< فهرست دروس

الأستاذ السيد علي اکبر الحائري

بحث الفقه

40/06/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: بحث الخمس/ خمس المعدن.

الثاني: عبارة عن التمسّك بصحيحة محمد بن مسلم[1] التي رواها كل من الشيخ الطوسي والشيخ الصدوق رضوان الله تعالى عليهما باختلاف يسير، فقد جاء في نقل الشيخ: (هذا المعدن فيه الخمس)، وجاء في نقل الصدوق: (مثل المعدن فيه الخمس)، وبيان الاستدلال بهذه الرواية هو أنّها وإن كانت مشتملة على اضطراب المتن في الجملة التي ذكرناها، وهذا الاضطراب موجب لاختلاف المعنى بحسب النقلين، إذ أنّ المستفاد من أحد النقلين كون الملاحة مصداقاً من المعدن، والمستفاد من النقل الآخر أنّ الملاحة ليست مصداقاً من المعدن إلا أنّ فيها الخمس أيضاً كالمعدن، ولكن النقلين مشتركان في الدلالة على تعلّق الخمس بالمعدن، وظاهر ذلك أنّ المعدن بعنوان كونه معدناً يتعلّق به الخمس لا بعنوان كونه مصداقاً لمطلق الفائدة.

إلّا أنّ اُستاذنا الشهيد رحمه الله ناقش في التمسّك بهذا المقطع من الرواية المذكورة بأنّه بعد وقوع التساقط بين النقلين في المقطع المذكور لا يمكن التمسّك بالمدلول التحليلي المشترك بين النقلين، إذ لا يمكن التفكيك في حجية السند بين المدلولين المتعارضين وبين المدلول التحليلي المشترك بينهما، بخلاف ما إذا كان المدلول المشترك مستفاداً من مقطع آخر من الرواية، إذ يمكن التمسّك حينئذٍ بالمدلول رغم سقط حجية السند بلحاظ المقطع الذي فيه التعارض.

إن قلت: هذا إذا انتهى الأمر إلى سقوط حجية السند بسبب التعارض الموجود بين النقلين، أمّا إذا أمكن الجمع العرفي بين النقلين فلا تسقط حجية السند حتى يسري سقط الحجية إلى المدلول التحليلي المشترك. وفي ما نحن فيه قد يقال بوجود جمع عرفي بين جملة (هذا المعدن فيه الخمس) وجملة (مثل المعدن فيه الخمس) كحملهما معاً على إرادة أنّ الخمس يتعلّق بالجامع بينهما مثلاً.

قلنا: إن كانت لدينا روايتان مستقلتان يوجد بينهما تعارض في مقطع معيّن أمكن التمسّك بالجمع العرفي بينهما في ذلك المقطع حتى لا ينتهي الأمر إلى سقوط حجيّة السند بسبب التساقط بينهما، وأمّا إذا كانت لدينا رواية واحدة مبتلاة بالاضطراب فتسقط حجية السند فيها بلحاظ الذي فيه التعارض بين النقلين حتى وإن أمكن الجمع العرفي بينهما من حيث الدلالة، وذلك لأنّها إن كانت رواية واحدة فالشيء الصادر من الإمام عليه السلام إما هو ما جاء في هذا النقل أو هو ما جاء في ذلك النقل ولا يمكن البناء على صدورهما معاً حتى نتمسّك بالجمع العرفي بينهما.

وأخيراً قال اُستاذنا الشهيد رحمه الله: إنّه وإن كان لا يمكن التمسّك بهذا المقطع من هذه الرواية بالسبب المذكور ولكن لا نضايق من التمسّك بذيلها الذي جاء فيه: (هذا وأشباهه فيه الخمس).


[1] وسائل الشيعة، الشيخ الحر العاملي، ج6، ص343، أبواب كتاب الخمس، باب4، ح4، ط الإسلامية. وهي: محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الملاحة؟ فقال: وما الملاحة؟ فقال: أرض سبخة مالحة يجتمع فيه الماء فيصير ملحا، فقال: هذا المعدن فيه الخمس، فقلت: والكبريت والنفط يخرج من الأرض؟ قال: فقال: هذا وأشباهه فيه الخمس.ورواه الصدوق بإسناده عن محمد بن مسلم، إلا أن فيه: فقال: مثل المعدن فيه الخمس.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo