< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

43/07/04

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ المشتق

الجواب الخامس

قال الإمام الخمينيّ (رحمة الله): «إنّ المتبادر من المشتقّ ليس إلّا المعنون بعنوان المبدأ بما أنّه معنون. و أمّا كون المعنون عنواناً زائداً على الذات أو عينها فغير مربوط بمفهوم المشتقّ و لا يكون مدلولاً عليه للفظ المشتق. و إنّما هو من خصوصيّات المصاديق؛ نعم، كيفيّة التعنون إنّما يستفاد عند التحليل و التجزئة العقليّة و ذلك غير مضرّ ببساطة المشتق». [1]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین و لا ینافي ذلك کون المشتقّ عند التحلیل في بعض المصادیق مرکّباً و في بعضها بسیطاً بالدلیل العقلي.

الجواب السادس

إنّه لا يعتبر المغايرة بينهما[2] مفهوماً، فضلاً عن الوجود؛ نعم، يعتبر المغايرة بين الموضوع و المحمول من جهة و الاتّحاد من جهة و هما موجودان في حمل الصفات على لفظ الجلالة، فإذا قلنا: اللّه- سبحانه و تعالى- عالم، كان المغايرة بين لفظ اللّه و لفظ عالم من حيث المفهوم موجوداً و إن اتّحدا من حيث الوجود، كما هو الحال في مثل زيد قائم، فإنّهما متغايران مفهوماً و متّحدان وجوداً، كما هو واضح، (إنتهی ملخّصاً). [3]

أقول: قد سبق منّا ما یلاحظ علیه، فراجع، حیث قلنا إنّه لا تلزم المغایرة أصلاً حتّی بین الموضوع و المحمول و إنّما التغایر لزیادة الفائدة.

الجواب السابع

یجاب عنه بطرق ثلاثة كلّ واحد يجري في قسم من الصفات، الطريق الأوّل الأثر المرغوب منه. الطريق الثاني: أن تكون مجازاً و لكنّه مجاز فوق الحقيقة. الطريق الثالث: النقل. [4]

قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «المختار أن يجاب عنه بطرق ثلاثة كلّ واحد يجري في قسم من الصفات (على سبيل منع الخلو).

الطريق الأوّل: أنّ اللفظ وضع لما يكون منشأً للأثر المرغوب منه. و هذا المعنى صادق في قسم من صفات الباري؛ كالسميع و البصير، فإنّ السميع (مثلاً) وضع لمن يكون محيطاً بالمسموعات و البصير وضع لمن يكون محيطاً بالمبصرات.

الطريق الثاني: أن تكون مجازاً و لكنّه مجاز فوق الحقيقة بحيث تكون الحقيقة فيها قنطرة المجاز على عكس ما هو المعروف من أنّ المجاز قنطرة الحقيقة؛ فإنّ استعمال العالم في اللَّه- تبارك و تعالى- و إن فرض مجازاً و لكنّه مجاز أعلى من الحقيقة؛ فإنّ العلم هنا عين الذات، لا أمر عارض عليه، فيكون المعنى المجازيّ أعلى و أشرف و أتمّ من المعنى الحقيقيّ و لا ضير في الالتزام بذلك مع وجود القرينة و وضوح المفهوم. و هكذا الحال في ما يشبه العالم من الصفات؛ كالقادر و غيره.

الطريق الثالث: النقل، بأن يقال بانتقال المعنى المحدود إلى المعنى الوسيع بعد كثرة استعماله في ذات الباري- تعالى- فكان العالم (مثلاً) موضوعاً لما يكون المبدأ فيه غير الذات، لكن لكثرة استعماله في اللَّه- عزّ و جلّ- وضع تعييناً أو تعيّناً للأعمّ منه. و هذا أيضاً يجري في مثال العالم و القادر و ما أشبههما، فتأمّل جيّداً، (إنتهی ملخّصاً). [5]

أقول: لا ملزم لهذه التکلّفات، بل لا ملزم للمغایرة قطّ، کما سبق منّا مفصّلاً؛ مع أنّ العینیّة ثبتت بالدلیل العقليّ و لیست من الأمور العرفيّة المربوطة بعموم المخاطبین للکلمات، مضافاً إلی أنّ کیفیّة المصداق من حیث مقدار العلم (مثلاً) أو عینیّة مربوطة بالمصداق و لا ربط بمعنی المشتقّ و المصادیق مختلفة و المعنی واحد و التشکیك في المعنی المراد مربوط بالمصادیق.

الجواب الثامن

إنّ المتبادر من المشتقّ هو المعنون و الذات المتلبّسة بالمبدأ. و ظاهره زيادة العنوان على الذات و نحن نجري أوصافه- سبحانه- عليه بهذا المعنى و نستعملها في المعنى المتبادر عرفاً بالإرادة الاستعماليّة، غير أنّ البرهان قام على عينيّة صفاته مع ذاته، فنرفع اليد عن هذا الظهور بالدليل العقلي.

فالمراد الجدّيّ عند من قام الدليل عنده على العينيّة، غير المراد الاستعماليّ الذي يشترك فيه العالم و الجاهل، الفيلسوف و المتكلّم.

و قيام البرهان على الوحدة لا يكون سبباً لتغيير اللغة و المتبادر العرفي؛ غاية الأمر أنّ الأكثريّة الساحقة من الناس لا يتوجّهون إلى هذه الدقائق، فيستعملون اللفظ فيه- سبحانه- على النحو الذي يستعملونه في غيره و لا يرون الزيادة مخلّةً بالتوحيد.

و أمّا الفلاسفة و أهل الدقّة، فلمّا كانوا متوجّهين إلى هذا الأمر، فلا مفرّ لهم عن كون المراد الاستعماليّ مغايراً مع المراد الجدّيّ و لا يكون جري المشتقّات عليه- سبحانه- مع أنّ ظواهرها لا ينطبق على الواقأمراً مرغوباً عنه؛ لأنّ الألفاظ الدارجة عندنا قاصرة عن إفادة ما في المقام الربوبيّ من الكمال و الجمال و لا يختصّ ذلك بصفاته، بل يجري في أفعاله- سبحانه.

و الحاصل أنّ هنا مقامين: 1- اللغة و الظهور و التبادر. 2- العقيدة و البرهان و الاستدلال و ليس شأن الثاني تغيير اللغة و المتبادر العرفي، كما أنّه ليس للظواهر العرفيّة أن تصادم البراهين العقليّة، فلكلّ طريقه و مجراه و ترفع اليد عنها بها. [6]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین، إلّا أنّ في انعقاد الظهور في زیادة العنوان علی الذات تأمّل جدّاً. و لعلّه للانصراف البدوي، لغلبة الاستعمال فی العرف. و هذا غیر مقام اللغة و الظهور و التبادر. و ذیل کلامه (حفظه الله) ینافي صدر کلامه؛ فإنّه في الذیل قال بوجود المقامین: 1- اللغة و الظهور و التبادر 2- العقیدة و البرهان و الاستدلال. و هذا کلام صحیح و مقبول. و أمّا قوله في صدر کلامه أنّ المتبادر من المشتقّ هو المعنون و الذات المتلبّسة بالمبدأ. و ظاهره زیادة العنوان علی الذات ... ینافي الذیل و لا دلیل علیه و ادّعاء صرف.

 


[2] المبدأ و الذات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo