< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

43/05/21

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مبحث الطهارة/ تتمة المسألة الحادي‌عشر/ شرائط التیمم

كان الكلام في المسألة الحادي‌عشر حيث ذكر صاحب العروة انه اذا وجب علی المكلف تيممان فلابد من ان يعين ان ايا منهما بدل الغسل و ايا منهما بدل الوضوء. و اما اذا لم‌يجب علی المكلف الا تيمم واحد فلايجب تعيين المبدل‌منه.

فاورد عليه ايرادان متعاكسان:

احدهما من السيد البروجردي حيث قال: التيمم بدل الوضوء يختلف عن التيمم بدل الغسل كاختلاف صلاة الظهر و العصر. فكانما يجب ان ينوي الانسان ان صلاته صلاة الظهر أو العصر فكذلك يجب ان ينوي الانسان ان تيممه هل هو بدل الوضوء أو الغسل، حتی لو لم‌يجب عليه الا فعل واحد مع ذلك يجب ان ينوي الخصوصية القصدية و لو بنية اجمالية. و تظهر ثمرة ذلك في مثال صلاة الظهر و العصر فيما اذا كان قصد الظهر سابقا و لم‌يجب عليه الا صلاة رباعية واحدة و لكنه اخطأ فنواها ظهرا كيف تقع هذه الصلاة صلاة عصر؟ مع انه لم‌ينو ذلك، و العنوان القصدي يحتاج دائما الی القصد.

و الايراد الآخر من المحقق العراقي قال: ليس التيمم بدل الوضوء مختلفا و متباينا مع التيمم بدل الغسل، هما حقيقة واحدة.

و ما يذكره هذان العلمان صحيح أي ان قلنا بان التيمم بدل الوضوء متباين و مختلف عن التيمم بدل الغسل فكلام السيد البروجردي في محله. اذا لم‌يجب علی الا تيمم واحد و لكني نويت ان هذا التيمم تيمم بدل الوضوء مثلا ثم تبين انه كان تيمما بدل الغسل فكيف يجزئ عن التيمم بدل الغسل؟ ان لم‌اقصد ذلك. و ان لم‌يكن التيمم بدل الوضوء مختلفا عن التيمم بدل الغسل و متباينا معه، بل كانا مشتركين في الحقيقة و اختلافهما في اختلاف سبب الوجوب كاختلاف سبب وجوب الوضوء من ناحية ان سبب الوضوء هل النوم أو البول، ان قلنا ذلك فيتم مقالة المحقق العراقي.

السيد السيستاني هنا علق علی كلام صاحب العروة حينما قال صاحب العروة لايجب تعيين المبدل‌منه مع اتحاد ما عليه و اما مع التعدد كالحائض حيث يجب عليهما مع فقد الماء التيمم بدل الغسل و التيمم الآخر بدل الوضوء فيجب تعيينه و لو بالاجمال،‌ السيد السيستاني علق عليه فقال بدلية‌ التيمم عن الوضوء أو الغسل أو عن مجموعهما، يعني تيمم واحد بدلا عن كلي الامرين، بدلية التيمم عن الوضوء أو الغسل أو عن مجموعهما من الامور القهرية لا من العناوين القصدية فلايجب قصد البدلية فضلا عن تعيين المبدل‌منه. هذا يعني انه وافق المحقق العراقي.

و هذا الذي ذكره لعله خلاف المرتكز المتشرعة. المرتكز المتشرعي ان التيمم بدل الوضوء لايمكن ان يقوم مقام الوضوء قهرا الا بان تقصد انه بدل عنه. يعني انت اذا توهمت ان تيممك بدل الوضوء فتيممت بنية انه تيمم بدل الوضوء، ثم ظهر لك انك قد وجب عليك الغسل و حيث انت فاقد للماء فوجب عليك التيمم بدل الغسل. فالمرتكز المتشرعي ان هذا التيمم قد نويت به انه بدل الوضوء فلايقع بدل الغسل. نحن لانملك دليلا لفظيا علی هذه الدعوی، لكن لانستبعد ان المرتكز المتشرعي علی ذلك، يقول العرف المتشرعي انت تيممت بدل الوضوء مع انه وجب عليك ان تتيمم بدل الغسل بينما انه في مثال الوضوء بسبب النوم لو تخيل شخص انه احدث بالنوم فتوضأ مع انه قد احدث بالبول، لايقول له العرف انت توضأت بقصد رفع حدث النوم. و هذا هو السبب في اختلاف حقيقة الغسل الجنابة عن غسل الحيض و الا فلادليل عندنا ان حقيقة غسل الجنابة تختلف عن حقيقة غسل الحيض. و ان كان قد يدعی ان ظاهر قوله عليه السلام اذا اجتمع لله عليك حقوق اي الاغسال يجزيك غسل واحد منها ان الاغسال حقائق متباينة، لو لم‌يتم هذه الدعوی فلادليل آخر علی ان الاغسال حقائق متباينة. فاذا العرف المتشرعي هو الذي يحكم، فاذا امرأة تخيلت انها حائض فاغتسلت بقصد غسل الحيض ثم تبين لها انها لم‌تكن حائضا و لكنها تكون جنبا فالعرف لايری انها اغتسلت من الجنابة، يقول انت اغتسلت غسل الحيض مع انه قد وجب عليك غسل الجنابة.

[السؤال: ... الجواب:] ليس من البعيد ان هذا المرتكز المتشرعي متصل و ليس متأثرا من فتوی المراجع المعاصرين.

نحن لانستبعد ذلك فلاجل ذلك تری انه في المسائل الآتية ذكر صاحب العروة في المسألة الرابعة‌عشر اذا اعتقد كونه محدثا بالاصغر فقصد البدلية عن الوضوء فتبين انه محدث بالاكبر، فان كان علی وجه التقييد بطل و ان اتی‌ به من باب الاشتباه في التطبيق أو قصد ما في الذمة صح. ترون في هذه المسألة لم‌يعلق السيد السيستاني عليه يعني ظاهر انه لم‌يعلق علی هذه المسألة انه يقبل ان لو تيمم بقصد رفع الحدث الاصغر فبان انه كان محدثا بالاكبر فان كان من باب الخطاء في التطبيق بطل تيممه و ليس ذلك الا لاجل ان عنوان التيمم بدل الوضوء يختلف عن التيمم بدل الغسل و الا لو لم‌يختلفا فلااثر للتقييد. لااثر للتقييد في غير العناوين القصدية. مثلا: انا كان في ذهني ان علی صوم قضاء من هذه السنة، فانجبرت اقضي صوم هذه السنة حتی لايجب علی كفارة تاخير الصوم، فصمت و بعد ما فرغت من الصوم تبين لي اني لم‌يجب علی قضاء صوم هذه السنة ابدا، كان علی قضاء الصوم من السنة السابقة، لو كنت ادري ذلك لما كنت اقضي هذا اليوم، كنت مزعوما في مكان الدسم، تركت العزيمة خوفا من انه لو ما اقضي صوم هذه السنة اليوم لااتمكن من قضاءه بعد ذلك فيجب علی كفارة‌ التاخير. و لو كنت اعلم انه ليس علی القضاء الا للسنوات السابقة التي استقرت كفارة التاخير لاجلها،‌لم اكن اقضي صوم هذا اليوم. الاعلام يقولون صومك صحيح لان كون الصوم لهذه السنة أو للسنة السابقة ليس من العناوين المحتاجة الی القصد. فهذه الفتوی من صاحب العروة في المسألة الرابعة‌عشر و عدم تعليق الاعلام عليها حتی ترون ان السيد السيستاني لم‌يعلق علی هذه المسألة مع ان ظاهر تعليقته هنا في المقام ان التيمم بدل الوضوء و التيمم بدل الغسل لايختلفان، ليسا حقيقتين متباينتين.

نلحظ التعاليق علی المسألة الرابع‌عشر حتی‌ لايكون مشتبها. قبل ان نلحظ التعاليق علی هذه المسألة‌ اذكر محصل الكلام. انا اقول المرتكز المتشرعي ليس من البعيد ان يری ان التيمم بدل الوضوء مختلف عن التيمم بدل الغسل فلايری صدق عنوان التيمم بدل الغسل اذا نويت التيمم بدل الوضوء.

[السؤال: ... الجواب:] قال صاحب العروة: فان كان علی وجه التقييد بطل، علق السيد السيستاني، يقول بل يصح اذا لم‌يخل بقصد القربة و اما قصد البدلية فلااثر له. فاذا لم‌تختلف تعاليق السيد السيستاني فهو يری ان التيمم بدل الوضوء لايختلف عن التيمم بدل الغسل كما عليه المحقق العراقي.

لكن انا اقول شيئا، اقول: بناءا علی ذلك فلماذا السيد السيستاني اضاف هذه الجملة: نعم، في مورد الاتيان بتيممين بدلا عن الغسل و الوضوء لابد من المميز بينهما. يا سيدنا اذا انت لاتری ان التيمم بدل الوضوء مختلفا قصديا عن التيمم بدل الغسل أي ليس التيمم بدل الوضوء و التيمم بدل الغسل كصلاتي الظهر و العصر، و انما مثله كمثل صلاة صبح قضاء ليومين، انا علی قضاء صبح ليومين هل يجب علی ان انوي ان هذه الصلاة التي اصليها قضاءا عن صلاة الصبح ثم اصلي صلاة ثانية قضاءا عن قضاء الصبح هل يجب علی ان انوي ان الصلاة الاولی من اليوم الاول و الصلاة الثانية من اليوم الثاني؟ ابدا لايجب ذلك. اذا لم‌يختلف واجبان في حقيقتهما بل كان لهما حقيقة واحدة فلايجب ان اميز بينهما، ما هو الدليل علی وجوب التمييز بينهما؟ انا يجب علی التيممان خب اتيمم مرتين. مثل ما لو وجب علی كفارتان كبيرتان، كفارتا التظليل، أتی بالحج مرتين و ركبت السيارة المسقفة في اثناء الاحرام فوجب علی كفارتان للتظليل، هل يجب علی ان انوي حينما اذبح هذا الخروف انه كفارة السنة الاولي و حينما اذبح الخروف انه كفارة السنة الثانية؟ ابدا و لااحد يفتي بلزوم ذلك. لان هذا ليس من العناوين القصدية.

فاذا يا سيدنا! الله يحفظك و يسلمك! عندنا سؤال: اذا لم‌يختلف التيمم بدل الوضوء عن التيمم بدل الغسل لم‌يختلفا، لم‌يكونا من العناوين القصدية المختلفة كصلاتي الظهر و العصر، فما هو الموجب فيما لو وجب علی المكلف تيممان تيمم بدل الوضوء و تيمم بدل الغسل، ما هو الموجب للتمييز بينهما؟ فلماذا تقول لابد من المميز بينهما إما بالميز الخارجي (ان يضرب يديه علی الارض مرتين حتی يكون تيممه بدل الغسل و في الثاني يضرب يديه مرة واحدة فيكون تيممه بدل الوضوء. هذا هو المقتضی الاحتياط الاستحبابي) أو بالميز القصدي.

[السؤال: ... الجواب:] انا لو اكتفيت بالتيمم الواحد لم‌يمكن ان ارتّب اثر التيمم بدل الوضوء عليه أو التيمم بدل الغسل عليه، لكن اذا انا اتيمم مرتين كما اني اذا وجب علی صوم قضاء من السنة السابقة و صوم قضاء من هذه السنة، فاذا صمت يوما واحدا و لم‌انو ان هذا الصوم قضاء عن هذه السنة يجب علی كفارة التاخير آخر السنة لاني صمت يوما واحدا و لم‌انو ان هذا قضاء صوم هذه السنة، و لكن لو صمت يومين من دون تعيين ان اليوم الاول قضاء للسنة السابقة و اليوم الثاني قضاء لهذه السنة أو بالعكس، فهل يبطل صومان؟ أو لايترتب عليهما الاثر؟‌ لماذا لايترتب عليه الاثر؟ صمت صومين و انتهی ما علی من القضاء. و قد يترتب اثر آخر علی قضاء صوم السنة السابقة: نذرت لله علی ان لم‌اقض صوم السنة السابقة اتصدق علی فقير بدرهم، لو لم‌اقض صوم السنة السابقة الی آخر هذه السنة فنذرت شيئا حتی انجبر فاقضي صوم السنة السابقة فقلت لله علی ان لم‌اقض صوم السنة السابقة الی شهر رمضان الآتي لاتصدق علی فقير بدرهم، هذا اثر قضاء الصوم السابق و اثر قضاء الصوم للسنة الحالية سقوط كفارة التاخير. فاذا صمت يوما واحدا بنية القضاء لايترتب عليه لااثر قضاء الصوم السنة السابقة و لا قضاء الصوم للسنة الحالية. و لكن لو صمت يومين، خلاص بعدُ، و لاحاجة الی ان انوي ان الصوم لليوم الاول عن السنة السابقة و الصوم لليوم الثاني عن السنة اللاحقة مثلا.

انا اذكر نكتة لابأس بها خارج عن هذا الاطار. بالنسبة الی هذا المثال الذي ذكرت لكم، نذرت ان لم‌اقض صوم السنة السابقة الی شهر رمضان الآتي لاتصدق علی فقير بدرهم، فلم اصم الا يوما واحدا،‌ هل يجب علی التصدق علی فقير بدرهم و كفارة التاخير معا؟ مع اني صمت يوما واحدا، هل يجب علی كلاهما لاني لم‌انو ان هذا الصوم قضاء السنة السابقة و الا لايجب علی التصدق علی فقير و لو نويت قضاء هذه السنة لما وجب علی كفارة التاخير، لم‌انو هذا و لا ذاك، صمت يوما واحدا بلاتعيين، قطعا هذا الصوم صحيح لكن هل يجب علی كفارة التاخير و ذاك المنذور، يجب علی كلاهما أو يجب علی احدهما؟ فالترجيج بلامرحج.

تاملوا في هذه النكتة. بقية الكلام في الليلة القادمة انشاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo