< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الأصول

41/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاصول العملية/البرائة الشرعية حديث الرفع /شمول الحديث للشبهات الموضوعية والحكمية

الأمر الثاني: نفي القرينة على الاختصاص

بعد أن تم تصوير الجامع في الأمر الأول يأتي الكلام في هل توجد قرينة تدل على اختصاص الحديث بالشبهات الموضوعية أو الشبهات الحكمية أو لا؟ والكلام في جهتين:

الجهة الأولى: دعوى وجود قرينة على اختصاص الحديث بالشبهات الموضوعية، وهي قرينية وحدة السياق لاسم الموصول في جملة (ما لا يعلمون) وجملة (ما اضطروا إليه) و(ما اكرهوا عليه) ومن الواضح أن المراد من اسم الموصول في هذه الفقرات هو الموضوع الخارجي وليس الأحكام الشرعية وبحكم قرينة السياق يكون معنى اسم الموصول في (ما لا يعلمون ) كذلك.

ويجيب اُستاذنا الشهيد رضوان الله عليه أن اختلاف اللفظ الذي يتكرر الكلام إذا كان إختلافاً في المراد الإستعمالي كما لو قال إذهب إلى العين ويوجد عين ورأيت عيناً مع اختلاف المعنى الذي تدل عليه لفظة (عين) في كل فقرة فلا شك في أنّه خلاف الظهور السياقي.

أمّا إذا كان اختلافه بالمراد الجدي مع وحدة المراد الإستعمالي، فهل يضر ذلك بوحدة السياق؟ يمثل اُستاذنا الشهيد رحمه الله لذلك بالإطلاق المستفاد من قرينة الحكمة والذي هو من شؤون المراد الجدي فإذا تكرر لفظ في سياق واحد مثل (العالم) في (يجب إكرام العالم، ويجب احترام العالم) وقصد بأحدها الإطلاق وقصد بالآخر التقييد بالعالم العادل، فقد وقع الخلاف فيه بين الأصحاب في هل أنه ينافي وحدة السياق أو لا؟ والصحيح عدم منافاته لظهور وحدة السياق لأنه يشترط وحدة المراد الاستعمالي لا الجدي.

وأما إذا لم يختلف المراد الاستعمالي ولم يختلف المراد الجدي وإنما اختلف المصداق الخارجي كما لو قال (لا تغصب ما تأكل، ولا تغصب ما تطالع، ولا تغصب ما تلبس) فالمراد الاستعمالي والجدي لـ (ما) الموصولة واحد وهو (مفهوم الشيء) إلا أنّ المصداق الخارجي من الجملة الأولى هو الأطعمة، وفي الجملة الثانية هو الكتب، وفي الثالثة الملابس، وهذا الاختلاف لا شك في أنّه لا يخالف ظهور وحدة السياق.

وما نحن فيه من هذا القبيل، إذ أنّ المراد الاستعمال والمراد الجدي في (ما) الموصولة واحد وهو الشيء، والاختلاف حاصل في المصداق الخارجي فأن جملة (ما لا يعلمون) تنطبق على الموضوع الخارجي والحكم الكلي و جملة (ماضطروا إليه) تنطبق على الموضوعات والأفعال الخارجية.

الجهة الثانية: دعوى وجود قرينة على اختصاص حديث الرفع بالشبهات الحكمية، وهي ماذكره المحقق العراقي في مقام الرد على اختصاص الحديث في الشبهات الموضوعية فقال: توجد لدينا قرينة على عكس ذلك تدل على اختصاصه بالشبهات الحكمية، وهي عبارة عن أنّ ظاهر التعبير بـ (ما لا يعلمون) هو المعنى الحقيقي لما لا يعلم وهو ذاته لا ما لا يعلم بعض صفاته فإنه هذا المعنى بحاجة إلى عناية، والتمسك بإطلاق (ما) الموصولة يقتضي حملها على ما لا يعلم حقيقة، شأن كل إطلاق فإن الاطلاق يقتضي شمول المفهوم لأفراده الحقيقية دون العنائية والمجازية، وفي الشبهات الموضوعية فإن ذات الموضوع الخارجي ليست مشكوكة وإنما صفتها، فالمائع المشكوك كونه خلاً أو خمراً ذاته معلومة وهي كونه مائعاً وإنما نشك في صفته في كونه خلاً أو خمراً.

ويرد اُستاذنا الشهيد رحمه الله على هذه القرينة بردين: الأول: إن الشك في الشبهات الموضوعية قد يتعلق بذات الموضوع لا بصفاته، ومثاله ما إذا شك في مقدار ما يملك من الأموال فسوف يكون شكه في ذات موضوع وجوب الحج وهي الاستطاعة لا في صفاتها، وحديث الرفع يشمل هذا النوع من الشبهات الموضوعية ويمكن التعدي إلى غيره لعدم احتمال الفرق بين شبهة موضوعية واُخرى.

الثاني: إنّ موضوع الحكم الشرعي ليس هو ذات المائع في المثال السابق، وإنما هو خمرية المائع وهي التي تستوجب الحرمة، والشك فيها شك في ذات الشيء وينطبق عليها (ما لا يعلمون) حقيقة وبدون عناية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo