< قائمة الدروس

بحث الفقه الأستاذ سیدعلي الموسوي‌اردبیلي

45/11/16

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: القسم والنشوز والشقاق / القسم / تقدّم حقّ الزفاف - مسقطات حقّ القسم

 

ذكرنا في الجلسة السابقة كيفيّة دخول الزوجة الجديدة إلى الدور وقلنا: إنّ مقالة الأصحاب في هذا الشأن مشكلة.

غير أنّ الشهيد الثاني قال في نهاية كلامه: «لو تزوّج في أثناء القسم، ظلم من بقي بتأخير حقّها بعد حضوره ولا يؤثّر في تقديم الجديدة، ويجب التخلّص من مظلمة المتأخّرة على الوجه الذي ذكرناه.»[1]

ولكن يعلم ممّا تقدّم أنّ النكاح في أثناء الدور لا يعدّ ظلماً للزوجات السابقات، إذ قلنا: إنّ الزوج إذا كان يؤدّي حقّ القسم لهنّ ليلةً ليلةً، فإنّ النكاح الجديد لا يسبّب إخلالاً فيه، وإن كان يؤدّيه بنحو آخر باتّفاق معهنّ، فمعلوم أنّ التوافق مع الزوجات السابقة لا يمكن تطبيقه بالنسبة إلى الزوجة الجديدة وهو يؤدّي إلى تضييع حقّها، إذن التوافق السابق كان مشروطاً بعدم وجود زوجة جديدة، والنكاح من الزوجة الجديدة إحداث لموضوع جديد لا تضييع لحقّ الزوجات السابقة مع بقاء الموضوع.

ثمّ إنّ الفرض الآخر في المسألة هو أن يسقط حقّ القسم للزوجة بنشوزها ـ کما قيل ـ ثمّ تعود إلى طاعة الزوج بعد مدّة ويثبت لها الحقّ من جديد، حيث يثبت لها الحقّ في ليلة من أربع ليال منذ عودتها إلى طاعته، وأمّا كيفيّة أداء الزوج حقّها فهو كما تقدّم في الزوجة الجديدة.

الملاحظة العاشرة: إذا نكح الزوج عدّة زوجات في ليلة واحدة، فمن المقدّم حقّها في الزفاف، وهل يكون ذلك باختيار الزوج أم لا؟

قلنا سابقاً في حقّ القسم أنّ اختيار الترتيب ابتداءً بيد الزوج وإن لزم بعدئذٍ العمل طبقاً للترتيب المعيّن ابتداءً، ولا يحقّ له تغيير الترتيب من دون إذن الزوجات.

ولكن لا يمكن الالتزام بذلك في حقّ الزفاف، لأنّ الذي دعا إلى اتّخاذ هذا المبنى في حقّ القسم هو لسان أدلّة حقّ القسم التي ورد فيها ثبوت حقّ القسم لكلّ زوجة بمقدار ليلة من أربع ليال ولم يرد فيها فوريّة أداء هذا الحقّ للزوجة. ولذلك لا تعارض بين حقوق الزوجات في الليالي، بل غاية ما يحقّ للزوجة هو أن يبيت عندها بالنحو المذكور.

وأمّا في حقّ الزفاف، فإنّ لسان أدلّته بحيث يستفاد منه الفوريّة، ويؤيّده تعبير «حِدثان عُرسها» الوارد في مضمرة سماعة، بل إذا قبلنا بمضمرات سماعة ـ وهو الحقّ ـ فهذا يعدّ دليلاً في حدّ ذاته، ولذلك افترض الأصحاب تقديم حقّ زفاف الزوجة الجديدة على حقّ القسم للزوجات السابقة من المسلّم به.

وعليه فيتعارض حقّ زفاف الزوجات المذكورات ولا مرجّح لأيّة واحدة، وجعل ميل الزوج وإرادته مرجّحاً لحقّ إحداهنّ ممّا يحتاج إلى دليل شرعيّ، ومن دونه فإنّ القاعدة تقتضي الرجوع إلى القرعة لتعيين المقدّم والمؤخّر من الزوجات على أساسه.

فخلافاً للمحقّق ـ الذي جعل خيار التعيين في كلتا المسألتين بيد الزوج ـ فهو ممّا لا يمكن الالتزام به هنا وينبغي الرجوع إلى القرعة.

قال المحقّق الحلّي: «وتسقط القسمة بالسفر. وقيل: يقضي سفر النقلة والإقامة دون سفر الغيبة.

ويستحبّ أن يقرع بينهنّ إذا أراد استصحاب بعضهن. وهل يجوز العدول عمّن خرج اسمها إلى غيرها؟ قيل: لا، لأنّها تعيّنت للسفر؛ وفيه تردّد.

ولا يتوقّف قسم الأمة على إذن المالك، لأنّه لا حظّ له فيه.

ويستحبّ التسوية بين الزوجات في الإنفاق وإطلاق الوجه والجماع، وأن يكون في صبيحة كلّ ليلة عند صاحبتها، وأن يأذن لها في حضور موت أبيها وأُمّها، وله منعها عن عيادة أبيها وأُمّها وعن الخروج من منزله إلا لحقّ واجب.»[2]

المطلب الأول: مسقطات حقّ القسم

يسقط حقّ القسم بأُمور:

1 ـ السفر

إذا سافر الزوج، فهل يجب عليه اصطحاب زوجاته؟

قال الشيخ في المبسوط: «إذا أراد أن يسافر بزوجاته وكنّ أربعاً، كان له، وإن أراد أن لا يسافر بواحدة منهنّ، كان له، لأنّ الذي عليه هو توفية حقوقهنّ من النفقة والكسوة والسكنى دون الإيواء إليهنّ والكون معهنّ.»[3]

والحقّ ما ذهب إليه الشيخ في المسألة، فلا دليل على وجوب اصطحاب الزوجة على الزوج، بل قد يدّعى ثبوت سيرة المتشرّعة على خلافه. ولذلك قال صاحب الجواهر معلّلاً للدعوى: «للإجماع الفعليّ من المسلمين على المسافرة كذلك من غير نكير.»[4]

ثمّ إذا لم يجب عليه اصطحاب الزوجات، فهل يجب عليه قضاء قسمهنّ في مدّة السفر؟

سنتناول البحث في هذا الموضوع في الجلسة القادمة إن شاء الله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo