< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

44/05/09

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر

القول الخامس: أنّ الطلب و الإرادة متّحدان مفهوماً و مصداقاً [1]

دلیل القول الخامس: الوجدان [2]

قال المحقّق البروجرديّ (رحمه الله): «الدليل على ذلك هو الوجدان، لأنّا إذا رجعنا إلى وجداننا و تأمّلنا حق التأمل لا نجد في أنفسنا غيرالصفات المعروفة في مقام الإنشاءات و الإخبارات، ففي الأولى لا نجد غير مقدّمات الإرادة التي تكون عبارة عن تصور الشي‌ء و الميل إليه و التصديق بفائدته، و نفس الإرادة التي هي عبارة عن الشوق المؤكّد، و في الثانية لا نجد غير العلم بالنسبة و ثبوتها و تصور الطرفين، و هذا يرجع إلى العلم لا إلى صفة أخرى زائدة عليه». [3]

أقول: لا دلیل علیه، کما سبق في الملاحظات السابقة.

القول السادس: أنّ الطلب و الإرادة متغایران مفهوماً و مصداقاً (انفکاك الطلب و الإرادة) [4] [5] [6] [7] [8]

ذهبوا الإشاعرة و بعض الأعاظم الى تغايرهما مصداقا و مفهوما و استدلوا على المغايرة كل على حدة بوجوه. [9]

أدلّة القول السادس

الدلیل الأوّل

قال المحقّق النائینيّ (رحمه الله): «إنّ الإرادة باتّفاق الجميع عبارة عن الكيف النفساني القائم بالنفس. و أمّا الطلب فهو عبارة عن التصدّي لتحصيل الشي‌ء في الخارج، و إطلاقه على الفعل النفساني بناءً على ثبوت مرتبة اخرى غير الإرادة فإنّما هو من باب أخذ الغايات و ترك المبادئ ، و إن أراد أنّهما مفهومان متغايران غاية الأمر أنّهما يصدقان على أمر واحد باعتبارين فهو و إن كان وجيهاً بالنسبة إلى الدعوى الاولى إلّا أنّه أيضاً فاسد في حدّ ذاته، فإنّ الإرادة من مقولة الكيف و الطلب من مقولة الفعل، و يستحيل صدق المقولتين على أمر واحد باعتبارين لتباينهما»، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف). [10]

الدلیل الثاني

لا سبيل إلى دعوى اتّحاد مفهوم الإرادة و مفهوم الطّلب، لتكذيب اللّغة و العرف ذلك؛ إذ ليس لفظ الإرادة و الطّلب من الألفاظ المترادفة، كالإنسان و البشر. و ان أريد من حديث الاتحاد التّصادق الموردي و ان تغايرا مفهوما فله وجه، إذ يمكن دعوى صدق الإرادة على ذلك الفعل النّفسانيّ، كما تصدق‌ على المقدّمات السّابقة من التّصديق، و العزم، و الجزم، و يطلق عليها الإرادة هذا.

و لكن فيه: ما فيه، إذ دعوى ذلك لا يكون إلّا بدعوى انّ الإرادة لها مفهوم واسع، يسع المقدّمات السّابقة و ما هو فعل النّفس، و الحال انّه ليس كذلك، إذ الإرادة كيفيّة خاصّة للنّفس تحدث بعد حدوث مباديها فيها، و لذا تسمى بالشّوق المؤكد، إذ التّعبير بذلك انّما هو لبيان انّه ليس كلّ ما يحدث في النّفس يسمّى بالإرادة، بل الإرادة انّما تحدث بعد التّصور و التّصديق و غير ذلك من مباديها، و إطلاق الإرادة على بعض المبادي أحيانا انّما هو لمكان التّسامح في توسعة المفهوم، لا انّ المفهوم هو بنفسه موسع بحيث يشمل ذلك. فظهر: انّه لا سبيل إلى دعوى الاتّحاد، بل المغايرة بينهما عرفا أوضح من ان تخفى. [11]

الدلیل الثالث

إنّ الإرادة من الصفات النفسانيّة، و هي لا يصدق عليها الطلب أصلاً؛ فمفهوم أحدهما غير مفهوم الآخر، ضرورة عدم صدق الطلب على الإرادة الصرفة أصلا فهي متقدّمة عليه برتبة أو رتبتين، فكيف يدّعي اتّحادهما مفهوما؟ مع أنّ أحدهما من الصفات النفسيّة و الاخرى من الفعل، إمّا العمل المباشري الذي يصدر من المولى أو أمره به، و كلاهما من الأفعال الخارجيّة التي لا ربط للصفات النفسيّة بها أصلاً و و بما ذكرنا ظهر تباينهما مصداقاً أيضاً. بل يمكن أن يكون معنى الطلب أضيق، بأن يكون هو التصدّي نحو المطلوب الذي يمكن حصوله و عدم حصوله نوعا و إن انضمّت إليه قرائن أو مقدّمات دالّة على الحصول كما في أمر اللّه أولياءه و ملائكته، أو عدم الحصول‌ كما في أمر اللّه الكفّار و العصاة، إلّا أنّ نوع أمره ممّا يمكن فيه الحصول بعده أو عدم الحصول بعده نوعا، (إنتهی ملخّصاً). [12]

القول السابع: مغايرة الطلب و الإرادة مفهوماً[13]

قال السیّد الشاهرودي (رحمه الله): إنّا نرى بالوجدان تفاوتا واضحا بين حركة يد المرتعش و بين حركة يد المريد، فإن حركة يد المرتعش ليست تحت قدرة النفس و اختيارها، بخلاف حركة العضلات في الشخص المريد، فإن قدرة النفس و فعاليتها محفوظة و ليست النفس في ذلك مقهورة، و مع ثبوت سلطنة النفس على العضلات و توسطها بين الإرادة و بين حركة العضلات ينهدم اساس الجبر و اتحاد الطلب و الإرادة و يثبت تغايرهما مفهوما و حقيقة لكونهما من مقولتين، إذ الطلب يكون من مقولة الفعل لأنه عبارة عن التصدّي لتحصيل المطلوب كطلب الضّالة، و الإرادة من مقولة الانفعال. فتلخص أن الحقّ مغايرة الطلب و الإرادة مفهوما، و أجنبية كل منهما عن الآخر، و دعوى اتحادهما لا يساعدها البرهان و لا الوجدان بخلاف دعوى المغايرة فإنها مما يساعدها البرهان و الوجدان. [14]

 


[13] . نتائج الافکار فی الاصول، الشاهرودی، السید محمود، ج1، ص182.
[14] . نتائج الافکار فی الاصول، الشاهرودی، السید محمود، ج1، ص182.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo