< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

45/04/05

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع:مباحث الالفاظ/ الوضع/الواجب التوصلی و التعبدی

 

قال المحقّق البجنورديّ(رحمه الله): «مقتضى الإطلاق‌ أو الأصل العمليّ عند فقده هل هو سقوط الواجب بإتيان الفرد المحرّم، أم لا، بل لا يسقط إلّا بإتيان الفرد المباح من الطبيعة التي تعلّق بها الأمر؟

و تحقيق المقام: أنّ الواجب إمّا تعبّديّ و إمّا توصّلي.

فإن كان من قبيل الأوّل، فدليل الحرمة بالنسبة إلى دليل الوجوب إمّا من قبيل العموم و الخصوص المطلق و إمّا من قبيل العموم و الخصوص من وجه.

فإن كان من قبيل الأوّل- بمعنى أن يكون دليل الحرمة أخصّ من دليل الوجوب- كما لو نذر أن يصوم يوماً من أيّام السنة، مع ورود النهي عن صوم يوم العيدين، فمرجع هذا إلى تقييد مورد الوجوب بغير مورد الحرمة، فلا يسقط الوجوب بإتيان الفرد المحرّم حتّى مع الغفلة عن حرمته و يكون من قبيل النهي‌ عن العبادة، فلا مصلحة و لا ملاك في الفرد المنهيّ عنه؛ لأنّ الكاشف عن الملاك هو الأمر و المفروض أنّه قيد متعلّقه بغير الفرد المحرّم، بل الكاشف عن المفسدة- و هو النهي- موجود.

و من ذلك تعلم بعدم مسقطيّة الفرد المحرّم و لو كان الواجب توصّليّاً؛ لعدم الملاك في هذه الصورة حتّى في حال الجهل، إلّا أن يجي‌ء دليل خارجيّ على وجود الملاك في هذه الصورة أيضاً‌.

و أمّا إن كان من قبيل الثاني، أي كانت النسبة بين الدليلين العموم و الخصوص من وجه:

فإن قلنا بأنّ التركيب في مورد الاجتماع اتّحاديّ من جهة القول به مطلقاً، أو من جهة أنّ متعلّق المتعلّق عنوان انتزاعي، كقوله «أكرم العلماء» و قوله «لا تكرم الفسّاق» فيرجع أيضاً‌ إلى تقييد دليل الوجوب بغير مورد الاجتماع و لا يكون مسقطاً للواجب حتّى مع الجهل بالحرمة؛ لعين ما ذكرنا في الصورة الأولى.

و أمّا إن قلنا بأنّ التركيب انضماميّ و لا يسري الأمر إلى متعلّق النهي و لا النهي إلى متعلّق الأمر، فمع الالتفات إلى الحرمة لا يكون مسقطاً للواجب؛ لعدم تمشّي قصد القربة و عدم إمكان تحقّقه. و أمّا مع الجهل فلا مانع في البين أصلاً؛ لوجود الملاك، بل الأمر و إمكان إتيانه بقصد القربة.

هذا كلّه إن كان الواجب من قبيل الأوّل؛ أي كان تعبّديّاً.

و أمّا إن كان توصّليّاً، فإن كان الدليلان من قبيل الأوّل- أي كان بينهما عموم و خصوص مطلق- فقد تقدّم أنّ مرجعه إلى تقييد دليل الوجوب و لا يسقط بالفرد المحرّم؛ لعدم الملاك. و لا فرق في ذلك بين أن يكون الواجب توصّليّاً أو تعبّديّاً.

و أمّا إن كان الدليلان من قبيل الثاني- أي كان بينهما عموم و خصوص من وجه- فإن قلنا بأنّ التركيب اتّحادي، فالأمر أيضاً‌ كذلك. و أمّا إن قلنا بأنّ التركيب انضمامي، فيصحّ مطلقاً و يكون إتياناً للواجب.

فقد ظهر من مجموع ما ذكرنا في هذا الباب أنّ مقتضى الإطلاق‌ في المقام هو ما ذكرنا من التفصيل‌»، (إنتهی ملخّصاً). [1]

أقول،

أوّلاً: قوله(رحمه الله) «فإن کان من قبيل الأوّل» أي التعبّديات، فکلامه (رحمه الله) صحیح، لکن قوله(رحمه الله) «و من ذلك تعلم بعدم مسقطيّة الفرد المحرّم و لو کان الواجب توصّليّاً» ینافي صدر کلامه(رحمه الله) و لا دلیل علی عدم وجود الملاك في التوصّليّات حتّی في صورة الجهل. و في التعبّديات یأتي بحث اجتماع الأمر و النهي و الترکيب الاتّحاديّ أو الانضمامي.

و

ثانیاً: أمّا إن کان توصّليّاً فالدلیل اللفظيّ یقتضي إتیان العمل بأيّ نحو کان و یسقط الواجب بحصوله و لو بالفرد المحرّم؛ لانتفاء الموضوع بعد حصوله؛ فالسقوط حاصل و لو لم یحصل الامتثال.

کلام الشهید الصدر في المقام الأوّل

قال(رحمه الله): «لا شكّ في أنّ الحرمة لو كانت متعلّقةً بنفس العنوان الواجب كما إذا وجب الغسل بعنوانه و حرم الغسل بعنوانه المقيّد بماء دجلة (مثلاً) فإطلاق المادّة لا يشمل الحصّة‌ المحرّمة حتّى بناءً على جواز اجتماع الأمر و النهي؛ إذ من يقول بالجواز إنّما يقول به فيما إذا كانا بعنوانين متباينين مفهوماً، كالغصب و الصلاة.

و لو كانت الحرمة بعنوان آخر، دخل في مسألة الاجتماع، فإن قيل بالامتناع لم يشمل إطلاق المادّة للحصّة المحرّمة، فيتمسّك بإطلاق الهيئة لإثبات عدم الاجتزاء. و إن قيل بالجواز، أمكن التمسّك بإطلاق المادّة لإثبات الاجتزاء». [2]

أقول: هذا في التعبّديات، دون التوصّليّات.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo