47/03/28
دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الشرائط/ دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر /الأصول العملية
محتويات
1- دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الشرائط1.1- تفصيل المحقّق العراقيّ رحمه الله في المقام
1.1.1- المقدّمة الأولى
1.1.2- المقدّمة الثانية

الموضوع: الأصول العملية / دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر / دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الشرائط
1- دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر في الشرائط
1.1- تفصيل المحقّق العراقيّ رحمه الله في المقام
التفصيلُ الذي قاله المحقِّقُ العراقي رضوانُ اللهِ تعالى عليه في بحثِ دورانِ الأمر بين الأقلِّ والأكثر، وإنْ كان ذكَر هذا التفصيلَ في متعلَّقِ المتعلَّق. ولكنّنا نرى أنّ النكتةَ التي لأجلِها ذكَر المحقِّقُ العراقي هذا التفصيل لا فرق فيها بين متعلَّقِ المتعلَّق كما في مثالِ الإيمان (أي احتمالُ اشتراط الإيمان في عِتقِ الرقبة)، وبين مثالِ الطهارة فيما إذا شَككْنا في اشتراطِ الطهارة، أو في بابِ الأجزاء كما في مثالِ السورة فيما إذا شككنا في أنّ الصلاةَ الواجبةَ تشتمل على تسعةِ أجزاءٍ بدون سورة أو عشرةِ أجزاءٍ مع السورة.
أستاذنا الشهيد رضوان الله تعالى عليه بيَّنَ كلام المحقّق العراقيّ رحمه الله بذكر مقدّمتين. وهاتان المقدِّمتان جاءت في الكتاب (تقريرُ بحثِ أستاذِنا الشهيد رضوان الله تعالى عليه) بشكلٍ غير واضح ومعقَّد جدّاً.
اليوم أُعيدُ بيانَه بنحوٍ أوضح، وبحسب ما أفهمُه من الكتاب، وإنْ كان قد يفهمُه آخرُ بطريقةٍ مختلفة.
المحقِّقُ العراقي رضوانُ الله تعالى عليه يريد أن يتوصّل إلى التفريق في جريانِ البراءة أو عدمِها في الشرطِ المشكوك؛ فيفرِّق بين الشرطِ المحتمل الذي هو تحتَ قدرةِ المكلَّف بحيث يمكنه أن يُحقّقَ هذا الشرطَ أو لا يُحقّقَه (كما في الإيمان)، فتجري البراءةُ. ومثالُ ذلك الإيمان؛ إذ يمكن للمكلَّف أن يُهديَ الشخصَ فيجعله مؤمناً ثمّ يعتقه، فيُحقّق شرطَ الإيمان. فإذن تحقيقُ شرطِ الإيمان وعدمه بيدِ المكلَّف، وعليه تجري البراءة.
ويُقابل هذا شرطُ الهاشميّة التي هي خارجةٌ عن قدرةِ المكلَّف؛ فلا يمكنه أن يحافظَ على الشخصِ الذي اختاره ويجعله هاشمياً، بل لا بُدَّ من تبديلِ الفرد. فالهاشميّة ليست بيدِ المكلَّف حتّى تجري البراءةُ عنها.
إذن، التفصيلُ الذي يريدُ المحقِّقُ العراقي التوصّلَ إليه هو: أنّه في مثالِ الإيمان تجري البراءة، وأمّا في مثالِ الهاشميّة فلا تجري.
1.1.1- المقدّمة الأولى
أنّ الإطلاقَ والتقييد إنّما يكونان في عالمِ الجعلِ التشريعي، ولا يكونان في عالمِ التطبيقِ الخارجيّ. وأستاذُنا الشهيد يقبلُ هذا، لكن سيظهرُ أنّ المحقِّقَ العراقي يقبلُ بالإطلاقِ والتقييد حتّى في عالمِ التطبيق الخارجي، وهذا يتنافى مع المقدّمة الأولى، ويُشكّل إشكالاً عليه.
1.1.2- المقدّمة الثانية
أنّ هناك اختلافاً جوهريّاً بين الانحلالِ الذي اخترناه نحنُ للعلمِ الإجمالي وبين الانحلالِ الذي اختاره المحقِّقُ العراقي في بابِ دورانِ الأمر بين الأقلِّ والأكثر. نحنُ قلنا: إنّ الحدودَ لا تدخلُ في العهدة، فهي محذوفةٌ عن الحساب، وبهذا ينتفي التباينُ وتبقى القضيةُ أقلَّ وأكثر. أمّا المحقِّقُ العراقي فيرى أنّ الحدودَ لا تُحذَف عن الحساب، فيبقى التباينُ ظاهراً، ولكنّه يتخلّص منه من خلال النظر إلى عالمِ التطبيق الخارجي، حيث يدّعي أنّه لا تباينَ هناك، بل هو مجرّد انطباقٍ على الأقلِّ أو الأكثر.
وعلى هذا الأساس انتهى المحقِّقُ العراقي إلى القول بأنّ الشرطَ المحتمل لا يُمنَع من جريانِ البراءة لمشكلةِ التباين، وإنّما يقع الكلامُ في أنّ المكلَّف قادرٌ على تحقيقِ الشرط أو غير قادر. ففي مثالِ الإيمان بما أنّ المكلَّف قادرٌ على الهداية وتحقيقِ الإيمان، فتجري البراءة. وأمّا في مثالِ الهاشميّة بما أنّها غيرُ مقدورةٍ أصلاً، فلا معنى لجريانِ البراءة عنها.
هذا هو التفصيلُ الذي انتهى إليه المحقِّقُ العراقي رضوانُ الله تعالى عليه. لكن أستاذَنا الشهيد يردُّ عليه بما ذكرناه: أنّ الإطلاقَ والتقييد مختصّان بعالمِ الجعل، ولا يجريان في عالمِ التطبيق كما تصوّره المحقِّقُ العراقي.