< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

43/06/27

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ المشتق

تذنیب: في کیفیّة جري الصفات علی اللّه (في بیان شبهة صاحب الفصول و أجوبتها)

تحریر محلّ النزاع

قد مرّ سابقاً أنّه تشترط في صحّة الحمل أو كونه مفيداً مغايرة المحمول مع الموضوع؛ فعند ذلك ربّما يشتبه الأمر على بعضهم من أنّه إذا كان ملاك الحمل هو المغايرة، فكيف تحمل صفاته- سبحانه، مثل «العالم» و «القادر» عليه- سبحانه- مع أنّ صفاته- تعالى- عين ذاته لا تغاير بينهما؟ فأجاب بعض بالالتزام بوقوع النقل في تلك الألفاظ بالنسبة إليه- تعالى. [1]

و أجاب بعض آخر عن الإشکال بأنّ المراد من المغايرة هو التغاير المفهوميّ و هو لا ينافي الاتّحاد العينيّ و الخارجي؛ فمفهوم العالم و القادر و إن كان غير مفهوم الموضوع و لكنّهما عينه خارجاً. و على هذا لا نحتاج في إجراء الصفات إلى التأوّل بالنقل.

و أجاب بعض بأنّ أهل العرف لغفلتهم عن اتّحاد ذاته- تعالى- مع مبادي صفاته الحسنى التي نطق بها البرهان الصادق يحملون عليه- تعالى- هذه العناوين المشتقّة بما لها من المفاهيم و يتخيّلون أنّ مطابقها في ذاته المقدّسة، كما هو مطابقها فى ذات غيره.

و أجاب بعض آخر بأنّ اطلاق العالم و القادر و سائر صفات الذات عليه- تعالى- كناية عن سلب نقائضها و عدم تطرّقها إليه- تعالى- فإثبات الصفات له- تعالى- بمعنى أشرف و أعلى، فهو- تعالى شأنه- عالم قبل العلم بغير علم و قادر قبل القدرة بغير قدرة. و هذا معنى أنّ صفاته- تعالى- عين ذاته، لا أنّ هنا صفات قائمة بالذات. و الكناية قسم من الحقيقة، لا المجاز.

و أجاب بعض بأنّ المتبادر من المشتقّ ليس إلّا المعنون بعنوان المبدأ بما أنّه معنون. و أمّا كون المعنون عنواناً زائداً على الذات أو عينها، فغير مربوط بمفهوم المشتقّ و لا يكون مدلولاً عليه للفظ المشتقّ و إنّما هو من خصوصيّات المصاديق.؛نعم، كيفيّة التعنون إنّما يستفاد عند التحليل و التجزئة العقليّة.

و أجاب بعض آخر بطرق ثلاثة كلّ واحد يجري في قسم من الصفات، الطريق الأوّل: الأثر المرغوب منه. الطريق الثاني: أن تكون مجازاً و لكنّه مجاز فوق الحقيقة. الطريق الثالث: النقل.

و أجاب بعض بأنّ المتبادر من المشتقّ هو المعنون و الذات المتلبّسة بالمبدأ. و ظاهره زيادة العنوان على الذات. و نحن نجري أوصافه- سبحانه- عليه بهذا المعنى و نستعملها في المعنى المتبادر عرفاً بالإرادة الاستعماليّة، غير أنّ البرهان قام على عينيّة صفاته مع ذاته، فنرفع اليد عن هذا الظهور بالدليل العقلي.

أقول: قد مرّ سابقاً بأنّه لا ملزم لوجود المغایرة في الحمل قطّ؛ فلا إشکال و لا نحتاج إلی هذه التکلّفات المذکورة، مع أنّ الظاهر من المشتقّات غالباً زیادة العنوان علی الذات. و بهذا المعنی استعملها العرف، إلّا أنّ البرهان قائم علی عینیّة صفاته- تعالی- مع ذاته؛ فنرفع الید عن هذا الظهور للغلبة بالدلیل العقلي. و ستأتي الأجوبة عن صاحب الفصول، مضافاً إلی أنّ قیام المبدأ قد یکون بالوقوع أو بالحلول أو بالعینیّة و هذا أشدّ و آکد و أوضح و أعلی من سائر التلبّسات.

هنا أجوبة عن الإشکال:

الجواب الأوّل (جري الصفات علی الله بالنقل)

قال الحائريّ الاصفهانيّ (رحمة الله): «الوجه التزام وقوع النقل في تلك الألفاظ بالنسبة إليه- تعالى- و لهذا لا يصدق في حق غيره‌». [2]

کلام المحقّق الخوئيّ ذیل کلام صاحب الفصول

قال (رحمة الله): «ليعلم أنّ محلّ كلامه هي صفات الذات؛ كالعالم و القادر و ما يرجع إلى أحدهما، كالسميع و البصير؛ فإنّ العلم بمعنى انكشاف الأشياء له- تعالى- عين ذاته. و كذا القدرة بمعنى أنّ له ما يشاء عين ذاته. و أمّا السميع و البصير فهما راجعان إلى العلم؛ فإنّ السميع هو العالم بالمسموعات و البصير هو العالم بالمبصرات.

و أمّا صفات الأفعال- كالخالق و الرازق و الكريم و الرحيم- فهي خارجة عن محلّ كلامه و لا وجه للالتزام بالنقل فيها؛ لعدم كون المبدأ فيها عين ذاته- تعالى؛ فإنّ المبدأ فيها هو الفعل و لم يتوهّم أحد أنّ فعله عين ذاته- تعالى؛ فذكر بعض صفات الأفعال في هذا المقام- كما في الكفاية [3] - ليس في محلّه و خلط بين صفات الأفعال و صفات الذات». [4]

إشکالات في الجواب الأوّل

الإشکال الأوّل

«لا وجه لما التزم به في‌ الفصول من نقل[5] الصفات الجارية عليه- تعالى- عمّا هي عليها من المعنى[6] ، كما لا يخفى. كيف![7] ‌و لو كانت بغير معانيها العامّة جاريةً عليه- تعالى- كانت صرف لقلقة اللسان و ألفاظ بلا معنى؛ فإنّ غير تلك المفاهيم العامّة الجارية على غيره- تعالى- غير مفهوم و لا معلوم إلّا بما يقابلها؛ ففي مثل ما إذا قلنا إنّه- تعالى- عالم إمّا أن نعني أنّه من ينكشف لديه الشي‌ء، فهو ذاك المعنى العامّ أو أنّه مصداق لما يقابل ذاك المعنى، فتعالى عن ذلك علوّاً كبيراً. و إمّا أن لا نعني شيئاً، فتكون كما قلناه من كونها صرف اللقلقة و كونها بلا معنى. و العجب أنّه جعل ذلك علّةً لعدم صدقها في حقّ غيره و هو كما ترى‌». [8]

أقول: کلامه (رحمة الله) صحیح علی مبناه.

الإشکال الثاني

«إنّ التغاير المفهومي كافٍ في صحّة الحمل. و إذا كان التغاير المفهوميّ كافٍ في صحّة الحمل كان إطلاق الصفات على اللّه- تعالى- بنحو إطلاقه على غيره، غاية الأمر كيفيّة القيام يكون مختلفاً، فتارةً يكون بنحو الإيجاد أو الحلول أو الصدور أو غير ذلك». [9]

 


[5] .نقل الصفات الجارية عليه- تعالى- من المعنى الأوّل إلى المعنى الثاني.
[6] .أي: عن المعنى الذي تكون الصفات عليه.
[7] كيف يكون لما التزم به في الفصول من النقل وجه؟.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo