< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محمد‌تقي الشهيدي

44/03/28

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع : العام و الخاص

كان الكلام في انه هل يحتاج استفادة العموم من أداة العموم الى اجراء مقدمات الحكمة في مدخولها كما اختاره صاحب الكفاية و المحقق النائيني فيستند العموم الى ظهور سكوتي في مدخول أداة العموم او انه لا يتوقف استفادة العموم من أداة العموم على اجراء مقدمات الحكمة في مدخولها كما لعله المشهور و اختاره السيد الخوئي ببيان انا لو كنا بحاجة الى مقدمات الحكمة في مدخول الأداة لكفى جريانها في دلالة الكلام على الحكم الشمولي فيكون الاتيان باداة العموم من اللغو الواضح و ما يقال من انه يكفي في استخدام أداة العموم ان يكون لغرض التأكيد ففيه ان التأكيد انما يتم اذا كان كل من أداة العموم و مقدمات الحكمة مستغنيا عن الآخر كما في بعض الأمثلة نرى انه توجد اداتان للعموم ﴿فَسَجَدَ الْمَلٰائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾ و كل منهما مستغن عن الآخر و لكن المفروض ان المحقق النائيني و صاحب الكفاية ادعيا انه لولا مقدمات الحكمة في مدخول أداة العموم لم تفدنا أداة العموم شيئا.

و لكن ذكرنا ان هذا الاشكال غير متجه فلا دليل على ان التأكيد يختص بما كان كل من الدالين على العموم مستغنيا عن الآخر فأي مانع من ان يكون ضم مقدمات الحكمة الى أداة العموم موجبا لتقوي الظهور السكوتي كما هو ظاهر وجدانا، مضافا الى ان استخدام لفظ كل لا يخلو عن فائدة فانه يدل على ان الحكم شمولي و ليس بدليا فاكرم كل عالم ليس مثل توضأ بالماء او قلد المجتهد او راجع الى الطبيب مما يكون الواجب فيه بدليا أي لا يجب الوضوء بكل ماء و لا يجب تقليد كل مجتهد و لا يجب الرجوع الى كل طبيب بل يكفي الوضوء بماء واحد و تقليد مجتهد واحد و الرجوع الى طبيب واحد، و اما اذا قيل اكرم كل عالم فهذا يدل على الحكم الشمولي و كفى به فائدة.

اضف الى ذلك ان فائدة أداة العموم اخطار افراد الطبيعة في ذهن المخاطب فانه في الاطلاق ما يخطر بذهن المخاطب هو ذات الطبيعة و اما اذا استخدم أداة العموم فقيل اكرم كل عالم فيخطر ببال المخاطب افراد العالم و كفى به فائدة و لو لم يترتب على ذلك أي اثر شرعي، المهم انه تفنن في التعبير.

في البحوث اشكل على المحقق النائيني بإشكال آخر فقال لو كان لفظ كل مثلا موضوعا للدلالة على استيعاب تمام افراد ما اريد من مدخوله جدا كما هو مدعى المحقق النائيني فاذا انتفت الإرادة الجدية كما في موارد الهزل فلابد ان نفقد دلالة العموم، لو تكلم متكلم في مقام الهزل فقال كل دم طاهر كان هازلا فلابد ان لا يختلف عن قوله الدم طاهر، و لكننا نعرف انه و لو كان في مقام الهزل و لم يكن له إرادة جدية يختلف معنى الكلام المستعمل فيه أداة العموم عن الكلام الذي لا يستعمل فيه أداة العموم.

و الحاصل ان المدلول التصوري للكلام لا يصح ان يربط بوجود المراد الجدي و الا لزم ان نفقد هذا المعنى في موارد عدم الإرادة الجدية كما في الهازل بل اذا سمعنا من بقباق مثلا فقال اكرم كل عالم كل دم نجس ليس له أرادة جدية و لكن نفهم منه معنى مشتمل على العموم الوضعي.

هذا الاشكال و ان كان منبها عرفيا لما هو الصحيح من عدم الحاجة الى مقدمات الحكمة و لكن كبرهان لا نقبله، أي مانع من ان يوضع لفظ كل على استيعاب تمام افراد ما يراد من مدخوله جدا كما في الجمل الإيجادية ليت زيدا قائم يوجد النداء في عالم الانشاء فلو سمعنا ذلك من ببغاء هو لا يريد إيجاد التمني في عالم الانشاء و لكن يوجد منه صورة في ذهن المخاطب و هكذا في المقام حينما نسمع من الببغاء اكرم كل عالم او كل دم نجس فهو و ان كان فاقدا للمراد الجدي و لكن يوجد لنا صورة من ذلك و هذا هو المعنى التصوري لهذا الكلام، ما يخطر ببالنا من صورة معنى هذا الكلام و ان كان المدلول التصديقي للكلام منتفيا لانتفاء الإرادة الجدية.

و هكذا في الجملة الانشائية الأخرى لو ان الببغاء قال تعال ابيعك هذا التفاح، افرض يرفع احدى رجليه و يقول بعتك هذا التفاح هذا ظاهر في الانشاء لا الاخبار و لكن فاقد للمدلول الجدي و المراد الجدي، ماذا نتصور من هذا الكلام التي نسمعه من الببغاء؟ تريد تشتري مني تفاح؟ بعتك التفاح، هکذا یقول نتصور منه صورة جملة انشائية بينما ان الببغاء لو قال ما عندنا تفاح بعتك التفاح يعني بعتك قبل ذلك، اخبار، الببغاء لا ينشئ و لا يخبر و لكن يوجد فرق في عالم التصور بين الجملتين مع ان الفارق بينهما مرتبط بعالم الإرادة الجدية و الا فاي فرق بين قول بعتك في عالم الانشاء او بعتك في عالم الاخبار اذا لم يكن الشخص في مقام الانشاء و لا الاخبار. الفرق بينهما في عالم التصور.

الجملة الانشائية حينما يسمعه المخاطب يرى معناها فانية في امر يوجد بعد الانشاء يوجد بالانشاء في عالم التصور و الجملة الإخبارية يلحظه المخاطب فانية في معنى موجود قبل ذلك، كل هذا في عالم التصور و قد لا يوجد أي تصديق كما لو سمع الجملتين من الببغاء.

و لكن المهم ان الوجدان اصدق شاهد على ان نفس أداة العموم تكفي في افادة العموم و العرف يقول بيّن المولى لنا وجوب اكرام كل عالم و انه لا فرق بين افراد العالم لا انه سكت عن بيان القيد الزائد، فرق بين الظهور الناشئ عن السكوت و هو الذي يعبر عنه بالاطلاق و الظهور الناشئ عن البيان ففي العموم الظهور يستند الى البيان و لاجل ذلك ترى انه لا يمكن ان يقول المتكلم بكلام مشتمل على أداة العموم انا لم اكن في مقام البيان بدل ان يقول الطبيب لمريضه اشرب دواءا و ليس في مقام البيان من ناحية نوع الدواء يقول له اشرب أي دواء شئت، يتعجب المريض، اشرب أي دواء شئت؟! أي دواء؟ دواء الذي تشربه الحبلى؟ ففرق بين ان يقول الطبيب اشرب دواءا و يقول انا لست في مقام البيان و بين ان يقول له اشرب أي دواء شئت و يقول انا لست في مقام البيان مي سير خب. و اذا قال اكرم عالما أي عالم شئت فنفس هذا الكلام بيان لعدم الفرق بين افراد العالم فاسقا كان او عادلا و لا يستند نفي الفرق بينهما الى الظهور السكوتي و عدم البيان، هذا هو الفارق بين الاطلاق و العموم ای شیی ترید من العموم؟ العموم بيان و الاطلاق سكوت فالظهور في الاطلاق يستند الى السكوت و الظهور في العام يستند الى البيان و هذا مما نحسه في موارد استخدام أداة العموم، الظهور يستند الى البيان، تريدون من العموم ان يكون ظاهرا بظهور شخصي في كونه في مقام البيان بينما ان الخطاب المطلق ظاهر بظهور حالي نوعي في انه في مقام البيان و لكن اللفظ لا يتكفل ذلك، خب الكلام المشتمل على أداة العموم له ظهور شخصي في انه في مقام البيان و ليس مما يحتاج الى اجراء اصالة البيان كظهور حالي نوعي للمتكلم و هذا مما نحسه في موارد الاستخدام عموم.

لكن نحن نختلف عن البحوث في شيء، صاحب البحوث و لعله السيد الخوئي هو أيضا كذلك يرى ان وضع لفظ كل للدلالة على الاستيعاب تمام افراد المدلول التصوري من مدخوله، المدلول التصوري للعالم شينو؟ طبيعي العالم فالكل وضع للدلالة على استيعاب تمام افراد هذا المدلول التصوري، نحن نقول لا، وضع لفظ كل للدلالة على استيعاب المراد الاستعمالي من مدخوله، فاذن لو قال متكلم جئني بكل اسد موجود في هذا البلد و أراد من الأسد الرجل الشجاع لم يرتكب الا مجازا واحدا و هو التجوز في معنى لفظ أسد و لم يرتكب أي تجوز في استخدام لفظ كل بينما انه على مبنى البحوث قد ارتكب مجازين، مجاز في استعمال الأسد في الرجل الشجاع و مجاز آخر و هو ان الكل قد وضع للدلالة على استيعاب تمام افراد المدلول التصوري للاسد و هو الحيوان المتفرس فلماذا استعمل الكل في استيعاب تمام افراد معنى آخر مراد استعمالي له و ليس مدلولا تصوريا للفظ و هو المعنى المجازي فهل تحسون بان من قال جئني بكل اسد في هذا البلد و أراد من الأسد الرجل الشجاع قد ارتكب مجازين؟ ابدا لم يرتكب الا مجازا واحدا و هو استعمال لفظ الأسد في الرجل الشجاع و هذا يكشف عن تمامية ما اخترناه من ان لفظ كل وضع للدلالة على استيعاب تمام افراد المراد الاستعمالي لمدخوله لا ما هو مدلول تصوري لمدخوله و لو لم يكن مرادا استعماليا للمتكلم.

سؤال و جواب: النائم أصلا ليس في مقام الاستعمال لا مجازا و لا حقيقتا، النائم کالببغاء، لیس فی مقام الاستعمال لامجازا ولاحقیقة، نحن بالعلاقة الانسية نفهم معنى ما يقوله الببغاء من ان كل دم نجس و لكن ليس له معنى استعمالي، المعنى الاستعمالي للكلام في ما اذا استعمله المتكلم في معناه.

هذا تمام الكلام في أداة العموم و ان دلالتها على العموم ليست بحاجة الى اجراء مقدمات الحكمة في مدخولها.

الجمع المحلی باللام

يقع الكلام في الجمع المحلى باللام.

المشهور ان الجمع المحلى باللام من الفاظ العموم و خالف في ذلك صاحب الكفاية و لكن المحقق النائيني و السيد الخوئي هذان البطلان في عالم الأصول قاما في انتصار مسلك المشهور و ان الجمع المحلى باللام مفيد للعموم و تقريب كلامهم اننا لو سمعنا و لو من الببغاء فقال رأيت علماء البلد او رأيت العلماء من هذا البلد، رأيت العلماء من هذا البلد جمع محلي باللام و سيأتي انه لا فرق بينه و بين الجمع المضاف، رأيت علماء هذا البلد او رأيت العلماء من هذا البلد فماذا يخطر ببالنا؟ يخطر ببالنا انه رأى كلهم و لاجل ذلك يصح ان يستثني و يقول رأيت العلماء في قم الا زيدا بينما انه لو قال رأيت العالم في قم لا يستفاد منه انه رأى جميع افراد العلماء في قم، صح او لا؟ فمدلول العلماء كجمع محلى باللام او كجمع المضاف علماء البلد علماء بلد هو الاستيعاب الشمولي لتمام افراده.

و هذا انصافا كلام متين يوجد فرق واضح بين ان نسمع و لو من الببغاء، رأيت علماء البلد رأيت علماء من البلد و بين ان يقول رأيت العالم في البلد، رأيت العالم في البلد يصدق حتى لو رأى عالما واحدا لا يخطر بذهن الانسان انه رأى جميع العلماء.

ان كان المطلوب من العام هو ان يدل بدلالة وضعية على الاستيعاب الشمولي نقبل ان الجمع المحلى باللام من أداة العموم كما قبله السيد الخوئي تبعا لاستاذه المحقق النائيني و لكن لو كان المتوقع من العموم ان يدل بدلالة لفظية على نفي القيد الزائد و على انه في مقام البيان، الصحيح ان التعبير بالجمع المحلى باللام لا يدل بدلالة لفظية على انه ليس مقيدا بقيد زائد، اكرم العلماء ما قال اكرم العلماء العدول، فاذا لم يكرم عبده العلماء الفساق كيف يحتج عليه المولى؟ يقول له انا لم اقل لك اكرم العلماء العدول قلت لك اكرم العلماء فبسكوتي عن القيد الزائد احتج به عليك بخلاف ما لو قال اكرم كل عالم فانه ببيانه يحتج على عبده، كما انه قد يكون المتكلم بالجمع المحلى باللام في مقام الإهمال ففرد يميل الى مسلك الاخباريين يطالع الروايات لبس السواد كذا حتى في يوم عاشوراء ما يلبس السواد يلبس الثوب الأخضر يقول حرام، کل شیی لایفتهم، نقول راجع الروايات اما اجتهادا او يقلد المجتهد فيقال له ماذا؟ هذا مو شغلك رح قلد الفقهاء هذا يعني قلد الفقهاء أي فقيه شئت؟ ليس في مقام البيان من ناحية انه لا قيد في المرجع الذي تقلده، قلد الفقهاء يعني مو شغلك تراجع الروايات و تعمل بها من غير فهم، أصلا انا أقول ليس هذا الحكم حكما شموليا قلد الفقهاء لا انه يأمر بان يقلد كل فقيه فدلالة قلد الفقهاء كجمع المحلى باللام على كونه في مقام البيان او كونه دالا على حكم شمولي كان بمقدمات الحكمة و في هذا المثال تشوفون انه لم يكن لا في مقام البيان قلد الفقهاء فاسقا كانوا او عادلا مي سير، قلد الفقهاء كحكم شمولي و لكن لو قال له قلد كل فقيه قلد أي فقيه شئت مي سير يقول انا لست في مقام البيان ليس حكما شموليا فترون ان الجمع المحلى باللام صار وسط على قولة الأصوليين الاستصحاب عرش الأصول و فرش الامارات، الجمع المحلى باللام فرش العموم و عرش الاطلاق يعني ليس بمستوى مثل العام المستخدم فيه أداة العموم و هو فوق مستوى الاطلاق فهمنا من الجمع المحلى باللام بل و من الجمع المضاف استيعاب الافراد، رأيت علماء قم او رأيت العلماء في قم حتى لو قاله الببغاء نفهم منه الاستيعاب و لاجل ذلك يصح استثناء فيه الا زيد، و لكن لا يدل بدلالة لفظية على انه في مقام البيان و لا بدلالة لفظية على ان الحكم شمولي و لا بدلالة لفظية على نفي القيد الزائد، كل ذلك مما يجب ان نستفيده من مقدمات الحكمة و لاجل ذلك أكرر حتى لا تنسون، اذا لم يكن في مقام البيان يصح ان يقول لذلك الذي يميل الى مسلك الإخبارية هذا مو شغلك روح قلد الفقهاء و ليس في مقام البيان في شرائط المرجع و لا يصح ان يقول له قلد أي فقيه شئت لانه ليس في مقام البيان لماذا يقول قلد أي فقيه شئت و لكن يصح ان يقول قلد الفقهاء او لم يكن حكمه شموليا كما في هذا المثال قلد الفقهاء راجع الى الأطباء ليس الحكم شموليا و لكن لو قال له راجع الى كل طبيب راجع الى كل فقيه لا يمكن ان يقول ليس الحكم شموليا كما ان نفي القيد الزائد مستفاد من السكوت، انت تقول اكرم العلماء لم تقل اكرم العلماء العدول، لم تقل هذا يعني السكوت و الظهور الناشئ من السكوت بينما انه لو قال اكرم كل عالم اكرم عالما أي عالم شئت هناك لا يقول ما قلت يقول قلت قلت اكرم أي عالم شئت قلت اكرم كل عالم اما اذا قال اكرم العلماء و راح اكرم الفساق من العلماء المولى احتج عليه هو يقول انت ما قلت لي اكرم العلماء العدول سكتت.

فاذن الجمع المحلى باللام يفوح منه رائحة العموم و لكن ليس هذا الرائحة قوية لأننا نحتاج الى مقدمات الحكمة و لكن نعم يوجد فرق في المدلول الاستعمالي له حتى لو سمعنا من الببغاء رأيت علماء في قم يختلف عما لو سمعنا منه رأيت العالم في قم، اذا قال رأيت العالم في قم لا يجوز ان يستثني فقل رأيت العالم في قم الا زيدا خب لم يكن دالا شموليا و لكن يصح ان يقول رأيت العلماء في قم الا زيدا.

هذا تمام الكلام في الجمع المحلى باللام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo