< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

44/10/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الواجب المؤقّت / أنظار العلماء في تعريف الواجب المؤقّت/

 

الواجب المؤقّت

كلّ فعل خارجيّ فهو يقع مقيّداً بظرف زمنيّ معيّن، ولكنّ الظرف الزمنيّ قد يکون دخيلاً في بعض الواجبات بحيث يعيّن الشارع ظرف الواجب أيضاً، فليس هذا الواجب لا بشرط بالنسبة إلى الزمان ويسمّى الواجب المؤقّت، ومن الواجبات ما ليس مشروطاً بزمان معيّن والظرف الزمنيّ ليس دخيلاً في الواجب ممّا يسمّى الواجب غير المؤقّت، كنذر صوم غير معيّن.

أمّا المحقّق العراقيّ فقد اعتبر الواجب المؤقّت أعمّ من المأمور به الذي أخذ الزمان في مادّته أو الذي أخذ في هيئته.[1]

ولكنّه مرفوض، لأنّ المراد من الواجب المؤقّت ليس إلا الواجب الذي أخذ الزمان في مادّته، إذ يلزم من أخذ الزمان في الهيئة كون الوجوب مشروطاً بالزمان لا أن يؤقّت الواجب، وتختلف آثار هذين اختلافاً تامّاً، ويستلزم قول المحقّق العراقيّ تصرّفاً في الاصطلاح.

والواجب المؤقّت يصنّف إلى قسمين: يكون الزمان في القسم الأوّل دخيلاً في الواجب بمقدار إتيان الواجب بنحو لا يمكن تكرار الفعل في ذلك الزمان ويسمّى هذا القسم واجباً مضيّقاً، كالصوم في شهر رمضان والحجّ؛ والزمان الدخيل في الواجب في القسم الثاني أوسع من زمان الإتيان بنحو يمكن فيه تكرار الفعل ويسمّى الواجب الموسّع، كالصلاة.

وقد أورد المحقّق الخراسانيّ على الواجب الموسّع إشكالاً وردّ عليه.

بيان الإشکال: أنّ المكلّف في الواجب الموسّع مخيّر بين أن يأتي به في الزمان الأوّل أو الثاني، ويلزم منه أن يكون الواجب الموسّع من أقسام الواجب التخييريّ.

وأجاب عن الإشكال بأنّه لا فرق بين تخيير المكلّف في امتثال التكليف بين أفراد الطبيعة التدريجيّة والطوليّة زماناً، وبين تخييره في امتثال التكليف بين أفراد الطبيعة الدفعيّة والتي تكون في عرض واحد، والحاكم بالتخيير في الاثنين هو العقل لا الشرع، ولا ينافي حكم العقل بهذا التخيير كون الوجوب تعيينيّاً.[2]

وقال المحقّق الاصفهاني في بيان دعوى الآخوند: ما يجب بواسطة تعلّق الأمر بالطبيعة على المكلّف في الواجبات الموسّعة هو «الكون المتوسّط»، بمعنى أنّ الشارع مثلاً يطلب من المكلّف صلاةً بين الزوال وغروب الشمس ممّا لا بدل له حتّى يكون وجوباً تخييريّاً، والصلاة في الوقت الأوّل أو الثاني أفراد هذا المطلوب وليست بنفسها متعلّقاً للوجوب.[3]

وأورد المحقّق النائينيّ أيضاً إشكالاً آخر على وجود كلّ من الواجب الموسع والمضيّق، وردّ عليه حيث قال في بيان الإشکال علی الواجب الموسّع أنّ كون الواجب موسّعاً يستلزم ترك الواجب في أوّل وقته وهذا ينافي وجوبه.

ثمّ أجاب على الإشكال قائلاً: إذا ترتّب الغرض على صرف وجود الطبيعة، فينتج عنه أنّه كما لا تختلف أفراد الطبيعة العرضيّة زماناً في تحصيل الغرض وجواز ترك فرد من أفراد الطبيعة والإتيان بالفرد الثاني الذي يكون في عرض واحد معه، فكذلك لا تختلف أفراد الطبيعة الطوليّة زماناً، والنتيجة ذاتها تترتّب من حيث الأفراد الطوليّة، وملاك تحصيل الغرض في الأفراد الطوليّة والعرضيّة واحد.[4]

وبعبارة أُخرى فمراده أنّه إذا تعلّق الأمر بالطبيعة، فالترك المبغوض هو ترك الطبيعة الناتج عن ترك جميع أفرادها خارجاً، ولا يكون ترك أحد أفرادها مبغوضاً، ولا فرق في ذلك بين الأفراد الطوليّة والعرضيّة، والدعوى تامّة فيمكن الالتزام بها.

وأشكل المحقّق النائينيّ أيضاً على الواجب المضيّق فقال: الانبعاث متأخّر عن البعث ولذلك فإنّ زمان الوجوب ينبغي أن يكون قبل زمان الواجب، فيجب أن نلتزم بأنّ الوجوب تحقّق آناً قبل زمان الواجب حتّى يمكن الانبعاث منذ أوّل وقت الواجب، ومن جهة أُخرى لأن لا يستدعي الأمر تقدّم المعلول على علّته، وينتج عنه خلوّ شطر من زمان الوجوب من الواجب، وهو خلاف فرض الواجب المضيّق.

ثمّ ردّ على الإشكال فقال: إنّ تقدّم البعث على الانبعاث تقدّم رتبيّ لا زمانيّ، فلا يشكل تزامن البعث والانبعاث، كما لا يوجد تقدّم وتأخّر زمانيّ بين العلّة ومعلولها على الرغم من تقدّم العلّة على المعلول رتبةً. نعم، يلزم أن يعلم المکلّف قبل زمان الواجب بحدوث الوجوب منذ أوّل زمان الواجب حتّى ينبعث في هذا الزمان، ولعلّ المستشكل قد خلط بين التقدّم الزمانيّ للعلم بالبعث على الانبعاث، وبين التقدّم الزمانيّ للبعث نفسه على الانبعاث.[5]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo