< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

43/10/20

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/الأمر

القول التاسع: معنی لفظ الأمر الطلب و الإرادة[1] (مشترك معنوی)

قال المحقّق الاصفهانيّ (رحمه الله): «الأمر يطلق بمعناه المصدريّ المبنىّ للمفعول على الأفعال كإطلاق المطلب و المطالب على الأفعال الواقعة في معرض الطلب كما يقال «رأيت اليوم مطلباً عجيباً» و يراد منه فعل عجيب كذلك في «رأيت اليوم امرا عجيباً» و الغرض أنّ نفس مورديّة الفعل و معرضيّته لتعلّق الطلب و الإرادة به يصحّح إطلاق المطلب و المقصد و الأمر، و إن لم يكن هناك قصد و لا طلب متعلق به». [2]

یلاحظ علیه، أوّلاً: أنّا نشاء أن نفهم المعنی الحقیقيّ للأمر و أنّ المعنی الحقیقيّ یطبق علی موارد شتّی و مصادیق متفرّقة، لکن علی أساس توجیهك تصیر المصادیق معنی الأمر بالعنایة و المجاز؛ إذ قصدك من الطلب و الإرادة هو المطلب و المقصود بالعنایة و هو معنی مجازي و لیس بحقیقي.

و ثانیاً: أنّ هذا التوجیه لیس متفاهماً عرفیّاً؛ فإنّ بحثنا في وضع اللفظ و المعنی و یجب أن یکافئ[3] وضع اللفظ و المعنی فهم العرف و استنتاجك هذا فمع الدقّة و خارج من فهم العرف. فعلی هذا لا یکون معنی الأمر هو الطلب و الإرادة فقط.

و ثالثاً: أنّ الله- تعالی- خالق الأعیان الخارجیّة کالبحار و الجبال، لکن بالنسبة إلی أفعال الإنسان فإرادة الله دخیل فیها کما أنّ إرادة العبد دخیل أیضاً و إلّا یلزم الجبر؛ فعلی هذا فأيّ حسن و لزوم في أن نری کلّ الأشیاء داخلةً في إرادة الله؟ نعم قولك صحیح في الأعیان لکن أيّ حسن في أفعال البشر لا سیّما الأفعال السیّئة الصادرة منه، کی نری کلّها منتسبةً إلی إرادة الله- تعالی!

القول العاشر: أنّ للفظ الأمر معنيين الأوّل مفهوم عام عرضيّ مساوق لمفهوم «الشي‌ء» و «الذات» و الثاني ما يساوق «الطلب المظهر»[4] (لفظ الأمر مشترك لفظيّ بین الشيء و الطلب المبرز، لفظ الأمر حقیقة في الشيء و الطلب)[5]

قال المحقّق العراقي (رحمه الله): «إنّ أصل المعنى ربما يرجع إلى معنيين: عبارة عن مفهوم عام عرضي مساوق لمفهوم «الشي‌ء» و «الذات» من حيث كونهما أيضاً من المفاهيم العامّة العرضيّة و إن كان له نحو أخصيّة عمّا يساوقه من العنوانين. و بهذا المعنى كان من الجوامد و يجمع على «أمور». [و ثانيهما]: ما يساوق «الطلب المظهر» بالقول أو غيره من الكتابة و الإشارة، لا صرف إظهاره و لو لم يكن في الواقع طلب. و بهذا المعنى مشتق، و يجي‌ء فيه العناوين الاشتقاقيّة اسماً أم فعلاً و يجمع على «أوامر». ثمّ انّ المراد من «الطلب المظهر» الراجع إليه حقيقة الأمر هو «الطلب الحقيقي» و ما هو بالحمل الشائع طلب. كما أنّ المراد من إظهاره أيضاً كذلك.

و لكن هذا المعنى مأخوذ في [حقيقته‌] و منشأ انتزاع مفهومه، لا مفهومه. و حينئذ لا منافاة بين ذلك و بين استعمال لفظ الأمر في معناه و مفهومه بنحو الحقيقة مع عدم وجود طلب خارجيّ و لا إبرازه. و حينئذ لا يكشف ذلك عن كون الأمر بحقيقته عبارة عن الطلب الإنشائي، لدلالة الوجدان على كون اللفظ مستعملا في معناه الحقيقي مع عدم وجود طلب حقيقي في البين أصلا، و ذلك لما عرفت بأنّ استعمال اللفظ في مفهومه لا يقتضي وجود منشأ انتزاع المفهوم خارجا كما لا يخفى»، (إنتهی ملخّصاً). [6]

أقول: ترد علیه الملاحظات السابقة في سائر الأقوال و بیان القول المختار.


[3] . أي: برابر باشد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo