< قائمة الدروس

بحوث خارج الفقه - کتاب الحج

آیة الله مکارم الشیرازي

33/02/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 عنوان البحث: تداخل الاسباب
 إن البحث في تروک الاحرام اقتضی الخوض في مبحث تداخل الاسباب، و قد قدمنا مقدمات، ثم خلصنا الی أن ظهور القضیة الشرطیة یدل علی أن حدوث الشرط یتطلب حدث الجزاء کما هو الحال في عالم التکوین مثل قولنا؛ اذا طلعت الشمس فالنهار موجود، فعند حدوث الشمس - و هو طلوعها - یحدث النهار، و ذلک لیس بمعنی الثبوت عند الثبوت اي انه عند ثبوت الشرط یثبت الجزاء بل بمعنی حدوث احدهما عند حدوث الآخر!
 بناء علی ما تقدم فإن الظاهر هو عدم التداخل، فمثلا عندما یقول المولی : « اذا افطرت فعلیک الکفارة» فإنه یعني أن الکفارة تحدث عند حدوث الافطار و هکذا یتکرر حدوث الکفارة کلما حدث الافطار.
 و أما بالنسبة الی الجزاء فما هیته مطلقة و هي صرف الوجود و لا تقبل التعدد فإن معنی الماء هو صرف الوجود لا یتعدد و لکن عندما یقید بالزمان و المکان فیقبل التعدد.
 و اذا قلنا أن الکفارة مثلا ماهیتها صرف الوجود و مطلقة و أنها لا تتعدد و لاتتکرر فإن قاعدة الحدوث عند الحدوث ستواجه عقبة! و لازالة هذه العقبة لابد من تقیید ماهیة الجزاء المطلقة فنقول: اذا افطرت فعلیک کفارة، ثم نعید و نقول: اذا افطرت فعلیک کفارة ثانیة! و هل نتمکن من تقیید الجزاء؟ و اذا لا یمکن التقیید فکیف نعالج التعارض بین ظهورین: ظهور القضیة الشرطیة في الحدوث عند الحدوث و ظهور ماهیة الجزاء في صرف الوجود الذي یقتضي عدم التکرار!
 لمعالجة ذلک یلزم أن نری اي الطهورین اقوی دلالة؟ ظهور الشرطیة في الحدوث عند الحدوث، فهنا یلزم تقیید الجزاء و القول بعدم التداخل فحدوث کل شرط یتطلب حدوث جزاء مستقل!
 و إن قلنا بظهور ماهیة الجزاء في صرف الوجود هي الاقوی فیلزم أن نقول بالتداخل فنصرف النظر عن ظهور الشرطیة في الحدوث عند الحدوث!
 و إذا قیل أن الظهورین لا راجح لأحدهما علی الآخر و انهما في مستوی واحد فنلجأ حینئذ الی الاصول العملیة و الاصول العملیة تقتضي جریان البراءة فیما زاد علی المرة الواحدة، و حاصل جریان البراءة هو التداخل!
 لکنه نری أن ظهور القضیة الشرطیة اقوی و یفوق ظهرو الجزاء لأن العرف یفهم من القضیة الشرطیة الحدوث عند الحدوث فانه یفهم من : اذا افطرت فکفّر، یفهم تکرار الکفارة عند تکرر الافطار. و من هنا نحن نقول بعدم تداخل الاسباب کما ذهب الیه المشهور!
 و اما ما ذهب الیه ابن ادریس من التفصیل بین و حدت الجنس و تعدده حیث أنه قال بالتداخل في الاول و عدمه في الثاني، فهو بعید من الصوبا لأنه حسب الأدلة التي عرضناها لا فرق بین وحدة الجنس و تعدده في المقام بل أن عدم التداخل في تعدد الاجناس اوضح!
 بقي هنا امران:
 الاول: احیانا تنضم قرائن تجعل عدم التداخل اکثر وضوحا و شفافیة! و من جمله هذه القرائن العقوبة فإی الذي تتکرر منه المخالفة لا یقاس بمن تصدر منه المخالفة مرة واحدة وعلیه و إن قلنا بالتداخل في الاسباب فإن القول بالتداخل في العقوبات مخالف للظاهر لانه واضح أن کل معصیة تتطلب عقوبتها الخاصة.
 و کذلک في الضمائات فان الذي یجرح شخصا في عدة مواضع من بدنه لا تعد الجراحات جرحا واحدا! و لا یحکم علیه کما یحکم علی من اورد جرحا واحداً! حتی بالنسبة لمن یقول بالتداخل فإنه لا یتمکن إن یختار التداخل هنا لان تناسب الحکم و الموضوع یتطلب تکرار الضمان و عدم التداخل!
 الثاني: لاتکرار في باب الحدود فالذي فجر او سرق او قذف عدة مرات لا فرق بینه و بین من ارتکب واحدة من هذه المعاصي مرة واحدة!
 و السوال هنا: کیف نقول بوحدة العقوبة هنا مع قولنا بعدم تداخل الاسباب؟
 إن السیرة في العصر الأول جرت علی ذلک فإن النبي العظم صلی الله علیه و آله ما کان یسأل الفاجر أنه ارتکب الموبقة مرة واحدة او اکثر! فکان یجري علیه الحد مرة واحدة! کما أن ظاهر الاخبار هو ذلک! أجل اذا تخلل الحد بین ارتکابه للموبقات یقام علیه الحد بعد کل موبقة!
 ینبغي التنبیه علی انه نحن نقول بتداخل الاغسال مع القول بعدم تداخل الاسباب للدلیل الخاص بل نقول أن غسل الجمعة یکفي عن جمیع الاغسال!
 تداخل المسببات:
 إن قلنا بتداخل الاسباب لا تصل النوبة الی تداخل المسببات و عل القول بعدم التداخل هل یصح اتیان الجزاء بامتثال واحد ام لا؟
 للمسألة اربع صور:
 1.أن تکون النسبة بین السببین التباین
 2.أن تکون النسبة التساوي.
 3.أن تکون النسبة عموم و خصوص مطلق.
 4.أن تکون النسبة عموم و خصوص من وجه!
 أما نسبة التباین کما لو نذر إن شفا مریضه یصوم یوم الخمیس ثم ینذر ازرجع ابنه من السفر سالما یصوم یوم الجمعة، في هذا الفرض لا مجال لتداخل المسببات فلا معنی للحدیث عن ذلک.
 و اما نسبة التساوي کما اذا نذر نذرین و صادف وقوعهما في یوم واحد!
 و أما الصورتین الثالثة والرابعة سیأتي الحدیث عنهما في البحث الآتي إن شاء الله!
 
 
 
 
 
 
 
 
 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo