< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

43/03/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسوغات التیمم/احکام التیمم/

 

مسألة35: لا يجوز التيمم مع التمكن من استعمال الماء‌إلا في موضعين أحدهما لصلاة الجنازة فيجوز مع التمكن من الوضوء أو الغسل على المشهور مطلقا لكن القدر المتيقن صورة خوف فوت الصلاة منه لو أراد أن يتوضأ أو يغتسل نعم لما كان الحكم استحبابيا يجوز أن يتيمم مع عدم خوف الفوت أيضا لكن برجاء المطلوبية لا بقصد الورود و المشروعية.

ما هو مستند المشهور في انه يمكن لغير المتطهر ان يتيمم لاجل صلاة الميت، وان كان متمكنا من الوضوء او الغسل من دون ان يخاف فوت الصلاة على الميت، لعل مستندهم مرسلة حريز عمن اخبره عن ابي عبدالله عليه السلام قال الطامث تصلي على الجنازة لانه ليس فيها ركوع وسجود والجنب يتيمم ويصلي على الجنازة، فيقال بان هذه المرسلة تدل على ان الجنب يمكن ان يتيمم ويصلي على الجنازة، سواء خاف انه اذا ذهب واغتسل تفوت منه صلاة الميت او لم يخف من ذلك، الرواية مطلقة.

لكن الاشكال في سند هذه الرواية، حريز عمن اخبره، فيمكن لمن يعتمد على حساب الاحتمالات ان يقول نحن تفحصنا في مشايخ حريز فوجدنا ان الاغلبية القريبة من الكلّ وثاقة مشايخ حريز، فاحتمال ان يكون هذا الذي اخبره ضعيفا احتمال موهوم، ولايعتنى به، وهذا ما قد يظهر من كتاب القبسات في علم الرجال.

لكن نحن اشكلنا على الاعتماد على حساب الاحتمالات ما لم يفد العلم العرفي، فما دمنا احتملنا ان هذا الذي حريزا لم يكن من الثقات فيشكل الاعتماد على هذه الرواية.

فاذن تبقى صحيحة الحلبي او على تعبير السيد الخوئي مصححة الحلبي، لعل في سندها حماد بن عثمان وقد قيل انه كان من الناووسية، ولكن السيد الخوئي اشكل على ذلك وقال لا، وكان ناووسيا اي من عشيرة الناووسية، او انه ورد في بعض التعابير وكان من القادسية، على اي حال اختار ان حماد بن عثمان امامي عدل، ولاجل ذلك يقول مصححة حلبي، يعني حاولنا فصححنا هذا السند، ولولا هذه المحاولة كان السند معتبرا، لان حماد بن عثمان من اصحاب اجماع، لااشكال في وثاقته.

سأل اباعبدالله عليه السلام عن الرجل تدركه الجنازة او على غير وضوء فان ذهب يتوضأ فاتته الصلاة قال عليه السلام يتيمم ويصلي، خب مورد هذه الصحيحة صورة خوف فوت صلاة الميت، فان ذهب يتيمم فاتته الصلاة، كما ان موردها غير المتوضئ لا الجنب، فالتعدي من موردها وهو من لم يكن متوضئا ويخاف اذا ذهب يتوضا ان تفوته صلاةالميت، التعدي من موردها الى مطلق المحدث كالجنب والى من لايخاف اذا ذهب الى التطهير بالماء ان تفوته صلاة الميت لاوجه، هذا الالغاء للخصوصية ليس له وجه، نعم كما ذكره صاحب العروة صلاة الميت صحيحة ولو في حالة الجنابة او في حالة الحيض كما ورد في الروايات، فيمكن ان يتيمم هذا الشخص رجاءا، يقول لعل هذا التيمم يفيدني، لاجل العمل بالاستحباب، والا فصلاته صحيحة بلااشكال.

بقيت موثقة سماعة عن رجل مرت به جنازة وهو على غير وضوء كيف يصنع، قال يضرب به حائط اللبن ( يعني الجدار الممتلئ من التراب) فليتيمم

فقد يقال ان هذه الرواية مطلقة، ولكن كما ذكر الاعلام منهم السيد الخوئي الظاهر من قوله كيف يصنع انه متحير، يخاف اذا ذهب يتوضأ تفوته صلاة الميت كيف يصنع، فينصرف عما لو لم يكن متحيرا والوقت باق ومتسع ويمكنه ان يتوضا في مكان قريب ويدرك صلاة الميت، ينصرف عن هذه الصورة، قوله "كيف يصنع" ظاهر في انه متحير ماذا يصنع، كأنه لايثق بان اذا ذهب يتوضأ يدرك صلاة الميت، مضافا الى ان مورد هذه الموثقة خصوص من لم يكن متوضئا فلايشمل الجنب.

الثاني للنوم فإنه يجوز أن يتيمم مع إمكان الوضوء أو الغسل على المشهور أيضا مطلقا و خص بعضهم بخصوص الوضوء و لكن القدر المتيقن من هذا أيضا صورة خاصة و هي ما إذا آوى إلى فراشه فتذكر أنه ليس على وضوء فيتيمم من دثاره لا أن يتيمم قبل دخوله في فراشه متعمدا مع إمكان الوضوء نعم هنا أيضا لا بأس به لا بعنوان الورود بل برجاء المطلوبية

المستند في ذلك مرسلة رواها الصدوق في الفقية وهذه مرسلة جزمية، يعني قال الصدوق في الفقيه قال الصادق عليه السلام، وهناك رأي في حجية المراسيل الجزمية للصدوق كما كان للسيد الخوئي في الدورة الاصولية التي قررها المرحوم السيد علي الشاهرودي في كتاب الدراسات في بحث لاضرر كان يرى حجية المراسيل الجزمية للصدوق وكان السيد الخميني يؤكد على ذلك، ولكن نحن اشكلنا على هذا المبنى، قال الصادق عليه السلام من تطهر ثم آوى الى فراشه بات وفراشه كمسجده، فان ذكر (يعني فيستحب الوضوء للنوم، ثم تذكر هذه الرواية فرضا آخر) انه ليس على وضوءه فتيمم من دثاره (اي من فراشه الذي فيه غبار وتراب[1] ) كائنا ما كان لم يزل في صلاة ما ذكر الله.

هذا يدل على استحباب التيمم لكن الرواية واردة في من كان ناسيا لاانه متذكر لايريد ان يتوضأ يثقل عليه الوضوء، تذكر وهو على فراشه انه ليس على وضوء، جماعة قالوا لايمكن الغاء الخصوصية من موردها وهو من ليس على الوضوء والتعدي منه الى الجنب، فان كانت الرواية معتبرة لامكن الفتوى بموردها وهو مشروعية التيمم فيمن تذكر وهو على فراشه انه ليس بمتوضأ فهنا يستحب ان يتيمم، إما من دثاره او من التراب الذي في جنبه، وهو مشروع، لكن الاشكال في سند هذه الرواية وهي مرسلة.

نعم روى في محاسن البرقي: عنه اي عن البرقي عن محمد بن علي عن علي بن الحكم بن مسكين عن محمد بن كردوس عن ابي عبدالله عليه السلام قال من باب على وضوء بات وفراشه مسجده، وفي رواية حفص بن غيات عن ابي عبدالله عليه السلام من آوى الى فراشه فذكر انه على غير طهر وتيمم من دثار ثيابه كان في الصلاة ما ذكره.

قد يقال بان هذه الرواية ليست مرسلة، لان البرقي ينقل عن حفص بن غياث، لكن المشكل ان طبقة البرقي لاتتلائم ان يروي بلاوسطة عن حفص بن غياث الذي هو من اصحاب الصادق عليه السلام، فالرواية هذه مرسلة.

و ذكر بعضهم موضعا ثالثا و هو ما لو احتلم في أحد المسجدين فإنه يجب أن يتيمم للخروج و إن أمكنه الغسل لكنه مشكل بل المدار على أقلية زمان التيمم أو زمان الغسل أو زمان الخروج حيث إن الكون في المسجدين جنبا حرام فلا بد من اختيار ما هو أقل زمانا من الأمور الثلاثة فإذا كان زمان التيمم أقل من زمان الغسل يدخل تحت ما ذكرنا من مسوغات التيمم من أن من موارده ما إذا كان هناك مانع شرعي من استعمال الماء فإن زيادة الكون في المسجدين جنبا مانع شرعي من استعمال الماء

لو احتلم الرجل في مسجد الحرام او مسجد النبي صلى الله عليه وآله، طبعا كما ذكر السيد الخوئي تلغى الخصوصية من الاحتلام الى ما لو نسي جنابته وتذكر هناك انه كان جنبا، فيقال بانه يجب ان يتيمم اذا امكنه التيمم قبل ان يخرج من المسجد، والمستند في ذلك صحيحة ابي حمزة الثمالي قال قال ابوجعفر عليه السلام اذا كان الرجل نائما في مسجد الحرام او مسجد الرسول صلى الله عليه وآله فاحتلم فاصابته جنابة، (فيعني ان الاحتلام لايلازم الجنابة، فشاب ضعيف شاهد انه ارتكب ما يوجب الجنابة فلما قام من النوم رأى انه جنب) فليتيمم ولايمرّ في المسجد الا متيمما.

هكذا وردت الرواية، لاجل ذلك قال بعضهم ما لو احتلم في احد المسجدين فانه يتيمم للخروج، وان امكنه الغسل، لكن الانصاف كما ذكره صاحب العروة ان هذه الصحيحة منصرفة عن فرض ما لو امكنه الغسل بلاتنجيس المسجد، في ذلك الزمان لايتيسر ذلك ان يغتسل الجنب وجسده نجس، ولاينجّس المسجد، فالرواية منصرفة عما لو تمكن من الغسل من دون ان ينجّس المسجد، بحيث لايكون زمان غسله اطول من زمان تيممه او زمان خروجه من المسجد، فلو تمكن من الغسل، عادة الغسل اطول، فاذا فرض ان تهيئته لمقدمات التيمم توجب تاخذ منه وقتا اكثر من زمان الغسل، لو فرض هكذا فيغتسل او فرض انه قريب من باب المسجد بحيث لو خرج لايكون في حالة المسجد الا دقيقة واحدة ولكنه لو تيمم يصير دقيقتين او دقائق، فهو يطلع من السجد بلاتيمم، الرواية منصرفة عن هذا الفرض.

"فليتيمم ولايمرّ بالمسجد الا متيمما" ينصرف هذه الرواية عن فرض ما لو اراد ان يتيمم يصير دقيقيتن الى ان يفرغ من تيممه فيبقى في المسجد دقيقيتن بلاطهارة لانه ما لم ينته من التيمم فهو جنب، فبعد دقيقتين يصير متطهرا بالتيمم لكنه اذا اراد ان يخرج بلاتيمم لاياخذ الا دقيقة واحدة، اصلا فلادليل على مشروعية التيمم في حق هذا الشخص، لانه دقيقة مضطر الى كونه جنبا في المسجد، سواء اراد ان يتيمم او اراد ان يخرج، وفي الدقيقة الثانية خب ليس مضطرا الى البقاء في المسجد لانه اذا خرج من المسجد بلاتيمم بعد دقيقة يكون خارج المسجد، فأصلا كما يقول السيد الخوئي وهو ظاهر من عبارة السيد صاحب العروة لايشرع التيمم في حق هذا الشخص.

كما لو كانت فترة غسله في داخل المسجد اقل او مساويا لزمان تيممه وزمان خروجه فلادليل على مشروعية التيمم في حقه، فيكون مخيرا بين ان يغتسل لانه لايوجب تنجس المسجد او يخرج بلاتيمم واغتسال اذا كان زمان غسله مساويا لزمان تيممه وزمان خروجه، واذا كان زمان غسله اقل من زمان خروجه ومساويا لزمان تيممه وجب عليه الغسل، مثلا زمان غسله يكون دقيقتين وزمان تيممه دقيقتين وزمان خروجه ثلاث دقائق، فالدقيقة الثالثة يمكنه ان يكون في المسجد مع الطهارة المائية، فليس مضطرا الى بقاءه في المسجد في الدقيقة الثالثة مع حالة الجنابة كما لايشرع في حقه التيمم لان التيمم طهور في حق من لايقدر على الطهور المائي.

ولاجل ذلك يقول صاحب العروة المدار على اقلية زمان التيمم او زمان الغسل او زمان الخروج فلابد من اختيار ما هو اقل زمانا من الامور الثلاثة، فاذا كان زمان التيمم اقل من زمان الغسل ومن زمان الخروج، هنا يجب التيمم، واما اذا كان الغسل اقل من زمان التيمم وزمان الخروج وجب الغسل، واذا كان زمان الخروج اقل من زمان التيمم ومن زمان الغسل وجب الخروج بلاتيمم ولااغتسال، كما ظهر حكم مساوات زمان الثلاثة، فانه لايشرع في حقه التيمم ويكون مخيرا بين ان يغتسل او يخرج لان زمان الاغتسال مساو لزمان الخروج، لو اغتسل يستغرق دقيقتين ولو خرج يستغرق دقيقتين، خب مخير بين ان يغتسل وبين ان يخرج بلاغسل.

وقد يقال حينئذ يجب عليه الخروج ولايجوز له الاغتسال، لان اغتساله يتوقف على مكثه في المسجد والمكث في المسجد اشد حرمة من الاجتياز، لان الاجتياز من سائر المساجد جائز وان كان في المسجدين الشريفين حرام، لكن المكث حرام في جميع المساجد، فهذا يكشف عن شدة حرمة المكث في المسجدين فيقال بانه لو اغتسل يصير بعد دقيقتين متطهرا ففي هاتين الدقيقتين مكث في مسجد الحرام بلاطهارة، لكنه لو خرج فخروجه ياخذ مقدار دقيقتين من الوقت ولكنه اجتياز وخروج وهو اقل حرمة.

لكن هذا ليس له شاهد، هو مضطر الى الحرام وهو كونه في المسجدين في حال الجنابة خلال دقيقتين، هذا حرام، ومخير بين ان يغتسل وبعد دقيقتين يصير متطهرا ويبقى في المسجد الى اي وقت يريد، او يخرج من دون اغتسال لانه ايضا ياخذ دقيقتين، فيكون مخيرا بينهما.

جواب سوال: لايبعد انصراف الرواية عن فرض مساوات زمان التيمم مع زمان الخروج، لانه خلال دقيقتين يبقى جنبا سواء تيمم لانه لايفرغ من التيمم الا بعد دقيقتين او خرج، بعد دقيقتين يخرج من المسجد، هنا ايضا يقول يجب عليه التيمم، لماذا يجب عليه التيمم؟ خلال دقيقيتن يبقى في المسجد جنبا، هذا يتعين عليه؟ ولايجوز له ان يمشي الى باب المسجد خلال هاتين الدقيقتين، هذا مستبعد عرفا، ولاجل تنصرف الرواية عن افادة وجوب التيمم في هذا الفرض، بل لايشرع التيمم في حقه، لانه ليس مضطرا الى التيمم، بل يجب عليه ان يخرج بلاتيمم، سواء كانت فترة الخروج مساوية لزمان التيمم او كانت فترة الخروج اقل من زمان التيمم، بخلاف ما لو كان فترة الخروج اي الفترة التي يحتاج اليها في الخروج من المسجد، اكثر من فترة التيمم، هنا لا، يجب ان يتيمم، لانه لو اراد ان يخرج من مسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله يحتاج مثلا الى خمس دقائق، مع انه لو اراد ان يتيمم لاياخذ الا دقيقة او دقيقتين، خب لااشكال في وجوب التيمم عليه، وهذا هو القدر المتيقن من صحيحة الحلبي.

جواب سؤال: المحقق النائيني حينما قال صاحب العروة: المدار على أقلية زمان التيمم أو زمان الغسل أو زمان الخروج، قال: فيه اشكال، والظاهر انه لو كان واجدا لما يتيمم به بلاتاخير وجب ذلك، (لعله اخذ باطلاق هذه الصحيحة) والا خرج مسرعا على الاقوى

نقول لا، اذا كان زمان التيمم مساويا من زمان الخروج او اكثر من زمان الخروج وجب عليه الخروج بلاتيمم والتيمم لايشرع في حقه، والرواية منصرفة عن هذا الفرض.

مسألة37: إذا كان عنده مقدار من الماء لا يكفيه لوضوئه أو غسله‌و أمكن تيممه بخلط شي‌ء من الماء المضاف الذي لا يخرجه عن الإطلاق لا يبعد وجوبه و بعد الخلط يجب الوضوء أو الغسل و إن قلنا بعدم وجوب الخلط لصدق وجدان الماء حينئذ‌.

ماء لايكفي للوضوء الا ان يصبّ فيه ماء مضاف ويمتزج مع ذلك الماء المطلق، فيصير بمقدار يمكن الوضوء به، اذا فعل ذلك فجاء بماء التفاح ماء الرمان واللبن او حليب فالقاه في هذا الماء المطلق الذي لايكفيه لوضوءه او غسله، فصار يكفيه للوضوء والغسل بعد المزج والخلط فلااشكال في انه يصدق عليه انه واجد الماء، الكلام في انه هل يجب عليه ذلك اذا امكنه ذلك بلاحرج؟ هذا يتبع ان نستظهر من قوله لم تجدوا ماءا، ان المدار على عدم وجدان الماء خارجا او كناية عن عدم التمكن من الوضوء او الغسل، لاينبغي الاشكال في ان قوله فلم تجدوا ماءا، ظاهر في عدم التمكن من تحصيل الماء او ايجاد الماء، فلو امكنه ازالة الثلج لايقال هو لايجد الماء، ولكنه يمكنه خلق الماء، ظاهر لايجد الماء انه لايتمكن من الوضوء، وهذا متمكن من الوضوء ولو بخلق الماء، او في المقام يتمكن من ايجاد الماء المطلق بمقدار يكفيه لوضوءه او غسله، بالقاء ماء مضاف عليه ومزجه به.

ان قلت لماذا لايقال بمثله في وجوب الحج لمن كان يجد ما يحج به، هناك تقولون بان من يتمكن من تحصيل مال الاستطاعة لا يجب ذلك، تحصيل الاستطاعة غير واجب، فما هو الفرق بين المقام وبين مسالة الاستطاعة في الحج، هنا قال في الآية الكريمة فلم تجدوا ماءا فتيمموا، اي اذا وجدتم ماءا فتوضؤوا، وهنا يقال يجب الحج لمن يجد ما يحجّ به.

الظاهر ان الفارق هو انه في الحج ظاهر التعليق على وجدان المال الوجدان الفعلي للمال، لا التمكن الفعلي للمال، والا لكان مناسبا ان يقول من يتمكن من تحصيل ماء يحج به، لا ان يقول اذا كان يجد ما يحج به، اذا كان عنده ما يحج به، من كان له زاد وراحلة، من كان موسرا، هذه التعابير يناسب الوجدان الفعلي لمال يحج به، بخلاف المقام، لانه في المقام قال اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم وان كنتم جنبا فاطهروا وان كنتم على سفر او جاء احدكم من الغائط او لامستم النساء فلم تجدوا ماءا فتيمموا، يناسب هذا التعبير مع من لايتمكن من الوضوء لغسله او تيممه، وقد يقال ان هذا بقرينة قوله المرضى، فان المرضى عادة يجد الماء ولكن لايتمكن من استعمال الماء، فيقال بان كلمة "مرضى" في الآية تكون قرينة على ان المراد من عدم الوجدان ليس هو عدم الوجدان خارجا وانما هو عدم القدرة على الوضوء او الغسل، هذه الكلمة ذكرها السيد الخوئي وغيره من الاعلام في مجالات مختلفة.

سوال جواب: قلنا بان المتفاهم العرفي من قوله فلم تجدوا ماءا انه بدل اضطراري والواجب الاختياري هو الوضوء، فينصرف الواجب الاضطراري الى من لايتمكن من الواجب الاختياري، وهذا بخلاف الحج، فانه لم يذكر كبدل اضطراري عن واجب اختياري، في الآية الكريمة ذكر التيمم لمن لايجد الماء كبدل اضطراري لواجب اختياري وهو الوضوء او الغسل، والمنصرف للبدل الاضطراري الذي هو مذكور كبديل عن الواجب الاختياري انه لمن لايتمكن من الواجب الاختياري، هذا هو المهم الموجب لانصراف قوله لم تجدوا ماءا الى من لايتمكن عن تحصيل الماء، لا من يتمكن من تحصيل الماء بان يذيب الثلج او يلقي ماءا مضافا في الماء المطلق، حتى لو كان ذلك الماء المضاف قد يكون ماءا قليلا معتصما، ماء العين معتصم فلايملك الا مقدارا من ماء نجس، قطرة الدم او قطرة غير الدم فيلقيه في ماء العين الذي هو متصل بالمادة لكنه لايسع الوقت ان يصبر حتى يطلع الماء بمقدار غسله او وضوءه، فانجبر ان يلقي فيه ماءا مضافا نجسا او مائعا نجسا بمقدار يستهلك فيه ويبقى طاهرا وكثر الماء المطلق بمقدار كفاه لغسله او وضوءه.

فصل فيما يتيمم به

يقع الكلام في انه هل يجب التيمم من تراب الارض او يجوز التيمم من مطلق وجه الارض ولو كان رملا او حجرا او غير ذلك، هذا بحث مهم نتكلم في الليلة القادمة ان شاء الله تعالى.


[1] - الوارد في الرواية "دثاره كائنا ما كان" فلعله اشارة الى عدم لزوم وجود الغبار على الدثار، وعلى اي حال لم يوجد قرينة على ما ذكره الاستاذ.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo