئي علق السيد السيستاني علی العروة حينما ذكر صاحب العروة ان قصد صوم آخر، قصد الخلاف،‌ يوجب عدم صحة صوم رمضان مع العلم بدخول شهر رمضان، قال: اذا اوجب ذلك الاخلال بقصد القربة و الا فالحكم مبني علی الاحتياط.

لعل السيد الخوئي نظر الی امر و هو انه بعد انطباق صوم الكفارة علی ما قصده صوم الكفارة مضادّ لصوم شهر رمضان، اذا انطبق علی صومه صوم الكفارة لانه قصده فصار صوم كفارة فكيف يجتمع مع كونه صوم رمضان؟ يكون من باب اجتماع الضدين، و اجتماع الضدين مستحيل. لعل السيد الخوئي ناظر الی هذا المطلب. فكانّه في فرض الجهل بدخول شهر رمضان يكون اجزاء الصوم الذي قصده ان يكون غير صوم رمضان اجزاءه عن صوم رمضان من باب التعبد الخاص لاجل ورود بعض الروايات الدالة علی انه يوم وفق له.

نقول:‌ هذا اول الكلام. اول الكلام ان ما قصده بعنوان صوم الكفارة مضادّ لصوم شهر رمضان. اذكر لذلك مثالا: المستطيع اذا حجّ تارة يكون جاهلا باستطاعته فينوي الحج المستحب، قالوا بانه يجزئ عن حجة الاسلام إما لما ذهب اليه السيد الخوئي في عدة مجالات (و ان كان بعض كلماته مخالفا لذلك) ذهب الی ان حجة الاسلام ليست من العناوين القصدية، الحج عنوان قصدي اما كون الحج حجة الاسلام ليست من العناوين القصدية. كلمات السيد الخوئي مضطربة في هذا المجال. و عليه اذا لم‌يكن حجة الاسلام من العناوين القصدية،‌ هذا قصد الحج و تمشی منه قصد القربة‌ و هو مستطيع واقعا و هو لم‌يعلم به فلماذا لايجزئ عنه حجة الاسلام. أو ان حجة الاسلام من العناوين القصدية‌ و ذهب المشهور الی انه ان نوی الاستحباب فيكون هذا من باب الخطأ في التطبيق و لايمنع من صحة حجه و اجزاءه عن حجة الاسلام. و هذا كلام صاحب العروة.

اما اذا علم بانه مستطيع و يجب عليه حجة الاسلام لكنه تخيل ان وجوب حجة الاسلام عليه ليس فوريا، قال انا الحمدلله عندي فلوس، حسّنا اروح للحج انوي حج المستحب حتی اجرّب، السنة الجارية ان‌شاءالله اروح للحج و هو حجة الاسلام، فراح للحج و في مسجد الشجرة قال احرم للحج المندوب قربة الی الله تعالی قال لبيك اللهم لبيك اتی بالحج، صاحب العروة قال هذا الحج لايجزئ عن حجة الاسلام لانه من باب التقييد، يعني كان يعلم بانه يجب عليه حجة الاسلام مع ذلك قال ينوي الحج المستحب.

السيد الخوئي سواء في تعليقته علی العروة أو في شرحه علی العروة (راجعوا موسوعة السيد الخوئي الجزء 26 صفحة 110) قال:‌ لا، نحن نحكم بعدم اجزاء حجة الاسلام لكن لا لاجل ما ذكره صاحب العروة. (تاملوا! ترون هنا السيد الخوئي قال لايعتبر قصد عنوان حجة الاسلام في صحة الحج، صرح بان حجة الاسلام ليست من العناوين القصدية) قال لانه يوجد في المقام امران: احدهما وجوبي و الآخر ندبي مترتب علی الاول، الامر بالحج المندوب مترتب علی ترك حجة الاسلام فاذا هو لم‌يقصد امتثال الامر بحجة الاسلام و قصد امتثال الامر الندبي بالحج فلايجزئ عن حجة الاسلام لانه لم‌يقصد الامر بحجة الاسلام و انما قصد الامر الندبي فيقع عنه من باب الترتب.

نحن قلنا هناك: يا سيدنا الخوئي! انتم ذكرتم ان حجة الاسلام ليست من العناوين القصدية فكل حج صادر عن المستطيع و كان هذا الحج عن نفسه و تمشی منه قصد القربة فهو حجة الاسلام شاء أو ابی. كل حج حجه المكلف بنية نفسه لا بنية نيابته عن غيره و تمشی منه قصد القربة و هو مستطيع كان مصداقا قهريا لحجة الاسلام شاء أو ابی، اذاً نقول يا سيدنا الخوئي هذا الحج الذي صدر منه هل تمشی منه قصد القربة أو لم‌يتمش منه قصد القربة، قطعا تقولون تمشی منه قصد القربة و الا حجه باطل، فهذا الحج تمشی منه قصد القربة و هذا مستطيع كيف خالف حجة الاسلام؟ يثبت في حقه امر ترتبي بالحج المندوب مترتبا علی عصيانه لحجة الاسلام، هو متي عصی؟ هو حج و تمشی منه قصد القربة‌ و هو مستطيع فكيف تقولون لا، هذا امتثال للامر الندبي و ليس حجة الاسلام،‌ هذا لايجتمع مع قولكم بان حجة الاسلام ليست من العناوين القصدية.

فهنا ايضا نقول: يا سيدنا الخوئي! قدس الله روحك! بعد ما اعترفت بان صوم شهر رمضان ليس من العناوين القصدية اكثر من قصدية طبيعي الصوم، فينبطق عليه صوم شهر رمضان و لايكون امتثالا لصوم الكفارة و ان قصده لانه مامور بصوم شهر رمضان بالامر الفعلي و صوم شهر رمضان لادليل علی تقيده بقصد صوم شهر رمضان و لابعدم قصد الخلاف،‌ ما هو دليلكم علی ذلك؟ فهذا صوم شهر رمضان و امتثال لامره، قصد صوم الكفارة أو لم‌يقصد، اذا قصد صوم الكفارة و كان منافيا لقصد القربة قلنا ببطلان الصوم لكنه لاينافي قصد القربة تمشی منه قصد القربة و لو لجهله و اعتقاده ان صوم الكفارة منه صحيح، مثل من كان يعتقد ان الحج المندوب في حقه صحيح في مثال المستطيع.

و لاجل ذلك السيد الروحاني في كتاب الصوم قال نحن لانناقش في كلام المحقق الهمداني بان نقول الصوم متقيد بقيد عدمي و هو عدم قصد الخلاف،‌ لا، ما ذكره المحقق الهمداني مرتبط بنكتة اخری و هي ان المحقق الهمداني يری ان الامتثال لايتوقف علی ربط الفعل بالامر المقصود امتثاله بل يكفي ربط الفعل بالمولی من طريق اي‌ امر كان و لو امرا تخيليا. و لكن الاقرب و الارجح بنظرنا بحسب النظر العقلائي في مقام الامتثال انه يتقوم الامتثال بربط الفعل بالامر المقصود امتثاله ليكون التقرب من جهته لا من جهة امر آخر. و لاجل ذلك نستشكل في صحة‌ صوم رمضان اذا قصد الخلاف لا لاجل ان صوم شهر رمضان يتقوم بقيد عدمي كما يراه السيد الخوئي، ابدا،‌ فانه لادليل عليه، كما ذكره المحقق الهمداني،‌ و انما لاجل اننا نری ان الاقرب عدم تحقق الامتثال و تمشي قصد القربة من هذا الشخص لان قصد القربة ليس مجرد اضافة العمل الی الله سبحانه و انما هو ربط العمل بذلك الامر المتعلق بالفعل كما ذكره السيد الحكيم في المستمسك.

و لكن انتم ترون انه لا دليل علی هذا ابدا. ما هو الدليل علی انه يعتبر في امتثال الامر التعبدي اكثر من الاتيان بالعمل بقصد القربة؟ اما انه يعتبر قصد الخصوصية ام لا هذا يرتبط باستفادة كون العنوان قصديا و نحن لم‌نستفد كون عنوان شهر رمضان من العناوين القصدية و ان كان متعلقا للامر. شنو داعي السيد الخوئي يقول ليس رمضان متعلقا للامر و انما هو ظرف،‌ يا ابه! القرآن الكريم يقول فمن شهد منكم الشهر فليصمه يعني يجب صوم شهر رمضان، هذا داخل في المتعلق، و لكن لادليل علی كونه قصديا، مجرد دخوله في المتعلق لايكشف عن كونه قصديا، لا بان يقصد عنوانه و لا بان يعتبر فيه عدم قصد الخلاف. و لاجل ذلك نحن نقبل تعليقة السيد السيستاني في المقام حيث قال:‌ اذا تمشی منه قصد القربة فبطلان صوم شهر رمضان مبني علی الاحتياط.

و بقية الكلام في الليالي القادمة ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo