< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

43/06/13

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مبحث الطهارة/ تتمة المسألة 3 (البدار)/ احکام التیمم

 

كان الكلام في جواز البدار الی التيمم في اول الوقت في فرض احتمال بقاء العذر من فقد الماء أو المرض المانع عن الوضوء الی آخر الوقت.

فذكرنا طائفتين من الروايات، الطائفة الاولی ما كانت تدل علی ان من تيمم في اول الوقت فصلی ثم وجد الماء لاتجب عليه اعادة الصلاة بل في صحيحة زرارة انه اذا ركع فوجد الماء يمضي في صلاته و لايعيد صلاته. و الطائفة الثانية روايات تدل علی لزوم الاعادة مثل صحيحة يعقوب بن يقطين: اذا وجد الماء قبل ان يقضي الوقت توضأ و اعاد.

قبل ان نتكلم حول المعارضة بين الطائفتين لابأس ان نشير الی نكتة‌ و هي ان السيد الخوئي قدس سره قال تلك الطائفتين تدلان علی جواز البدار الی التيمم في الوقت تكليفا و انه ليس من المحرمات اللهية و لاسيما مع ملاحظة قوله عليه السلام في رواية صحيحة اما اني كنت فاعلا، صحيحة منصور بن حازم رجل تيمم فصلی ثم اصاب الماء فقال اما انا فكنت فاعلا اني كنت اتوضأ و اعيد، فتلك الطائفتين مدلولهما جواز الصلاة‌ مع التيمم في اول الوقت تكليفا. ثم ذكر السيد الخوئي انه قد يتوهم وجود روايات تدل علی عدم مشروعية‌ الصلاة مع التيمم في اول الوقت. كصحيحة محمد بن مسلم اذا لم‌تجد ماءا و اردت التيمم فاخر التيمم الی آخر الوقت فان فاتك الماء لم‌تفتك الارض. و في رواية محمد بن عمران اعلم انه ليس ينبغي لاحد ان يتمم الا في آخر الوقت. فقال هذه الروايات تدل علی عدم مشروعية التيمم في اول الوقت. فكانها تدل علی انه حتی بنحو الرجاء و الاحتياط لايشرع ان يصلي الانسان مع التيمم في اول الوقت ثم ينتظر فان كشف زوال عذره يعيد الصلاة‌ و الا فيجتزء بتلك الصلاة التي اتی‌ بها مع التيمم، هذه الروايات قد تدل علی عدم جواز ذلك.

لكن السيد الخوئي اجاب عن هذا البيان فقال هذه الروايات واردة‌ مورد الشك في زوال العذر لاشتمالها علی هذا التعبير فان فاتك الماء لم‌تفتك الماء يعني يحتمل ان لا تفوتك الماء و يحتمل ان تفوتك الماء‌،‌ انتظر لاتتيمم في سعة الوقت، انتظر ان وجدت الماء‌ فصل مع الوضوء ان لم‌تجد الماء‌ فتصلي مع التيمم في آخر الوقت.

و انتم ترون ان هذا البيان للسيد الخوئي نتيجته نتيجة صعبة و لاادري هل التزم السيد الخوئي بهذه النتيجة‌ الصعبة ام لا. نتيجته ان من كان في اول الوقت فاقدا للماء أو مريضا، فقال اتيمم رجاءا و اصلي، فان وجدت الماء‌ أو ارتفع مرضي اعيد صلاتي في آخر الوقت مع الوضوء و الا فاجتزء بتلك الصلاة التي صليتها مع التيمم و بذلك ادرك فضيلة اول الوقت. ظاهر هذا الكلام للسيد الخوئي ان هذه الروايات تمنع من جواز البدار الی الصلاة مع التيمم تكليفا في اول الوقت في فرض الشك نعم من يأس من زوال عذره يجوز له ان يصلي في اول الوقت مع التيمم. و لكن انتم ترون ان هذه الروايات ابدا لاتدل علی حرمة الصلاة معم التيمم في اول الوقت حرمة تكليفية بل المستفاد من هذه الروايات انه مع الشك في زوال العذر في اثناء الوقت لايجتزء بالصلاة مع التيمم في اول الوقت،‌ يعني ليس فقد الماء‌ في اول الوقت مع الشك في استمرار فقد الماء الی آخر الوقت موضوع لجواز البدار وضعا الی الصلاة مع التيمم لا واقعا و لا ظاهرا. ليس موضوعا لجواز البدار وضعا يعني لو صلی مع التيمم في اول الوقت و هو يشك في بقاء عذره الی آخر الوقت هذه الصلاة لو فرض زوال عذره في اثناء الوقت لاتكون صحيحة واقعا بل لايجوز له الاجتزاء بهذه الصلاة خلافا للاستصحاب الاستقبالي في سائر المجالات حيث كان السيد الخوئي يقول من كان مريضا لايقدر علی الصلاة قائما و يحتمل انه يبقی عذره الی آخر الوقت يجري الاستصحاب الاستقبالي في حقه فيجوز له ان يصلي جالسا في اول الوقت و تكون صلاته مجزئة ظاهرا فان انكشف زوال عذره اعاد الصلاة و الا فيجتزء بهذه الصلاة هذا يعني انه ثبت جواز البدار الی الصلاة جالسا للمريض في اول الوقت الشاك في بقاء‌ عذره الی آخر الوقت جوازا ظاهريا بمقتضی الاستصحاب الاستقبالي، هذه الروايات تمنع من ذلك،‌ تقول: الصلاة في اول الوقت لفاقد الماء‌ في اول الوقت الشاك في استمرار فقده للماء الی آخر الوقت هذه الصلاة مع التيمم في اول الوقت ليست موضوعة‌ لجواز التيمم وضعا، ليست موضوعا لصحة التيمم و هي المراد من الجواز الوضعي، لاواقعا اذا انكشف زوال عذره في اثناء ‌الوقت و لا ظاهرا للمنع من جريان الاستصحاب الاستقبالي في خصوص المقام. لايستفاد من هذه الروايات اكثر من ذلك. لايستفاد من هذه الروايات انه لايجوز تكليفا ان يصلي هذا المؤمن الفاقد للماء فعلا مع التيمم برجاء استمرار عذره الی آخر الوقت لايستفاد من هذه الروايات حرمة ذلك تكليفا.

كيف و يقول السيد الخوئي بان من لايكون متطهرا يجوز له تكليفا الاتيان بالصلاة و انما لاتصح هذه الصلاة بلاطهور فهنا يقول بانه يحرم عليه الصلاة مع التيمم تكليفا اذا كان فاقدا للماء فعلا و شك في بقاء فقده للماء‌ الی آخر الوقت؟ كيف يكون ذلك.

نرجع الی حل المعارضة بين الطائفتين الاوليين، طائفة دلت علی من تيمم فصلی ثم وجد الماء لايعيد الصلاة و طائفة ثانية تدل علی وجوب اعادة الصلاة اذا وجد الماء في اثناء الوقت. فنقول: الطائفة الدالة علی عدم وجوب اعادة الصلاة اغلبها واردة في من سأل عن رجل تيمم فصلی ثم وجد الماء، و ظاهره انه تيمم تيمما مشروعا، لانه لايسأل هل تيمم ام لا، جعل الصلاة مع التيمم مفروغا عنه فقال تيمم فصلی ثم وجد الماء فلااطلاق لهذه الروايات لاثبات مشروعية التيمم في اول الوقت مطلقا فنأخذ بالقدر المتيقن منه و القدر المتيقن منه ما اذا كان في اول الوقت مأيوسا عن زوال عذره في اثناء الوقت أو خاف فوت الوقت لايستفاد من اغلب هذه الروايات اذن الامام في ان يتيمم و يصلي في اول الوقت. فرض السائل رجل تيمم فصلی ثم وجد ماءا فاجاب الامام بانه لايعيد صلاته.

نعم، هناك روايتان الامام عليه السلام يأمر بالتيمم. الرواية الاولی‌ صحيحة عبيدالله الحلبي انه سأل اباعبدالله عليه السلام عن الرجل اذا اجنب و لم‌يجد الماء قال يتيمم بالصعيد فاذا وجد الماء‌ فليغتسل و لايعيد الصلاة. الامام قال يتيمم بالصعيد و هذا مطلق،‌ فاذا وجد الماء فليغتسل،‌ يشمل فرض الشك في وجدانه للماء اثناء الوقت. يقول له الامام يتيمم و لو كان شاكا في استمرار عذره الی آخر الوقت. فاذا وجد الماء فليغتسل و لايعيد الصلاة. اطلاق هذه الصحيحة‌ يشمل من كان شاكا في بقاء عذره الی آخر الوقت فيقول له الامام تيمم فان وجدت الماء‌ بعد ذلك فلاتعد صلاتك و لكن اغتسل للصلوات الآتية لانك كنت جنبا فتيممت بدل غسل الجنابة و الان وجدت ماءا فاغتسل و لاتعد الصلاة.

الرواية الثانية صحيحة‌ ابن سنان سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول اذا لم‌يجد الرجل طهورا و كان جنبا فليمسح من الارض يعني يتيمم و ليصلي فاذا وجد الماء فليغتسل و قد اجزأته الصلاة التي صلی. هذه الصحيحة مثل صحيحة حلبي تدل باطلاقها علی جواز التيمم في اول الوقت و لو مع الشك في زوال العذر في اثناء الوقت. و تقول الصحيحة‌ اذا وجد ماءا بعد صلاته اجزأته صلاة التي صلی.

و الجواب عن هاتين الصحيحتين انه غايته تقييد اطلاقهما فنخرج فرض الشك في استمرار فقد الماء عن هاتين الصحيحتين ببركة صحيحة زرارة:‌ اذا لم‌يجد المسافر الماء فليطلب مادام في الوقت أو فليمسك مادام في الوقت فاذا خاف ان يفوته الوقت فليتمم و ليصلي في آخر الوقت. مورد هذه الصحيحة الشك في وجدان الماء لان هذا مقتضيی الامر بطلب الماء،‌ مورد هذه الصحيحة‌ في وجدان الماء في اثناء‌ الوقت مع عدم خوف فوت وقت الصلاة، فهذه الصحيحة تخرج فرض الشك في استمرار العذر و ارتفاع العذر عن تلك الصحيحتين، صحيحة حلبي و صحيحة ابن سنان فيختص موردها بفرض اليأس عن وجدان الماء في اثناء‌ الوقت أو فرض خوف ضيق الوقت.

فاذا لو كان اطلاق في الطائفة الاولی الدالة علی وجوب الاعادة لمن صلی بتيمم في اول الوقت و شمل هذا الاطلاق فرض الشك في استمرار العذر كما في هاتين الصحيحتين فلابد ان نقيد هذا الاطلاق و نخرج فرض الشك في استمرار العذر و ارتفاع العذر ببركة‌ صحيحة‌ زرارة.

و اما الطائفة الثانية، فاول تلك الروايات في الطائفة الثانية صحيحة‌ يعقوب بن يقطين قال سألت اباالحسن عليه السلام عن رجل تيمم فصلی فاصاب بعد صلاته ماءا أيتوضأ و يعيد الصلاة‌ ام تجوز صلاته قال ان وجد الماء قبل ان يمضي الوقت توضأ‌ و اعاد و ان مض الوقت فلااعادة عليه. امر باعادة الصلاة اذا وجد ماءا في اثناء‌ الوقت. و هكذا صحيحة منصور بن حازم رجل تيمم فصلی ثم اصاب الماء‌ فقال اما انا فكنت فاعلا اني كنت اتوضأ و اعيد. و صحيحة ابن سنان عن رجل تصيبه الجنابة في ليلة‌ باردة‌ و يخاف علی نفسه التلف ان اغتسل قال يتيمم و يصلي فاذا امن من البرد اغتسل و اعاد الصلاة.

كل هذه الروايات الثلاث امرت باعادة الصلاة،‌ فتعارض الطائفة الاولی‌ النافية‌ للاعادة الصلاة.

السيد الخوئي قال صحيحة منصور دالة‌ علی استحباب الاعادة. فحتی لو دلت صحيحة‌ يعقوب بن يقطين مثلا علی لزوم الاعادة‌، توضأ و اعاد، فهذه الدلالة‌ دلالة‌ ظهورية ظاهر الامر بالاعادة هو لزوم و وجوب الاعادة، صحيحة منصور بن حازم تقول نقلا عن الامام عليه السلام اما انا فكنت فاعلا اني كنت اتوضأ و اعيد فلو كانت الاعادة واجبة‌ شرعا لم‌يناسب ان يقول الامام عليه السلام اني كنت اتوضأ و اعيد،‌ ينسب الی نفسه الاعادة، يعني الاعادة فعل يصدر مني و الا فلو كانت الاعادة واجبة علی جميع المؤمنين هل كان يناسب هذا التعبير ان يقول الامام عليه السلام اما انا فكنت فاعلا اني كنت اتوضأ و اعيد. فصحيحة منصور بن حازم تكون قرينة علی حمل صحيحة يعقوب بن يقطين علی استحباب الاعادة.

فهذا اولا. و ثانيا: صحيحة يعقوب بن يقطين باطلاقها امرت باعادة الصلاة في فرض اليأس و الشك، فرض الشك ان يصلي الانسان مع التيمم مع الشك في استمرار عذره الی آخر الوقت،‌ فرض اليأس ان يكون مأيوسا عن ارتفاع عذره في اثناء الوقت، الطائفة الاولی القدر المتيقن منها فرض الصلاة مع التيمم مع اليأس عن زوال العذر في اثناء الوقت،‌ فتلك الطائفة‌ الاولی اخص مطلقا من صحيحة يعقوب بن يقطين و توجب تقييد اطلاق صحيحة علی بن يقطين بفرض الشك،‌ في فرض الشك في زوال العذر في اثناء‌ الوقت لو تيمم فصلی‌ ثم وجد الماء يعيد صلاته اما في فرض اليأس لايجب عليه اعادة الصلاة، لو يأس عن وجدان الماء في اثناء الوقت لكن اتفق انه وجد الماء‌ بعد صلاته فبمقتضی‌ القدر المتيقن من الطائفة‌ الاولی لاتجب عليه الاعادة.

تاملوا في هذين الوجهين الذين ذكرهما السيد الخوئي هل هذان الوجهان صحيحان ام لا، نتكلم عن ذلك في الليلة القادمة‌ انشاءالله.

و الحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo