< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

34/02/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 عن الإمام الهادي (عليه السلام): الْغَضَبُ عَلَى مَنْ تَمْلِكُ لُؤْمٌ [1] .
 وهذا لا يعني إن الغضب على الآخرين ليس قبيحاً وإنما يعني أن الغضب على من تملكه أقبح.
 وأما معنى الغضب فهو أضرام نار العواطف بحيث تغلب على قوة العقل فيقود الإنسان ليتخذ قرارات ربما عصفت بحياته وحياة الآخرين فلا تترك في الغالب إلاّ الحسرة والندم.
 ولذلك إن الآيات القرآنية تحث أن يعمل الإنسان على احتواء الفلتان النفسي فيقول: وَالْكاظِمينَ الْغَيْظَ [2] أو: وَ إِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ! [3] ، إن كثيراً من حالات القتل والطلاق والقطيعة والتفكك في الكيانات الاجتماعية ينشأ من الغضب! إن الأمن الاجتماعي من القضايا الأساسية في حياة الإنسان ولذلك إن تهديد إلاّ من الاجتماعي من أكبر الجرائم فلو أن شخصاً أخاف الناس بالسلاح الأبيض ـ وان لم يفعل شيئاً ـ يعد محارباً ويعاقب بما حددته الآية!
 طرق احتواء الغضب
 لاحتواء الغضب طرق:
 1ـ إن يزكي الإنسان نفسه ويتمرن فتقوى شخصيته فيصمد أمام الغضب أمواج العاتية كما تقول الآية: وَالْكاظِمينَ الْغَيْظَ [4] .
 2ـ الخروج من البيئة التي تحفز على الغضب.
 عود على بدء
  يقول الإمام الهادي (عليه السلام) لو غضبت على الذين تحت ولايتك إنك تستحق بذلك كل أنواع الذم والادانه واللوم لأنهم لا يملكون أمامك وسيلة للدفاع عن أنفسهم. ففي الرواية:
 عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) قَالَ: لَمَّا دَعَا نُوحٌ رَبَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى قَوْمِهِ أَتَاهُ إِبْلِيسُ فَقَالَ يَا نُوحُ إِنَّ لَكَ عِنْدِي يَداً أُرِيدُ أَنْ أُكَافِئَكَ عَلَيْهَا ـ إِلَى أَنْ قَالَ ـ اذْكُرْنِي فِي ثَلَاثِ مَوَاطِنَ فَإِنِّي أَقْرَبُ مَا أَكُونُ إِلَى الْعَبْدِ إِذَا كَانَ فِي إِحْدَاهُنَّ اذْكُرْنِي إِذَا غَضِبْتَ وَ اذْكُرْنِي إِذَا حَكَمْتَ بَيْنَ اثْنَيْنِ وَ اذْكُرْنِي إِذَا كُنْتَ مَعَ امْرَأَةٍ خَالِياً وَ لَيْسَ مَعَكُمَا أَحَدٌ [5] .
 * * *
 عنوان البحث الفقهي: حكم قصد الزيادة والنقصان
 إن السيد الماتن بعد معالجة السابع من واجبات الطواف وهو الطواف أسبوعاً يبدأ ببحث أربع عشرة مسألة أولها المسألة 14 وهي: لو قصد الإتيان زائداً عليها أو ناقصاً عنها بطل طوافه ولو أتمه سبعا والأحوط إلحاق الجاهل بالحكم بل الساهي والغافل بالعامد في وجوب الإعادة.
 كان يجدر بالسيد الماتن إن يستعرض أصل المسألة في الطواف وهو الزيادة والنقصان ثم يتطرق إلى نية الزيادة والنقصان بمعنى أن نية الزيادة والنقصان مبطلة أم لا؟ نادراً ما تطرق الفقهاء لنية الزيادة والنقصان وقد أنصب اهتمامهم في الأكثر على أصل الزيادة أعني إنه من طاف سبعة أشواط ثم أضاف شوطاً واحداً.
 مهما كان لا يوجد نص خاص في المسألة فلم يبق أمامنا إلاّ معالجة المسألة وفقاً للقواعد، وعليه لو أن شخصاً نوى ستة أشواط أو ثمانية لم ينو المأمور به فيصبح العمل باطلاً كما لو نوى المكلف الصلاة خمسة ركعات أو ثلاثة فان صلاته باطلة حتى وان أنهى المكلف الصلاة خمسة ركعات أو ثلاثة فان صلاته باطلة حتى وان أنهاها بأربعة ركعات وذلك لأن الصلاة لم تبدأ بنية صحيحة، وكذلك الطواف فانه باطل.
 وليعلم أن لقصد القربة في العبادات شرطين: الحسن الفاعلي والحسن الفعلي ففي الحسن الفاعلي تقصد إطاعة الأمر الإلهي مع توفر قابلية التقرب في الفعل أو توفر شروط الصحة، وعليه لو كانت للفعل قابلية التقرب وتم صحيحاً غير أن الفاعل نوى الرياء فعمله باطل.
 وأما الحسن الفعلي فهو كما لو يتوفر فيه شرط قصد القربة وقصد الأمر وقابلية الفعل للتقرب إلاّ إن الفعل لم يكن حسناً كما لو قصد الطواف ستة أو ثمانية فإن عمله باطل لفقد الحسن الفعلي.
 ومن ذلك يعلم لا فرق بين العامد والناسي والساهي والغافل لأنَّ العامل فاقد للحسن الفعلي والفاعلي لأنه قد يكون من باب البدعة ولكن فعل الناسي والساهي والجاهل قد يتوفر فيه الحسن الفاعلي ولكن لم يتوفر فيه الحسن الفعلي فلا يكون مقرباً.
 يقول كاشف اللثام بهذا الصدد لو أنه نوى سبعة أشواط ولكن في وسطها نوى الثمانية سيبطل طوافه. إلاّ أن صاحب الجواهر قد أشكل على ذلك!
 وسيأتي البحث عن الرآيين.
 


[1] بحار الأنوار، ج 75، ص 370.
[2] سورة آل عمران، الآية: 134.
[3] سورة شوری، الآية: 37.
[4] سورة آل عمران، الآية: 134.
[5] مستدرك الوسائل، ج 14، ص 265، حدیث 4.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo