< فهرست دروس

الأستاذ الشیخ سامر عبید

بحث الفقه

41/01/18

بسم الله الرحمن الرحيم

موضوع: الاجتهاد و التقليد/ مسائل في الاجتهاد و التقليد /النظرية الثانية والثالثة والرابعة .

 

النظرية الثانية : أنّ ملاك الوجوب العقلي فيما نحن فيه دفع الضرر المحتمل ، وقد ذكره جماعة ، وتقريبه :

أنّه لا ريب في فعلية الأحكام الشرعية في حقنا فيجب امتثالها ، ولا ريب في أنّ مخالفتها وإهمالها يستوجب التعرض لغضب الله تعالى وعقابه، وهذا ضررٌ يستقل العقل بلزوم دفعه بالتعرض لامتثالها ، ولا طريق إلى ذلك إلاّ بأحد هذه البدائل الثلاثة .

وهذه النظرية وإن كانت صحيحة في حدّ ذاتها ، ولكن يمكن الإشكال عليه :

بأنّ قاعدة دفع الضرر المحتمل ملاك للوجوب الفطري وليس ملاكاً للحكم العقلي ، وإن كان يصلح له ولكن لا اختصاص له فيها ، كما هو الحال في وجوب شكر المنعم ، ولكن لا بأس به كملاك ولو من بعيد ؛ لأنّ كلّ ما يصلح أن يكون ملاكاً للوجوب الفطري يصلح لأن يكون ملاكاً للوجوب العقلي .

النظرية الثالثة : أنّ ملاك هذا الوجوب هو جلب المنفعة البالغة ، احتمله بعضهم ، ومعناه :

أنّ العقل البشري يُلزم الإنسان بالتحرك نحو المنفعة بالغة الأهمية إلى درجة لو لم يتحرك نحوها لتحصيلها ، كان قد فعل قبيحاً ، ولا ريب في أنّ الأحكام الشرعية تحمل مصالح ومنافع بالغة وشديدة يوجب عدم الاهتمام في تحصيلها فعل القبيح .

ويرد عليه :

أولاً : أنّ المنافع العظيمة تحصيلها حسن ولكن لا يدرك العقل وجوب ، والشاهد على ذلك أنّ هناك أعمال وأشغال في الدنيا تحتوي على مصالح كبيرة ، ومنافع عظيمة ومقدورة وميسرة لكثير من العباد ، ولكن لا ندرك لزوم تحصيلها بعقولنا .

ثانياً : ماذا تقصدون من أنّ العقل يحكم بقبح تركها وعدم تحصيلها ؟

فهل المقصود استحقاق العقاب على الترك ؟ فهذا عودٌ إلى النظرية الثانية ، وأنّ الوجوب بملاك دفع الضرر المحتمل ، لا بعنوان المنافع البالغة .

وإن كان المقصود مجرد القبح دون ترتب العقاب؟ فهذا لا ننكره ، ولكنّه لا يستوجب سوى الحُسن دون الإلزام فلا ينفع ملاكاً للوجوب .

النظرية الرابعة : ملاك الاستحقاق .

ذكر البعض أنّ العقل إنّما يحكم بوجوب أحد هذه البدائل لكون المولى الواجب الطاعة علينا مستحقاً لذلك ، فكونه مستحقاً للطاعة يستقل العقل بلزوم امتثال أحكامه بأحد هذه الطرق ، كما في قول علي (ع) فيما روي عنه : "إلهي ما عبدتك خوفاً من نارك ، ولا طمعاً في جنتك ، بل وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك"[1] ، فهنا كأنّه (ع) يقول الملاك عنديفي عبادتي لله الاستحقاق ، لا خوف العقاب ، وإن كان مخيفاً ، ولا الطمع بالجنة ، وإن كان يرجوها ، هنا أيضاً العقل وبسبب إدراكه لحقّ الطاعة للمولى على العباد يستقل بوجوب امتثال تكاليفه بأحد هذه الطرق والبدائل .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo