< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/10/11

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الواجب المؤقّت / الإشكال غير وارد علی دعوي الآخوند الخراسانيّ/

 

ذكرنا في الجلسة السابقة إشكال الميرزا النائينيّ على دعوى الآخوند الخراسانيّ وتقرير السيّد الخوئيّ للإشكال.

ولكنّ الإشكال غير وارد على دعوى الآخوند الخراساني، لأنّه لم يفصّل بين القرينة المتّصلة والقرينة المنفصلة مطلقاً، وإنّما قال في المنفصلة بأنّه إذا لم يكن فيها إطلاق، فيمكن الأخذ بإطلاق دليل الواجب، وهذا كما يمكن الالتزام به في التقييد بالزمان فكذلك في التقييد بالزمانيّات ولا يلزم منه سدّ باب حمل المطلق على المقيّد، لأنّ حمل المطلق على المقيّد إنّما يكون فيما نفى الدليل المقيّد إطلاق الدليل المطلق، بينما يکون الفرض فيما نحن فيه أنّ الدليل على دخل الوقت في الواجب لا إطلاق فيه من حيث مدخليّة الوقت في مطلوبيّة الواجب حتّى يتسبّب بنفي إطلاق دليل الواجب من حيث المطلوبيّة من باب تقدّم إطلاق الدليل المقيّد على إطلاق الدليل المطلق، وإلا فلا إشكال في عدم دلالة دليل الواجب على لزوم إتيان الواجب بعد الوقت.

ومن العجيب كلام السيد الخوئيّ في تقييد دليل: «أعتق رقبة» بدليل «أعتق رقبة مؤمنة»، إذ من المعلوم أنّ الدليلين مثبتان، وليس للدليل الثاني أن يقيّد الأوّل، ولا يعني عدم إجزاء عتق رقبة غير المؤمن في الدليل الثاني تقييد الدليل الأوّل بالدليل الثاني؛ إلا إذا عُلم أنّ للدليلين امتثالاً واحداً حيث يكون التقييد بقرينة خارجيّة.

والسيّد الخوئيّ سلّم في الخاتمة بدعوى المحقّق الخراسانيّ نظراً لما تقدّم منه في توجيه كلامه ـ من حمل عدم الإطلاق على عدم إطلاق الدليل المنفصل من حيث الاضطرار ـ وقال: «قد تحصّل‌ من مجموع ما ذكرناه أنّ الدليل المقيّد ظاهر في تقييد دليل الواجب من الابتداء ويدلّ على أنّ مراد المولى بحسب اللبّ والواقع هو المقيّد دون المطلق، ولا يفرق في ذلك بين كون الدليل الدالّ على التقييد متّصلاً أو منفصلاً، وكون القيد زماناً أو زمانيّاً. غاية الأمر إذا كان منفصلاً ولم يكن له إطلاق وكان لدليل الواجب إطلاق، فيدلّ على تقييده بحال دون آخر وبزمان دون زمان آخر، وهكذا.

فالنتيجة في المقام هي أنّ مقتضى القاعدة سقوط الأمر عن الموقّت بانقضاء وقته وعدم وجوب الإتيان به في خارج الوقت إلا فيما قامت قرينة على ذلك[1]

والظاهر من كلامه أنّه لا يرى إشكال المحقّق النائيني ناظراً إلى مدّعى المحقّق الخراساني وإنّما يرد على من فرّق بين القرينة المتصلة والمنفصلة على الإطلاق.

والإشكال الوارد عليه إنّما هو اعتباره سقوط الأمر بانقضاء الوقت من مقتضى القاعدة في الواجب المؤقّت، بينما إذا كان دليل الوقت منفصلاً، فهو متوقّف على وجود الإطلاق في دليل الوقت، وهذا الإطلاق لا يطابق القاعدة فيحتاج إلى دليل.

فالإشكال الوارد على دعوى المحقّق الخراسانيّ ـ كما ذكره السيد الخميني أيضاً[2] ـ أنّ افتراض عدم وجود الإطلاق في دليل منفصل دالّ على اشتراط الوقت في الواجب المؤقّت هو خروج عن محلّ الكلام؛ إذ لن يدلّ دليل التوقيت في هذه الصورة على تقييد الواجب بالوقت بل يدلّ على لزوم مراعاة الوقت من باب تعدّد المطلوب، ولذلك فإنّ الفرق المفترض بين موارد الشرط والقيد هو أنّ الشرط يدلّ على تعدّد المطلوب وللمشروط أن يستمرّ بانتفائه أيضاً، بينما القيد يدلّ على وحدة المطلوب ولن يستمرّ المقيّد بانتفائه.

ومن هنا قال المحقّق الإيروانيّ أيضاً في الإشكال على دعوى المحقّق الخراسانيّ: «فيه: أنّ مدلول دليل الواجب وجوب واحد بسيط أكيد، فإذا رفع اليد عن هذا المدلول برفع اليد عن تأكّده فماذا يبقى ليؤخذ به؟ وليس لصيغة «افعل» كالعام المخصّص والمطلق المقيّد مداليل عرضيّة يؤخذ ببعضها بعد رفع اليد عن البعض الآخر، ولذا لم يلتزم المصنّف فيما تقدّم بدلالة دليل المنسوخ على الاستحباب بعد رفع اليد عن ظهوره في الوجوب بدليل الناسخ، وقد أشرنا هناك إلى أنّ نسبة الاستحباب إلى الوجوب كنسبة أصل الوجوب إلى الوجوب الأكيد، فلا وجه للتفكيك بين المقامين.»[3]

فالواقع أنّ إشكاله مبنيّ على أنّه على الرغم من افتراض تقييد الواجب بالوقت ولكن لا يمكن القبول بفرض تعدّد المطلوب، بل ليس للتقييد معنى إلا وحدة المطلوب، وينتفي المطلوب برفع القيد.

فيمكن القبول بأنّ ظاهر دليل الواجب المؤقّت يدلّ على عدم إمكان امتثاله بعد الوقت، وثبوت القضاء بأمر جديد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo