< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

43/05/27

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مبحث الطهارة/ تتمة المسألة الثامن‌عشر/ شرائط التیمم

كان الكلام في كيفية التيمم فقلنا بان الاقوال فيها اربعة: القول الاول ما هو المشهور بين المتأخرين و افتی به السيد المرتضی‌ من ان التيمم ضربة‌ واحدة سواء في التيمم بدل الوضوء أو التيمم بدل الغسل. يضرب باطن كفيه علی الارض مرة واحدة ثم يمسح بهما ظاهر جبهته و ظاهر كفيه. القول الثاني ما هو المشهور بين القدماء من ان التيمم ضربة واحدة في التيمم بدل الوضوء و ضربتان في التيمم بدل الغسل بله نقل عن الصدوق في الامالي انه دين الامامية، و عن ظاهر التبيان و مجمع البيان انه مذهب الشيعة.

ما هو المراد من الضربتين في التيمم بدل الغسل. ظاهر كلمات الفقهاء المتقدمين انه ضربة للوجه فقط يعني يضرب باطن كفيه علی الارض ثم يمسح بهما جبهته ثم يضرب باطن كفيه ضربة ثانية و يمسح بهما ظاهر كفيه. ففي نهاية الشيخ الطوسي رحمة الله عليه: ان كان بدلا من الغسل ضرب بيده علی الارض مرتين مرة للوجه يمسح بهما و مرة لليدين. و في التهذيب: ان كان المحدث جنبا ضرب الارض بباطن كفيه ضربة واحدة يمسح بهما وجهه ثم ضرب الارض بهما ضربة أخری و يمسح باليسار ظهر كفه اليمنی و باليمنی ظهر كفه اليسری. و لكن يحتمل لبعض الروايات كون المراد في التيمم بدل الغسل ضربتين قبل مسح الوجه يعني يضرب يديه علی الارض مرتين ثم يمسح بهما وجهه و ظاهر كفيه.

و هناك كيفية ثالثة معروفة و هي ان يضرب باطن كفيه علی الارض و يمسح بهما وجهه و ظاهر كفيه ثم يضرب باطن كفيه علی الارض مرة ثانية و يمسح بهما ظاهر كفيه. يعني في التيمم بدل الوضوء يضرب باطن كفيه علی الارض و يمسح بهما جبهته و ظاهر كفيه، في التيمم بدل الغسل يضيف الی ذلك بان يضرب يديه علی الارض مرة اخری و يمسح بهما ظاهر كفيه. و ذكروا انه هذه الكيفية الاخيرة يجتمع فيها الكيفية الاولی‌ يعني المذكورة في كلمات القدماء بان يضرب يديه علی الارض و يمسح بهما جبهته ثم يضرب بيديه الارض و يمسح بهما ظاهر كفيه، هذه الكيفية تندك في هذه الكيفية المعروفة لانه لامانع من ان يمسح بباطن كفيه ظاهر كفيه بالضربة الاولی فان المشهور و ان لم‌يقولوا بذلك لكنه ليس بشرط لا، و انما هو لابشرط. و لاجل ذلك ذكر السيد الخوانساري في رسالته انه لو فعل المتيمم هكذا: يضرب بيديه الارض و مسح علی جبهته و ظاهر كفيه ثم ضرب بيديه علی الارض و مسح علی ظاهر كفيه فهذا هو الاحوط استحبابا بينهما انه افتی في التيمم بدل الغسل بما عليه مشهور القدماء: يضرب بيديه الارض و يمسح بهما علی جبهته ثم يضرب بيديه علی الارض و يمسح علی ظاهر كفيه. الاحتياط الاستحبابي ان يضيف ما بعد مسح جبهته في الضربة الاولی و قبل الضربة‌ الثانية، يمسح ظاهر كفيه بباطن كفيه بالضربة الاولی بعد ان مسح جبهته.

القول الثالث هو لزوم الضربتين مطلقا سواء في التيمم بدل الوضوء أو التيمم بدل الغسل.

القول الرابع ما حكي عن ابن بابويه والد الصدوق في رسالته من ان التيمم مطلقا سواء بدل الوضوء أو بدل الغسل ثلاث ضربات: يضرب بيديه علی الارض و يمسح بهما وجهه ثم يضرب يده اليسری‌ علی الارض فيمسح بها ظاهر كفه اليمنی و يضرب يده اليمنی علی الارض ثم يمسح بها ظاهر يده اليسری. نقل في المختلف عن رسالة ابن بابويه التي طبعت اخيرا. وجدوا رسالة ابن بابويه في بعض المكتبات النجف و طبعوها. هكذا ورد فيها. فاذا اردت ذلك اي التيمم فاضرب بيديك علی الارض مرة واحدة و امسح بهما وجهك ثم اضرب يسارك الارض فامسح بها يمينك ثم اضرب بيمينك الارض فامسح بها يسارك.

و مستند ابن بابويه في ذلك صحيحة محمد بن مسلم التي قلنا بلزوم حملها علی التقية لان الوارد فيها لزوم مسح اليدين من المرافق الی اطراف الاصابع و هذا مما افتی به جمع من العامة مضافا الی العلم بمخالفته للواقع لانه لو كان التيمم بهذه الكيفية لبان و اشتهر.

الان ينبغي ان نتكلم حول القول الثاني و هو قول المشهور بين القدماء، حيث قالوا بان التيمم بدل الغسل يحتاج الی ضربتين: يضرب باطن كفيه علی الارض مرة و يمسح بهما وجهه ثم يضرب باطن كفيه علی الارض و يمسح بهما ظاهر كفيه. و بين المتاخرين السيد البروجردي افتی بذلك، قال تعليقا علی قول صاحب العروة الاقوی كفاية الواحدة فيما هو بدل الغسل ايضا و ان كان الاحوط ما ذكره المشهور من انه يجب التعدد فيما هو بدل عن الغسل، فذكر السيد البروجردي بل لايخلو من قوة. و قال السيد الحكيم قدس سره بل لايخلو من قوة. المحقق النائيني قال لايترك الاحتياط.

السيد الحكيم في تعليقته علی العروة ظاهر هذه التعليقة له انه موافق للمشهور من التفصيل بين التيمم بدل الوضوء فيكفي ضربة واحدة و في التيمم بدل الغسل يجب ضربتان،‌ لكنه في المستمسك اختار التعدد مطلقا.

مستند تفصیل المشهور بین التیمم بدل الوضوء و بدل الغسل

نتكلم ما هو مستند المشهور في التفصيل بين التيمم بدل الوضوء حيث اكتفوا فيه بضربة واحدة و بين التيمم بدل الغسل حيث اوجبوا فيه الضربتين. نراجع التهذيب الشيخ الطوسي هو الذي فصّل بين التيممين وفاقا للشيخ المفيد ماتن التهذيب. متن التهذيب و المقنعة للشيخ المفيد، و التهذيب شرح المقنعة،‌ الشيخ الطوسي وافق الشيخ المفيد في هذا التفصيل و قال في وجهه: الروايات مختلفة فانها بين ما دل علی كفاية ضربة واحدة مطلقا و بين ما دل علی لزوم ضربتين مطلقا. فمما دل علی كفاية ضربة واحدة مطلقا، معتبرة زرارة: سألت اباجعفر عليه السلام عن التيمم فضرب بيده علی الارض ثم مسح بها جبينه و كفيه مرة واحدة. و هكذا صحيحة الكاهلي: سألته عن التيمم فضرب بيده علی البساط فمسح بهما وجهه ثم مسح كفيه احدیهما علی ظهر الاخری. و كذا صحيحة ابي‌ايوب الخزاز: عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال سألته عن التيمم فقال ان عمارا اصابته جنابة الی ان قال فقلت له كيف التيمم فوضع يده علی المِسح فمسح وجهه ثم مسح فوق الكف قليلا. هذه روايات تدل علی كفاية ضربة‌ واحدة‌ في التيمم مطلقا. بل مورد صحيحة ابي‌ايوب الجنابة لانها تشتمل علی نقل قضية عمار،‌ ان عمارا اصابته جنابة،‌ هذه جملة‌ معترضة اردت ان انبهكم عليها و الا الشيخ الطوسي لم‌يذكر هذه النكتة، ان هذه الصحيحة ورد فيها التيمم بدل الجنابة. فهذه هي الطائفة‌ الاولی من الروايات التي اكتفت بضربة واحدة‌ في التيمم.

و طائفة ثانية دلت علی اعتبار ضربتين كصحيحة اسماعيل بن حمام الكندي عن الرضا عليه السلام: التيمم ضربة للوجه و ضربة للكفين. و صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام عن التيمم فقال: مرتين مرتين للوجه و اليدين. و عن ابن سنان محمد بن سنان عن ابن مسكان عن ليث المرادي عن ابي‌عبدالله عليه السلام في التيمم قال تضرب بكفيك علی الارض مرتين و تمسح بهما وجهك و ذراعيك.

ثم قال الشيخ الطوسي هاتان طائفتان من الروايات و يلزمنا العمل بكلتا الطائفتين بان نحمل الطائفة الاولی الدالة علی كفاية‌ ضربة واحدة علی التيمم بدل الوضوء و نحمل الطائفة الثانية الدالة‌ علی اعتبار ضربتين علی التيمم بدل الجنابة لئلايتناقض الاخبار. اذا ثبتت اخبار كثيرة تتضمن ان الفرض في التيمم مرة‌ ثم جائت هذه الاخبار متضمنة للدفعتين حملنا ما يتضمن حكم مرة علی الوضوء و ما يتضمن حكم مرتين علی الجنابة‌ لئلايتناقض الاخبار.

نقول: يا شيخ الطائفة!‌ قدس الله روحك! اولا: هذا جمع تبرعي، لاشاهد له من العرف و ان كنت صنعت مثل ذلك في مجال آخر كما ذكرت في الاستبصار في الجمع بين ما دل علی ان ثمن العذرة سحت و ما دل علی انه لابأس ببيع العذرة، فقلت نحمل الاولی علی عذرة‌ الانسان و نحمل الثانية علی عذرة غيره. و لكن هذا ليس جمعا عرفيا، الاخذ بالقدر المتيقن من الخبرين المتنافيين ليس جمعا عرفيا. انت تقول القدر المتيقن من الضربة الواحدة‌ في التيمم هو التيمم بدل الوضوء و القدر المتقين من الضربتين في التيمم هو التيمم بدل الجنابة تاخذ بالقدر المتيقن من كل من الطائفتين و تطرح ظهور الطائفة الاخری‌ هذا ليس جمعا عرفيا. يجب اكرام العالم يحرم اكرام العالم، يقول يجب اكرام العالم المراد به العالم العادل،‌ يحرم اكرام العالم المراد به العالم الفاسق، لماذا؟ يقول: لئلايتناقض الاخبار. أو قد يبرر ذلك فيقال بانه يجب اكرام العالم نص في القدر المتيقن و هو العالم العادل و ظاهر في غيره و لاجل هذا النص نخصص الخطاب الثاني و هو قوله يحرم اكرام العالم و نخرج العالم العادل منه لان شموله للعالم العادل كان لاجل الظهور، فنرفع اليد عن هذا الظهور لاجل نصوصية الخطاب الاول في وجوب اكرام العالم العادل لانه القدر المتيقن. و هكذا يحرم اكرام العالم نص في حرمة‌ اكرام العالم الفاسق و بمقتضی‌ نصوصيته فيه نرفع اليد عن ظهور يجب اكرام العالم في العالم الفاسق، لانه ظاهر فيه و ليس نصا. ليس كل رفع يد عن الظهور لاجل نص من الجمع العرفي. من الذي يقول بانه جمع عرفي؟ بعد ان العرف يتحير.

و ثانيا:‌ يا شيخنا! كما ذكرت في الجملة المعترضة، مورد صحيحة ابي‌ايوب الخزاز التيمم بدل الجنابة، اقرأ هذه الصحيحة مرة اخری،‌ سألته عن التيمم فقال عليه السلام ان عمارا اصابته جنابة فتمعك كما تتمعك الدابة فقال له رسول الله صلي الله عليه و آله يا عمار تمعكت كما تتمعك الدابة فقلت له،‌ يعني ابوايوب الخزاز يقول قلت للامام عليه السلام كيف التيمم؟ يقول المراد منه التيمم بدل الوضوء؟‌ هذا اخراج لمورد الرواية. فوضع يده علی المسح ثم رفعها فمسح وجهه ثم مسح فوق الكف قليلا.

السيد الحكيم يقول هذا ليس نصا، لعله بيان لمقدار الممسوح لا مقدار المسح انه مسح وحد أو مسحان، لا، يريد الامام يعلم بذلك مقدار الممسوح فوضع يده علی المسح فمسح وجهه ثم مسح فوق الكف قليلا، هذا المقدار من الممسوح يجب مسحه اما انه يجب المسح مرة أو مرتين هذا ليس نصا فيه.

لكن الانصاف انه علم الامام عليه السلام كيفية التيمم مطلقا.

و ثالثا: توجد روايتان صريحتان في مساواة التيمم بدل الغسل مع التيمم بدل الوضوء، الرواية الاولی، موثقة‌ عمار: عن ابي‌عبدالله عليه السلام سألته عن التيمم عن الوضوء و الجنابة و من الحيض سواء؟ فقال نعم. يعني لافرق في كيفية التيمم بدل الوضوء و كيفية‌ التيمم بدل الغسل.

الرواية الثانية: صحيحة‌ زرارة، اقرأ‌ هذه الصحيحة‌، ذكرها الشيخ الطوسي في جملة‌ روايات مفصلة بين الوضوء و الغسل و لكن انتم ترون عدم تمامية ذلك. عن ابي‌جعفر عليه السلام قلت له كيف التيمم؟ قال: هو ضرب واحد للوضوء و الغسل من الجنابة (يعني نحو واحد، كيفية واحدة للوضوء و للغسل من الجنابة) تضرب بيديك مرتين. لكن نتمسك بالصدر و نتكلم عن الذيل ما هو المقصود منه. يحمل الذيل علی الاستحباب. هو ضرب واحد للوضوء و الغسل من الجنابة. ماذا يقول الشيخ الطوسي؟‌ هكذا لعله يقرأ الرواية. سامعين تعدد القراءات. هكذا يقرأ الرواية، هو ضرب واحد للوضوء، يعني هو ضربة واحدة للوضوء، و الغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين. هل هذه القراءة قراءة صحيحة؟ قلت له كيف التيمم قال،‌ نحن قلنا هو ضرب واحد للوضوء و الغسل من الجنابة يعني نوع واحد،‌ ضرب واحد يعني نوع واحد للوضوء‌ و الغسل من الجنابة‌ معا لايختلف التيمم بدل الوضوء عن التيمم بدل الغسل. اما الشيخ الطوسي هكذا قرأ: هو ضرب واحد يعني ضربة واحدة للوضوء، و الغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين. اذا كان كذلك لماذا لم‌يقل هو ضربة واحدة‌ للوضوء و ضربتان للغسل؟ هو ضرب واحد للوضوء،‌ و الغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين، أليس هذا خلاف الفهم العرفي؟

[السؤال: ... الجواب:] الغسل من الجنابة ليس هو ان تضرب بيديك مرتين. علی قراءة الشيخ الطوسي هكذا: هو ضربة واحدة للوضوء و الغسل من الجنابة، اذا قال و للغسل يعني للتيمم بدل الغسل تفعل هكذا لكان له وجه لكن الرواية هكذا: و الغسل من الجنابة‌ تضرب بيديك مرتين فهل يقول بان الغسل من الجنابة‌ هو ان تضرب بيديك مرتين، ليس الغسل من الجنابة هو ضرب اليدين مرتين.

فهذا تفسير للرواية بما لايقبله العرف، بما يأبی عنه العرف بل لو يكن جسارة علی الشيخ الطوسي يستهجن العرف هكذا تفسير للرواية.

اما صحيحة محمد بن مسلم: عن التيمم فقال مرتين مرتين للوجه و اليدين. هذه الصحيحة مجملة. و المحتملات فيها عدة احتمالات:

الاول ان نقول: عن احدهما عليهما السلام عن التيمم فقال مرتين: مرتين للوجه و اليدين. يعني فقال الامام عليه السلام مرتين، ماذا قال؟ قال التيمم مرتين للوجه و اليدين. فقال مرتين. خلاص. ماذا قال مرتين؟ قال هكذا: مرتين للوجه و اليدين. يعني كرّر، يعني الامام قال مكررا،‌ مرتين للوجه و اليدين،‌ مرتين للوجه و اليدين. هذا هو الاحتمال الاول.

الاحتمال الثاني ان يكون الجميع مقول قول الامام، فقال عليه السلام: مرتين مرتين للوجه و اليدين. يصير اربع مرات.

و هناك احتمالات اخری نتكلم عن ذلك في الليلة القادمة ان‌شاءالله .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo