< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

44/10/22

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الواجب التوصلی و التعبدی

القول الثالث: التوصّلیّة [1] [2] [3] [4] [5] [6] [7] [8] [9]

إشکال في القول الثالث

إنّ التقييد ممتنع، فلا معنى لدعوى إطلاق الأمر، فإنّ امتناع التقييد يستلزم امتناع الإطلاق‌ و عليه يبتنى عدم استلزام التقييد للمجازيّة و بعد امتناع التقييد بقصد الأمر و غير ذلك من الدواعي لا يمكن القول بأصالة التوصّليّة اعتماداً على الإطلاق‌؛ إذ لا إطلاق في البين يمكن التمسّك به، (انتهي ملخّصاً مع التصرّف). [10] [11]

أقول: قد سبق بطلان القول بالامتناع، فلا إشکال.

أدلّة القول الثالث

الدلیل الأوّل

ليس المستفاد من الأمر إلّا تعلّق الطلب- الذي هو مدلول الهيئة للفعل- على ما هو مدلول المادّة. و بعد إيجاد المكلّف‌ نفس‌ الفعل‌ في الخارج لا مناص من سقوط الطلب؛ لامتناع طلب الحاصل. و ذلك في الأدلّة اللفظيّة ظاهر.

و أمّا فيما إذا كان الدليل هو الإجماع، ففيه أيضاً يقتصر على ما هو المعلوم استكشافه منه و المفروض أنّه ليس إلّا مطلوبيّة الفعل فقط و بعد حصوله لا بدّ من سقوطه.

و أمّا الشكّ في التقييد المذكور فبعد ما عرفت من أنّه لا يعقل أن يكون مفاداً بالكاشف عن الطلب لا بدّ له من بيان زائد على بيان نفس الطلب و الأصل عدمه. [12]

أقول: کلامه (رحمه الله) متین و لکن ذیل کلامه (رحمه الله) «و أمّا الشكّ في التقیید المذکور فبعد ما عرفت من أنّه لا یعقل...» إلی آخره، فقد سبق بطلانه.

الدلیل الثاني

إنّه لا يعقل أن يتّصف أو يتقيّد متعلّق الأمر- أي المأمور به- قبل الأمر بالأمر و كيف يعقل وجود المعلول قبل العلّة، فالأمر إنّما يتعلّق بالماهيّة المطلقة أي غير المقيّدة بكونها مأموراً بها؛ فليس متعلّق الأمر في إضرب و ليس المطلوب منه إلّا الضرب المطلق و مطلق الضرب؛ فمن ضرب فقد أتى بالمطلوب و بما طلب منه المولى. و هذا ليس قابلاً للنزاع، كما أنّه ليس للنزاع أنّه لا يترتّب عليه الثواب و إن أسقط العقاب إلّا إذا أتى بالضرب بداعي الأمر و بداعى كون الضرب مأموراً به، ثمّ قد يقيّد المولى لمتعلّق أمره بالأمر بعد الأمر، فيقول إضرب زيداً بداعى كون الضرب مأموراً به و بداعى أنّه مأمور، أي بالعنوان الذي عرض له بأمري و اتّصف به بعد أمري و هذا معنى العبادة و معنى كون العبادة مشروطةً بالقربة و بالعكس، أي كلّ ما هو مشروط بالقربة عبادة. إنّ الأصل في الطلب و في الأمر أن لا يكون عبادةً، (إنتهی ملخّصاً). [13]

أقول: المدّعی صحیح، لکن سبق بطلان الدلیل، بل الدلیل وقوع ذلك في الأوامر العرفيّة و عدم المحاليّة أصلاً.

قال الشهید الصدر(رحمه الله): «لا يخفى أنّ المراد بالأصل اللفظيّ هنا هو الإطلاق‌ و هو تارةً يكون لفظيّاً و أخرى يكون مقاميّاً؛ فلا بدّ من البحث في كلّ منهما.

أمّا الإطلاق‌ اللفظيّ لدليل الأمر فلا إشكال في تماميّته لنفي التعبّديّة و إثبات التوصّليّة على المبنى القائل بإمكان أخذ قصد القربة قيداً في متعلّق الأمر على حدّ سائر القيود؛ إذ حينئذٍ يكون حال هذا القيد حال سائر القيود و الأجزاء التي تنفى بالإطلاق‌، كما شكّ في أخذها في الواجب. و أمّا على تفسيرنا للتعبّديّ و أنّه أمر بذات الفعل و لكنّه يتجدّد كلّما لم يأت المكلّف بقصد الأمر فأيضاً يمكن التمسّك بالإطلاق‌ اللفظيّ لنفي التعبّديّة بأحد بيانين:

أوّلهما- ما أشرنا إليه من أنّ قصد القربة و إن لم يكن قيداً ثبوتاً بالدقّة إلّا أنّه قيد إثباتاً بحسب النظر العرفي، بل ثبوتاً أيضاً في التشريعات العرفيّة، فالعرف يتعامل مع أدلّة الأمر معاملة التقييد فإذا لم يكن قرينة على التقييد إثباتاً، كشف من ذلك عدم أخذه ثبوتاً.

ثانيهما- أنّنا لو فرضنا تمييز العرف أيضاً للفرق بين التجدّد و التقييد و أنّ الأمر التعبّديّ يرجع إلى تجدّد الأمر التوصّلي لا تقييده، مع ذلك كانت هذه الخصوصيّة- أعني التجدّد- خصوصيّة و مئونة زائدة على أصل الأمر بالطبيعة الذي هو أمر واحد لا أوامر متعدّدة؛ فيكون مقتضى الإطلاق‌ اللفظيّ- أي مطابقة المرام مع ما بين إثباتاً- نفي‌ التجدّد». [14]

أقول: کلامه (رحمه الله) متین علی فرض تسلیم المبنی و قد سبق بطلانه.

إشکال في التمسّك بإطلاق الأمر في إثبات الواجب التوصّلي

قال المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله): «إنّ أخذ قصد الامتثال‌ في المأمور به غير ممکن أصلاً؛ فلا مجال للاستدلال بإطلاقه و لو كان مسوقاً في مقام البيان على عدم اعتباره؛ فلا يكاد يصحّ التمسّك به إلّا فيما يمكن اعتباره فيه. و لا وجه لاستظهار التوصّليّة من إطلاق الصيغة بمادّتها و لا لاستظهار عدم اعتبار مثل الوجه ممّا هو ناشئ من قبل الأمر من إطلاق المادّة في العبادة لو شكّ في اعتباره فيها؛ نعم إذا كان الأمر في مقام بصدد بيان تمام ما له دخل في حصول غرضه و إن لم يكن له دخل في متعلّق أمره و معه سكت في المقام و لم ينصب دلالةً على دخل قصد الامتثال في حصوله، كان هذا قرينةً على عدم دخله في غرضه و إلّا لكان سكوته نقضاً له و خلاف الحكمة؛ فلا بدّ عند الشكّ و عدم إحراز هذا المقام من الرجوع إلى ما يقتضيه الأصل و يستقلّ به العقل»، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف). [15]

أقول: قد سبق بطلان المبنی و عدم المحاليّة، بل واقعة في العرف و عند العقلاء.

أقول: إن کان مراد الشیخ (رحمه الله) الإطلاق‌ اللفظي، فیصیر کلام المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله) إشکالاً علیه و أمّا إن کان مراده (رحمه الله) الإطلاق‌ المقاميّ فلا.

أقول: ظاهر کلام المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله) أنّه في صو رة إمکان أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر فلأجل التمسّك بإطلاق الأمر لنفي أخذ قصد القربة یجب التمسّك بإطلاق صیغة الأمر و الحکم بتوصّليّة الواجب؛ لکن رأیي أنّ کلامه فیه مسامحة؛ إذ التمسّك بإطلاق صیغة الأمر یکون لنفي شرائط الوجوب؛ فإذا شكّ (مثلاً) في شرطيّة شيء للوجوب، حکم إطلاق الصیغة بالوجوب حتّی في فرض عدم وجود الشرط المشکوك فیه؛ لکن للحکم بعدم تقیید متعلّق التکلیف بالقید الزائد یجب أن یتمسّك بإطلاق المادّة و متعلّق الأمر؛ مثلاً: في «اکفن الميّت» تبيّن الصیغة بأنّ وجوب الکفن ثابت علی الکلّ کفائيّاً، لکن لأجل إثبات أنّ متعلّق التکلیف ذات التکفین من دون أخذ قصد القربة فیه، یجب التمسّك بإطلاق المادّة و متعلّق الأمر.

فعلی المبنی المختار من إمکان أخذ قصد القربة في متعلّق الأمر، یتمسّك بإطلاق خطاب الأمر و لا محذور لنفي مداخلة قصد القربة و إثبات توصّليّة الواجب.


[2] مناط الحکم، الطالقانی، نظر علی، ج1، ص36.
[6] نتائج الافکار فی الاصول، الشاهرودی، السید محمود، ج1، ص219.
[13] مناط الحکم، الطالقانی، نظر علی، ج1، ص36.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo