< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

43/07/18

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ المشتق

المبحث السابع[1] : هل يعتبر في صدق المشتقّ حقيقةً تلبّس الذات بالمبدأ حقيقةً أو يكفي و لو كان تلبّسها به مجازاً[2]

تحریر محلّ النزاع

إختلف الأصولیّون في أنّه هل يعتبر في صدق المشتقّ و جريه على الذات حقيقةً التلبّس بالمبدأ حقيقةً و بلا واسطة في العروض‌، أو يكفي التلبّس به و لو مجازاً ؟ فذهب بعض إلی الاعتبار و ذهب بعض آخر إلی عدم الاعتبار.

هنا قولان:

القول الأوّل: الاعتبار [3]

قال الحائريّ الاصفهانيّ (رحمة الله): «يشترط في صدق المشتقّ على شي‌ء حقيقةً قيام مبدأ الاشتقاق به من دون واسطة في العروض إن كان صفةً؛ كالضارب و القاتل؛ فإنّ مبدأهما الضرب و القتل بمعنى الفاعل و هما تأثير و لا قيام له إلّا بالمؤثّر. و كالقائم و القاعد و النائم، فإنّ مباديها آثار و صفات و إنّما قيامها بالمتأثّر و المتّصف. و أمّا إذا كان المبدأ ذاتاً، فلا يعتبر فيه القيام؛ كما في البقّال و الحدّاد. و إنّما قلنا من دون واسطة في المقام، احترازاً عن القائم بواسطة، فإنّه لا يصدق إلّا مجازاً؛ كالشدّة و السرعة القائمتين بالجسم بواسطة الحركة و اللون؛ فإنّه يقال الحركة سريعة أو اللون شديد و لا يقال الجسم سريع أو شديد». [4]

أقول: إن کان المراد من قیام مبدأ الاشتقاق بالمشتقّ قیامه ادّعاءً، فإنّ المتکلّم حین الاستعمال یدّعي قیام المبدأ بالمشتقّ ظاهراً، فإن کان مطابقاً للواقع، فالقضیّة صادقة و إلّا فکاذبة. و هذا قد یکون من قبیل الحقیقة؛ مثل: الماء جارٍ. و قد یکون من قبیل المجاز الادّعائي؛ مثل المیزاب جارٍ و الفرق من جهة منشأ الادّعاء. و بهذا التوجیه فکلام صاحب الفصول لا إشکال فیه.

و أمّا لو کان المراد قیامه حقیقةً، فترد علیه الإشکالات. و حیث عبّر «صدق المشتقّ علی شيء حقیقةً» و قال «لا یصدق إلّا مجازاً» فتکون هذه العبارة قرینة علی کون مراده (رحمة الله) ما ذکرناه؛ فإنّ الاستعمال المجازيّ صحیح لا إشکال فیه، مع وجود القرینة علی ذلك و القضیّة قد تکون صادقةً و قد تکون کاذبةً. و هذه الأمور واضحة لا تخفی علی مثل صاحب الفصول قطعاً. و بهذا کلّه یظهر ما في الاشکالات و الردود علیها من الملاحظات و الحقّ هو ما ذکرناه.

 


[1] منتهى ‌الدراية، المروج الجزائري، السيد محمد جعفر، ج1، ص352. «غرضه من عقد هذا الأمر هو أنّ صدق المشتقّ على نحو الحقيقة لا يتوقّف على كون إسناد المبدأ إلى الذات حقيقيّاً؛ كما في الماء جارٍ، حيث إنّ إسناد الجريان إلى الماء حقيقيّ و إسناد إلى ما هو له، كما هو واضح، بل لو كان إسناد المبدأ إلى الذات مجازيّاً و إلى غير ما هو له- كما في قولنا: «الميزاب جارٍ» و «جالس السفينة متحرّك»، حيث إنّ إسناد الجريان إلى الميزاب و الحركة إلى جالس السفينة مجازي، لكونه إسناداً إلى غير ما هو له- لما كان مضرّاً بصدق المشتقّ على الذات حقيقةً و إن كان إسناد المبدأ مجازاً. و إنّما المضرّ هو المجاز في الكلمة؛ لكون اللفظ حينئذٍ مستعملاً في غير الموضوع له، بخلاف المجاز في الإسناد؛ فإنّ الألفاظ مستعملة في معانيها الحقيقيّة و المجازيّة إنّما تكون في الإسناد و هي لا توجب المجاز في الكلمة؛ فالمشتقّ- مثل المتحرّك و الجاري في المثالين المذكورين- قد استعمل في معناه الموضوع له.» .
[2] في اعتبار التلبّس الحقیقيّ و عدمه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo