< فهرست دروس

درس اصول استاد رشاد

94/11/12

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: المسلک الرّابع: وهو القول بالکناية، وهي أن يخبَر عن اللازم ويراد الملزوم.

 

بعد ما أورد شيخنا العلّامة علي ما ذهب اليه المحقّق الخراساني (قدّه)، من «أنّ الجمل الخبرية في هذا المقام مستعملة في معناها الحقيقي، إلاّ أنّه ليس بداعي الإعلام، بل بداعي البعث مجازاً»؛ بـ«أنّ استعمال اللفظ في معناه الحقيقي ليس تعريفاً تامّاً للحقيقة، بل يحتاج إلى قيد آخر وهو أن يكون الموضوع له متعلِقاً بالإرادة الإستعمالية والجدية معاً؛ وإلاّ فلو كان المعنى الحقيقي موضوعاً للإرادة الإستعمالية فقط دون الجديّة، بل صار المعنى الحقيقي جسراً وواسطة لتفهيم المعنى الآخر؛ فهذا ليس بحقيقة»، أکّد (حفه) بأنّـه يسمّى مثله في الإصطلاح كناية لا مجازاً.

اقول: إنّ الكناية عبارة عن: لفظ أريد به غير معناه الذي وضع له، مع جواز إرادة المعنى الأصلي، لعدم وجود قرينة مانعة من إرادته (علي عکس المجاز. وهذه هي الخَنساء الشاعرة الباكية المفجوعة بأخيها «صَخر»، حيث تُنشئ وتُنشد الشعر في رِثاء اخيها وتصفه، بأنه:

«طويلُ النّجاد»، «رفيع العِماد»، «كثيرُ الرّماد» إذا ما شتَي.

وهي أرادت من کلمات: «طويل النّجاد»، و«رفيع العماد»، و«كثير الرّماد»، غير ما وضع له، وهو الشجاعة، والشّرافة، والسخاوة؛ ولکن لامانع هناک أن تقصد الخنساء فيها ما وضعت له تلک الثلاثة ايضاً في نفس الوقت؛ بل لعلّه لو لم يمکن کذلک للزم الکذِب، کما قيل!.

ففي کلام الشيخ العلّامة (حفه) ملاحظتان:

الاُولي: لو لم يکن ما قاله المحقق الخراساني(قدّه) قولاً بالحقيقة، فهل يکون قولاً بالمجاز؟ وليست مقالته، من المجاز في شيئ؛ لعدم صدق تعريف المجاز عليها من حيث الإستعمال.

الثانية: فهل الکناية تکون من المجاز او من الحقيقة؟، او لا ذاک ولاذالک؟، ولکن کما يري البلاغيون اجماعاً الکناية ليست من الحقيقة في شئ، کما أنها ليست من المجاز اللغوي ايضاً. اللهم الا أن يقال: المجاز علي قسمين: بالمعني الأعمّ (من المنقول وغيرالمنقول، ومن العقلي والنقلي) وبالمعني الأخصّ (المنقول فقط، وعادةً هو يکون من اللفظي الذي ينتَقَل مما وُضِع له الي غيره، علي عکس الکناية التي هي انتقال من اللازم الي الملزوم عقلاً)، فعلي هذا تکون الکناية هي من المجاز العقلي. وإن فرّق الجرجاني بين الکناية والمجاز في دلائل الإعجاز، بقول مطلق؛ حيث قال: «المراد بالكناية هاهنا أن يريد المتكلم إثبات معني من المعاني، فلا يذكره باللفظ الموضوع له في اللغة، و لكن يجي‌ء إلي معني هو تاليه و ردفُه في الوجود، فيومئ به إليه، و يجعله دليلاً عليه ... و«المجاز»، فقد عوّل الناس في حدّه علي حديث النّقل، و أنّ كل لفظ نُقِل عن موضوعه فهو «مجاز». (دلائل الإعجاز في علم المعاني: ص51)

فذلکة: وإن کان قوله هذا راجحاً بالنسبة إلي القولَين السابقين، ولکن الحقّ، تمام الحقّ، منطوٍ تحت ظلال نظريّة التشابک حسب؛ لأنّـه لو لم تلاحظ خصوصيات اطراف الکلام و تداخل العناصر الآفاقية في تکوّن ظاهرة الدَّلالة، لما ظهر استعمال الخبريّـة في الإنشاء اساساً، فضلاً عن انکشاف کيفيّة هذا الإستعمال؛ فتأمّل.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo