< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

43/05/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: شرائط التیمم/ احکام التیمم/

 

كان الكلام في شرطية الموالاة في افعال التيمم.

ذكر السيد الخوئي ان دليل اعتبار الموالاة ظهور الامر بالمركب في توالی اجزاءه. و هذا مما اكد علیه السيد الخوئي من بحث التيمم الی آخر الفقه يعني لما وصل الی بحث الاذان اكد علی ذلك، دخل في بحث الاقامة اكد علی ذلك،‌ دخل في بحث الطواف و انه هل يعتبر الموالاة بين اشواط الطواف، كرر ذلك، في بحث لزوم الموالاة بين اشواط السعي اكد علی ذلك. فقال: العرف اذا خوطب بالاتيان بعمل مركب فأتی بالمركب بالفصل الطويل بين اجزاءه فحيث لايصدق علیه انه عمل واحد فيبطل. فلو ضرب بيديه علی الارض، بعد ساعة مسح علی وجهه، بعد ساعة مسح علی كفه الیمنی، بعد ساعة مسح علی كفه الیسری، لايقول العرف انه تيمم. و هكذا في الطواف، لو اتی بشوط ثم بعد ساعة جاء و اتی بشوط ثان و بعد ساعة اتی بشوط ثالث فلايقال عرفا انه طاف سبعة اشواط و هكذا في السعي

لكن السيد الخوئي في بحث الوضوء و الغسل انكر ذلك. و لاجل ذلك في بحث الغسل قال: عدم اعتبار الموالاة علی وفق القاعدة؛ لايحتاج الی نص خاص و اعتبار الموالاة في الوضوء ثابت بدليل خاص و الا لكنا نقول في الوضوء ايضا بعدم اعتبار الموالاة.

الظاهر (و الله العالم) ان الدليل الوحيد علی لزوم الموالاة في عمل مركب كالتيمم هو ارتكاز المتشرع. و الا فالانصاف عدم ظهور الامر بالعمل المركب في اعتبار الموالاة بين اجزاءها. لو امر الجنب ان يغسل رأسه و رقبته ثم يغسل جانبه الايمن و الايسر لم‌يفهم العرف من ذلك لزوم الموالاة بين اجزاء الغسل. و هكذا لو امرنا بغسل الاناء المتنجس ثلاث مرات، أو امرنا بغسل الثوب المتنجس بالبول مرتين، فهل كنا نفهم من ذلك لزوم الموالاة بين غسلات؟ قطعا لم‌يكن نفهم ذلك.

لو امر شخص بقراءة سورة الحمد علی المريض سبع مرات ففصل بينها، قرأ سورة الحمد اول الصبح ثم نام ساعة و قعد من النوم و قرأ سورة الحمد مرة أخری،‌ لايصدق عرفا انه قرأ سورة الحمد علی المريض سبع مرات؟ لايصدق؟‌ قطعا يصدق، لماذا لم‌يصدق؟ قرأ سورة الحمد علی المريض سبع مرات بعدُ.

لو امر شخص بان يطوف حول البيت سبع مرات أو يسعی بين الصفا و المروة سبع مرات ففصل بين الاشواط، اتی بالشوط الاول ساعة السبعة صباحا ثم قعد نصف ساعة و اتی بالشوط الثاني ساعة سبع و نصف،‌ اتی بالشوط الثالث ساعة ثمانية، قريب الظهر خلّص، الايقول العرف انه طاف الیوم سبعة اشواط حول البيت؟ و هل العرف يقول كما يقول السيد السيستاني الفصل بعشر دقائق مفوّت للموالاة؟ هكذا يقول؟

فالانصاف انه لولا مرتكز المتشرعة علی اعتبار الموالاة بين اجزاء التيمم، لم‌يكن مقتضی الامر بضرب الیدين علی الارض ثم مسح الیدين علی الجبهة ثم مسح ظاهر الكف الیمنی بباطن الكف الیسری ثم مسح ظاهر الكف الیسری بباطن الكف الیمنی لم‌يكن العرف يفهم من ذلك اعتبار الموالاة بين الاجزاء. فالمهم هو ارتكاز المتشرعة.

و هكذا يوجد ارتكاز متشرعي في فصول الاذان و الاقامة. المرتكز المتشرعي يأبی عن قبول اذان يفصل المؤذن بين فصوله فصلا طويلا. يقول الله‌اكبر، يقعد يستولف اصدقاءه، بعد خمس دقائق يقوم يقول الله‌اكبر، و هكذا الناس يقولون هذا اذان؟ هذا ليس باذان. و هكذا في الاقامة. فالمهم هو المرتكز المتشرعي القطعي علی اعتبار الموالاة في اجزاء التيمم و الاذان و الاقامة. و اما في الطواف و السعي فمحل البحث عنهما موكول الی مجال آخر.

و قد يقال بانه حيث يكون الغسل جائزا مع فوت الموالاة بين اجزاءه، فالتيمم القائم مقام الغسل ايضا صحيح و لو مع فوت الموالاة‌ بين اجزاءه. بخلاف التيمم بدل الوضوء. فكانّ هذا المفصّل يدعي ان جميع احكام المبدل يثبت للبدل فاحكام الوضوء و منها اعتبار الموالاة‌ يثبت للتيمم بدل الوضوء و احكام الغسل و منها عدم اعتبار الموالاة يثبت للتيمم بدل الغسل.

و لكن هذا ليس صحيحا. لادليل علی ان احكام المبدل تثبت للبدل. لا دليل علی ذلك. ليس مثلا لو لم‌يكن هناك دليل ظاهر في ثبوت الاحكام للبدل، ليس مجرد كون الخمس بدلا عن الزكاة مقتضيا لترتيب احكام الزكاة علی الخمس. مثلا: اذا كان فقير مدينا لكم و وجب علیكم الزكاة يمكنكم احتساب ذلك الدين زكاة بدون التلفظ باي لفظ تنوي في نفسك و ضميرك ان دين فلان احسبه زكاة، خلاص بعدُ. اما الخمس، حق السادة مثلا،‌ هل يجوز ذلك؟ سيد فقير مدين لكم و عندكم حق السادة يعني في اموالكم حق السادة أو في ذمتكم حق السادة. لايجوز لكم ان تحسبوا ذلك الدين حق السادة.

السيد السيستاني يقول لو كان هذا السيد الان يملك مؤنة سنته و لكنه مدين، لايجوز اعطاء حق السادة لاجل دينه لان سهم الغارمين في الزكاة و ليس في حق السادة. نعم، لو كان لايملك قوت سنته اي لايتمكن من تحصيل قوت سنته فيمكن اعطاءه ما يفي بقوت سنته ثم هو يسدد دينه و يصير فقيرا بعد ذلك، هم تعطيه مرة أخری قوت سنته و اذا اراد ان يسدد دينه و هكذا. اما اذا كان يملك قوت سنته لايجوز لك ان تعطي حق السادة لاجل اداء دينه. لكن اذا كان فقيرا لايملك قوت سنته يجوز اعطاءه حق السادة لكن لايجوز احتساب الدين حق السادة.

نعم، الشيخ الاستاذ الشيخ التبريزي كان يری ان تعلق الخمس بالمال من قبيل الشركة في المالیة و هذا الاحتساب عرفا اعطاء لمالیة الخمس الی الفقير، ليس الخمس بنحو الشركة في العين كما يقول به السيد الخوئي و السيد السيستاني. لا، الشيخ التبريزي رحمة الله علیه كان يقول الخمس بنحو الشركة‌ في المالیة كشركة الزوجة في مالیة البناء مع الورثة. فيجوز احتساب الدين الثابت في ذمة السيد الفقير حق السادة لانه مصداق لاداء المالیة.

و هذا غير تام بنظرنا حتی‌ لو تم مبنی الشيخ الاستاذ و السيد الصدر من الخمس بنحو الشركة في المالیة‌ لان هذا ليس اداءا عرفا.

و علی اي حال، المقصود: ان كون الخمس بدل الزكاة لايوجب ان يثبت في هذا البدل جميع احكام المبدل؛ لان بعض الاحكام يختص بالمبدل و لايشمل اطلاق دليله البدل. فلافرق بين التيمم بدل الغسل و بين التيمم بدل الوضوء. فلولا المرتكز المتشرعي لكنا نقول بانه لايعتبر في التيمم الموالاة.

الشرط الرابع: الترتيب

الشرط الرابع: الترتيب علی الوجه المذكور.

لااشكال في ان مسح الجبهة قبل مسح الیدين فان الروايات تقتضي ذلك.

اما الترتيب بين مسح ظاهر الكف الیمنی و مسح ظاهر الكف الیسری بان يكون المسح علی ظاهر الكف الیمنی قبل المسح علی ظاهر الكف الیسری فما هو الدليل علیه؟ و لاجل ذلك السيد السيستاني يقول الاحوط الترتيب بين مسح الكفين.

نعم، في صحيحة محمد بن مسلم صرح بالترتيب. سألت اباعبدالله علیه السلام عن التيمم فضرب بكفيه الارض ثم مسح بهما وجهه ثم ضرب بشماله الارض فمسح بها مرفقه الی اطراف الاصابع ثم ضرب بيمينه الارض ثم صنع بشماله كما صنع بيمينه. هذه الرواية دلت علی الترتيب لكن الرواية معرض‌عنها لاشتمالها علی الامر بمسح الیدين الی المرفقين.

مضافا الی انه قد يقال:‌ حيث لايمكن الجمع بين المسحين، مسح ظاهر الكف الیمنی بباطن الكف الیسری و مسح ظاهر الكف الیسری بباطن الكف الیمنی، لايمكن الجمع بينهما معا، فالامام اختار هذا الترتيب فلايدل علی بطلان عكسه. لكن المهم ضعف الرواية باعراض الاصحاب عن مضمونها.

[السؤال: ... الجواب:] هذا مضمونه واحد.

نعم يمكن ان يقال بان الروايات الواردة في كيفية التيمم الروايات التي تحكي تيمم النبي أو الامام علیهما السلام قطعا ما صنعه النبي و الامام علیهما السلام هو مسح الكف الیمنی قبل الكف الیسری. و لو عكس الامام أو النبي فمسح ظاهر الكف الیسری ثم مسح ظاهر الكف الیمنی حيث انه خلاف المتعارف لكان ينقله الراوي.

لكن يرد علیه نفس الاشكال السابق: انه لعل النبي و الامام علیهما السلام اختارا هذه الكيفية ككيفية‌ للتيمم لانه لايفهم من اختيار هذه الكيفية بطلان الكيفية المعاكسة لها.

[السؤال: ... الجواب:] السيرة المتشرعية لعلها ناشئة عن الفتاوي. ... قد تستدلون بارتكاز متشرعي، قد تستدلون بالسيرة المتشرعية. الارتكاز المتشرعي لايحكم ببطلان التيمم مع العكس فمسح علی الید الیسری ثم مسح علی الید الیمنی. كما انه لايحكم ببطلان من مسح علی رأسه منكوسا أو مسح علی رجليه معا أو مسح علی رجله الیسری قبل رجله الیمنی بل ليس هذا متعارفا عندهم فقط.

[السؤال: لعل الارتكاز ايضا كالسيرة ناشئة عن الفتاوي. الجواب:] الارتكاز القطعي المتشرعي علی بطلان العمل هذا يكشف عن نكتة راسخة في اذهان المتشرعة‌ اما سيرة‌ المتشرعية علی اختيار كيفية هذه لاتكشف عن بطلان سائر الكيفيات.

الشرط الخامس: الابتداء بالاعلی

الشرط الخامس: الابتداء بالاعلی و منه الی الاسفل في الجبهة و الیدين.

ما هو الدليل علی اعتبار المسح من الاعلی الی الاسفل الذي ذكره المشهور؟‌

قد يستدل علیه بكون التيمم بدل الوضوء، فحيث انه يجب في الوضوء البدء من الاعلی الی الاسفل فكذلك في التيمم. و هذا يختص في التيمم بدل الوضوء. و لكن ذكرنا انه لادليل علی اسراء احكام المبدل الی البدل.

و قد يستدل بما ورد من كيفية تيمم النبي و الامام علیهما السلام فانهم علیهم السلام لو مسحوا علی جبهتهم أو ايديهم منكوسا لنقله الراوي فقطعا هم لم‌يمسحوا علی جبهتهم منكوسا، لم‌يمسحوا علی ايديهم منكوسا أي من الاصابع الی الزند. و لكن يرد علیه ان الامام أو النبي علیهما السلام لعلهما اختارا هذه الكيفية ككيفية‌ من كيفيات التيمم و لايدل علی وجوب اختيار هذه الكيفية.

السيد الخوئي يقول: لا، انا لااقبل هذا الجواب. اذا اختار الامام كيفية‌ في مقام الجواب عن سؤال السائل سأله عن كيفية التيمم فاختار كيفية فظاهر ذلك وجوب تلك الكيفية. اما اذا لا، رأينا ان الامام تيمم بهذه الكيفية من دون سبق سؤال، نعم، هذا لايدل علی ان تلك الكيفية التي اختارها الامام كانت واجبة. لكن في هذه الروايات سأل الراوي الامام أو سأل عمار النبي صلي الله علیه و آله عن كيفية التيمم فاختار الامام أو النبي هذه الكيفية فيكون ظاهر ذلك الوجوب.

هذا الكلام للسيد الخوئي غير واضح. بعد انه يضطر الامام و النبي ان يختارا كيفية، خب ما اذا يصنع؟ لابد ان يختار كيفية، إما يمسح علی جبهته من الاعلی الی الاسفل أو يمسح من الاسفل الی الاعلی منكوسا و الثاني خلاف المتعارف. اذا امرك ابوك بغسل وجهك كيف تغسل وجهك؟ من الاسفل الی الاعلی؟ هذا خلاف المتعارف. تغسل وجهك من الاعلی‌ الی الاسفل. النكس خلاف المتعارف. فلعل النبي و الامام لم‌يختارا النكس لكونه خلاف المتعارف لا لبطلانه.

و لاجل ذلك يشكل الفتوی بوجوب المسح من الاعلی‌ الی الاسفل و ان كان هو احوط. و يؤيده ما في فقه الرضا من انه يمسح من منبت الشعر الی طرف الانف. و لكن لماذا قلنا هذا مؤيد؟ اولا: لكون فقه الرضا غير معتبر، بل لم‌يثبت كونه كتاب رواية. و ثانيا: لعله من قبيل بيان الممسوح لابيان كيفية المسح. مثل ما يقولون في الآية الكريمة‌ اغسلوا وجوهكم و ايديكم الی المرافق بيان لحد المغسول لابيان لحد الغسل يقول هذا المقدار يكون يسغل اما انه يبدأ من المرفق الی اطراف الاصابع في الوضوء أو من اطراف الاصابع الی المرفق،‌ لانظر للآية بالنسبة الی ذلك. مثل ما يسأل السباق؟؟ اي مقدار ان يجب ان اسبقه؟ تقول من هناك الی هنا، بيان لحد الذي يجب سبقه، اذا التزم ان يبدأ من هناك الی هنا هذا خلاف الاطلاق. فلعل ما في فقه الرضا من انه يمسح من منبت الشعر الی طرف الانف بيان لحد الممسوح لاحد المسح انه يتبدأ من مسح الاعلی الی الاسفل.

[السؤال: ... الجواب:] اولا: توجد اطلاقات: امسح علی جبهتك و كفيك. توجد اطلاقات. لولا الاحتياط اللزومي لنتمسك بهذه الاطلاقات في كفاية النكس ايضا. و ثانيا: حتی لو لم‌توجد هذه الاطلاقات وصلت النوبة الی مقتضی الاصل العملي و هو علی مبنی مثل السيد الخوئي اصل البراءة عن التقيد الزائد.

الشرط السادس: عدم المانع بين الماسح و الممسوح

الشرط السادس: عدم المانع بين الماسح و الممسوح.

واضح. البعض يقول انا البس الكفوف امسح و اضرب بيدي انا محتاط الايام من الكرونا فما اقدر انزع الكفوف من ايدي، البس الكفوف و اضرب علی الارض، شنو فرق؟‌ الله ما يرضي بهذا التيمم؟ يقال لايرضي. فامسحوا بوجوهكم و ايديكم منه، هذا يعني عدم الحائل علی الممسوح يعني فامسحوا بوجوهكم لا بالشيء اللاصق علی وجوهكم.

و اما عدم الحائل في الماسح فلاجل الروايات. قال يمسح بظاهر كفيه باطن كفه الاخری يمسح بكفيه لا بالكفوف الذي لبسه،‌ لا، يمسح بكفيه وجهه.

[السؤال: ... الجواب:] مسح بكفيه؟ امسح كفك الیمنی‌ علی كفك الیسری هو يلبس كفوف أو يلبس قماش و يمسح علی ظاهر كفه الیسری، العرف يقبله؟ ... حتی لو كان قليل، سنتكم عنه. العرف يمنع من الصدق العرفي، عند التدقيق لم‌تمسح تمام كفك، بقي جزء منه لم‌تمسحه.

الشرط السابع: طهارة الماسح و الممسوح

الشرط السابع: المشهور قالوا بطهارة الماسح و الممسوح حال الاختيار.

هذا فراق بيننا و بين المشهور. ما الدليل علی لزوم طهارة الیدين ظاهرهما و باطنهما و طهارة الجبهة؟ ما دل علیه الدليل لزوم طهارة الصعيد الذي يتيمم به، فان كان الوجه نجسا بحيث تسري نجاسته الی ذاك الصعيد مثلا، أو الیدين نجستان بحيث تسري نجاستهما الی الصعيد حيث ضرب الیدين علی الصعيد؟ نعم،‌ لايجوز ذلك لانه تيمم لصعيد صار نجسا حين التيمم. و اما اذا لا،‌ ليس هناك نجاسة مسرية و لاتوجد عين النجاسة في الماسح أو الممسوح بحيث يدخلوا في الاخلال بالشرط السابق و عدم وجود الحائل فلادليل علی اعتبار طهارة الماسح و لا الممسوح.

هذا تمام الكلام في شرائط التيمم. بقيت هناك عدة مسائل نتكلم عنها في الليلة‌ القادمة انشاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo