< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الأصول

41/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم


موضوع:
التعارض/ التخصص و الورود / أحكام الحكومة (سريان الإجمال من الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم ).

ذكر المحقق الحكيم الثاني (دام ظلّه) أنّ سريان الإجمال من الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم تختلف من موردٍ إلى آخر ، وبيان ذلك كالتالي :
أنّ الدليل الحاكم له حالتان :

الحالة الأولى : أن يكون الدليل الحاكم متصلاً بالدليل المحكوم فلا ريب في سريان الإجمال من الدليل الحاكم إلى المحكوم ؛ لأنّه بذلك يمنع من انعقاد ظهور الدليل المحكوم في موارد الإجمال فلا يكون حجة فيه بلا إشكال ، كما هو الحال في إجمال الخاص المتصل ، وبهذا يتوافق السيد الحكيم مع السيد الصدر في هذا المورد .

الحالة الثانية : أن يكون الدليل الحاكم منفصلاً ، بمعنى أنّ الدليل المحكوم ينعقد ظهوره في مقتضاه ، ثمّ يأتي الدليل الحاكم المجمل ، ففي هذه الحالة توجد صور :

الصورة الأولى : أن يكون مقتضى الدليل الحاكم إنقلاب ظهور المحكوم إلى ما يقتضيه تعيّن الدليل الحاكم ويدلّ عليه ، فهنا يتعيّن سريان الإجمال إلى الدليل المحكوم ؛ لعدم حجية الدليل المحكوم في ما هو ظاهر فيه بدواً .

وتفصيل الكلام :أنّ نظر الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم له طريقان :

الأول : أن يكون الدليل الحاكم محدداً لظهور الدليل المحكوم ، كما في قول (ع) : " وليس بين الوالد وولده ربا "[1] ، فإنّه يهدف إلى تحديد ظهور الدليل المحكوم ، وهو ﴿وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾[2] في غير ما يدلّ عليه الدليل الحاكم ويقتضيه .

والثاني : أن يكون الدليل الحاكم موجباً لانقلاب ظهور الدليل المحكوم إلى ما يدلّ عليه هو ، وهذا الانقلاب مرّةً بلحاظ الحكم وأخرى بلحاظ الموضوع .

ومثال الأول: قوله تعالى : ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا ﴾[3] بناءً على ظهور صيغة افعل في الوجوب ، فإذا جاء ما يدلّ على إرادة الإباحة لوقوعه عقيب الحظر ، فهذا يوجب انقلاب ظهور (فاصطادوا) من الوجوب إلى الإباحة ، ويطلق عليه الانقلاب الخكمي .

ومثال الثاني: أن يكون موضوع الحكم التطهير بالنار ، وجاء ما يدلّ على أنّ مطهرية النار إذا أدّت إلى استحالة المحترق إلى حقيقةٍ أخرى ، فيعلم أنّ المراد بالنار المطهّرة ليست النار بما هي كذلك ، بل الاستحالة ، وهذا الانقلاب الموضوعي .

وفي كلتا صورتي الانقلاب الظهوري ، سواء كان انقلاباً حكمياً أو انقلاباً موضوعياً فإجمال الدليل الحاكم يسري إلى الدليل المحكوم ؛ لعدم حجيته للدليل المحكوم فيما هو ظاهرٌ فيه باعتبار أنّ الدليل الحاكم قرينة على بيان المراد من الدليل المحكوم .

الصورة الثانية : أن يكون مقتضى الدليل الحاكم مقتضى الدليل الحاكم هو التفكيك بين مراتب الظهور في مرحلة المراد الجدّي، كما هو الحال بين العام والخاص ، فإنّ العام ينعقد مراده الجدّي في الشمول والاستيعاب لجميع أفراد مدخول أداة العموم ، كما أنّ الخاص ينعقد مراده الجدّي في خروج بعض أفراد العموم من العام ودخولها في حكم الخاص ، فيأتي الخاص ويفكك بين مراتب الظهور للعام فيزيل المراد الجدّي عن العام ويجعله متوافقاً مع ظهوره في إخراج بعض الأفراد عن حكمه ، مع بقاء العام على ظهوره الاستعمالي في العموم .

وعليه يتعيّن عدم سريان الإجمال من الدليل الحاكم إلى الدليل المحكوم ، ويقتصر في الخروج عن الدليل المحكوم على موارد اليقين الذي يكون الحاكم حجة فيه .

الصورة الثالثة : أن يكون مرجع إجمال الدليل الحاكم إلى الشكّ في مقدار الأدلّة التي يحكم عليها وينظر إليها ، فإنّه لا إشكال حينئذٍ في حجية أدلّة تلك الأحكام للشكّ في حكومته عليها.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo