< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

44/08/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر

الإشکال الثاني

الإنصاف أنّه[1] من المشهورات التي لا أصل لها، فإنّ الجملة الخبريّة حيث إنّها في مقام الكناية عن الطلب، تكون أبلغ في الدلالة على الإنشاء، كما في سائر الكنايات فإنّها أبلغ في بيان المقصود و الدلالة على المطلوب من غيرها، لا أنّها آكد و أنّ الطلب المنشأ بها يكون أقوى و أشدّ، كما يشهد عليه الوجدان، فلا فرق بالوجدان بين قوله- تعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾[2] و قولك «يغسلون وجوههم» من حيث شدّة الطلب و ضعفه و الأهمّيّة و عدمها إلّا أنّ الثاني أبلغ في الدلالة على وجوب الغسل من باب أنّ الكناية أبلغ من التصريح، كما قرّر في محلّه.[3]

أقول: کلامه (حفظه الله) یدلّ علی کون الدلالة علی الوجوب بنحو آکد. و هذا هو المراد من کلام صاحب الکفاية (رحمه الله)؛ فلیس هذا إشکالاً علیه (رحمه الله)؛ فإنّ صاحب الکفاية قال بالأظهريّة و لا فرق بین الأظهريّة و الأبلغيّة من حیث الدلالة علی الوجوب.

الإشکال الثالث

إنّ استعمال اللفظ في معناه الحقيقيّ ليس تعريفاً تامّاً للحقيقة، بل يحتاج إلى قيد آخر و هو أن يكون الموضوع له متعلّقاً للإرادة الاستعماليّة و الجدّيّة معاً. و إلّا فلو كان المعنى الحقيقيّ موضوعاً للإرادة الاستعماليّة فقط دون الجدّيّة، بل صار المعنى الحقيقي جسراً و واسطةً لتفهيم المعنى الآخر، فهذا ليس بحقيقة، بل يسمّى في الاصطلاح كناية، فإذا قال: زيد كثير الرماد، فالجملة مستعملة فيما وضعت له و لكنّ الموضوع له مراد بالإرادة الاستعماليّة. و أمّا المراد الجدّيّ فهو وصفه بالسخاء. و الدليل على ذلك أنّه لو لم يكن في بيته أيّ رماد لا توصف الجملة بالكذب؛ لعدم استقرار الذهن على المعنى الموضوع له، بل يستقرّ على المعنى الثاني اللازم للمعنى الموضوع له، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف). [4]

أقول: في المقام تطابق الإرادة الجدّيّة مع الاستعماليّة عرفاً؛ لوجود القرينة علی الإنشاء و المتبادر هو الطلب و البعث، لا الحکایة أصلاً.

قال بعض الأصولیّین (رحمه الله): «إنّ الجمل الخبريّة- مثل هيئة «إفعل»- ظاهرة في الوجوب و يكون كلاهما من حيث الظهور في رتبة واحدة و لا أظهريّة لأحدهما على الآخر و لا فرق بينهما من حيث الظهور». [5]

کلام المحقّق العراقيّ في المقام

قال (رحمه الله): «الظاهر- بناءً على ما استظهرنا في وجه دلالتها[6] على الطلب- أنّه لا فرق بين الطلب الإلزاميّ و غيره بالنسبة إليها نفسها؛ لصلوحها في ذاتها لإفادة كلّ منهما. و ذلك لأنّ الإنسان كما يكون بصدد إفادة طلبه الإلزامي، يكون بصدد إفادة طلبه غير الإلزامي. و الجملة الخبريّة في حدّ ذاتها صالحة لإفادة كلّ منهما؛ إذ المتكلّم كما يتسبّب‌ بإيقاع النسبة الخبريّة إلى إفادة طلب وقوعها إلزاماً، كذلك يتسبّب إلى إفادة طلب وقوعها ندباً، نعم يمكن دعوى ظهور الجملة الخبريّة في الطلب الإلزاميّ بضميمة مقدّمات الحكمة إليها بأحد التقريبين السابقين. و أمّا على الوجه الثاني فالجملة الخبريّة بملاحظته تكون ظاهرةً في الطلب الإلزامي، بل تكون دلالتها عليه آكد من غيرها؛ لأنّ الإخبار بوقوع الفعل اعتماداً على تحقّق مقتضيه- و هو طلب المخبر إيّاه- يدلّ على أنّ ذلك الطلب طلب إلزامي؛ إذ هو المقتضي لوقوع الفعل المطلوب اقتضاءً يكاد أن لا ينفكّ عنه مقتضاه‌». [7]

أقول: کلامه (رحمه الله) متین.

 


[1] دلالة الجمل الخبريّة على الوجوب آكد من دلالة صيغة الأمر.
[6] الجملة الخبريّة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo