< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

43/03/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: مسوغات التیمم/احکام التیمم/

 

قبل ان اتكلم عن مسألة الجنب الذي لايجد الماء الا اذا دخل المسجد أنبّه على مطلب في مسألة استعمال آنية الذهب و الفضة فقلنا بان استعمال آنية الذهب و الفضة انما يحرم اذا كان استعمالا مناسبا لها، فأخذ الماء من فوق السماور ليس استعمالا له عرفا، بل قد يظهر من عبارة السيد السيستاني في بحث الاواني ان الوضوء من السماور ومن دلوة قهوة لايعد استعمالا لهما بان يفتح حنفية السماور وينصب الماء منها على يده لا على الفنجان او القوري، كما ان الامر في دلوة قهوة كذلك لايمكن ادخال اليد فيها الا اذا كانت كبيرة، ولكن لايبعد ان يكون مقصود السيد السيستاني ان مطلق الوضوء المباشر من السماور ولو بان ينصب الماء من حنفية السماور على يده لايعد استعمالا مناسبا لها، ولكن نحن اكتفينا على مثال اوضح منه وهو ان يغترف من فوق السماور هذا لايعد استعمالا للسماور فان كان السماور من ذهب وامكنه الاغتراف من فوق السماور فلادليل على حرمته.

كان الكلام في المسألة الخامسة والثلاثين حيث ذكر صاحب العروة:

مسألة35: إذا كان جنبا و لم يكن عنده ماء‌و كان موجودا في المسجد فإن أمكنه أخذ الماء بالمرور وجب و لم ينتقل إلى التيمم

تارة يمكن ان يمرّ هذا المكلف من المسجد بان كان له بابان فدخل من باب وخرج من باب آخر بحيث يصدق عليه انه اجتاز من المسجد وجعله ممرا لطريقه الى مكان، صاحب العروة يقول حيث ان رأيي عدم حرمة اخذ الجنب شيئا من المسجد ولاجل ذلك اذا امكن اخذ الماء في المرور من المسجد والاغتسال خارج المسجد وجب ذلك ولم ينتقل الى التيمم لانه مروره من المسجد جائز وان كان جنبا واخذه الماء من المسجد جائز وان كان جنبا، ولكن مر سابقا ان المستفاد من الروايات حرمة اخذ الجنب شيئا من المسجد وان لم يدخل فيه، ولااقل من حرمة اخذ الجنب شيئا من المسجد ولو حين مروره من المسجد، وعلى اي حال:

و إن لم يكن له آنية لأخذ الماء أو كان عنده و لم يمكن أخذ الماء إلا بالمكث فإن أمكنه الاغتسال فيه بالمرور وجب ذلك

بان يدخل الحوض من جانب ويخرج من جانب آخر حين مروره، يجب عليه ذلك اذا لم يكن في ذلك حرج او خوف مرض

و إن لم يمكن ذلك أيضا أو كان الماء في أحد المسجدين أي المسجد الحرام أو مسجد النبي صلى الله عليه وآله

حيث لايجوز مرور الجنب من المسجدين، فماذا يصنع، افرض مسجدا له باب واحد لايمكن له الدخول فيه والخروج منه بعنوان الاجتياز من المسجد، ولاجنبا الاعابري سبيل، اي جعله سبيلا يدخل من باب ويخرج من باب آخر، لا انه مسجد له باب واحد يدخل منه ويخرج من نفس الباب، هذا لايصدق الاجتياز

فالظاهر وجوب التيمم لأجل الدخول في المسجد و أخذ الماء أو الاغتسال فيه و هذا التيمم إنما يبيح خصوص هذا الفعل أي الدخول و الأخذ أو الدخول و الاغتسال و لا يرد الإشكال بأنه يلزم من صحته بطلانه حيث إنه يلزم منه كونه واجدا للماء فيبطل كما لا يخفى

يشير صاحب العروة الى اشكال يرد عليه وهو انه قد يقال اذا تيمم لاجل دخوله في المسجد واغتساله من المسجد فبذلك يصير واجدا للماء، لانه يجوز له الدخول في المسجد فاذا جاز له الدخول في المسجد فهذا يعني انه واجد للماء، فبمجرد ان يتيمم يصير متمكنا من الاغتسال ومن تمكن من الاغتسال يبطل تيممه، فيلزم من صحة تيممه بطلان تيممه، وهذا محال.

صاحب العروة يقول هذا التيمم انما أبيح به مجرد الدخول والاغتسال لا سائر الغايات، هذا التيمم ليس مبيحا للصلاة، وانما يستباح به الدخول في المسجد والاغتسال، فاذا جاز تيممه لاجل الدخول فهذا يعني انه فاقد للماء بالنسبة الى الدخول، ولايزال فاقدا للماء بالنسبة الى الدخول وان صار بذلك واجدا للماء بالنسبة الى الصلاة، نعم لايصح ان يصلي بهذا التيمم يدخل المسجد بهذا التيمم ويغتسل ثم يصلي، أما بالنسبة الى الاغتسال، هذا التيمم جعله متمكنا من الاغتسال فنقول خب بالنسبة الى الدخول اتضح الامر، التيمم لاجل جواز الدخول لايجعله واجدا للماء بالنسبة الى الدخول بل هو لايزال فاقدا للماء بالنسبة الى الدخول، وهذا التيمم لايزال صحيحا بالنسبة الى دخوله في المسجد، وأما بالنسبة الى اغتساله، ان هذا التيمم مبيح لاغتساله في المسجد.

فلايقال انه بعد هذا التيمم تمكن من الاغتسال فبطل تيممه بالنسبة الى هذا الاغتسال، لانه متمكن من الاغتسال، تيمم لاجل ان يتمكن من الاغتسال في المسجد فلما تيمم تمكن من الاغتسال فلايقال ان التمكن من الاغتسال ناقض لتيممه.

لاننا نقول في الجواب هو من الاول متمكن من الاغتسال بالواسطة لاانه بعد تيممه صار متمكنا من الاغتسال ولاجل ذلك اوجبنا عليه التيمم، لانه كان متمكنا من التيمم وتمكنه من التيمم يعني تمكنه من الاغتسال المتوقف على التيمم، فبالنسبة الى الاغتسال هو قبل التيمم ايضا متمكن من الاغتسال بالواسطة اي بواسطة ان يتيمم ثم يدخل المسجد ويغتسل، فالتيمم لم يحدث شيئا جديدا بالنسبة الى اغتساله في المسجد، لانه قبل تيممه ايضا كان متمكنا من الاغتسال بان يتيمم ويدخل المسجد ويغتسل، وبعد التيمم هم لايزال متمكنا من الاغتسال، فيبقى تيممه مبيحا لدخوله ولاغتساله.

هذه المساله وردت في محرمات الجنب ايضا، هناك علق السيد السيستاني على صاحب العروة بانه حينما وصل الى الماء فان كان مقدار اغتساله مساويا لمقدار خروجه، يعني اشكت ياخذ وقت حتى يخرج بدون الاغتسال من المسجد، افرض مسجد كبير وصل الى المغسل فيه بعد خمس دقائق من دخوله في المسجد واذا اراد ان يرجع ياخذ هم خمس دقائق، وهذا الوقت ايضا مقدار زمان اغتساله، او ان زمان اغتساله اقلّ، دائما ان الناس يغتسلون اقل من خمس دقائق، فاذا كان زمان اغتساله مساويا لفترة خروجه من المسجد او اقل منه، نعم هنا يبطل تيممه بمجرد ان يصل الى الماء، ولكن اذا كان فترة اغتساله اكثر، لانه دقيقة يخرج من المسجد ولكن اغتساله ياخذ خمس دقائق هنا يبقى تيممه صحيحا بالنسبة الى اغتساله.

وعلى اي حال ذكر السيد الخوئي هنا انه لايجوز لهذا الجنب الدخول في المسجد والاغتسال فيه ابدا، يتيمم ولكن هذا التيمم لايسوّغ له ان يدخل المسجد ويغتسل فيه، بل يبقى فاقدا للماء بالنسبة الى صلاته، ويصلي مع التيمم، تاملوا في كلام السيد الخوئي، يقول السيد الخوئي التيمم انما صار مشروعا في حق هذا الجنب على كلام صاحب العروة لاجل انه وجب عليه الاغتسال من الجنابة، والا فلو لم يجب عليه الغسل من الجنابة لم يجز له الدخول في المسجد حتى مع التيمم لانه ليس مضطرا ان يدخل المسجد مع التيمم، انما اوجب صاحب العروة على هذا الشخص ان يتيمم لاجل انه رأى ان هذا التيمم مقدمة الواجب وهو غسل الجنابة، لانه متمكن من غسل الجنابة بان يتيمم ويدخل المسجد ويغتسل فيه، فجواز التيمم موقوف على وجوب غسل الجنابة على هذا الشخص.

شخص لايحتاج ان يغتسل، لانه حين اذان الظهر يجد الماء لغسل الجنابة، ولكنه يريد ان يدخل المسجد ويتباحث فيه مع صديقه، يتيمم حتى يدخل المسجد، يقال له التيمم ليس مشروعا في حقك، هكذا يقول السيد الخوئي، فاذن التيمم انما جاز في حق هذا الجنب على نظر صاحب العروة لاجل انه وجب عليه غسل الجنابة وصار التيمم للدخول مقدمة لهذا الواجب، فاذا صار جواز التيمم على هذا الجنب موقوفا على وجوب اغتساله من الجنابة، فلو توقف وجوب اغتساله من الجنابة على جواز التيمم والدخول فيه صار دوريا.

يقول السيد الخوئي وجوب اغتساله من الجنابة دوري لان وجوب غسل الجنابة عليه متوقف على جواز مقدمته، لو كانت المقدمة محرمة كيف يوجب الشارع عليه الاتيان بذي المقدمة، فوجوب غسل الجنابة على هذا الجنب يتوقف على ان يكون التيمم في حق هذا الشخص مباحا، والمفروض ان كون التيمم مباحا في حقه موقوف على نفس وجوب اغتساله من الجنابة، فصار وجوب اغتسال هذا الجنب من الجنابة دوريا، والدور محال، فاذن نقول ان المكلف بعد ان لم يجز له الدخول في المسجدين او الدخول غير الاجتيازي في سائر المساجد فلو جاز له التيمم لاجل دخوله في المسجد يوجب ان يجب عليه الاغتسال لتمكنه من الاغتسال حينئذ، يقول السيد الخوئي هكذا:

التيمّم إنّما يسوغ لأجل وجوب الاغتسال من الجنابة، إذ لولا وجوب الاغتسال منها لم يجز للمكلّف الدخول في المسجد و لا التيمّم لأجله، فجواز التيمّم موقوف على وجوب الاغتسال، فلو توقف وجوب الاغتسال على جواز التيمّم لدار، ثم قال السيد الخوئي: هذا المكلف فاقد للماء لان مقدمة اغتساله محرمة وهي الدخول في المسجد جنبا، ولاجل ذلك نفتي بانه يجوز له التيمم ويباح بهذا التيمم الغايات المترتبة على التيمم شرعا كجواز المس و الصلاة ونحوهما ولايعقل ان يجوز له الدخول في المسجد بهذا التيمم لان المسوغ لتيممه انما هو حرمة دخوله وعدم تمكنه من الاغتسال بدونه، فكيف يعقل ان تسقط حرمة الدخول المسببّة لجواز التيمم بالتيمم، حرمة الدخول سبّبت جواز التيمم ويريد ان يتيمم المكلف وبتيممه تسقط حرمة الدخول، يعني علة جواز التيمم هو حرمة دخوله في المسجد، فاذا تيمم تزول حرمة دخوله في المسجد، هذا يعني ان المعلول يزيل علته، وكل معلول بوجوده يزيل علته فهو محال، كيف يمكن للمعلول ان يزيل علته بمجرد حدوثه.

ثم قال وبعبارة اخرى ان المكلف لما لم يجز له الدخول في المساجد والاغتسال جاز التيمم في حقه، فاذا تيمم للصلاة به فلو كان هذا التيمم سببا في جواز دخوله فيها اي في المساجد لأوجب هذا وجوب الاغتسال في حقه لتمكنه منه حينئذ فيلزم من جواز التيمم للصلاة بطلان تيممه عدم صحة الصلاة به، يعني بمجرد ان يتيمم فلايصح ان يصلي بدون غسل لتمكنه من الغسل حينئذ، فهذا التيمم اذا جاز وتيمم المكلف كانت النتيجة بطلان تيمممه لزوال علته وهو حرمة الدخول ولعدم استباحة الصلاة بهذا التيمم لتمكنه من الاغتسال.

فالمتحصل ان المكلف غير متمكن من الماء فيتيمم لاجل الصلاة ولايسوغ له الدخول في المسجد ليجب عليه الاغتسال.

وان شئت قلت اذا تيمم للصلاة في المسالة المتقدمة، لم يجز له الدخول في المسجد لاخذ الماء، لانه اذا جاز ذلك لم تصح صلاته، لانه واجد للماء فيبطل تيممه فلايجوز له الدخول، هذا محصل كلام السيد الخوئي.

الانصاف ان هذا الكلام بشتى تقاريبه وعباراته غير تامّ، نحن لاننكر ان هذا الشخص بناءا على نظر صاحب العروة من الاول حينما أجنب وكان متمكنا من التيمم والدخول في المسجد والاغتسال فيه، وجب عليه الاغتسال من الجنابة، وجوب غسل الجنابة عليه صار سببا لمشروعية التيمم في حقه، صحيح، يتيمم ليدخل المسجد وياتي بالواجب، انتم تقولون يتوقف جواز تيممه اذن على وجوب اغتساله، نقول نعم، لكن لانقبل منكم ان وجوب اغتساله موقوف على جواز تيممه في الرتبة السابقة، يكفي في وجوب شيء على المكلف ان تكون مقدمته مباحة ولو في طول وجوب ذلك الشيء، لان المقيد اللبي او اللفظي يقيد خطاب التكليف بالقدرة عليه ولو في طول التكليف، مثلا يقول الشارع يجب عليك الصلاة بقصد امتثال الامر فقيل ان يأمر الشارع بهذه الصلاة هل تتمكن من صلاة مع قصد امتثال الامر، اصلا ماكو امر، فكيف تتمكن من الصلاة بقصد امتثال الامر، لكن هذا ليس بمهم، المهم انه في طول وجوب الصلاة بقصد امتثال الامر انت قادر على الاتيان بها، وهذا ما ذكره صاحب الكفاية في بحث التعبدي والتوصلي، يكفي في وجوب الواجب القدرة عليه ولو في طول الوجوب.

فاذن ان كان مقصود السيد الخوئي انه لو توقف جواز التيمم على وجوب الاغتسال فحيث ان وجوب الاغتسال يتوقف على جواز التيمم فيكون دوريا، فلايجب عليه الاغتسال، اقول يكفي في وجوب الاغتسال عليه كون مقدمته وهو التيمم لاجل الدخول في المسجد مباحة ولو في طول وجوب الاغتسال.

اذا توقف وجود الألف على وجود ب، ولكن كان وجود ب متوقفا على وجود الف ولو في طول وجود ب، فهذا ليس دوريا، لان معناه ان وجود ب يتوقف على قضية شرطية وهي انه اذا وجد ب فيوجد الف، فوجود ب لايتوقف على وجود الف، وانما يتوقف على قضية شرطية وهي اذا وجد ب فيوجد الف، وهذا القضية الشرطية ثابتة، ولو قبل وجود ب، اذا وجد ب يوجد الف، هذا صحيح، القضية الشرطية صادقة ولو في فرض انتفاء مقدمها وتاليها، لو كان فيهما آلهة الا الهل لفسدتا، قضية شرطية صادقة ولو مع انتفاء تعدد الآلهة وانتفاء فساد السموات والارض، فاذن ليس هنا ايّ دور، وهذا هو السر في امكان الدور المعي، الدور المعي ليس دورا، لكن كل من الطرفين موقوف على قضية شرطية وهي لو وجد هذا الطرف يوجد الطرف الآخر[1] .

مثل تتصل بزيد تقول له الليلة تجيئ بيتنا تتعشى، يقول اذا يجيئ عمرو اجيئ، تتصل بعمرو وتقول له الليلة تجيئ بيتنا تتعشى، يقول اذا جاء زيد نجيء، فتخبرهما، مجيء في طول مجيء ذاك الشخص، يعني مجيءعمرو موقوف على قضية شرطية وهي انه لو جاء عمرو فيجيء زيد ومجيء زيد ايضا موقوف على قضية وهي انه لو جاء زيد يجيء عمرو، وحيث ان كلتا القضيتين الشرطيتين متحققتان فيتحقق الموقوف عليهما، فكل من زيد وعمرو يجيئان ويتعشيان عندكم.

جواب سوال: جواز التيمم موقوف على وجوب الاغتسال عليه،ولكن نحن نقول وجوب الاغتسال كوجوب اي واجب لايتوقف الا على اباحة مقدمته ولو في طول وجوبه، ولاجل ذلك اجبنا عن اشكال صاحب الكفاية فيما لو توقف انقاذ الغريق على الغريق، يقول صاحب الكفاية اذا كان الغصب الموصل الى الانقاذ واجبا والغصب غير الموصل محرما، فيتوقف وجوب الانقاذ على اباحةمقدمته، واباحة مقدمته تتوقف على الموصلية، لان المقدمة المباحة هي الغصب الموصل الى الانقاذ فاجبنا عنه بانه حتى لو كان اباحة المقدمة مشروطة بالايصال مع ذلك لامحذور في المقام، لان وجوب الانقاذ يتوقف على اباحة مقدمته ولو في فرض وجوبه واتيان المكلف به، في هذا الفرض مقدمته مباحة، فالتكليف به ليس تكليفا بغير المقدور، لانه يتمكن من ان يجعل مقدمته مباحة، فالتكليف بالانقاذ ليس تكليفا بغير المقدور.

واما ما ذكره السيد الخوئي في عبارته: المسوغ لتيممه انما هو حرمة دخوله فكيف يعقل ان تسقط حرمة الدخول بالتيمم، حرمة الدخول سبّبت جواز التيمم فهذا التيمم تزيل حرمة الدخول؟!

هذا غريب[2] اذا انجبر الانسان الى مس كتابة القرآن في حال جنابته ألا يفتي السيد الخوئي بلزوم التيمم عليه؟، حرمة مس القرآن في حال الجنابة بدون التيمم هي التي اوجبت جواز التيمم بل وجوب التيمم لاجل اباحة مس كتابة القرآن، فأي اشكال في ان يكون هذا التيمم مبيحا ومجوّزا لمس كتابة القرآن، السبب هو حرمة مس كتابة القرآن بلاغسل ولاتيمم، هذا هو السبب وهذا السبب يبقى على سببيته، مس المصحف جنبا وبدون تيمم حرام،ولايزال حراما هذا هو السبب في جواز التيمم، وبعد ان يتمم هذا السبب على حرمته، وانما الذي صار حلالا هو مسه للمصحف بتيمم.

السبب باق على سببيته، السبب هو حرمة مس المصحف بلاتيمم، هذا هو الذي جعل المكلف مجبورا لان يتيمم لانه مضطر الى مس المصحف، فجواز مس المصحف بعد تيممه غير حرمته قبل التيمم، حرمته قبل التيمم هي السبب وما صار بعد التيمم هو جواز مسه بعد التيمم، فتلك العلة لاتزال موجودة.

وأما ما ذكره من ان المكلف لما لم يجز له الدخول في المساجد جاز التيمم في حقه، فاذا تيمم للصلاة به فلو كان هذا التيمم سببا لجواز الدخول فيها لأوجب هذا وجوب الاغتسال فيه، لتمكنه منه حينئذ، فيلزم من جواز التيمم للصلاة عدم جواز الصلاة به وبطلان تيممه

خب نقول يا سيدنا لعل هذا خطأ من مقرركم، اصلا هذا التيمم لم يكن لاجل اباحة الصلاة، كان لاجل اباحة الدخول والاغتسال ولم يوجب هذا التيمم وجوب الاغتسال عليه، انتم ذكرتم في توضيح كلام صاحب العروة ان وجوب الاغتسال ثابت من الاول.

فاذن الحقّ مع صاحب العروة ومع من وافقه كالسيد السيستاني وما ذكره السيد الخوئي في المقام قابل للنقاش، والجواد قد يكبو، وكم من افادات وافاضات لهذا السيد الكبير الذي انعم الله الشيعة بوجوده والحوزات العلمية لاتزال تستفيد من بركات وجوده، ولكن الجواد قد يكبو، وهذا يكشف عن ان العصمة لأهلها.


[1] - هذا عبارة اخرى عن التخصيص في دليل بطلان الدور، فان الاذعان بكون الموقوف عليه هو القضية الشرطية، يعني كفاية وجود الموقوف عليه في طول الموقوف، في تحقق الموقوف وهذا بنفسه قبول للدور وانه لااستحالة في توقف الموقوف (الف) على الشيء (ب)، الذي يتوقف (ب) على الموقوف عليه (الف).
[2] - فهو نظير ان الصداع سبب وموجب لاكل الحبّ، ولكن اكل الحب سبب لرفع الصداع، فيقال كيف يكون المعلول علة لرفع علته؟! وحل المغالطة هو ان السبب لاكل الحب انما هو رفع الصداع لاالصداع، فالعلة الغائية لاكل الحب انما هو رفع الصداع وهو حاصل عند اكل الحب.فالصحيح ان المسوغ للتيمم اي السبب لجواز التيمم انما هو رفع حرمة الدخول وهو حاصل بالتيمم، فالتعبير عن المسوغ للتيمم بحرمة الدخول هو الذي اوجب الغلط على السيد الخوئي قده، مع ان المسوغ له بالدقة اي العلة والغاية لجواز التيمم وتشريعه انما هو رفع حرمة الدخول لاحرمة الدخول.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo