< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

44/04/05

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر

 

إشکال في القول الثاني

قال الحجّة التبریزيّ (رحمه الله): هذا[1] فاسد أيضاً[2] ، إذ معلوم أنّ اطاعة المولى لازم بأيّ نحو أمر، و لكن كلامنا في المقام ليس في الكبرى بل هو في الصغرى و أنّ أمر المولى هو بأيّ نحو من النحوين بالوجوب كان أو بالاستحباب. [3]

أقول: مضافاً إلی کثرة الإطلاقات في غیر الإلزام من نفس المولی بحیث یوجب الشكّ في ثبوت الإلزام؛ فلا بدّ في إثباته من دلیل قطعيّ علی ذلك.

أدلّة القول الثاني

الدلیل الأوّل

قال المحقّق النائينيّ (رحمه الله): «ان الوجوب ليس مدلولا للدليل اللفظي و انما مدلوله الطلب فحسب و كل طلب يصدر من العالي إلى الداني و لا يقترن بالترخيص في المخالفة يحكم العقل بلزوم امتثاله و إطاعته و بهذا اللحاظ ينتزع عنوان الوجوب منه بينما إذا اقترن بالترخيص المذكور لم يلزم العقل بموافقته و بهذا اللحاظ يتصف بالاستحباب فكل من الوجوب و الاستحباب شأن من شئون حكم‌ العقل المترتب على طلب المولى‌»، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف). [4]

إشکالان فی الدلیل الأوّل

الإشکال الأوّل

إنّ موضوع حكم العقل بلزوم الامتثال لا يكفي فيه مجرد صدور الطلب مع عدم اقترانه بالترخيص لوضوح ان المكلف إذا اطلع بدون ترخيص من قبل المولى على ان طلبه نشأ من ملاك غير لزومي و لا يؤذي المولى فواته لم يحكم العقل بلزوم الامتثال و هذا يعني ان الوجوب العقلي فرع مرتبة معينة في ملاك الطلب و هذه المرتبة لا كاشف عنها الا الدليل اللفظي فلا بد من أخذها في مدلول اللفظ لكي ينقح بذلك موضوع الوجوب العقلي و هو معنى كون الدلالة لفظيّةً. [5]

أقول: مضافاً إلی أنّ الطلب له مراتب، فلا بدّ من قرینة خاصّة تعیّن تلك المرتبة، خصوصاً للمجتهد الذي یرید الحکم لکلّ المکلّفین باحتمال إرادة مرتبة عالیة من الطلب؛ فلا بدّ في إثبات المرتبة العالیة من قرینة قطعیّة. و أمّا المرتبة الدانیة فلا یحتاج إلی القرینة؛ لأنّها أقلّ المراتب. و الأمر یدلّ علی مطلق الطلب فحسب، کما سبق منّا مفصّلاً.

الإشکال الثاني

قال بعض الأصولیّین: «إنّ الالتزام بهذا المبنى تترتّب عليه آثار لا يمكن الالتزام بها فقهيّاً، و تكون منهجاً جديداً في الفقه: منها: لزوم رفع اليد عن دلالة الأمر على الوجوب فيما إذا اقترن بأمر عام يدل على الإباحة و الترخيص كما إذا ورد أكرم الفقيه و لا بأس بترك إكرام العالم. و منها: انه لو صدر امر و لم يقترن بترخيص متصل و لكن احتملنا وجود ترخيص منفصل فالبناء الفقهي و العقلائي على استفادة الوجوب من الأمر حتى يثبت خلافه مع ان هذا مما لا يمكن إثباته على هذا المسلك لأنه قد فرض فيه ان العقل انما يحكم‌ بالوجوب معلقا على عدم ورود الترخيص من الشارع و حينئذ نتساءل هل يراد بذلك كونه معلقا على عدم اتصال الترخيص بالأمر أو على عدم صدور الترخيص من المولى واقعا و لو بصورة منفصلة أو على عدم إحراز الترخيص و العلم به؟ و الكل باطل.

أما الأول: فلأنه يستلزم كون الترخيص المنفصل منافيا لحكم العقل بالوجوب فيمتنع و هو واضح البطلان و ما أكثر القرائن المنفصلة على عدم الوجوب و أما الثاني: فلأنه يستلزم عدم إمكان إحراز الوجوب عند الشك في الترخيص المنفصل مع القطع بعدم وروده متصلا لأنه معلق بحسب الفرض على عدم ورود الترخيص و لو منفصلًا فمع الشك فيه يشك في الوجوب لا محالة و أما الثالث: فهو خروج عن محل الكلام لأن البحث في الوجوب الواقعي الّذي يشترك فيه الجاهل و العالم لا في المنجزية، (إنتهی ملخّصاً). [6]

أقول: لا بأس بالالتزام بأنّ التکلیف الإلزاميّ من المجتهد لکلّ المکلّفین یحتاج إلی الدلیل المعتبر الذي لا إشکال فیه و یوجب الإطمئنان أو القطع بالواقع. و لذا إثبات الوجوب و الحرمة مشکل جدّاً إلّا بالإطمئنان القوي. و الاحتیاط أمر آخر حسن علی کلّ حال لو لم یوجب تنفّر الناس من الإسلام و الفقهاء و المجتهدین؛ فإذا احتملنا وجود القرائن المتّصلة أو المنفصلة الحالیّة أو المقالیّة أو عامّ فوقانيّ یوجب الترخیص، فلا بدّ من وجود الدلیل المعتبر مورد الاطمئنان القويّ حتّی یثبت الوجوب أو الحرمة.

الدلیل الثاني

قال المحقّق الخوئيّ (رحمه الله): «إنّ العقل يدرك- بمقتضى قضية العبودية و الرقية- لزوم الخروج عن عهدة ما أمر به المولى، ما لم ينصب قرينة على الترخيص في تركه، فلو أمر بشي‌ء و لم ينصب قرينة على جواز تركه فهو يحكم بوجوب إتيانه في الخارج، قضاء لحق العبودية، و أداء لوظيفة المولوية، و تحصيلا للأمن من العقوبة، و لا نعني بالوجوب الا إدراك العقل لابدية الخروج عن عهدته فيما إذا لم يحرز من الداخل أو من الخارج ما يدل على جواز تركه». [7]

یلاحظ علیه: بما سبق منّا من الملاحظات بعد کون الأمر بمعنی مطلق الطلب قي اللغة.

إشکالان في الدلیل الأوّل و الثاني

الإشکال الأوّل

أقول: إنّ الجامع بین الوجوب و الاستحباب- طبقاً لهذه النظریّة- استحقاق الثواب. أمّا الفصل الممیّز وجوب حکم العقل باستحقاق العقاب و الفصل الممیّز لاستحباب عدم الاستحقاق، العقاب علی الترك، فأین محلّ هذا الفصل الممیّز؟ یجیبون من حیث أداء حقّ مولویّة المولی، فلیکن هناك مولی حقیقيّ حتّی یحکم العقل هکذا و إلّا فمن قال «إفعل» فلا یحکم العقل هکذا؛ إذ العبودیّة یفرض في حقّ الله- تعالی- فقط لا في الموالي العرفیّة، بینما أنّ العقل یحکم بالإلزام في الموالي العرفیّة أیضاً، فالدلیل أخصّ من المدّعی. هذا الحکم العقليّ الذي یقوله المحقّق النائینيّ مختصّ بوجوب الطاعة و بالله- تعالی، بینما أنّ بحث الوجوب و الاستحباب شامل للموالي العرفیّة أیضاً.

 


[1] . العقل حاكم بإطاعة المولى.
[2] . أي: مثل فساد الانصراف اللفظي.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo