< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

44/06/28

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر

تذنیبان

التذنیب الأوّل: في منشأ ظهور صيغة الأمر في الوجوب

تحریر محلّ النزاع

إختلف الأصولیّون في منشأ ظهور الصیغة في الوجوب؛ فذهب بعض إلی أنّ المنشأ فیه الوضع. و ذهب بعض إلی أنّه حکم العقل. و ذهب بعض آخر إلی أنّه الإطلاق‌ و مقدّمات الحکمة.

هنا أقوال:

القول الأوّل: الوضع [1] [2] إشکال في القول الأوّل

إنّ الموضوع له لصيغة الأمر- كما مرّ- هو البعث الإنشائيّ و ليس الوجوب داخلاً في حقيقته و لا الندب. و قد عرفت أنّها من المفاهيم الانتزاعيّة من الطلب المقرون بالإرادة الشديدة أو الضعيفة. و عندئذٍ فكيف تدلّ الصيغة بالدلالة اللفظيّة على الوجوب! [3]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین.

القول الثاني: حکم العقل [4]

أقول: هذا هو الحق. و المراد منه الفهم من القرائن، لا من مجرّد اللفظ؛ لأنّ الوجوب و الندب خارجان عن الوضع، کما سبق؛ فلا بدّ في إثبات أحدهما من دلیل و قرینة. و أصل الطلب من الآمر مسلّم و الزائد علیه یحتاج إلی دلیل.

قال المحقّق النائینيّ (رحمه الله): «إنّ الوجوب لا يستفاد من نفس الصيغة وضعاً أو انصرافاً، بل إنّما يستفاد منها بضميمة حكم العقل». [5]

أقول: هذا فیما فهم العقل الوجوب مسلّم و أمّا إذا لم یفهم ذلك، فلا دلیل علیه.

إشکالان في القول الثاني و في کلام المحقّق النائینی

الإشکال الأوّل

إنّ محلّ الكلام ليس هو الوجوب العقليّ التابع لوجوب إطاعة الآمر، بل ما يساوق الإلزام التابع لواقع الخطاب ثبوتاً و الذي لا يختصّ بالخطابات الشرعيّة، كما سبق؛ على أنّ الوجوب العقليّ تابع للإلزام المذكور، فلا بدّ من إحرازه، لا لعدم وصول الترخيص في الترك. و لو فرض حكم العقل بوجوب الانبعاث مع الشكّ في الإلزام و عدم وصول الترخيص، فليس هو لتحقّق موضوع وجوب الإطاعة واقعاً، بل هو حكم آخر ظاهريّ طريقيّ في طول الحكم بوجوب إطاعة البعث الإلزاميّ‌ واقعاً؛ نظير الحكم بوجوب الاحتياط مع الشكّ في الامتثال، الذي هو في طول وجوب الامتثال الواقعي. و من المعلوم من مذهبه عدم بنائه عليه، بل المرجع عنده البراءة في مثل ذلك. [6]

أقول: کلامه (رحمه الله) متین.

الإشکال الثاني

الإنصاف عدم تماميّته أيضاً؛ لأنّ حكم العقل بوجوب الانبعاث في مقابل مطلق بعث المولى أوّل الكلام، بل أنّ وجوبه أو استحبابه متفرّع على كيفيّة إرادته و استعماله لصيغة الأمر؛ فإن استعملها في الوجوب يحكم العقل بوجوب الانبعاث و إن استعملها في الندب يحكم العقل باستحباب الانبعاث؛ فوجوب الإطاعة و العمل على وفق مراد المولى مسلّم، إنّما الكلام في مراد المولى من أمره. [7]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین.

أقول: موضوع حکم العقل بوجوب الامتثال مطلق أم مقيّد؟ إنّ موضوع حکم العقل مقيّد- کما صرّح به جمیع الأکابر- و قیده عدم الترخیص. و دلیله أنّه إذا فرضنا موضعاً موجوداً فیه البعث و الطلب و لکنّ الشارع لم یکن في مقام بیان الوجوب و الندب، بل في مقام بیان حسن الشيء فقط، فلا یوجد هنا هذا الحکم قطعاً.

سؤال و جواب

السؤال

علی من یجب بیان وجود قید الترخیص أو عدمه؟

الجواب

إنّه یجب بیان هذا القید علی الشارع قطعاً لا علی العقل و العقل حاکم فقط بأنّه إن لم یکن هناك قید الترخیص فالامتثال واجب. و في موارد لم توجد فیها قرینة في الکلام علی قید الترخیص نحتاج لإثبات وجود القید و عدمه إلی الوضع أو الانصراف أو أصالة الإطلاق‌ و مقدّمات الحکمة. و بأصالة الإطلاق‌ و مقدّمات الحکمة یثبت وجود موضوع الحکم العقلي؛ فالحکم العقليّ و إن کان موجوداً هنا، لکنّ المقدّمات الحکمة و أصالة الإطلاق‌ مبیّنة موضوع حکم العقل و العقل یحتاج في حکمه إلی أصالة الإطلاق‌ و مقدّمات الحکمة.

القول الثالث: الإطلاق‌ و مقدّمات الحکمة [8] [9]

قال المحقّق العراقيّ (رحمه الله): «إنّه لم يبعد دعوى استناد الظهور المزبور إلى قضيّة الإطلاق‌ و ذلك من جهة أنّ دعوى الاستناد إلى قضيّة الوضع بعيدة جدّاً، خصوصاً بعد ما يرى من صحّة استعمالها في موارد الاستحباب بلا رعاية عناية تقتضيه. لكن مع ذلك كلّه ربما يميل النفس إلى كونها حقيقةً في خصوص الوجوب، نظراً إلى ما هو المتبادر منها مؤيّداً ذلك بأصالة تشابه الأزمان المقتضي لكون وضعها لخصوص الطلب الإلزامي، فتدبّر»، (انتهي ملخّصاً). [10]

أقول: لا دلیل علیه إلّا مع وجود القرائن.

ثمرتان عمليّتان في بحث وجوه دلالة صیغة الأمر علی الوجوب

الثمرة الأولی

قد یتعارض ظهور صیغة الأمر مع ظهور آخر في دلیل آخر؛ مثل: ﴿تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوَى﴾ [11] حیث إنّ ﴿تعاونوا﴾ ظاهر في الوجوب و ﴿البرّ و التقوی﴾ أیضاً ظاهران في مطلق البرّ الذي یشمل المستحبّات أیضاً و لا یمکن التحفّظ علی هذین الظهورین و القول بأنّ التعاون في المستحبّات واجب أیضاً؛ فإن ذهبنا إلی نظريّة الدلالة الوضعيّة في وجه دلالة ظهور الصیغة، قلنا- في المثال المذکور- إنّ ظهور صیغة الأمر في الوجوب مقدّم علی الظهور الإطلاق‌يّ الموجود في المقام و ینتج أنّ التعاون أو سائر الموارد یکون في الواجبات؛ لکن إن ذهبنا إلی نظريّة الإطلاق‌، ففي المثال المذکور یتعارض الظهوران الإطلاق‌يّان معاً. و في هذه الصورة إمّا نقول بالإجمال أو نقول بتقدّم إطلاق الموضوع علی إطلاق الحکم و الحکم یشمل المستحبّات أیضاً.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo