< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الأصول

41/05/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الاصول العملية /البرائة الشرعية /حديث الرفع

إن إشكالية المحقق الخرساني (رحمه الله) المتقدمة كما تجري في جملة (رفع ما لا يعلمون) كذلك تجري في صدر الحديث من قوله (رفع عن أمتي تسعة) ولأن كان عنوان (التكليف) هو الجامع في جملة (رفع ما لا يعلمون) بحيث أمكن التخلص من الإشكالية، فلا يمكن أن يكون هو الجامع في جملة (رفع عن أمتي تسعة) لأن نسبة الرفع في هذه الجملة واحدة إلى جميع التسعة، لكنّ نسبة الرفع إلى التكليف وهو أحد هذه التسعة نسبة حقيقية ـ نسبة الشيء إلى ما هو له ـ أما نسبته إلى البقية كالإضطرار (وما اضطروا إليه) نسبة غير حقيقية ـ أي نسبة الشيء إلى غير ما هو له، إذ أن الاضطرار لا يزول ويرتفع وإنما تزول آثاره أو أحكامه.

وجوابه أيضاً كما تقدم من أنّ نسبة الرفع إلى التكليف أيضاً عنائية وليست حقيقية وهي بحاجة إلى تطعيم بالحكم الظاهري ـ أي رفع وجوب الاحتياط ـ أما في معنى الرفع أو معنى المرفوع.

ثم إن الجامع الأول لو أخذنا به فهو يناسب مبنى المحقق النائيني (رحمه الله) القائل: بأنّ الحكم له وجودان وجود الجعل ووجود المجعول، فعند التشريع يتحقق الوجود الجعلي الكلي للتكليف، وعند تحقق الموضوع وفعليته في الخارج يتحقق الوجود المجعول للتكليف، وبناءً على ذلك يتم تصوير جامع التكليف في الشبهات الحكمية والموضوعية، فالتكليف بوجوده الجعلي مشكوك في الشبهات الحكمية والتكليف بوجوده المجعولي مشكوك في الشبهات الموضوعية وبهذا يكون التكليف المشكوك جامعاً بينهما.

وأما بناء على ما حققه اُستاذنا الشهيد رحمه الله من أن الحكم ليس له إلا وجود واحد، فعند تحقق الموضوع يتنجز التكليف الجعلي عقلًا على المكلف من دون افتراض تولد وجوداً جديداً للحكم باسم المجعول، فلا يتم تصوير الجامع بين الشبهات الحكمية والموضوعية لأنّ الشبهات الموضوعية لا يوجد فيها تكليف مشكوك لأنّ وجود الحكم الجعلي معلوم لا شك فيه ولا يوجود لدينا حكم مجعولي جديد حتى يتعلق فيه الشك.

وقد أجاب اُستاذنا الشهيد رحمه الله أنّ الحكم الشرعي وفق الدقة العقلية له وجود واحد ولكن حيث أنّ بحثنا مرتبط بالمراد الإستعمالي لـ (ما) الموصولة، فينبغي البحث وفق النظر العرفي، وفي الفهم العرفي أن للتكليف وجودين الأول: هو الوجود الكلي والثاني: انتساب الحكم الكلي إلى المكلف عند تحقق الموضوع، وهو حكم تكليفي جديد في نظر العرف، وبهذا يمكن أن يتحقق جامع بين الشبهات الحكمية والموضوعية، ونقول أن المراد من (ما) الموصولة هو هذا التكليف المشكوك بمعناه العرفي الشامل لهما.

وبهذا تحقق لدينا تصويران مقبولان للجامع بين الشبهات الحكمية والشبهات الموضوعية، الأول: التكليف المشكوك، والثاني: الشيء المشكوك، ولكن بما أنّ المعنى اللغوي لـ (ما) الموصولة هو الشيء المبهم فهو أنسب إلى معنى الشيء منه إلى معنى التكليف فإن الشيء معنى مبهم يناسب معنى إبهام (ما) ولا موجب للإنتقال إلى التكليف لأنّه أخص وهو صنف من أصناف الشيء.

ثم إنّنا لو رجحنا التكليف المشكوك على الشيء المشكوك، فإنه يقال: أنّه من المحتمل أن المراد بالموصول هو الفعل لأنه أيضاً صنف من أصناف الشيء، وعندها يختص بالشبهات الموضوعية. والجواب: أنّ رفع الفعل لا معنى له إلا بإعتباره تكليفاً، فحمل الموصول على التكليف أنسب من حمله على الفعل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo