< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

44/05/16

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر

الفصل الثاني: في صيغة الأمر

فيه مباحث:

المبحث الأوّل: في معنی صيغة الأمر

تحریر محلّ النزاع

إختلف الأصولیّون في موضوع له و مدلول و معنی صیغة الأمر؛ فذهب بعض إلی أنّ المستعمل فيه أحد الأمرين إمّا الإرادة أو إظهارها أو الاقتضاء على اختلاف سبق أو الإباحة و الرخصة. و ذهب بعض آخر إلی أنّ معنی صیغة الأمر هو إنشاء الطلب. و ذهب بعض إلی أنّ صیغة الأمر موضوعة للبعث أو نازلة منزلة البعث. و ذهب بعض آخر إلی أنّ معنی صیغة الأمر الحکایة عن حقيقة الارادة الموجودة في النف و ذهب بعض إلی أنّ معنی صیغة الأمر هي النسبة الإیقاعیة. و ذهب بعض آخر إلی أنّ معنی صیغة الأمر هي النسبة الإرسالیّة. و ذهب بعض إلی أنّ معنی صیغة الأمر هو النسبة الإرسالية الإيقاعيّة. و ذهب بعض آخر إلی أنّ صیغة الأمر موضوعة للنسبة الطلبيّة أو البعثیّة. و ذهب بعض إلی أنّ صيغة الأمر موضوعة لإبراز أمر نفساني. و ذهب بعض آخر إلی أنّ صيغة الأمر موضوعة للنسبة الإرساليّة و الدفعيّة و الإلقائيّة و التحریکیّة.

فیه اقوال:

القول الأوّل: أنّ المستعمل فيه أحد الأمرين إمّا الإرادة أو إظهارها أو الاقتضاء على اختلاف سبق أو الإباحة و الرخصة [1]

قال المحقّق الرشتيّ (رحمه الله): «لعلّ المراد باستعمال الأمر في جميع المعاني مجرّد الاستفادة لأنّ الإنذار و التهديد و ما أشبهها هي الأغراض الباعثة على الأمر و ليس الأمر مستعملا فيها و إنما يستفاد بحسب مقامات الكلام و بملاحظة مساقة فالمستعمل فيه في الكلّ أحد أمرين إمّا الإرادة أو إظهارها أو الاقتضاء على اختلاف سبق أو الإباحة و الرّخصة و إنّما الاختلاف في الغرض الدّاعي الباعث على تلك الإرادة أو إظهارها فقد يكون الغرض حصول المراد في الخارج و قد يكون الغرض انتقال المخاطب المأمور إلى بعض لوازمها كالرّضاء و الإذن القلبيين فيكون إباحة أو استخبار حاله في الإطاعة و المعصية فيكون امتحانا أو غير ذلك».[2] ، (انتهی ملخّصاً مع التصرّف).

القول الثاني: معنی صیغة الأمر هو إنشاء الطلب [3] [4] [5] [6]

قال المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله): «إنّ الصيغة لم يستعمل إلا في إنشاء الطلب إلا أنّ الداعي إلى ذلك كما يكون تارة هو البعث و التحريك نحو المطلوب الواقعي يكون أخرى أحد هذه الأمور. قصارى ما يمكن أن يدّعى أن تكون الصيغة موضوعة لإنشاء الطلب فيما إذا كان بداعي البعث و التحريك لا بداع آخر منها فيكون إنشاء الطلب بها بعثا حقيقة و إنشاؤه بها تهديدا مجازا و هذا غير كونها مستعملة في التهديد و غيره»[7] ، (انتهي ملخّصاً مع التصرّف).

قال النجفي الإصفهانيّ (رحمه الله): «إنّ الصيغة قد تستعمل للتهديد و التعجيز و نحوهما، فيظن أنّها مستعملة فيها، و أنها خرجت بذلك عن معناها الأصلي، و ليس كذلك، بل هي مستعملة في الطلب لكن لا بداعي الطلب بل بتلك الدواعي، بل تلك الدواعي لا تتحقق إلاّ بإنشاء الطلب حقيقة». [8]

إشکالات في کلام المحقّق الخراساني

الإشکال الأوّل

إنّه لا تلك المعاني ممّا استعملت فيها الصيغة، و لا هي دواعي الإنشاء. و أيّ ارتباط بين معنى الصيغة و تلك المعاني كي تكون هي دواعي إنشاء الطلب‌ و هل هي بوجودها الخارجي معاليل لإنشاء الطلب كي تكون بوجودها العلمي دواع و علل له؟ كلّا. نعم، غرض الامتحان يكون داعيا إلى التعمية و تلبيس الأمر على غيره ليظنّ أنّ المنشئ طالب و هو ليس بطالب حتّى يحصل بذلك غرض الامتحان. و هذا بخلاف بقيّة المعاني. و عليه فالوجه في استفادة تلك المعاني منها، أمّا فيما عدا التمنّي و الترجّي فلذكر الصيغة جزاء لشرط مصرّح أو مقدّر و الغرض من التعليق، التنبيه على فساد المقدّم بفساد التالي. و أمّا في التمنّي و الترجّي فلتوجّه الطلب فيها إلى المحال، أو إلى أمر غير مرجوّ الحصول، (إنتهی ملخّصاً).[9]

الإشکال الثالث (قصارى ما يمكن أن يدعى...)

إنّ استعمالها في الطلب بسائر الدواعي خلاف الوضع لا الموضوع له و ما يمكن إثبات هذه الدعوى به أمور.

منها: انصرافها إلى ما كان بداعي الجِدّ فانّ غلبة الاستعمال بداعي الجِدّ ربما يصير من القرائن الحافة باللفظ فيكون اللفظ بما احتفّت به ظاهراً فيما أن كان الإنشاء بداعي الجِدّ إلّا أنّ الشأن في بلوغ الغلبة إلى ذلك الحدّ لكثرة الاستعمال بسائر الدواعي و لو بلحاظ المجموع فتأمّل.

منها: اقتضاء مقدّمات الحكمة فانّ المستعمل فيه و إن كان مهملًا من حيث الدواعي، و كان التقييد بداعي الجِدّ تقييداً للمهمل بالدقّة إلّا أنّه عرفا ليس في عرض غيره من الدواعي إذ لو كان الداعي جدّ المنشأ فكأنّ المنشئ لم يزد على ما أنشأ.

منها: الأصل العقلائي إذ كما أنّ الطريقة العقلائيّة في الإرادة الاستعماليّة على مطابقة المستعمل فيه للموضوع له، مع شيوع المجازات في الغاية، كذلك سيرتهم و بنائهم على مطابقة الإرادة الاستعماليّة للإرادة الجديّة، و بالجملة الأصل في الأفعال حملها على الجِدّ حتّى يظهر خلافه، و كثرة الصدور عن غير الجدّ لا يوجب سدّ باب الأصل المزبور. [10]

 


[1] .بدائع الأفكار، الرشتي، الميرزا حبيب الله، ج1، ص215.
[4] .وقاية الأذهان، النجفي الإصفهاني، محمّد رضا، ج1، ص179.
[5] .الحاشية على كفاية الأصول، البروجردي، السيد حسين، ج1، ص172.
[6] .أنوار الأصول‌، مكارم الشيرازي، الشيخ ناصر، ج1، ص263.
[9] .الأصول في علم الأصول‌، الإيرواني، الشيخ علي، ج1، ص52.
[10] نهاية الدّراية في شرح الكفاية، الغروي الإصفهاني، الشيخ محمد حسين، ج1، ص308.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo