بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی
43/07/05
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ المشتق
المبحث السادس: في قیام المبدأ بالذات[1] [2]
تحریر محلّ النزاع
هل يشترط في صحّة الحمل قيام المبدأ بالذات أو لا؟ فذهب بعض إلی التفصیل بین ما إذا کان المبدأ صفةً و ما إذا كان المبدأ ذاتاً، فیشترط في الأوّل، دون الثاني. و ذهب بعض آخر إلی الاشتراط مطلقاً؛ أي: سواء كان المبدأ صفةً أو ذاتاً.
هنا قولان:
القول الأوّل: التفصیل
يشترط في صدق المشتقّ على شيء حقيقةً قيام مبدأ الاشتقاق به إن كان المبدأ صفةً. و أمّا إذا كان المبدأ ذاتاً، فلا يعتبر فيه القيام. [3]
قال الحائريّ الاصفهانيّ (رحمة الله): «يشترط في صدق المشتقّ على شيء حقيقةً قيام مبدأ الاشتقاق به إن كان صفةً؛ كالضارب و القاتل، فإنّ مبدأهما الضرب و القتل بمعنى الفاعل و هما تأثير و لا قيام له إلّا بالمؤثّر و كالقائم و القاعد و النائم فإنّ مباديها آثار و صفات و إنّما قيامها بالمتأثّر و المتّصف. و أمّا إذا كان المبدأ ذاتاً، فلا يعتبر فيه القيام؛ كما في البقّال و الحدّاد»، (إنتهی ملخّصاً). [4]
القول الثاني: الاشتراط مطلقاً [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11] [12] [13] [14] [15] [16]
ذهب المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله) إلی لزوم قيام المبدأ بالذات و تلبّسها به مطلقاً، غير أنّ تلبّس كلّ شيء بحسبه. [17]
أقول: هو الحق، إلّا أنّ التعبیر بالتلبّس و القیام فیه نوع مسامحة؛ فالأولی هو التعبیر بنحو ارتباط عرفيّ بینهما و لا یلزم صدق القیام أو التلبّس حتّی ینکر في مثل ذاته- تعالی.
قال المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله): «التحقيق أنّه لا ينبغي أن يرتاب من كان من أولي الألباب في أنّه يعتبر في صدق المشتقّ على الذات و جريه عليها من التلبّس بالمبدأ بنحو خاصّ على اختلاف أنحائه الناشئة من اختلاف الموادّ تارةً و اختلاف الهيئات أخرى من القيام صدوراً أو حلولاً أو وقوعاً عليه أو فيه أو انتزاعه عنه مفهوماً، مع اتّحاده معه خارجاً؛ كما في صفاته- تعالى- أو مع عدم تحقّق إلّا للمنتزع عنه؛ كما في الإضافات و الاعتبارات التي لا تحقّق لها و لا يكون بحذائها في الخارج شيء و تكون من الخارج المحمول[18] [19] لا المحمول بالضميمة[20] ؛ ففي صفاته الجارية عليه- تعالى- يكون المبدأ مغايراً له- تعالى- مفهوماً و قائماً به عيناً لكنّه بنحو من القيام لا بأن يكون هناك اثنينيّة و كان ما بحذائه غير الذات، بل بنحو الاتّحاد و العينيّة و كان ما بحذائه عين الذات.
و عدم اطّلاع العرف على مثل هذا التلبّس من الأمور الخفيّة لا يضرّ بصدقها عليه- تعالى- على نحو الحقيقة إذا كان لها مفهوم صادق عليه- تعالى- حقيقةً و لو بتأمّل و تعمّل من العقل. و العرف إنّما يكون مرجعاً في تعيين المفاهيم، لا في تطبيقها على مصاديقها.
و بالجملة يكون مثل العالم و العادل[21] و غيرهما من الصفات الجارية عليه- تعالى- و على غيره جارية عليهما بمفهوم واحد و معنى فارد و إن اختلفا فيما يعتبر في الجري من الاتّحاد و كيفيّة التلبّس بالمبدأ، حيث إنّه بنحو العينيّة فيه- تعالى- و بنحو الحلول أو الصدور في غيره، (إنتهی ملخّصاً). [22]
أقول: کلامه (رحمة الله) متین؛ إلّا أنّ العرف مرجع في تعیین المفاهیم و هکذا المصادیق لو لا الدلیل علی خلافه. و في ذات الباري- تعالی- دلّ العقل علی خلاف المتبادر عند من قام عنده الدلیل.