< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

45/06/17

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الإجزاء

الأمر الثاني: في أنّ المسألة عقليّة أو لفظيّة؟

تحرير محلّ النزاع

إختلف الأصوليّون في أنّه هل بحث الإجزاء من المسائل الأصوليّة العقليّة أو أنّه من المسائل اللفظيّة؟ فذهب بعض إلی أنّ المسألة عقليّة. و ذهب بعض آخر إلی أنّ المسألة لفظيّة. و ذهب بعض إلی التفصيل بين الأوامر الواقعيّة الاختياريّة و بين الأوامر الواقعيّة الاضطراريّة و الأوامر الظاهريّة، فالنزاع في الأوّل عقليّ و في الثاني لفظي.

هنا أقوال:

القول الأوّل: أنّ المسألة عقليّة [1] [2] [3] [4] [5] [6] [7]

دليلان علی القول الأوّل

الدليل الأوّل

إنّ المراد بالأمر هنا الإلزام و الوجوب، سواء دلّ عليه النقل أم العقل أم الإجماع. [8]

أقول: فالمسألة قد تکون عقليّةً و قد تکون شرعيّةً لفظيّةً.

الدليل الثاني

إنّ الإجزاء من شئون الإتيان بالمأمور به لا من شئون الأمر و ظاهره. و لذا عنونه المحقّقون بأن الإتيان بالمأمور به هل يقتضي الإجزاء، أي هل يستلزمه عقلاً، أو لا يستلزمه؟ [9]

کما قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله): «لا يخفى أنّ هذا البحث من المسائل العقليّة و لا ربط له بمباحث الالفاظ، كالبحث عن مقدّمة الواجب و ذلك لأنّ البحث في المقام راجع إلى وجود الملازمة بين الإتيان بالمأمور به و بين الإجزاء». [10]

أقول: هذا صحیح في بعض الصور دون بعض، کما سیأتي التفصیل.

سؤال و جواب

السؤال

إذا كان الإجزاء من شئون العقل لا من شئون اللفظ، فلماذا ذكره الأصوليّون في مباحث الألفاظ؟ [11]

الجواب

ربّما كان السبب أنّ البحث في إجزاء المأمور به يرتبط بالوجوب و الوجوب مدلول الأوامر و أكثر الأوامر مصدرها اللفظ و النقل، فأدرج في مباحث الأوامر و الألفاظ لهذه المناسبة. هذا إلى أنّ المهمّ العلم من أجل العمل و ما عداه فجانبيّ و يسير.[12]

قال الشیخ الأنصاريّ(رحمه الله): «الظاهر أنّ البحث هذا إنّما‌ هو في اقتضاء الإتيان بالمأمور به عقلاً الإجزاء، فليس البحث من الأبحاث اللغويّة التي يطلب فيها تشخيص مدلول اللفظ وضعاً أو انصرافاً، فيعمّ البحث ما إذا كان الأمر مستفاداً من الإجماع و نحوه من الأدلّة الغير اللفظيّة. و يشهد لذلك ملاحظة أدلّة الطرفين ...؛ فالأقوى أنّ النزاع إنّما‌ هو في الاقتضاء العقلي، كما يظهر من الرجوع إلى الأدلّة».[13]

أقول: هذا الکلام صحیح في بعض الصور دون بعض، کما سیأتي.

قال المحقّق الاصفهانيّ(رحمه الله): «ممّا ذكرنا تعرف عدم كون البحث على هذا الوجه من المباحث اللفظيّة و لا من المبادي الأحكاميّة؛ إذ لا يرجع البحث إلى إثبات شي‌ء للأمر، لا من حيث أنّه مدلول الكتاب و السنّة و لا من حيث أنّه حكم من الأحكام، فلا مناص من إدراجه في المسائل الأصوليّة العقليّة حيث أنّه يقع في طريق استنباط الحكم الشرعي من وجوب الإعادة و القضاء و عدمهما فهو من المسائل و حيث أنّه بحكم العقل فهو من الأصوليّة العقليّة»، (إنتهی ملخّصاً). [14]

أقول: هذا الکلام صحیح في بعض الصور دون بعض.

القول الثاني: أنّ المسألة لفظيّة [15]

قال المحقّق العراقيّ(رحمه الله): «الإنصاف أنّ مسألة الإجزاء ليست من المسائل الأصوليّة العقليّة. على كلّ من أنحاء النزاع المزبورة[16] لا تكون مسألة الإجزاء مسألةً عقليّةً، بل أصوليّةً لفظيّةً و إن كانت في الأوامر الاضطراريّة_ على ما بيّنّا_ أشبه بالمسألة الفقهيّة».[17]

أقول: کلامه (رحمه الله) صحیح في بعض الصور دون بعض، کما سیأتي.

إشکالان في القول الثاني

الإشکال الأوّل

لا وجه لجعلها من باب مباحث الألفاظ، لأنّ ذلك ليس من شئون الدلالة اللفظيّة. [18]

الإشکال الثاني

قال الإمام الخمینيّ(رحمه الله): «إختلف كلماتهم في تحرير محلّ البحث:

فقد يعبّر بأنّ الأمر بالشي‌ء هل يقتضي الإجزاء إذا أتي به على وجهه أم لا ؟

و قد يعبّر بأنّ الإتيان بالمأمور به على وجهه هل يقتضي الإجزاء أم لا ؟

و لعلّ الفرق بينهما: أن النزاع في الأوّل في دلالة الأمر، فصار المبحث من‌ مباحث الألفاظ و الدلالات و في الثاني في أنّ الإتيان علّة للإجزاء، فصار عقليّاً.

لكن كون النزاع في دلالة الأمر بعيد عن الصواب، فإنّ الدلالة المتوهّمة:

إن كانت وضعيّةً، فلا أظنّ بأحد يتوهّم دلالة هيئة الأمر أو مادّته على الإجزاء إذا أتى المكلّف بالمأمور به على وجهه، بحيث يكون جميع هذه المداليل من دلالة الأمر هيئةً أو مادّةً.

[و إن كانت هذه الدلالة التزاميّةً]_ بأن يدلّ على أنّ المأمور به مشتمل على غرض للآمر و لا محالة أنّ ذلك الغرض يتحقّق في الخارج بتحقّق المأمور به. و حينئذٍ يسقط الأمر لحصول الغاية الداعية إليه_ [فكذا لا يتوهّمها أحد]، فإنّ عدّ تلك القضايا العقليّة المتكثّرة من دلالة الأمر التزاماً ممّا لا مجال للالتزام به، مع ظهور فساده، فحينئذٍ لا يكون في دلالة الدليل.

و هذا من غير فرق بين إرجاع النزاع إلى الأوامر الاختياريّة الواقعيّة أو الاضطراريّة و[19] الظاهريّة؛ لأنّ دلالة الأمر لا تخرج عن مادّته و هيئته»، (إنتهی ملخّصاً).[20]

أقول: کلامه (رحمه الله) صحیح في بعض الصور دون بعض، کما سیأتي.

 


[8] علم اصول الفقه فی ثوبه الجدید، المغنیة، محمد جواد، ج1، ص85.
[9] علم اصول الفقه فی ثوبه الجدید، المغنیة، محمد جواد، ج1، ص85.
[11] علم اصول الفقه فی ثوبه الجدید، المغنیة، محمد جواد، ج1، ص85.
[12] علم اصول الفقه فی ثوبه الجدید، المغنیة، محمد جواد، ج1، ص85.
[16] ‌ النزاع في إجزاء ‌الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعيّ عن إعادته‌. النزاع في إجزاء ‌الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراريّ عن المأمور به بالأمر الواقعيّ الاختياري‌. النزاع في إجزاء ‌الإتيان بالمأمور به بالأمر الظاهريّ عن المأمور به بالأمر الواقعي‌.
[19] ‌ الصحیح: أو.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo