< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

42/03/10

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الاجتهاد و التقليد/ علامات بلوغ الذكر العلامة الثالثة : العمر المعين (روايات الثلاثة عشر سنة- الرواية الخامسة)

 

علامات بلوغ الذكر العلامة الثالثة : العمر المعين (روايات الثلاثة عشر سنة):-الرواية الخامسة:

ما رواه الصدوق، بإسناده عن الحسن بن سماعة، عن آدم بيّاع اللؤلؤ، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال: "إذا بلغ الغلام ثلاث عشرة سنة كتبت له الحسنة وكتبت عليه السيئة وعوقب، وإذا بلغت الجارية تسع سنين فكذلك، وذلك إنّها تحيض لتسع سنين"[1] .

قال الحرّ العاملي: ورواه الكليني، عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة.

والسند في الكافي، كالتالي: حميد بن زياد، عن الحسن، عن جعفر بن سماعة، عن آدم بيّاع اللؤلؤ، عن عبد الله بن سنان.-آدم بيّاع اللؤلؤ:

وهو آدم بن المتوكل أبو الحسين بيّاع اللؤلؤ.

قال النجاشي: " كوفي ثقة".

وهنا توجد في الرجل مشكلتان تحتاجان إلى حلّ:

-وأمّا الثانية: فالظاهر أنّ نسخة كتاب الرجال للنجاشي التي وصلت إليه (ره) كانت كلمة (ثقة) ساقطة، إذ أنّ كلّ من نقل ترجمة الرجل في كتاب النجاشي كالتفريشي والميرزا الإسترآبادي والمولى عناية الله، وصاحب الوسائل، وأبي علي، وغيرهم ذكر اشتمال الترجمة على توثيقه.

وكيف كان فالرجل لا إشكال في وثاقته، ولم يناقش فيه أحد لا ممّن تقدم على ابن داوود، ولا ممّن تأخّر عنه.

-وأمّا عبد الله بن سنان:

فلا ريب في جلالته، وتقدّم معنا في روايات عديدة جلالة قدره وعلو شأنه.

وعلى هذا فالرواية موثّقة، قابلة للاستدلال.

-وأمّا من جهة الدلالة:

فلا ريب في صراحتها في تحقق البلوغ بثلاث عشرة سنة؛ لأنّه لا نفهم معنىً لقوله: "كتبت له الحسنة وكتبت عليه السيئة وعوقب"[2] ، إلاّ كوّنه مكلّف، إذ لو فرضنا قبول كتابة الحسنات لغير البالغ تفضّلاً أو استحقاقاً لكون عباداته شرعية يؤحر عليها، فلا يمكن قبول كتابة السيئات عليه وعقابه عليها إذا لم يكن مكلّفاً بالفعل بها، وهذا يعني أنّ التكليف متوجهٌ إليه عند بلوغه الثالثة عشر، وهو المطلوب.

وبعد هذا العرض الطويل لروايات البلوغ بثلاث عشرة، نصل إلى النتيجة التالية:

أنّ التام من رواياته المتقدمة هي الرواية الأولى والثانية لعبد الله بن سنان، كما أنّ الرواية الأخيرة موثّقة ودلالتها كلّها واضحة، وتبقى رواية أبي حمزة الثمالي فقبلنا تأييدها، كما أنّ رواية عمار الساباطي بناءً على مبنى المحقق الخوئي (قده) من أنّ المراد من محمد بن الحسين هو محمد بن الحسين بن أبي الخطاب فتكون صحيحة ودلالتها واضحة.

ولو خلينا نحن و هذه الأخبار لحكمنا بالبلوغ به دون ريب، ولأمكن الفتوى بلا شكّ، إلاّ أنّه لا بدّ وأن نلاحظ روايات الخمس عشرة المتقدمة ونسبتها إلى هذه الروايات لنرى الأرجح.

فإنّ رواية حمران ضعيفة السند بعبد العزيز، ورواية الكناسي مجهولة بالكناسي، ورواية العباس بن عامر مرسلة، ورواية معاوية بن وهب مجملة في دلالتها.

ويترتب على ذلك:

-أولاً: لا ريب في تقديم الصحيح والموثق مع ظهور الدلالة أو صراحتها على الضعيف والمرسل والمجمل، فلا ريب في تقديم روايات الثلاث عشرة على روايات الخمس عشرة، بل إنّ روايات الخمس عشرة مع ضعفها لا تعتبر معارضة لروايات الثلاث عشرة؛ لخروجها عن الحجية سنداً ودلالةً أو دلالةً فقط، ومن الواضح أنّ ما لا حجية فيه لا يعارض ما ثبتت حجيّته.

-ثانياً: أنّه حتى لو قلنا بأنّ المشهور عمل بروايات الخمس عشر وترك العمل بغيرها، فهذا لا يوجب معارضتها لها فضلاً عن ترجيحها عليها، وذلك لأنّ دعوى الانجبار حجية عامّة ووثاقة الأخبار حجية خاصّة، ولا ريب في لزوم تقديم الحجية الخاصّة على العامّة.

وبعبارةٍ أخرى:

لو سلّمنا بكبرى الانجبار فهذا مختصٌ في الروايات الضعيفة مع عدم معارضتها برواياتٍ صحيحة وموثّقة، وأمّا في فرض المعارضة فلا يمكن قبوله لأنّ حجية الخبر الموثّق سنداً أقوى من حجية الخبر الموثّق بكبرى الانجبار.

فإن قلت: إنّ العبرة بالخبر الموثوق لا تجبر بالثقة، فكما أنّ صحة السند أمارة للوثوقية فكذلك الانجبارية أمارةٌ عليه.

قلت: على فرض التسليم به، فأمارية التوثيق بالسند أقوى من أمارية التوثيق بالانجبار؛ لأنّ التوثيق بالسند حسّي بينما التوثيق الانجباري حدسي.

-ثالثاً: إنّ دعوى الإجماع على تحقق البلوغ بخمسة عشر من جماعةٍ من الفقهاء على رأسهم الشيخ النجفي في الجواهر، حيث قال: على المشهور بين الأصحاب في المقام شهرةً كادت تكون إجماعاً، كما اعترف به في المسالك، بل نقلها مستفيضاً أو متواتراً كالإجماع صريحاً وظاهراً على ما في مفتاح الكرامة، حيث قال: كادت تبلغ إجماعات المسألة اثنى عشر إجماعاً من صريحٍ وظاهرٍ و مشعرٍ به، بل هو معلوم، وربّما يشهد له التتبع، بل ربّما يزيد على ذلك مع إطلاق الإشعار؛ لأنّه حكاه العلامة الطباطبائي في صريح الغنية، والظاهر كالنصّ عن الخلاف والتذكرة، و ظاهر مجمع البيان، وكنز العرفان، وكنز الفوائد، والمسالك والمسالك الجوادية، وتلويح المنتهى، وكشف الرموز.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo