< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/03/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: احکام الحد و التعزیر فی الافطار التعمدی/ کتاب الصوم/

 

كان الكلام في اقامة الحدود في عصر الغيبة، حيث اشكل جماعة علی صلاحية الفقيه لاقامة الحدود في عصر الغيبة و منهم سيد سعيد الحكيم قدس سره في كتاب مصباح المنهاج في بحث الاجتهاد و التقليد حيث انكر ولاية الفقية و لم‌يقبل تمامية ادلتها و صار نتيجة ذلك عدم ثبوت ولاية الفقيه علی اقامة الحدود. نعم له الولاية علی فصل الخصومات، هذا هو القدر المتيقن من ولايته علی القضاء اما اقامة الحدود فلا.

المناقشة في كلام صاحب الجواهر

طبعا من يری ولاية الفقيه مطلقا لا من باب الامور الحسبية كصاحب الجواهر فيصول و يجول كما صال و جال شيخنا صاحب الجواهر فقال بثبوت النيابة للفقهاء من دون فرق بين مناصب الامام اجمع، يثبت لهم كلما ثبت للامام الا ما خرج بالدليل. بل يمكن دعوی المفروغية منه بين الاصحاب. فان كتبهم مملوّة بالرجوع الی الحاكم.

ثم نقل كلام المحقق الكركي. (يا ليت ينقل كلام الاعلام المتقدمين، المحقق الكركي مثل بقية فقهاء المعاصرين و الذين يقربون من عصرنا). نقل عن رسالته في صلاة الجمعة اتفق اصحابنا علی ان الفقيه العادل نائب من قبل ائمة الهدی عليهم السلام في حال الغيبة في جميع ما للنيابة فيه مدخل، و ربما استثنی الاعلام القتل و الحدود. يقول: اتفق الاصحاب علی ثبوت الولاية المطلقة للفقيه و لكن بعضهم استثنی الحدود و الاعدام.

و ترون ان هذه دعوی بلادليل.‌ يا اتفاق بين الاصحاب؟ ابد ماكو اتفاق بين الاصحاب. الاتفاق لابد ان يستكشف من خلال الرجوع الی الكتب المتضمنة للاصول المتلقاة عن المعصومين عليهم السلام أو كتب المتقدمين، هذا مجرد استقراء ان الفقهاء في بعض المجالات قالوا بان الفقيه صالح للولاية علی الايتام، علی المجانين، علی الغيّب. متی ادعوا ان للفقيه الولاية كلما ثبت ولاية المعصوم بالنسبة اليه؟ و لاجل ذلك السيد الخوئي قال في كلامه المشهور عدم ثبوت الولاية المطلقة للفقيه.

ثم صاحب الجواهر يقول بل القطع باولوية الفقيه من غيره بعد ان جعله الامام حاكما و خليفة بل لولا عموم الولاية لبقي كثير من الامور المتعلق بالشيعة معطلة فمن الغريب وسوسة بعض الناس في ذلك بل كانه ما ذاق من طعم الفقه شيئا و لا فهم من لحن قولهم و رموزهم امرا و لا تامل المراد من قولهم.

اذا فرض صاحب الجواهر ان الامور تعطل، فنقول: بمقدار ان لاتعطل يلتزم بولاية الفقيه، و لكنه اذا لم‌نقل بالولاية المطلقة للفقيه لايعطل الامور. بمقدار الذي تعطل الامور نلتزم بثبوت الولاية للفقيه ان كان مقتضی القاعدة الاولية عدم صلاحية الاشخاص العاديين للتصرف كالتصرف في اموال القصّر و الغيّب أو التصرف في الشؤون العامة كالانفال و نحو ذلك. نلتزم بان القدر المتيقن ممن يصلح للتصدي هو الفقيه العادل الذي له كفائة اجتماعية في هذه الشؤون، و اما ان له اقامة الحدود هل نحتاج في ادارة المجتمع الی اقامة الحدود؟ نعم نحتاج الی التعذير و الا لصار حرج و مرج في المجتمع، لأنتشر الفوضا في المجتمع. و اما نقيم الحدود نعدم المرتدين نجلد الزناة، لادليل علی ذلك، لايصير حرج و مرج اذا عطلنا الحدود بالنسبة الی حقوق الله. و لاجل ذلك انكر السيد الحكيم في كتاب مصاحب المنهاج ثبوت ولاية الفقيه في اقامة الحدود و نحوها.

المناقشة في الاستدلال باطلاقات الحدود

استدل السيد الخوئي علی صلاحية الفقيه لاقامة الحدود بالاطلاقات،‌الزانية و الزاني فاجلدود كل واحد منهما مأة جلدة السارق و السارقة فاقطعوا ايديهما. نحن اشكلنا امس اشكالا لم‌يكن اشواعيا، بل كان ينبثق و ينطلق من مبان اصولية نقحت في محلها. انا اقرأ لكم العبارة التي كتبناها في بحث شمول خطابات القرآنية لغير المشافهين. هكذا قلنا: لو فرض صدور ادات الخطاب من المتكلم بحضور جماعة‌ تصح مخاطبتهم فلايظهر شموله للغائبين فضلا عن المعدومين. فاذا قال النبي صلی الله عليه و آله لجماعة ايها المؤمنون افعلوا كذا فلايظهر في حد ذاته لولا مناسبة الحكم و الموضوع العموم للغائبين فضلا عن المعدومين فلعل المقصود خصوص الحاضرين في المسجد، كيف و في القرآن ما يختص بالحاضرين في عهد النبي صلی الله عليه و آله كقوله تعالی يا ايها الذين آمنوا اذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة، يا ايها الرسول ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله ايديكم و رماحكم، هذه قضية حقيقية؟‌ لا. في حال الاحرام حينما يمشون الی مكة حس الحجاج مبتلين بالصيد بان الطيور الجوية تنزل قدامهم و هم يبتلون بهذا الحكم يحرم عليهم الصيد و هم مبتلين يشتهون يأكلون لهم الصيد، لحم الطير البحري و الجوي، يرتكبون الطير مبتلين بالنسوان التي و الطعام الذي يقدم اليهم فالطيارة، فهذه ليست قضية حقيقية. فحينئذ نحتمل ان الخطاب في قوله تعالی الزانية و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مأة جلدة كان موجها الی الحاضرين في عصر النبي خصوصا و ان هذا الخطاب ليس انحلاليا لكل مكلف، القدر المتيقن منه امام ذلك المجتمع و هو النبي صلی الله عليه و آله.

فاذا التمسك بهذه الآيات لاثبات صلاحية الحاكم الشرعي في عصر الغيبة لاقامة الحدود مشكل جدا. خاصة و انه لم‌يقع في صدر هذه الآيات التعبير بـ یا ایها الذین آمنوا لو ورد فی صدر هذه الآیة يا ايها الذين آمنوا اجلدوا الزانية و الزاني اقطعوا يد السارق و السارقة، كان يقال بان بعض الروايات تدل علی ان كل من يقرأ هذه الآيات المصدرة بـ يا ايها الذين آمنوا نقول لبيك يعني هو المخاطب، هذه الآيات الواردة في اقامة الحدود ليست مصدرة بـ يا ايها الذين آمنوا. فاذا التمسك بهذه الآيات مشكل جدا.

المختار: اقامة الحدود حكم مستمر

و لكن قد يستفاد ان اقامة الحدود حكم مستمر و ذلك إما استنادا الی الاهتمام في الروايات باقامة الحدود. فقد ورد انه لا شفاعة في الحد، لا كفالة في الحد، صحيحة محمد بن قيس عن ابي‌جعفر عليه السلام قال كان لام سلمة زوج النبي امة فسرقت من قوم فأتي بها النبي فكلمته ام سلمة فيها فقال النبي يا ام سلمة هذا حد من حدود الله لايضيع. فقطعها رسول الله صلی الله عليه و آله. و في صحيحة مثني الحناط ان رسول الله صلی الله عليه و آله قال لاسامة لاتشفع في حد. و في رواية سكوني قال اميرالمؤمنين عليه السلام لايشفعن احد في حد اذا بلغ الحد فانه لايملكه. يعني الامام لايستطيع ان يعطل الحد. كما ورد انه لا كفالة في حد.

فاذا عرفنا اهتمام الشارع باقامة الحدود فقد يقال كما لايبعد بان هذا الاهتمام يكشف عن ان الشارع لايرضی بتعطيل الحدود في اي زمان من الازمنة. هذا من جهة و من جهة اخری يمكن الاستدلال بعدة روايات خالية عن الخطاب. السارق يقطع يده، الزاني يجلد مأة جلدة،‌ شارب الخمر يجلد ثمانين جلدة،‌ فقد يقال بان ظاهره حكم مستمر و ليس خطابا للحاضرين في ذلك الزمان.

و بعض الروايات تدل علی ان الامام يجري الحد، و لكن الكلام في ان الامام هل يشمل الحاكم الشرعي المبسوط اليد في عصر الغيبة ام لا؟ ‌فنحتاج الی مراجعة الادلة لان السيد الخوئي في كتاب الصوم قال: الامام عنوان يختص بالمعصوم. ما عندنا امام الا المعصوم. لماذا؟ لان الظاهر من الامام هو الامام بقول مطلق و ليس الامام بقول مطلق بالنسبة الی عام المؤمنين الا المعصوم عليه السلام. فيحتاج الی مراجعة الروايات حتی نشوف ان الامام هل ينطبق علی غير المعصوم ام لا. و قبل ان ندخل في هذا البحث اجمع الكلمات في المسألة.

و حاصل ما تكلمنا حوله انه استدل علی صلاحية الحاكم الشرعي لاقامة الحدود في عصر الغيبة تارة‌ بادلة‌ ولاية الفقيه و نحن اشكلنا في محله علی تمامية ادلة ولاية الفقيه سندا أو دلالة و انما حاولنا ان نثبت ولاية الفقيه في الامور التي احرزنا عدم رضا الشارع باهمالها و لانحرز عدم رضا الشارع باهمال امر الحدود في عصر الغيبة لولا المراجعة الی الروايات لاننا ذكرنا كما اشار اليه السيد الحكيم انه قد تكون اهمية اقامة الحدود و خطورتها موجبة لان لايفوض الشارع امرها الی الفقيه في زمان يكون المعصوم فيه غائبا فانه كما ذكرنا تختلف امزجة الفقهاء من ناحية تشخيص الاحكام و من ناحية التشخيص للموضوعات، و هذا قد يوجب مهانة للدين اذا رأی الناس انه قد يتجاوز الحدود فهذا يكفي في ان لانحرز تفويض اقامة الحدود الی الفقهاء في عصر الغيبة في حد ذاته.

و مصلحة التشريع لاقامة الحدود قلنا بانها و ان كانت معلومة و لكنها لانعلم كونها مصلحة بلامزاحم في عصر الغيبة كما انها لم‌تكن مصلحة بلامزاحم في اوائل بعثة النبي كما اشار اليه السيد الخوانساري في جامع المدارك.

فاذاً الدليل الاول كان ولاية الفقيه و نحن انكرنا اطلاق ولاية الفقيه. و الدليل الثاني كان هو ما ذكره السيد الخوئي من احراز المصلحة في استمرار اقامة الحدود في عصر الغيبة و نحن اشكلنا عليه وفاقا للسيد الخوانساري. و الدليل الثالث كان التمسك بالاطلاقات. نحن اشكلنا في الاطلاقات التي تمسك بها السيد الخوئي.

و لكن يبقی اطلاق هذه الروايات و نحن لانستبعد تمامية اطلاق هذه الروايات خصوصا و ان بعض الحدود ممزوجة من حقوق الناس كقتل الزاني بعنف. من زنی بعنف حده القتل فاذا عطل هذا الحد هذا لاجل ان المعصوم غائب هذا بعيد جدا. نعم هذا المقدار لايكفي في ان نثبت اطلاق صلاحية الفقيه لاقامة الحدود بشكل عام و لكن مجموع هذه الادلة قد يفيد الوثوق. و من تلك الادلة اهتمام الشارع بامر اقامة الحدود لاشفاعة في الحدود لاكفالة في الحدود و اطلاقات بيان ان شارب الخمر يجلد الزاني يجلد و هكذا.

و ان امكن النقاش الفني في بعض هذه الادلة بان يقال بان هذه الروايات تبين حد الزنا اما انه هل يصلح كل احد ان يقيم هذا لاحد ليس في مقام البيان من هذه الجهة أو ما يقال ما دل علی انه لاشفاعة في الحدود لا كفالة‌ في الحدود ليس ناظرا الی صلاحية كل شخص لاقامة الحد اذا كان هناك شخص صالح لاقامة الحد فهنا اقامة الحد لاتقبل الكفالة‌ و لا الشفاعة و لكن نحن نستدل بمجموع هذه الروايات فان حصل الوثوق من مجموع هذه الروايات في صلاحية الفقيه العادل ذي الكفاية الاجتماعية لاقامة الحدود و الا فيكون اثبات صلاحية فقيه العادل لاقامة الحدود مشكلا.

اقرأ رواية ثم ادخل في بحث ان الامام الذي ورد في الروايات انه يقيم الحد هل يشمل الفقيه العادل اذا كان مبسوط اليد في عصر الغيبة ام لا، اقرأ رواية ثم استمر في البحث في ليلة اخری، صحيحة محمد بن مسلم قال قلت له رجل جنی الی اعفو عنه أو ارفعه الی السلطان قال هو حقك ان عفوت عنه فحسن و ان رفعته الی الامام فانما طلبت حقك و كيف لك بالامام. هذه الرواية قد يستدل بها علی ما ذكره السيد الخوئي من ان الامام لاينطبق الا علی المعصوم لانه قال و كيف لك بالامام، يعني كيف ان تقدر بان ترفع خصمك الی الامام ليس مبسوط اليد الامام هو المعصوم و ليس مبسوط اليد. و الا فالفقيه العادل كان موجودا، في الكوفة في بعض المناطق الاخری.

تاملوا في هذه الرواية و نقرأ بقية الروايات حول كلمة الامام حتی نشوف هل الامام ينطبق علی الحاكم الشرعي في عصر الغيبة ثم اذا احرزنا انطباقه عليه فهل يوجد اطلاق ان الامام يقيم الحد كما يستظهر من بعض الروايات، هذا مطلب نتكلم عنه في ليلة الحد ان‌شاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo