< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

42/02/24

بسم الله الرحمن الرحيم

 

موضوع: الاجتهاد و التقليد/ علامات بلوغ الذكر العلامة الثالثة : العمر المعين (روايات الثلاثة عشر سنة- الرواية الرابعة)

 

-شروط التكليف:الشرط الأول: البلوغ المسألة الأولى: علامات بلوغ الذكر

ذكرنا في الدروس السابقة أنّ العلامات المتفق عليها بين الفقهاء هي: نبات الشعر الخشن على العانة والاحتلام، وأمّا العلامة الثالثة، وهي تحديد البلوغ بالعمر فهي محل اختلاف بين الفقهاء، والمشهور بينهم تحديد البلوغ بخمسة عشر سنة هجرية، والقول الآخر تحديد البلوغ بثلاثة عشر سنة هجرية، وقد عرضنا قول المشهور وأدلّته وناقشناها وانتقلنا للبحث في القول الثاني.

-أدلّة القول الثاني: تحديد البلوغ بثلاثة عشر سنة هجرية:

استدلّ أصحاب هذا القول بعدّة روايات ذكرنا ثلاثة منها في الدروس السابقة، ووصلنا إلى الرواية الرابعة.

-الرواية الرابعة :

ما رواه الشيخ الطوسي في التهذيب والاستبصار بإسناده، عن محمد بن علي بن محبوب، عن محمد بن الحسين، عن أحمد بن الحسن بن علي، عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق بن صدقة، عن عمار الساباطي، عن أبي عبد الله (ع)، قال: " سألته عن الغلام متى تجب عليه الصلاة؟

فقال: إذا أتى عليه ثلاث عشرة سنة، فإن احتلم قبل ذلك فقد وجبت عليه الصلاة، وجرى عليه القلم، والجارية مثل ذلك إن أتى لها ثلاث عشرة سنة، أو حاضت قبل ذلك فقد وجبت عليها الصلاة، وجرى عليها القلم "[1] .

وجرياً على منهجنا في ذكر البحث السندي ثمّ الدلالي للروايات نتابع في البحث السندي لهذه الرواية، وذكرنا في الدروس السابقة أنّ إسناد الشيخ الطوسي إلى ابن محبوب هو: الشيخ الطوسي عن الحسين بن عبيد الله عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار عن أبيه عن محمد بن علي بن محبوب.

وذكرنا سابقاً أننا أثبتنا أنّنا نحتاج إلى دراسة الإسناد كما نحتاج إلى دراسة السند، وقد أثبتنا في الدروس السابقة وثاقة الحسين بن عبيد الله، وانتقلنا للحديث حول أحمد بن محمد بن يحيى العطار وهذا الرجل لم يُذكر في حقّه مدحٌ ولا ذمّ، وبحسب قواعد علم الرجال يكون مجهول، وهو عند المتأخرين من الرجاليين يُعامل معاملة الضعيف، وأمّا عند جملة من القدماء فحيث يبنون على أصالة العدالة فعندهم المجهول يُعامل معاملة الثقة، وحيث أنّ الرجل مُكثر في الرواية جرت عدّة مُحاولات لتوثيقه، ووصلنا إلى المحاولة الأخيرة وهي للسيد رضا السيستاني حفظه الله.-محاولة السيد رضا السيستاني لتوثيق أحمد بن محمد بن يحيى العطاروحاصلها يرجع إلى قرينتين ادعى إفادتهما توثيقه:

-القرينة الأولى : أنّ الصدوق (قده) قد أكثر من الترضي عليه في مواضع شتى من كتبه كالعلل ومعاني الأخبار ومن لا يحضره الفقيه، والمشيخة، وفضائل الأشهر الثلاثة، وثواب الأعمال وكمال الدين وعيون أخبار الرضا (ع)، والملاحظ خلوها من الترضّي على مشايخه من غير الإمامية، وأمّا مشايخه منهم فقد ترضى على أكثرهم، وربّما على جميعهم، والترضي من علمائنا القدماء يدلّ على الجلالة التي هي فوق الوثاقة.

وقال في بيان ذلك: أنّ الترضي ليس مجرد دعاء يصحّ أن يطلق في حقّ كلّ أحد، فهو ليس كالترحّم، ومن تتبع كتب السابقين من الخاصّة والعامّة يلاحظ عدم استعمال الترضي في كلماتهم إلاّ بحقّ العظماء والأجلاء عندهم، فهو قد تحوّل إلى لفظ تكريمٍ وتعظيمٍ على لسان المتشرعة، وإن كان مدلوله اللغوي مجرد الدعاء، ونظيره لفظة (عليه السلام) التي لا تطلق عند العامّة إلاّ في حقّ النبي الأعظم (ص)، ولا تطلق عندنا إلاّ في حقّ المعصومين (ع) ومن يدانيهم في الرتبة، كبعض الشهداء مثل العباس (ع) مع أنّها بحسب معناها اللغوي لا تختص بهم.

والحاصل: أنّ الترضي ليس محض دعاء -كما قيل- بل يدلّ على التعظيم والتبجيل.

-القرينة الثانية : أنّ أحمد بن محمد بن يحيى لم يكن صاحب كتاب أو أصل، وإلاّ لعنونه الشيخ والنجاشي، لأنّهم ذكروا أصحاب الكتب والأصول ولم يذكروه في ضمنهم، وعليه فإنّ أحمد بن محمد إنّما كان يجيز رواية كتب أبيه ومروياته، فدوره في نقل الأحاديث كان شرفيّاً بحتاً؛ لاتصال السند، وعدم وثاقته لا يضرّ بصحّة الحديث المنقول عن طريقه[2] .


[2] - قبسات من علم الرجال، أبحاث السيد محمد رضا السيستاني، جمعها ونظمّها: السيد محمد البكّاء، دار المؤرخ العربي، ط: 1، بيروت، 1437ه-2016م، ج1، ص184.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo