< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

43/04/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: ما یصح التیمم به/ احکام التیمم/

 

المسألة السادسة

المسألة السادسة المحبوس في مكان مغصوب يجوز ان يتيمم فيه علي اشكال لان هذا المقدار لايعد تصرفا زائدا.

هذه المسألة قد يحتمل ان يراد منها التيمم في الفضاء المغصوب بالتراب المغصوب بان يكون التراب الذي يتيمم به من نفس المكان المغصوب و قد يكون مراده منها كون التراب الذي يتيمم به مباحا لكن يضعه في المكان المغصوب و يضرب يديه علي ذلك التراب المباح و هذا يعد تصرفا في الفضاء و في الارض كما ان السجود في المكان المغصوب تصرف في المكان المغصوب و ان كان هو اشتری بساطة و يصلي عليها و يسجد علي تربة مباحة‌ و لكن الارض مغصوبة فهذا يعد تصرفا في هذا المكان المغصوب.

قد يفهم من المقابلة بين هذه المسألة و التي يلحقها من انه لو توضأ بالماء الذي في المكان المغصوب و كان مما لاقيمة له فيمكن ان يقال بجوازه، فيفهم منه ان الماء كان ملك الغير،‌ فبقرينة المقابلة يفهم ان التراب ايضا ملك الغير. يتيمم في هذا المكان المغصوب يعني بالتراب الموجود فيه التابع لذلك المكان المغصوب. ان اريد هذا المعني فهذا ينافي ما ذكره سابقا من شرطية اباحة ما يتيمم به. مضافا الی ان المحبوس في مكان مغصوب ليس مضطرا الی ان يضرب يديه علي التراب الموجود في هذا المكان المغصوب. و لكن مع ذلك قد يتوهم جواز ذلك.

س: الكلام في انه ليس مضطرا. يصير فاقد الطهورين فلايصلي. هو مضطر تكوينا الی ان يبقي في هذا المكان المغصوب، سجنوه في هذا المكان اما ليس هو مضطرا الی ان يتيمم بهذا التراب المغصوب. فيصير فاقد الطهورين و يترك الصلاة.

و لكن مع ذلك ينبغي ان نتكلم علي كلي الاحتمالين. اما الاحتمال الاول و هو كون التراب الذي يتيمم به من ذلك المكان المغصوب فقد يقال بان المحبوس في هذا المكان مضطر الی جامع التصرف في هذا المكان إما ان يقوم فيه أو ينام فيه أو يجلس فيه، و ما يفعله مصداق للتصرف المضطر اليه،‌ فان ضرب بيديه علي الارض هذا ليس تصرفا زائدا كما لو وضع يده علي الجدار أو وضع يده علي شبكة الحديد الموضوعة علي طرفي السلم مثلا، علي طرفي الدرج، قد يقال بان هذا ليس تصرفا زائدا.

و لاجل ذلك السيد السيستاني قال: الاشكال ضعيف في ما اذا لم يضرب بيديه علي التراب، وضع يده علي التراب. الضرب هو الوضع بقوة، هذا قد يعد تصرفا زائدا. و لكن اذا وضع يده علي التراب لانه اذا لم يتمكن من الضرب علي التراب يكفيه ان يضع يده علي التراب، هذا وضع يده علي التراب، خب اذا نام هو وضع جسده علي هذا التراب، نومه في هذا المكان حرام؟‌ لا.

[سؤال: ... الجواب:] افرض ليس مضطرا الی النوم. ينام اكثر من المقدار اللازم لكن لافرق في تصرفه في هذا المكان المغصوب المضطر اليه بين ان يبقی قائما او يجلس او يضطجع او يستلقي او يمشي او يكون واقفا. كل هذا مصداق واحد للغصب لايزيد الغصب في بعض دون بعض. ... اذا يقوم يأخذ من الفضاء المغصوب بمقدار ما ينام.

فاذا قد يقال بانه في هذا الفرض اذا لم يكن مضطرا الی البقاء في المكان المغصوب كان هناك تراب مغصوب لايجوز ان يتيمم به و اما اذا كان مضطرا الی البقاء في المكان المغصوب لابسوء اختياره، حتي لو كان يتيمم بالتراب الموجود علي هذا المكان، غايته انه لايضرب بيديه علي الارض، يضع يديه علي الارض فلايبعد جواز ذلك.

و اشكال السيد الحكيم فيه غير واضح حيث يقول هذا تصرف زائد. بل هو استشكل حتي في النوم، يقول اذا لم يكن مضطرا الی ان ينام، يكفيه ان ينام ساعة، ليش ان ينام اكثر من ساعة؟ ينام يعني يأخذ ساحة من الارض المغصوبة، ينام عليها، هذا ليس مضطرا الی ذلك، ينام ساعة يكفيه.

لا،‌ هذا ليس عرفيا. العرف يقول هذا مضطر الی التصرف في هذا المكان و التصرف لافرق فيه بين ان يكون هو قائما او يكون نائما او جالسا، واقفا او ماشيا.

و ان شئت قلت: الدليل علي حرمة التصرف في مال الغير معتبرة ابي‌جعفر الاسدي (معتبرة الاسدي) لايحل لاحد ان يتصرف في مال غيره بدون اذنه. السيد الخوئي ناقش في سند هذه الرواية فقال اربع روات رووها عن الاسدي لم يوثق واحد منهم. اقول: مي خالف، اربعة اشخاص كلهم ضعاف؟! هذا بعيد جدا. يروي الصدوق عن اربعة اشخاص عن الاسدي الذي هو كان من الاجلاء عن الامام عليه السلام في التوقيع. فالظاهر تمامية سند هذه الرواية.

و لكن التصرف الذي ليس مضطرا اليه ينصرف عرفا عن مثل وضع يديه علي الارض المغصوبة و التي يضطر المكلف الی البقاء فيها. امرار يديه في الفضاء او حين وضعهما علي الارض او حين رفعهما او حين امرارهما علي الجبهة و اليدين فهذا ليس تصراف زائدا. هذا نظير المشي في هذا المكان. اتقولون بانه يجب ان يكون واقفا في مكان واحد؟ هذا التصرف لايقل عن التصرف في حال المشي. يقف في مكان او يمشي؟ علي وزان واحد في التصرف في مال الغير.

[السؤال: ... الجواب:] وضع اليدين في مكان محبوس علي هذا المكان لايعد تصرفا عرفا، ينصرف عنه عنوان التصرف، التصرف هو كونه في هذا المكان و هو مضطر الی ذلك.

اما الثاني و هو ان يكون التراب مباحا، في جيبه دائما اك تراب يتيمم به، حبسوه في مكان مغصوب، حين الاذان يخليه ذلك التراب في هذا المكان المغصوب و يتيمم به. هذا اسهل امرا من الفرض السابق. هذا نظير السجود في المكان المحبوس المغصوب؛ ليس هذا تصرفا زائدا عرفا، و اصل التصرف مضطر اليه. اصل التصرف،‌ جامع التصرف حلال لانه مضطر اليه و هذا الفرد من التصرف لايزيد في الغصبية او في جهة التصرف عن بقية التصرفات.

و اما ما ذكره صاحب العروة‌ بعد ذلك من انه لو توضأ بالماء الذي في ذلك المكان المغصوب و كان مما لاقيمة‌ له يمكن ان يقال بجوازه و الاشكال فيه اشد.

الاشكال فيه مو اشد، بل قطعا لايجوز. لايحل لاحد ان يتصرف في مال غيره ليس بمعني ما له مالية و قيمة، لا. السيد الخميني قدس سره كان يذكر ذلك و انا رأيته في كلمات السيد الخوئي في المقام ايضا. المال بالنظر العرفي اعم من المال و الملك. هذا مال فلان و لكنه لاقيمة له، كلام صحيح عرفا. و لايعترض احد هذا شنو، مال فلان، يعني له مالية، بعد ذلك تقول لاقيمة له؟ لا، مال فلان يعني ملك فلان. لايحل مال امرء فلان يعني ملكه. مضافا الی ان عموم حرمة‌ الظلم يشمل التصرف في ملك الغير و لو لم يكن له مالية.

[السؤال: ... الجواب:] تكلمنا حوله في الليلة الماضية و قلنا بانه كيف صاحب العروة يحتاط في الوضوء بهذا المال، يستشكل فيه ثم يقول الاحوط الجمع بين هذا الوضوء و ذاك التيمم و الصلاة ثم قضاء الصلاة بعد الوقت. هذا الذي استشكلت في جوازه تكليفا تقول الاحوط الجمع بينه و بين التيمم بالتراب؟ نعم لو كان مقصودك الاحتياط الحيثي، الاحتياط من ناحية التكليف بالصلاة، لكان له وجه و لكن مع ذلك يرد عليه الاشكال. لان هذا التصرف حرام في الماء فاذا كان حراما بطل الوضوء. فكيف تقول حتي بلحاظ التكليف بالصلاة مقتضي الاحتياط الجمع بين هذا الوضوء و بين ذاك التيمم و ان كان مخالفا للاحتياط الوجوبي من حيث آخر. هذا يؤدي الی ان يكون هذا الوضوء باطلا. كيف يقتضي الاحتياط و لو من ناحية‌ التكليف بالصلاة ان نجمع بين الوضوء الباطل و التيمم.

المسألة السابعة

المسألة السابعة: اذا لم يكن عنده من التراب او غيره مما يتيمم به ما يكفيه لكفّيه معا يكرر الضرب حتي يتحقق الضرب بتمام الكفين عليه.

شخص يقول: انا ليس عندي من التراب الا بمقدار اضرب يدي الواحدة عليه،‌ ثم بعد ذلك يمكنني ان اضرب يدي الاخري عليه، هل هذا جائز؟ نقول: نعم جائز. و ان كان قد يقال بانه في حال الاختيار لايجوز ذلك. و ذلك لانه في الروايات البيانية لكيفية التيمم الامام عليه السلام ضرب بكفيه معا علي الارض و لكن لااطلاق لهذه الروايات لفرض الاضطرار في ما اذا عجز عن ضرب الكفين علي الارض معا. فنتمسك بالاطلاقات الدالة علي وجوب ضرب الكفين علي الارض بلاتقييد بان يكون ضربهما معا. و لاوجه لدعوي انصراف هذا التعبير خصوصا في فرض الاضطرار عن تعاقب الضرب، يضرب يده اليمني اولا علي الارض ثم يضرب يده اليسري علي الارض،‌ لانه لايقدر علي ضربهما معا. لاموجب لدعوي انصراف الاطلاقات الامر بضرب الكفين عن هذا الفرض، لااقل انه في فرض الاضطرار يشمل الاطلاق للضرب غير الدفعي،‌ يضرب يده اليمني علي الارض اولا ثم يضرب يده اليسري علي الارض ثانيا.

و هكذا لو كان التراب بمقدار لايمكنه ان يضرب بيده الواحدة بتمامها عليه. يكون يضرب اطراف اصابعه عليه ثم يضرب راحته عليه، مي خالف. فهنا يصير اربع ضربات، كل كف بضربتين، مي خالف، الاطلاق يشمله. تقول هذا خلاف المتعارف،‌ مي خالف،‌ خلاف المتعارف غايته انه في فرض الاختيار لايسعه ذلك اما في فرض الاضطرار لاموجب لدعوي الانصراف لتلك الروايات عن هذا الفرض.

و لايحتاج الی ما ذكره السيد الحكيم من التمسك بقاعدة الميسور. لا، نفس الاطلاقات تكفينا في المقام بلاحاجة الی التمسك بقاعدة لااساس لها تسمي بقاعدة الميسور.

نعم، اذا كان ضرب كل مثلا كف علي الارض يحتاج الی ضربات عديدة جدا، مثلا عشرين ضربة، قد ينصرف عنه الاطلاقات. التكرار الخارج عن المتعارف، كان التراب قليلا جدا بحيث يحتاج ضرب مجموع الكف علي الارض الی التعدد كثيرا، يقول السيد الخوئي كان التراب بمقدار فلس واحد، اطلاقات الضرب لاتشمله حينئذ.

المسألة الثامنة

المسألة‌ الثامنة، ها مسأله مهمة: يستحب ان يكون علي ما يتيمم به غبار يعلق باليد و يستحب ايضا نفضها بعد الضرب.

المشهور انه يستحب ان يكون علي ما يتيمم به غبار يعلق باليد و بعد ضرب اليدين علي الارض يستحب نفض ما علق علي اليد او فقل نفض اليدين، و هذا ليس بواجب.

السيد السيستاني قال: ان يكون علي ما يتيمم به غبار يعلق باليد هو الاحوط ان يكن اقوي. و هذا موافق لما اختار صاحب الحدائق و الشيخ البهائي و والده و جمع من الاعلام.

ما هو الدليل علي لزوم العلوق؟

استدل تارة‌ بالاصل و المراد من الاصل هو الاصل العملي.

و هذا مبني اولا علي عدم اطلاق في ادلة التيمم،‌ ينفي بهذا الاطلاق شرطية العلوق. و ثانيا: حتي لو لم يوجد اطلاق فبتني هذا الاصل علي كون الطهارة مسببة عن التيمم و يكون الشك في شرائط التيمم شكا في المحصل. فهذا الدليل الاول لايتم.

الدليل الثاني: ما يقال من انصراف اطلاقات التيمم الی فرض العلوق. لانه كان الغالب في ما يتيمم به ان يكون عليه غبار يعلق باليد. في التراب واضح، في الرمل واضح، حتي التيمم بالحجر، كان في ذلك الزمان يجتمع عليه الغبار.

و فيه: حتي لو فرض هذه الغلبة و لكن لاوجه لحمل الاطلاق علي الفرد الغالب. الفرد الغالب هو ان نغسل وجهنا باليد اليمني، هذا هو الغالب، لكن اك احد يفتي بلزوم ان يكون الغسل باليد اليمني؟ لا. فهذا الدليل ايضا غير تام.

الدليل الثالث: قوله تعالي فتيمموا صعيد طيبا فامسحوا بوجوهكم و ايديكم منه أي من ذلك الصعيد. و قد ادعي الزمخشري في الكتاب من انه لااشكال في ان من للتبعيض. فامسحوا بوجوهكم و ايديكم منه أي ببعض ذلك التراب.

السيد الخوئي قال: اك قرينة علي ان من هنا ليس للتبعيض. القرينة: ان ما يوجد في الكف من التراب ترابٌ، ليس بعض التراب، فلامعني لحمل من هنا علي معني التبعيض. فهذه الحرف هنا للابتداء او فقل "من" نشوية أي ابتدئوا بضرب اليدين علي الارض ثم انتهوا منه الی المسح بيديكم علي جبهتكم و ظاهر ايديكم.

الانصاف ان هذه الدعوي من السيد الخوئي غير تام. لانه لامنافاة‌ بين ان يستعمل "من" في مورد يصدق عليه انه بعض الشيء و الشيء. اخذت من الخشب فسجدت عليه. خب اخذ من الخشب و ما اخذه خشب. علي اي حال هذا التراب الموجود في الارض تراب كثير لايبقی تمامه في الكف، يبقی جزء منه، لايأبی العرف عن التعبير بانه امسحوا بوجوهكم من ذلك الصعيد.

نعم، قد يقال بانه قد ورد في الروايات نفض اليدين قبل المسح بهما علي الجبهة. في الرواية المعتبرة: ينفضهما يعني ضرب بيديه علي الارض ثم نفضهما، يعني ازال عنهما التراب، فحينما يمسح بيديه علي جبهته لايبقی ذلك التراب في كفيه لانه نفض يديه. فاذا هذه الآية ظاهرها انه يجب ان يكون مسح الجبهة بجزء من ذلك التراب الموجود في الكف و لكن الرواية المعتبرة تقول قبل المسح ينفض يديه أي يزيل ما عليهما من التراب و لايقی الا الغبار و الغبار ليس جزءا من التراب عرفا.

[السؤال: ... الجواب:] الاستدلال بالآية غير متجه لاجل انه بعد ما ورد في الروايات انه ينفض يديه قبل ان يمسح بهما علي جبهته فاذا لايمسح جبهته ببعض التراب الموجود في كفيه حين المسح لانه نفض يديه و ازيل عنهما التراب نهائيا. فهذا قد يكون قرينة علي "من" ليس للتبعيض و انما هو للنشوية و البيانية لاجل هذه القرينة.

الدليل الرابع: ما قد يقال من انه ورد في الروايات ان التراب طهور كما ان الماء طهور،‌ جعل الله التراب طهورا كما جعل الماء‌ طهورا. مقتضي المشابهة انه كما ان الماء يعلق حينما تغسل وجهك يعلق علي وجهك اجزاء الماء فلابد ان يكون التراب كذلك.

الجواب: الماء يبقی تكوينا لا انه يجب ان ييقی شرعا. فالتشابة بلحاظ الطهورية لابلحاظ جميع الخصوصيات الموجودة في الماء. نعم، المسح في الوضوء لابد ان يكون بالماء، لابد ان يبقی في كفه اليمني مقدار من الماء حتي يمسح به رأسه و رجليه و لكن هذا لايقتضي ان يكون الامر في التيمم كذلك.

و انشاءالله في الليلة القادمة نكمل هذا البحث و نذكر تفصيل الجواب عن هذا الدليل الرابع و نذكر بقية الادلة انشاءالله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo