بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی
43/10/26
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر
القول الرابع عشر: أنّه مشترك لفظيّ بين الطلب و غيره من المعاني [1]
قال المحقّق الخوئيّ (رحمة الله): «إنّ اختلاف الجمع- حيث إنّ الأمر بمعنى الطلب يجمع على الأوامر، و بمعنى غيره يجمع على الأمور، و أيضاً الأمر بمعنى الطلب مشتق و له ماض و مضارع و غيرهما، و أمّا الأمر بمعنى الواقعة فلا اشتقاق فيه- دليل قطعي على اختلاف المعنى، إذ لو كانت هناك جهة وحدة بين جميع المعاني موضوع بإزائها اللفظ، لكانت مفهوما واحدا و معنى فاردا هي مصاديقه، فإن صحّ جمعه على الأمور عند إرادة بعض مصاديقها، فلا بدّ و أن يكون صحيحا عند إرادة بعض آخر، فنستكشف من عدم صحّة الجمع على نهج واحد في جميعها عدم وجود الجامع بين جميعها أصلا لا ذلك الجامع و لا غيره، فثبت أنّ الأمر لا يكون مشتركا معنويا بين الطلب و غيره من المعاني، بل يكون مشتركا لفظيا بينهما». [2]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین من حیث إنّ الاشتراك لفظي. و أمّا بین أيّ من المعانی؟ فالظاهر أنّه مشترك لفظيّ بین الطلب و الشيء و الفعل.
القول الرابع عشر: الاشتراك اللفظي بين المعنيين: الطلب في اطار خاص و الشيء الخاص[3]
أقول: هذا القول لیس جامعاً للأفراد، فلا بدّ من إضافة الفعل حتّی یکون جامعاً للأفراد، کما سبق.
القول الخامس عشر: لفظ الأمر مشترك لفظيّ بين جميع المعاني [4] [5]
قال الشهید الصدر(رحمة الله): «إنّ مادّة الأمر لا ينحصر معناها لغة بالطلب، بل ذكرت لها معان اخرى كالشيء، و الحادثة، و الغرض، و على هذا الأساس تكون مشتركا لفظيّا و تعيين الطلب بحاجة إلى قرينة». [6]
أقول: إنّ تعدّد الوضع خلاف الأصل؛ فلا بدّ من الاقتصار علی ما یکون جامعاً للأفراد و الأمثلة. و الظاهر أنّ الطلب و الشيء و الفعل تکون جامعةً لجمیع الأمثلة و لا نحتاج إلی الوضع لجمیع المعاني المذکورة في المقام، فإنّ الاستعمال لیس علامةً الحقیقة، بل أعمّ منها.
القول السادس عشر: الاشتراك اللفظيّ بين المعنيين: ضدّ النهي و الشيء[7]
أدلّة القول السادس عشر
الدليل الأوّل: قول أرباب اللغة [8]
أقول: قد ذکر اللغویّون معاني أخر أیضاً، فلا دلیل علی الانحصار.
الدليل الثاني: التبادر [9]
أقول: إنّ التبادر موجود في الفعل أیضاً في مثال ﴿و ما أمر فرعون برشید﴾[10] و أمثاله؛ فالتبادر لا یدلّ علی الانحصار.
قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «إنّ المتبادر من قولك «جئت لهذا الأمر» أو «رأيت اليوم أمراً عجيباً» إنّما هو الشيء و لا يمكن تأويلها إلى الطلب لوجود التباين بينهما». [11]
الدليل الثالث: ما صرّح به غير واحد منهم من أنّ الأوّل يجمع على فواعل (أوامر) و الثاني على فعول (امور).[12]
أقول: هذا یدلّ علی التعدّد و لا یدلّ علی الانحصار.
الدليل الرابع
كون أحدهما (و هو المعنى الأوّل) مصدراً و مبدأً للاشتقاق، و الثاني اسم لا يشتقّ منه شيء.[13]
أقول: هذا یدلّ علی التعدّد و لا یدلّ علی الانحصار.
القول السابع عشر: أنّ لفظ الأمر موضوع لمعنیین: الطلب و الفعل [14]
دليل كون المعنى الثاني للأمر هو الفعل
[یكون] المعنى الثاني للأمر هو الفعل، فيكفي في ذلك قوله سبحانه: ﴿إِنَّ الأمر كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ﴾.[15] أي كلّما يجري في الكون من السنن التي هي من أفعاله سبحانه بيد اللّه، و قوله: ﴿قُضِيَ الأمر وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ﴾.[16] و قوله: ﴿وَ شاوِرْهُمْ فِي الأمر﴾[17] أي شاور هؤلاء في أُمورك و أفعالك و ما تفعل و ما تترك. [18]
أقول: هذا یدلّ علی أنّ الفعل من معانیه و لا یدلّ علی انحصار المعنی في الطلب و الفعل فقط.
القول الثامن عشر: الاشتراك اللفظيّ بين المعنيين: الطلب أو ما يرجع إليه و الشأن أو ما يرجع إليه [19]
ثمرة النزاع في معنی مادّة الأمر لغةً
قال المحقّق الخوئيّ: «إنّه لا ثمرة عملية لذلك البحث أصلا، و السبب فيه ان الثمرة هنا ترتكز على ما إذا لم يكن المراد الاستعمالي من الأوامر الواردة في الكتاب و السنة معلوماً، و حيث ان المراد الاستعمالي منها معلوم، فاذن لا أثر له». [20]
کما قال (رحمة الله) في کتابه الآخر: «لا تترتّب على هذا البحث ثمرة عملية، لانّه لم يرد لفظ الامر في مورد كان محتملا للطلب و غيره، ليحمل على ما هو حقيقة فيه، بل كان استعماله دائما محتفّا بما يظهر منه المراد». [21]
و لکن قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «إنّ الثمرة تظهر فيما لو ورد لفظ الأمر في الكتاب و السنّة و لم يعلم المقصود منه، فعندئذ تصل النوبة إلى الأُصول العملية، فلو كان للحكم حالة سابقة يستصحب، و إلّا فلو كان الشكّ في التكليف، يقع مجرى للبراءة و إلّا، يقع مجرى الاشتغال». [22]
أقول: الظاهر أنّه تظهر الثمرة في تفسیر القرآن و نهج البلاغة و الروایات و لکنّ الثمرة قلیلة ظاهراً؛ لأنّ الغالب کونها محفوفةً بالقرائن.