< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

43/04/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ المشتق

القول السادس: مبدأها الحروف المحفوظة في جميع المشتقّات [1] [2]

أقول: إنّه یمکن الجمع بین القول السادس و الخامس و الرابع.

قال المحقّق البجنورديّ (رحمة الله): «إنّ الأصل في المشتقّات هل هو اسم المصدر أو المصدر أو الفعل أو ليس شي‌ء منها أصلاً، بل كلّ واحد من هذه المذكورات صيغة لها مادّة و هيئة في قبال سائر الصيغ و في عرضها؟

و الصحيح هو الأخير إن كان المراد بالأصل هي المادّة السارية بلفظها و معناها في سائر الصيغ.

بيان ذلك: هو أنّه لا بدّ في المادّة السارية أن تكون لا بشرط من حيث اللفظ عن جميع الهيئات الواردة عليها و من حيث المعنى أيضاً كذلك؛ أي يكون لا بشرط عن جميع الخصوصيّات الواردة عليها، كما هو شأن الموادّ بالنسبة إلى الصور المختلفة التي تتلبّسها». [3]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین و لعلّ التعبیر بالمصدر لإفادة هذا المعنی.

قال النجفيّ الأردبیليّ (رحمة الله): «إنّه وقع النزاع بأنّ مبدأ الاشتقاق هل هو المصدر أو اسم المصدر؟ بناء المتقدّمين هو الأوّل و بناء المتأخّرين هو الثاني. و الحقّ أنّه ليس واحد منهما. التحقيق أنّ مبدأ الاشتقاق لا بدّ أن يكون المعرّات عن كلّ هيئة. و ليس هذا إلّا المادّة و هي عبارة عن قابليّة صرفة من دون ملاحظة العناوين و الارتباط، بل من‌ دون ملاحظة الحروف المرتّبة. و لا بأس بالتعبير عنه بالمصدر من دون لحاظ وضع الهيئة لها و لا دلالة على النسبة بكون الهيئة بمجرى حفظ المادّة ليسهل التعبير عنها. فالمصدر بما له من المادّة و الهيئة لا يمكن أن يكون مبدأ الاشتقاق. و كذا الحال في اسم المصدر.

فتحصّل أنّ كلّاً من المصدر و اسم المصدر و الأفعال و المفاعل و اسم المفاعل و الصفة المشبّهة و غير ذلك من المشتقّات. و إنما يشتقّ من مبدأ واحد محفوظ في جميع هذه الصيغ و هو- الضاد و الراء و الباء [في الضارب و ...][4] »، (إنتهی ملخّصاً). [5]

أقول: هو الحق، کما مر.

القول السابع: أنّه لا أصل في البين يكون هو الذي تتفرّع عنه الفروع، لا في طرف المادّة و لا في طرف الهيئة [6]

القول الثامن

إنّ ما هو مادّة المشتقّات، نفس طبيعة اللفظ خاليةً عن جميع التعيّنات و الأشكال الهيئويّة و خاليةً عن الاعتبارات الزائدة على معناها المطلق. [7]

أقول: لعلّ القول السابع و الثامن یرجعان إلی ما ذکرناه سابقاً و الاختلاف في تعبیرات.

الأمر الثامن: في أنّ النزاع في المشتقّ لغويّ أم عقلي؟

هنا قولان:

القول الأوّل: النزاع لغوي [8] [9] [10] [11] [12] [13]

أقول: هو الحق؛ لأنّ البحث في نظر العرف و العقلاء و أنّه هل یصدق المشتقّ لغةً و عرفاً فی ما انقضی عنه المبدأ أم لا؟ و في الموارد المختلفة یختلف نظر العرف باختلاف الموادّ و الهیئات و أنحاء التلبّسات و نظر العرف في أنّ تلبّس کلّ شيء بحسبه و یتمسّك بالتبادر و صحّة السلب و أمثالهما.

قال المحقّق الرشتيّ (رحمة الله): «من الموضوعات اللغويّة المشتق». [14]

و قال الإمام الخمینيّ (رحمة الله): «الظاهر أنّ النزاع في كون المشتقّ حقيقةً في خصوص المتلبّس بالمبدأ أو الأعمّ منه و ممّا انقضى عنه، نزاع في أمر لغوي، لا في أمر عقلي؛ أعني أنّ النزاع في أنّ الموضوع له للفظ المشتقّ هو معنىً لا ينطبق إلّا على‌ خصوص المتلبّس فعلاً أو على الأعمّ منه و ممّا انقضى عنه، لا في عدم معقوليّة صدق المشتقّ إلّا على من تلبّس بالمبدأ، أو على الأعمّ منه و ممّا انقضى عنه». [15]

و قال (رحمة الله) في کتابه الآخر: «هذه المسألة ليست من المسائل العقليّة، بأن يقال هل يصدق المشتقّ على ما انقضى عنه المبدأ عقلاً أو لا؟ بل لغويّة و أنّ النزاع فيها إنّما هو في كيفيّة وضع الواضع و أنّه وضعه لكذا أو كذا، سواء صدق عليه عقلاً أو لا». [16]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الدلیلان علی القول الأوّل

الدلیل الأوّل

[النزاع في الأمر اللغوي، لا العقلي][17] بداهة أنّه لا يكاد يعقل صدق عنوان المشتقّ عقلاً على الفاقد للمبدأ بعد ما كان واجداً له. و أمّا إذا كان البحث لفظيّاً، فللنزاع فيه مجال، بلحاظ أنّ للواضع تحديد حدود الموضوع له سعةً و ضيقاً؛ فله الوضع لخصوص المتلبّس بالمبدأ، أو للأعمّ منه و ممّا انقضى عنه. [18]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

الدلیل الثاني

قال بعض الأصولیّین (حفظه الله): «الدليل على أنّه لغويّ هو استدلال الطرفين بالتبادر و صحّة السلب و عدمه. و لو كان النزاع عقليّاً، لما كان لهذه الاستدلالات وجه». [19]

أقول: کلامه (حفظه الله) متین.

القول الثاني: النزاع عقلي [20]

قال المحقّق النائینيّ (رحمة الله): «السرّ في اتّفاقهم على المجازيّة في المستقبل و الاختلاف فيما انقضى هو أنّ المشتقّ لمّا كان عنواناً متولّداً من قيام العرض بموضوعه- من دون أن يكون الزمان مأخوذاً في حقيقته، بل لم يؤخذ الزمان في الأفعال، فضلاً عن المشتق- وقع الاختلاف بالنسبة إلى ما انقضى عنه المبدأ، حيث إنّه قد تولّد عنوان المشتق؛ لمكان قيام العرض بمحلّه في الزمان الماضي.

و هذا بخلاف من يتلبّس بعد، فإنّه لم يتولّد عنوان المشتق، لعدم قيام العرض بمحلّه، فكان للنزاع في ذلك مجال، دون هذا؛ إذ يمكن أن يقال فيما تولّد عنوان المشتقّ أنّ حدوث التولّد في الجملة و لو فيما مضى يكفي في صدق العنوان على وجه الحقيقة و لو انقضى عنه المبدأ، كما أنّه يمكن أن يقال: إنّه يعتبر في صدق العنوان على وجه الحقيقة بقاء التولّد في الحال و لا يكفي حدوثه مع انقضائه. هذا فيما إذا تولّد عنوان المشتقّ في الجملة.

و أمّا فيما لم يتولّد، فلا مجال للنزاع في أنّه على نحو الحقيقة؛ لعدم قيام العرض‌ بمحلّه، فكيف يمكن أن يتوهّم صدق العنوان على وجه الحقيقة، مع أنّه لم يتحقّق العنوان بعد! فلا بدّ أن يكون على وجه المجاز بعلاقة الأول و المشارفة»، (إنتهی ملخّصاً). [21]

إشکال في القول الثاني

إنّ صدق العنوان و عدمه عقلاً دائر مدار اشتماله على المبدأ و عدمه. و لا يعقل صدقه على الفاقد في الواقع و نفس الأمر؛ بداهة أنّ الاتّصاف بصفة كالعالميّة (مثلاً) إنّما هو لمن وجد صفة العلم. و أمّا من لم يكن متّصفاً بالعلم- سواء كان متّصفاً به فيما مضى، أو لم يتلبّس به بعد و يتلبّس به في المستقبل- فلا يتّصف بصفة العلم عقلاً.

فاشترك كلّ ما انقضى عنه و ما يتلبّس بعد في عدم معقوليّة الصدق. هذا على تقدير كون البحث عقليّاً.

و أمّا على كون البحث لفظيّاً، فللواضع تحديد دائرة الموضوع سعةً و ضيقاً، فكما يمكنه وضع المشتقّ للمتلبّس بالمبدأ فعلاً أو للأعمّ منه و ممّا انقضى عنه، يمكنه الوضع للأعمّ منهما و ما يتلبّس بعد. [22]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

 


[1] . منتهی الاصول، البجنوردی، حسن، ج1، ص143.
[3] . منتهی الاصول، البجنوردی، حسن، ج1، ص139.
[4] الزیادة منّا.
[17] الزیادة منّا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo