بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی
43/05/22
بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ المشتق
قال المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله): «إنّ مفهوم المشتقّ بسيط منتزع عن الذات باعتبار تلبّسها بالمبدأ و اتّصافها به غير مركّب»، (إنتهی ملخّصاً). [1]
و قال (رحمة الله) في موضع آخر: «لا يخفى أنّ معنى البساطة بحسب المفهوم وحدته إدراكاً و تصوّراً بحيث لا يتصوّر عند تصوّره إلّا شيء واحد لا شيئان و إن انحّل بتعمّل من العقل إلى شيئين؛ كانحلال مفهوم الشجر و الحجر إلى شيء له الحجريّة أو الشجريّة، مع وضوح بساطة مفهومهما.
و بالجملة، لا ينثلم بالانحلال إلى الإثنينيّة بالتعمّل العقليّ وحدة المعنى و بساطة المفهوم، كما لا يخفى. و إلى ذلك يرجع الإجمال و التفصيل الفارقان[2] بين المحدود و الحد، مع ما هما عليه من الاتّحاد ذاتاً؛ فالعقل بالتعمّل يحلّل النوع و يفصّله إلى جنس و فصل، بعد ما كان أمراً واحداً إدراكاً و شيئاً فارداً تصوّراً، فالتحليل يوجب فتق ما هو عليه من الجمع و الرتق». [3]
إشکالان في کلام المحقّق الخراساني
الإشکال الأوّل
إنّ قياس المشتقّ بالجوامد غير صحيح؛ لأنّ تحليل الجوامد إلى شيئين غير تحليل المشتقّ إليهما؛ لأنّ تحليل الجوامد إنّما هو إلى المادّة و الصورة في الخارج، بخلاف المشتق؛ فإنّ تحليله إليهما إنّما هو في عالم المفهوميّة. [4]
أقول: إنّ تشبیه المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله) المشتقّات بالجوامد لیس من جمیع الجهات، بل من جهة التحلیل العقليّ و من جهة خاصّة.
الإشکال الثاني
هذا الذي ذكره في تحرير محلّ النزاع ليس في محلّه؛ فإنّ النزاع بينهم إنّما هو في البساطة و التركيب بحسب التحليل العقلي؛ لأنّ وحدة مفهوم المشتق، بل كلّ لفظ مفرد بحسب الإدراك و التصوّر ممّا لا يخفى على من راجع إلى وجدانه؛ فإنّ الذي ينتقل إلى الذهن عند سماع لفظ المشتقّ هو معنى بسيط لا غير، كسائر الألفاظ المفردة.
و يشهد بما ذكرناه في تحرير محلّ النزاع مراجعة كلمات المؤسّسين لهذا النزاع. و من الواضح أنّه لو كان محلّ كلامه البساطة و التركيب بحسب التصوّر و الإدراك، لما احتاج إلى البرهان؛ إذ المرجع الوحيد لتعيين مفهوم المشتقّ و غيره من الألفاظ بحسب التصوّر و الإدراك هو العرف، بلا ارتباط للبرهان العقليّ فيه.
فتحصّل أنّ صاحب الكفاية (رحمة الله) قائل بالتركيب في محلّ الكلام و إن أصرّ على البساطة؛ لأنّه التزم بالبساطة بحسب التصوّر و الإدراك و هي خارجة عن محلّ الكلام و اعترف بالتركيب بحسب الدقّة و التحليل العقلي. و هو محلّ الكلام على ما عرفت، (إنتهی ملخّصاً). [5]
أقول: صرّح المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله) ببساطة المفهوم و کون التحلیل العقليّ لا یضرّ ببساطة المفهوم الذي هو معیار في المتفاهم العرفي. و أمّا قوله (رحمة الله) بأنّ البساطة التصوّریّة غیر قابل للبحث محلّ تأمّل؛ إذ المشتقّات تترکّب من المادّة و الهیئة و المادّة تفید معنیً و الهیئة أیضاً تفید معنیً؛ فیمکن الترکیب في المفهوم. و الوضوح له (رحمة الله) لا یضرّ بعدم الوضوح لدی الآخرین و کونه محلاً للنزاع و إن کان النزاع في التحلیل العقليّ أیضاً قابل للبحث؛ فیصحّ البحث في المقامین و لکنّ الأصوليّ یبحث في المقام الأوّل و البحث المفهوميّ الصرف.
قال المحقّق النائینيّ (رحمة الله): «إنّ التحقيق- وفاقاً لأهله- بساطة مفاهيم المشتقّات و خروج الذات و النسبة عن مداليلها بالكلّيّة، فلا تدلّ إلّا على المبدأ الملحوظ اتّحاده مع الذات فقط». [6]
و قال النجفيّ الاصفهانيّ (رحمة الله): «لا شكّ أنّه[7] معنى بسيط، فمن نظر إلى النجم لا يرى في بدء النظر جسماً و نوراً مرتبطين و لا شيئاً ثالثاً مركّباً، بل يرى جسماً معنوناً بعنوان النورانيّة. و قس عليه الضارب و المضروب و سائر المشتقّات»، (إنتهی ملخّصاً مع التصرّف). [8]