بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر

إشکالات في کلام المحقّق الخراساني

الإشکال الأوّل

أمّا ما ذكره من أنّ الجملة الخبريّة المستعملة في مقام الطلب تدلّ على الوجوب بنحو آكد و أبلغ، لأجل ما ذكره من النكتة، ففيه، أوّلاً: أنّ النكتة المذكورة مبنيّة على كون الجملة الخبريّة مستعملةً في معناها الحقيقي، لكن لا بداعي الطلب و قد عرفت أنّها لم تستعمل فيه.

و ثانياً: أنّ النكتة المذكورة لا توجب الظهور في الوجوب، فضلاً عن دلالتها عليه بنحو آكد؛ لأنّ الظهور العرفيّ ليس تابعاً للمناسبات العقليّة الدقيقة، كيف و لو كان مجرّد الإخبار بالوقوع موجباً للظهور في الوجوب، لكانت الجملة الإسميّة أيضاً دالّةً على الوجوب بنحو آكد، مع أنّه لو قيل: زيد قائم (مثلاً) بقصد القيام من زيد، لعدّ من الأغلاط المضحكة. [1]

أقول: قوله (رحمه الله) «أوّلاً أنّ النکتة المذکورة مبنيّة إلخ» ففیه أنّه لا یبتني علی ذلك؛ فإنّ للإنشاء مراتب منها الأمر و منها الأمر المؤکّد و منها الجملة الخبريّة المستعملة في الإنشاء؛ فإنّ المتبادر فیها هو الوجوب بنحو آکد لوجود القرینة؛ فإنّ الظهور العرفيّ في الوجوب مسلّم، للتبادر، فإنّا تابعون للظهور العرفيّ المتبادر، لا للمناسبات العقليّة الدقيقة.

الإشکال الثاني

الإنصاف أنّه[2] من المشهورات التي لا أصل لها، فإنّ الجملة الخبريّة حيث إنّها في مقام الكناية عن الطلب، تكون أبلغ في الدلالة على الإنشاء، كما في سائر الكنايات فإنّها أبلغ في بيان المقصود و الدلالة على المطلوب من غيرها، لا أنّها آكد و أنّ الطلب المنشأ بها يكون أقوى و أشدّ، كما يشهد عليه الوجدان، فلا فرق بالوجدان بين قوله- تعالى: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾[3] و قولك «يغسلون وجوههم» من حيث شدّة الطلب و ضعفه و الأهمّيّة و عدمها إلّا أنّ الثاني أبلغ في الدلالة على وجوب الغسل من باب أنّ الكناية أبلغ من التصريح، كما قرّر في محلّه. [4]

أقول: کلام (حفظه الله) دلّ علی کون الدلالة علی الوجوب بنحو آکد. و هذا هو المراد من کلام صاحب الکفاية (رحمه الله)؛ فلیس هذا إشکالاً علیه (رحمه الله)؛ فإنّ صاحب الکفاية قال بالأظهريّة و لا فرق بین الأظهريّة و الأبلغيّة من حیث الدلالة علی الوجوب.