< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

43/05/02

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ المشتق

قال المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله): «قد يقرّر هذا وجهاً على حدة و يقال‌[1] : لا ريب في مضادّة الصفات المتقابلة المأخوذة من المبادئ المتضادّة على ما ارتكز لها من المعاني؛ فلو كان المشتقّ حقيقةً في الأعم، لما كان بينها مضادّة، بل مخالفة؛ لتصادقها فيما انقضى عنه المبدأ و تلبّس بالمبدأ الآخر». [2]

کما قال المحقّق النائینيّ (رحمة الله): «لا غبار لصحّة التمسّك بلزوم اجتماع الضدّين، بناءً على القول بالأعم فيما إذا تلبّس بضدّ ما كان متلبّساً به؛ كالقيام و القعود. و توضيح ذلك: هو أنّه لا إشكال في تضادّ نفس المبادي من القيام و القعود و السواد و البياض و غير ذلك.

و حينئذٍ فإن قلنا ببساطة المشتقّ و أنّه عبارة عن نفس المبادي لا بشرط، فلا إشكال في تحقّق التضادّ بين نفس المشتقّات أيضاً من القائم و القاعد و الأسود و الأبيض؛ إذ القائم هو عبارة عن نفس القيام المتّحد وجوداً مع الذات و كذلك القاعد؛ فالتضادّ بين القيام و القعود لا محالة يستلزم التضادّ بين القائم و القاعد، بل هو هو، فبناءً على البساطة لا مجال لتوهّم عدم التضادّ بين القائم و القاعد. و يلزم الوضع للأعمّ اجتماع الضدّين فيما إذا تلبّس القائم بالقعود؛ لصدق القائم و القاعد عليه حقيقةً. و هو كما ترى يكون من اجتماع الضدّين». [3]

إشکال و جواب

الإشکال

على هذا يلزم أن يكون[4] في الغالب أو الأغلب مجازاً و هذا بعيد ربما لا يلائمه حكمة الوضع. [5]

جوابان عن الإشکال

الجواب الأوّل

لا يقال: كيف و قد قيل بأنّ أكثر المحاورات مجازات؛ فإنّ ذلك لو سلّم فإنّما هو لأجل تعدّد المعاني المجازيّة بالنسبة إلى المعنى الحقيقيّ الواحد؛ نعم، ربما يتّفق ذلك بالنسبة إلى معنى مجازي؛ لكثرة الحاجة إلى التعبير عنه، لكن أين هذا ممّا إذا كان دائماً كذلك، فافهم.

قلت: مضافاً إلى أنّ مجرّد الاستبعاد غير ضائر بالمراد- بعد مساعدة الوجوه المتقدّمة عليه- أنّ ذلك إنّما يلزم لو لم يكن استعماله فيما انقضى بلحاظ حال التلبّس، مع أنّه بمكان من الإمكان، فيراد من جاء الضارب أو الشارب و قد انقضى عنه الضرب و الشرب جاء الذي كان ضارباً و شارباً قبل مجيئه حال التلبّس بالمبدأ، لا حينه بعد الانقضاء كي يكون الاستعمال بلحاظ هذا الحال و جعله معنوناً بهذا العنوان فعلاً بمجرّد تلبّسه قبل مجيئه؛ ضرورة أنّه لو كان للأعم، لصحّ استعماله بلحاظ كلا الحالين. [6]

 

أقول: کلامه (رحمة الله) صحیح؛ فإنّ جریان أصالة الحقیقة في الشكّ في المراد مسلّم و محلّ النزاع بین الأصولیّین هو الشكّ في مرادات الشارع، لا في تعیین ما هو الموضوع له في الواقع. و یکفی انعقاد الظهور الذي هو حجّة عند العقلاء في تعیین المراد. هذا إن قلنا بأنّ المشتقّ حقیقة في خصوص المتلبّس بالمبدأ في الحال و أمّا علی عدم ثبوت المعنی الحقیقي، فلا تجري أصالة الحقیقة، بل ینعقد الظهور فقط.

الجواب الثانی

یمکن الجواب عن الإشکال تارةً بمنع كون أكثريّة المجاز مخالفةً لحكمة الوضع؛ إذ حكمة الوضع إنّما هو تفهيم المعانى المقصودة إلى كلّ من أراد المتكلّم تفهيمها له. و هذا الغرض يحصل بوضع اللفظ للمعنى. و المجاز إنّما ينشأ من ناحية استعمال اللفظ الموضوع لمعنى من المعاني في غيره بعلاقة. و لا يرتبط ذلك بالواضع، بل إنّما يتحقّق من ناحية المستعملين و لا يحصل ذلك إلّا باستعمال الألفاظ في غير معانيها.

و أخرى: بما ذكره في «الكفاية» في ضمن العبارة المنقولة و حاصله: أنّ استعمال المشتقّ في الموارد المذكورة لو كان بلحاظ حال الانقضاء بأن يكون الجري و الحمل في الحال بلحاظ كونه في السابق متلبّساً بالمبدأ، لزم المجاز و غلبته علی الحقيقة، لكنّه ليس بمسلّم؛ لاحتمال أن يكون الجري بلحاظ حال التلبّس، (إنتهی ملخّصاً).[7]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

إشکال في الدلیل الثاني

الإنصاف أنّ هذا الوجه في الحقيقة يرجع إلى الوجه الأوّل، أي التبادر؛ لابتنائه على الوجدان و الارتكاز و هو ليس إلّا تقريباً آخر للتبادر. [8]

یلاحظ علیه: أنّ هذا الدلیل غیر الدلیل السابق؛ لأنّ الدلیل السابق هو التبادر من لفظ المشتقّ بخصوص المتلبّس. و أمّا عدم تبادر الأعمّ فیثبت بهذا الدلیل. و المدّعی مرکّب من جزئین تبادر الأخصّ و عدم تبادر الأعم، للزوم التضاد.

 


[4] الاستعمال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo