< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

44/03/11

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر

القول الخامس: کفایة العلوّ الادّعائي [1]

قال النجفيّ الإصفهاني (رحمه الله): لا يعتبر فيه العلوّ الحقيقي، بل يكفي الادّعائي منه، فمن اعتبر الاستعلاء في الأمر مقتصرا عليه- كما هو المنسوب إلى أكثر العلماء الأصوليّين من العامة و الخاصة- إن أراد به ما ذكرنا من كفاية العلوّ ادّعاء فهو حقّ، و إلاّ فلا وجه له، بل يردّه ما ذكره- الجدّ- العلاّمة في الهداية من إطلاق الأمر حقيقة على الأوامر الصادرة من الأمير إلى الرعية، و السيّد إلى العبد و إن كان المتكلّم غافلا عن علوّه حين الخطاب‌. [2]

أقول: هذا دلیل علی عدم لزوم العلوّ و الاستعلاء واقعاً، بل یکفي العلوّ الإدّعائيّ في إطلاق الأمر. و لذا یذمّونه من السافل، فهذا القول لا یخالف القول الرابع، بل یؤیّده.

القول السادس: لا عبرة بشي‌ء من العلوّ و الإستعلاء بل انّما يمتاز الأمر عن سائر انواع الطلب بكيفية خاصة [3]

قال المحقّق الداماد (رحمه الله): «التحقيق إنّه لا عبرة بشي‌ء منهما بل انّما يمتاز الأمر عن سائر انواع الطلب بكيفية خاصة و لحن مخصوص في مقام التخاطب بحيث لو خاطب العبد مولاه بصوت عال و قال له: قم يا فلان و اسقنى ماء باردا، كان طلبه هذا من مصاديق الأمر كما يشهد به سليم الذوق و في الحقيقة مفاده هو ما يعبر عنه في الفارسية ب (فرمان دادن) فلو حصل هذه الكيفية من التخاطب حصل الأمر و لو لم يكن المتكلم به عاليا بل و لا مستعليا اعنى لم يعتبر العلوّ لنفسه كما أنّه لو لم يحصل لم يكن الطلب معه مصداقا للامر و لو كان من العالى و المستعلى أو لا ترى قد يأمر المولى عبده باوامر ارشادية ليست في الحقيقة من الأمر و انما يطلق عليه مجازا.[4]

أقول: هذا القول یؤیّد، بل یدلّ علی القول الرابع ببیان خاصّ و کیفیّة خاصّة؛ فلا یعتبر العلوّ و الاستعلاء أصلاً.

کلام الحجّة التبریزيّ في المقام

قال (رحمه الله): «لا يخفى أنّه يعتبر في الأمر المولوية إمّا حقيقةً و إمّا اعتباراً، فعلى هذا يكون الأمر أمرا إذا كان فيه الجهة المولوية و لو بالاعتبار، و لا يلزم فيه العلوّ الحقيقي، بل يكفي فيه الاستعلاء و المولوية، و يؤيده سؤال بريرة حيث قال أ تأمرني يا رسول اللّه (ص) حيث مع ان رسول اللّه أمره و مع هذا سأل بريرة بأن هذا يكون من باب مولويتك فقال صلّى اللّه عليه و آله: بل إنّما أنا شافع.

و تقبيح الطالب السافل ليس من باب استعلائه و مولويته، بل من باب انه لم يثبت مولويّة نفسه و قلنا بأنّه لا بدّ أن يكون فيه جهة المولوية إمّا حقيقة أو اعتبارا، فإنّ السافل مع حفظ مقام سافليّته يأمر و ليس في مقام المولوية، و هذا واضح لا ريب فيه». [5]

أقول: أنّ هذا یؤیّد عدم اعتبار العلوّ حقیقةً، بل یکفي ادّعاءً. و المراد من المولویّة ظاهراً هو الاستعلاء و یکفي الاستعلاء اعتباراً من دون الحقیقة؛ فلا یلزم العلوّ و الاستعلاء حقیقةً في الإطلاقات العرفیّة للأمر. و بعض الإشکالات في المقام من حیث الخلط بین مقام الإطلاقات العرفیّة و مقام حکم العقل بوجوب الطاعة، فلا بدّ من التفریق بین المقامین، فتأمّل.

المبحث الثالث: في دلالة مادّة الأمر علی الوجوب أو الندب (الطلب الوجوبي أو مطلق الطلب)

قال المحقّق الخوئيّ (رحمه الله): «هذه هي الجهة المهمّة التي يكون البحث عنها وظيفة الأصوليّ و تترتّب عليها ثمرة عمليّة». [6]

تحریر محلّ النزاع

إختلف الأصولیّون في لفظ الأمر هل هو حقیقة في الطلب الإیجابي أو الندبي أو مشترك بینهما؟ فذهب بعض إلی أنّه حقيقة مشترکة بین الإیجاب و الندب. و ذهب بعض آخر إلی أنّه حقیقة في الطلب الإیجابي.

إشکال فی عنوان المبحث

إنّ الأصوليين بحثوا عن مادّة الأمر وصيغته وأنهما يدلان على الوجوب أو لا والحال إنّ النصوص الشرعيّة قد ورد فيها ألفاظ أخر غير مادّة الأمر وصيغته ، فلماذا سكتوا عن تلك الدوالّ الأخرى وحصروا كلامهم في مادّة الأمر وصيغته والحال أنّ تلك الدوالّ الأخرى ليست بالقليل ، و أذكر بعض الشواهد على ذلك من قبيل: قوله- تعالى: ﴿و لله على الناس حجّ البيت من استطاع إلیه سبيلاً﴾[7] فهنا استفدنا الوجوب من قوله (و لله) و من قبيل صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْكَشِفَ بَيْنَ يَدَيِ الْيَهُودِيَّةِ وَ النَّصْرَانِيَّةِ فَإِنَّهُنَّ يَصِفْنَ ذَلِكَ لِأَزْوَاجِهِنَّ. [8]

جوابان عن الإشکال

الجواب الاول

أقول: لعلّهم لم يبحثوها من باب أنّ الصيغ الأخرى كثيرة و يصعب حصرها فاقتصروا على صيغة الأمر و مادّته فإنّها الوسيلة الغالبة في النصوص الشرعيّة فاقتصروا على الصيغة الغالبة.

الجواب الثانی

أقول: إنّهم ذكروا ذلك من باب المثاليّة، لا من باب الحصر.

أقول: في المصادیق البارزة للآمر و المأمور:

الله- تعالی- و رسوله (ص) و الأئمّة المعصومون (علیهم السلام). الوالدان و ولدهما، إطاعة الولد من الوالدین ارتکازيّ و شرعي. إذا کان هناك علوّ ارتکازيّ و طبیعيّ فأمر الشارع حینئذٍ إرشاديّ و ارشاد إلی الارتکا المولی و العبد. أمر المجتهد بالنسبة إلی المقلّد. أمر المرجع أو المجتهد بالنسبة إلی مقلّده. یُری هذا الأمر تقریباً من أبرز المصادیق. أمر الوليّ الفقیه أو حاکم الشر امر الوليّ الفقیه أو حاکم الشرع حیث إنّ الوليّ الفقیه في الفقه هو حاکم الشر حاکم الشرع بالمعنی الواقعيّ أو الوليّ الفقیه الذي یأمر، أمره نافذ.

 


[8] . عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ [إماميّ ثقة] عَنْ أَبِيهِ [إبراهیم بن هاشم القمّي: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة علی الأقوی] وَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ [البندقيّ النيسابوري: مختلف فیه و هو إماميّ ثقة ظاهراً] عَنِ الْفَضْلِ بْنِ شَاذَانَ [النيسابوري‌: إماميّ ثقة] جَمِيعاً عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ [محمّد بن زياد الأزدي: إماميّ ثقة من أصحاب الإجماع] عَنْ حَفْصِ بْنِ الْبَخْتَرِيِّ [إماميّ ثقة]. (هذه الروایة مسندة، صحیحة ظاهراً).

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo