< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

45/05/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

الموضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ الفور و التراخی

الدلیل الثالث

إنّه لا يخلو من أن يكون المأمور يجوز له تأخير الفعل لا إلى غاية أو إلى غاية، فإن جاز له تأخيره أبداً لا إلى غاية ففي ذلك إخراج له من كونه واجباً. و إن كان يجوز له تأخيره إلى غاية كان ينبغي أن يكون تلك الغاية معلومةً و كانت تكون مثل الأوامر المؤقّتة. و متى لم يعلم ذلك كان مكلّفاً لإيقاع الفعل في وقت لا طريق له إلى معرفته و ذلك تكليف بما لا يطاق. [1]

الدلیل الرابع: العرف و العقلاء [2] [3]

قال المحقّق الداماد(رحمه الله): «يتبيّن ذلك[4] بالمراجعة الأوامر الصادرة من الموالى العرفيّة إلى عبيدهم، فإنّه إذا أمر أحد منهم عبده بشي‌ء و لم يعلم من حاله أو مقاله جواز التأخير يكون العبد ملزماً بإتيان الفعل فوراً و يكون تراخيه و عدم إقدامه بالفعل من دون فصل مساهلة في أمر المولى و مخالفة له في سلطانه و لذلك يعدّ مذموماً عند العقلاء و لا يصحّ اعتذاره أنّه لم يقم قرينة علی لزوم الإتيان فوراً، فيكشف ذلك عن‌ أنّ الأمر بنفسه ظاهر في ذلك و لا يحتاج إلى دليل آخر. و لعلّ السرّ فيه أنّ الأمر بحسب اعتبار العقلاء عبارة عن التحريك نحو العمل و كما أنّ البعث الخارجيّ و التحريك العمليّ يستدعى التحريك و الانبعاث من دون فصل فكذلك ما كان اعتباره ذلك. و لأجل ذلك يستدعى الأمر الإتيان بالمأمور به فوراً ففوراً؛ لأنّ هذا الاعتبار باقٍ ما لم يتحقّق متعلّق الأمر و ببقائه يستدعى الإتيان بعد فرض كونه تحريكاً نحو العمل». [5]

أقول: کما یشاهد ذلك في الأوامر الصادرة من الرؤساء للمرؤوسین في الإدارات و الوزارات و البنوك و غيرها. و لو لم يكن مقتضی الأمر الفور لاختلّ نظام الحکومة في أيّ مملکة کانت، فکلّ النظامات یتوقّف علی الأوامر و الأوامر لا بدّ من إجرائها فوراً إلّا أن یصرّح بالتراخي، فالقول بالتراخي خلاف العرف و العقلاء إلّا إذا علم من القرائن ذلك.

کما قال بعض الأصولیّین(حفظه الله): «إنّ العرف و العقلاء لا يعدّون العبد معذوراً إذا أخّر الامتثال.

هذا مضافاً إلى أنّ البعث التشريعيّ يطلب الانبعاث فوراً عند العقل، كما في البعث التكويني و لا معنى لأن يكون البعث في الحال و الانبعاث في المستقبل، فإنّ البعث التشريعيّ بمنزلة دفع إنسان بيده لطلب خروجه من الدار مثلاً». [6]

القول الثالث: عدم دلالة صیغة الأمر لا على الفور و لا على التراخي (بل تدلّ علی طلب إيجاد الطبيعة) [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16] [17] [18] [19]

أقول: هو الحق؛ للأدلّة الآتية.

قال المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله): «الحقّ أنّه لا دلالة للصيغة[20] لا على الفور و لا على التراخي». [21]

أدلّة القول الثالث

الدلیل الأوّل

إنّ مدلول الأمر طلب حقيقة الفعل و الفور و التراخي خارجان عنها و أنّ الفور و التراخي من صفات الفعل؛ فلا دلالة له عليهما. [22]

الدلیل الثاني : تبادر طلب إيجاد الطبيعة منها بلا دلالة على تقييدها بأحدهما. [23] [24]

الدلیل الثالث

إنّ أهل اللغة قالوا لا فرق بين تفعل و إفعل إلّا أنّ الأوّل خبر و الثاني إنشاء و ذلك يوجب تساويهما فيما عدا ذلك. و لمّا كان مدلول الخبر إدخال الماهيّة في الوجود من غير ملاحظة فور أو تراخٍ، لزم أن يكون الأمر كذلك. [25]

الدلیل الرابع

إنّه لو كان موضوعاً لأحد الأمرين الفور و التراخي بخصوصه، لكان استعماله في الآخر مجازاً، فيلزم صحّة سلب اسم الأمر و ما يشتقّ منه عنه حقيقةً و التالي باطل‌. [26]

الدلیل الخامس

إنّ صيغة «إفعل» إنّما تدلّ على النسبة الطلبيّة، كما أنّ المادّة لم توضع إلّا لنفس الحدث غير الملحوظة معه شي‌ء من خصوصيّاته الوجوديّة. و عليه، فلا دلالة لها- لا بهيئتها و لا بمادّتها- على الفور أو التراخي، بل لا بدّ من دالّ آخر على شي‌ء منهما. فإن تجرّدت عن الدالّ الآخر فإنّ ذلك يقتضي جواز الإتيان بالمأمور به على الفور أو التراخي. هذا بالنظر إلى نفس الصيغة. [27]

 


[4] ظهور صیغة الأمر في الفور.
[20] بمادّتها و هيئتها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo