< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

44/06/08

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر

إشکال في الاستدلال بالآیة

إنّ تقريب الاستدلال يتوقّف على ما رآه المحقّقون من كون المراد بالأمر اسجدوا. [1]

جواب عن الإشکال

إنّ العتاب على مخالفة اسجدوا المحفوف بالقرينة أيضاً عتاب على مخالفة الأمر؛ لأنّ الحكم الثابت للفرد يصحّ إثباته للجنس في بعض المقامات التي من جملتها الاعتراض على أمر واقع، فمن المحتمل أن اسجدوا كان مقروناً بقرينة الوجوب و التعلّق في دفعه بالأصل مع خروجه عن الاستدلال بالآية ساقط؛ لمعارضته بأصالة عدم الوضع للوجوب إلّا أن يدفع بمعارضته بأصالة عدم الوضع للقدر المشترك؛ فيبقى أصالة عدم القرينة سالمةً. و يتفرّع عليه كون الصيغة موضوعةً للوجوب؛ لما نبّهنا عليه سابقاً في غير موضع من أنّ الاستعمال الصحيح إذا لم يكن بالقرينة فلا بدّ أن يكون بالوضع هذا. [2]

أقول: إنّ القرائن موجودة قطعاً، فلا معنی لإجراء الأصل.

و منها: قوله- تعالى‌: ﴿فَلْيَحْذَرِ الذينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ‌﴾[3]

إستدلّ بها بعض الأصولیّین. [4] [5]

قال إبن الشهید الثاني (رحمه الله): «لنا وجوه ... الثالث قوله- تعالى:‌ ﴿فَلْيَحْذَرِ الذينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ‌ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ‌﴾ حيث هدّد- سبحانه- مخالف الأمر و التهديد دليل الوجوب». [6] [7]

أقول، أوّلاً: إنّ القرائن موجودة علی الوجوب؛ فإنّ مادّة الحذر قرینة علی ذلك.

و ثانیاً: یفهم من قوله- تعالی: ﴿أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [8] أنّ الحذر من مخالفة أوامر الله- تعالی- أمره إرشاديّ إلی إصابة الفتنة أو عذاب ألیم ؛ فإنّ کلمة «أو» معناه قد تصيبهم فتنة و قد یصيبهم عذاب ألیم، فلیس في کلّ مخالفة عذاب ألیم، بل لموافقة أوامره- تعالی- مصالح ترجع إلی العبد في الدنیا و الآخرة، فلا بدّ من مراجعة عقله حتّی تدرك المصالح و المفاسد و یعمل علی طبقها، فإنّ القرآن صرّح في مواقع بأنّه تذکرة و ذکری للمؤمنین، فإنّا قد نفهم المصالح و المفاسد و قد لا نفهم و بعد تحقیق أنّ أوامر الشارع لها مصالح و نواهيه لها مفاسد و بعد التجربة ینتج للإنسان کون کلامه- تعالی- تذکرة و ذکری للمؤمنین.

و ثالثاً: أنّ الحذر لا یساوق الوجوب، بل یصحّ أن یکون للإرشاد و التذکرة فقط.

و رابعاً: أنّ الحذر عن المخالفة مختصّة بأوامره- تعالی- فلا دلیل علی العموم.

و خامساً: أنّ الوعید بالعذاب أو الفتنة لیس دلیلاً علی الوجوب، فإنّ الوعید من قبیل التهدیدات التي أکثرها لحذر الطرف المقابل و عدم إتیانه. و أمّا تحقّق التهدید فیمکن العفو عنه، خصوصاً بالنسبة إلی الله- تعالی- الذي هو الرحمن الرحیم الغفّار.

إشکال في کلام إبن الشهید الثاني

أنت خبير بما في ظاهر هذا الكلام؛ لأنّه لو تمّ، لكان دليلاً على أنّ الأمر هنا للوجوب قطعاً. و أين هذا عن صحّة الاستدلال على تقدير كون الأمر هنا للندب أو الإباحة و كأنّهما أرادا أنّ الآية ناطقة بحذر العقلاء في مخالفة الأمر أحد الأمرين؛ فلو لا أنّ الأمر للوجوب، لم يكن وجه لحذر العقلاء. [9]

إشکال في الاستدلال بالآیة

الآية إنّما دلّت على أنّ مخالف الأمر مأمور بالحذر و لا دلالة في ذلك على وجوبه إلّا بتقدير كون الأمر للوجوب و هو عين المتنازع فيه. [10]

جواب عن الإشکال

هذا الأمر للإيجاب و الإلزام قطعاً؛ إذ لا معنى لندب الحذر عن العذاب أو إباحته. و مع التنزّل فلا أقلّ من دلالته على حسن الحذر حينئذٍ. و لا ريب أنّه إنّما يحسن عند قيام المقتضي للعذاب؛ إذ لو لم يوجد المقتضي، لكان الحذر عنه سفهاً و عبثاً و ذلك محال على الله- سبحانه. و إذا ثبت وجود المقتضي، ثبت أنّ الأمر للوجوب؛ لأنّ المقتضي للعذاب هو مخالفة الواجب لا المندوب. [11]

أقول: قد سبق أنّه لیس في کلّ مخالفة أوامره- تعالی- عذاب ألیم؛ بل قد تصیبهم فتنة و قد یصیبهم عذاب ألیم، فلیس في کلّها عذاب، بل في بعضها.

و منها: ﴿وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ﴾

إستدلّ بها بعض الأصوليّين. [12] [13] [14]

قال إبن الشهید الثاني(رحمه الله): «لنا وجوه‌ ... الرابع قوله- تعالى:‌ ﴿وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لا يَرْكَعُونَ‌﴾ فإنّه- سبحانه- ذمّهم على مخالفتهم للأمر و لو لا أنّه للوجوب، لم يتوجّه الذم». [15] [16] [17] [18]

أقول، أوّلاً: إنّ القرائن علی الوجوب موجودة.

و ثانیاً: إنّ الذمّ لا یدلّ علی الوجوب؛ فإنّه یصحّ لترك المستحبّات المؤکّدة أیضاً.

و ثالثاً: مختصّة بأوامره- تعالی- فلا تدلّ علی العموم الذي هو المدّعی.

و رابعاً: إنّ الذمّ علی تکذیب الرسل بقرینة قوله- تعالی: ﴿وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ﴾.[19]

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo