< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

42/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الاجتهاد و التقليد/ علامات بلوغ الذكر العلامة الثالثة : العمر المعين (محاولات الجمع بين أخبار تحديد سنّ البلوغ)

-محاولات الجمع بين أخبار تحديد سنّ البلوغ:

نعم هناك محاولات للجمع بين الطائفتين لحلّ مشكلة التعدد في الأخبار، ولا بأس باستعراض أهمّها:

-المحاولة الأولى: ما ذكره المحدّث البحراني(قده)، حيث قال: " ولا يبعد عندي في الجمع بين الأخبار المذكورة حمل ما دلّ على البلوغ بخمس عشرة على الحدود والمعاملات، كما هو سياق رواية حمران، وحمل ما دلّ على ما دون ذلك على العبادات"[1] .

-ويلاحظ عليه:

-أولاً: ما ذكره المحقق السبحاني(د.ظ)، وحاصله: أنّ رواية ابن سنان التي هي الدليل المهمّ للمخالف (ثلاث عشرة) في المقام جاءت في موارد المعاملات، حيث سأل السائل عن معنى الأشدّ وفسّره (ع) بالثلاث عشرة، وواضح أنّ هذه اللفظة (الأشدّ) وردت في الآية في باب المعاملات لا

-ثانياً: أنّ الجمع المعتبر هو العرفي، ولا بدّ أن يكون عليه شاهدٌ من الآيات أو الأخبار، وهو في محل الكلام؛ إذ لا شاهد عليه كما لا يخفى، فهو جمعٌ تبرعي حجّيته على المتبرع به.

-ثالثاً: الإجماع المركب قائمٌ على بُعد هذا الجمع؛ إذ لا قائل به، ونحن وإن كنّا لا نرى حجّية الإجماع بشكلٍ عام، ولكن اتفاقهم على عدم القول الثالث يبعد الأخذ به.

فهذه المحاولة ضعيفةٌ جدّاً.

-المحاولة الثانية: ما ذكره المحدّث البحراني(قده) أيضاً: قال: " ويمكن أن يُحمل الاختلاف في هذه الأخبار على اختلاف الناس في الفهم والذكاء وقوة العقل وقوة البدن، ولذا ورد في رواية الثمالي (ثلاث عشرة وأربع عشرة)، وفي صحيحة معاوية بن وهب (خمس عشرة وأربع عشرة)، ولذا تراها أيضاً اختلفت في الاحتلام، فظاهر موثقة عبد الله بن سنان أنّ الاحتلام في ست عشرة وسبع عشرة ونحوهما، وظاهر رواية عيسى بن يزيد أنّه يحتلم لأربع عشرة، وظاهر موثقة عمار أنّه يحتلم قبل ثلاث عشرة...".

-ويلاحظ عليه:

-أولاً: أنّ هذا يستلزم نقض المولى لغرضه؛ إذ بعد أن كان الغرض من تحديد البلوغ الضابط الموضوعي الذي به نميّز البالغ عن غيره، أصبح الضابط في حدّ ذاته مرددٌ وغير قابل للإكتشاف؛ لأنّ الناس يختلفون في تمييز الذكي عن الأشدّ ذكاءً، وقوي العقل عن معتدله، وستشكل الأمور على العامّة الذين نحتاج إلى ضابطة لتوحيد البلوغ عندهم.

-ثانياً: ما أشكلناه ثانياً وثالثاً على المحاولة الأولى.

-المحاولة الثالثة: ما ذكره الفيض الكاشاني (قده) في مفاتيح الشرائع، وهو وإن ذكره كمحاولةٍ للجمع بين روايات بلوغ الأنثى، ولكنّه يصلح في الجمع ها هنا أيضاً، قال (قده): " إنّ التوفيق بين الأخبار يقتضي اختلاف معنى البلوغ بحسب السنّ بالإضافة إلى أنواع التكاليف، كما يظهر ممّا روي في باب الصوم أنّه لا يجب على الأنثى قبل إكمالها الثلاث عشرة سنة، إلاّ إذا حاضت قبل ذلك، وما روي في باب الحدود أنّ الأنثى تؤاخذ بها وهي تؤخذ لها تامّة إذا أكملت تسع سنين، إلى غير ذلك مّما ورد في الوصية والعتق ونحوهما أنّها تصحّ من ذي العشر"[2] .

فإنّ نفس هذا الكلام يمكن أن يجري في روايات بلوغ الذكر، فيمكن أن يقال بأنّ روايات الخمس عشرة ناظرةً إلى خصوص الحدود، كما هو ظاهر خبري حمران والكناسي، وروايان الخمس عشرة إلى الست عشرة ناظرة إلى خصوص الصوم، كما هو ظاهر مرسلة العباس بن عامر، بينما روايات الثلاث عشرة والأربع عشرة بالنسبة إلى الصّلاة و هكذا.

-ويرد عليه جميع ما أوردناه على سابقيه.

-المحاولة الرابعة: ما ذكره في الحدائق أيضاً، حيث قال: " ويحتمل خروج بعضها مخرج التقية إلاّ أنّه لا يحضرني الآن مذهب العامّة في هذه المسآلة"[3] .

وعلّق المحقق السبحاني (د.ظ) على قوله بالقول: " إنّ أحداً من العامّة لم يذهب إلى القول بثلاث عشرة، نعم قال الشافعي وجماعة بأنّ سنّ البلوغ في الذكر هو الخمس عشرة"[4] .

وعلى ما ذكره فاللازم تخريج روايات الخمس عشرة على التقية والعمل بالثلاث عشرة.

إلاّ أنّ جعل المورد من موارد الحمل على التقية بعيد في الغاية؛ لأنّ العادة تقضي صدور خبر واحد أو خبر تقية، وإكثار الروايات الأخرى لتعريف الشيعة بوجوده مشكلةٍ في بيان الحكم، لا في مثل موردنا حيث أنّ روايات الطرفين متكافئة عدداً.

أضف إلى ذلك أنّ هذا في حقيققته ليس جمعاً بين الأخبار وإنّما هو ترجيح؛ لأنّ الأخذ بمخالفة العامّة جعله الأئمة (ع) من المرجحات؛ لاستبانة الخبر الصحيح الواقعي من الخبر الوارد مورد الصورة دون الحقيقة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo