< قائمة الدروس

بحث الأصول الأستاذ محسن الفقیهی

43/02/14

بسم الله الرحمن الرحیم

 

موضوع: مباحث الالفاظ/ الوضع/ المشتق

دلیل القول الأوّل

إنّهم يطلقون المشتقّات على المعنى المذكور من دون نصب القرينة، كالكاتب و الخيّاط و القارئ و المتعلّم و المعلّم و نحوها و لو كان المحلّ متّصفاً بالضدّ الوجودي؛ كالنوم و نحوه. و القول بأنّ الألفاظ المذكورة و نحوها كلّها موضوعة لملكات هذه‌ الأفعال‌[1] ممّا يأبى عنه الطبع السليم في أكثر الأمثلة و غير موافق لمعنى مبادئها على ما في كتب اللغة. [2]

أقول: کلامه (رحمة الله) متین.

إشکال في الدلیل

إنّ تلك المشتقّات إن اعتبرت من حيث صيرورة مباديها ملكات لمحالّها، فصدقها بدون القرينة عليها حال عدم التشاغل بالمبادي لا يثبت المدّعى. و إن اعتبرت بحسب نفس مباديها، فلا نسلّم أنّها تطلق على من قام به المبدأ في الماضي من غير قرينة، مع أنّ ما ذكر من أغلبيّة الاتّصاف ممّا لا أثر له في الأمثلة المذكورة. [3]

یلاحظ علیه: بالملاحظات السابقة.

القول الثاني: لا یوجب الاختلاف[4] [5] [6] [7] [8] [9] [10] [11]

قال المحقّق الخراسانيّ (رحمة الله): «إنّ اختلاف المشتقّات في المبادئ و كون المبدأ في بعضها حرفةً و صناعةً و في بعضها قوّةً و ملكةً[12] و في بعضها فعليّاً، لا يوجب اختلافاً في دلالتها بحسب الهيئة أصلاً و لا تفاوتاً في الجهة المبحوث عنها[13] ، كما لا يخفى؛ غاية الأمر أنّه يختلف التلبّس به في المضيّ أو الحال، فيكون التلبّس به فعلاً لو أخذ حرفةً أو ملكةً و لو لم يتلبّس به إلى الحال أو انقضى عنه و يكون ممّا مضى أو يأتي لو أخذ فعليّاً، فلا يتفاوت فيها أنحاء التلبّسات و أنواع التعلّقات». [14]

یلاحظ علیه: بالملاحظات السابقة و أنّ الموادّ و الهیئات مختلفة و فهم العرف هو المحکّم؛ کما في القاتل و القائم و المفتاح و أمثالها و إن کان التلبّس في کلّ شيء بحسبه. و صدق التلبّس بنظرالعرف؛ مثل صدق القاتل و لو بعد انقضاء مدّة مدیدة، بخلاف القائم و القاعد.

إشکالان في کلام المحقّق الخراساني

الإشکال الأوّل

قال المحقّق الإیروانيّ (رحمة الله): «بل الاختلاف في جملة من المشتقّات إنّما هو باختلاف الهيئات الحاكية كلّ منها عن خصوص نسبة مغايرة لنسبة أخرى؛ كما في ناطق و نطّاق و ناجر و نجّار و حامل و حمّال، فإذا اختلف ما يدلّ على النسبة، أعني به الهيئة، اختلف المدلول، أعني به النسبة المحكيّة. أمّا اختلاف المبدأ فهو أجنبيّ عن محلّ البحث. و لا تختلف النسبة المحكيّة باختلافها. و إنّما يختلف المعنى القائم بالذات باختلافه فالمبدأ في مثل عادل و جواد و شجاع إنّما هو من الملكات، فتدلّ الهيئة على قيام تلك الملكات بالنفس. و في مثل أبيض و طويل و صبيح إنّما هو نفس الأعراض، فتدلّ الهيئة على قيام تلك الأعراض بالبدن؛ فالنسبة نسبة واحدة و إن اختلفت المادّة؛ كما أنّ المادّة في الأمثلة المتقدّمة مادّة واحدة و النسبة مختلفة». [15]

کما قال (رحمة الله) في موضع آخر: «ليس المبدأ في شي‌ء من الموارد حرفةً أو صناعةً أو ملكةً، بل المبدأ في الجميع هي الفعليّة و الاختلاف إنّما هو في أنحاء التلبّس بذلك المبدأ الفعلي، فإنّه قد يكون بنحو القيام بالفعل و قد يكون بنحو القيام بالملكة و هكذا. و لكلّ من أطوار هذه النسب عين طور من أطوار الهيئات الاشتقاقيّة، فهيئة ناجر تدلّ على نحو من النسبة و هيئة نجّار على نحو أخر و المادّة مادّة واحدة، لكنّ النسبة بهذه المادّة الواحدة مختلفة فيها، لا أنّ المادّة في نجّار استعملت في ملكة النجارة مجازاً؛ نعم، المادّة في مثل عادل و شجاع و جواد بنفسها ملكة و التلبّس فيها مثل التلبّس في ضارب و قاتل و آكل». [16]

أقول: الحقّ أنّ الاختلاف في المدلولات قد ینشأ من اختلاف الموادّ و قد ینشأ من اختلاف الهیئات و الکلام مرکّب من المادّة و الهیئة. و کلّ منهما قد یوجب الاختلاف في المدلولات و لا یصحّ نفي واحد منهم؛ کما یعلم من مراجعة الأمثلة المختلفة. و الدلیل علی ذلك کلّه هو التبادر عند العرف و فهم العرف هو المعیار في معاني الألفاظ من المشتقّات و غیرها و مباحث الألفاظ کلّها من هذا القبیل لا بدّ من مراجعة العرف في فهم المعاني.

و الأصولي یجعل فهم العرف تحت ضابطة معیّنة بحیث یسهل تشخیص معاني الألفاظ الواردة في القرآن و الروایات.

الإشکال الثاني

هذا الكلام و إن كان صحيحاً بحسب الظاهر و النظر الابتدائي و لكنّ الواقع و النظر الدقي يقتضي خلافه، فإنّ أكثر المبادئ يكون بنحو الفعليّة؛ إذ التاجر (مثلاً) مادّته عبارة عن التجارة لو أخذ فيه عنوان الحرفة، كيف ينطبق في الآية الشريفة: ﴿لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ﴾[17] ، مع أنّه لا شكّ في أنّ المراد من التجارة فيها هو صدور التجارة و فعليّتها، لا حرفته. و هكذا في أكثر المبادئ أخذ عنوان الفعليّة حتّى في مبدأ المثمر، فإنّ مبدأه عبارة عن الإثمار، فلو أخذ فيه عنوان الشأنيّة، كانت إضافة كلمة الشأنيّة إليه في الاستعمالات لغواً.

نعم، كلمة الاجتهاد بوحدتها تكون في الاصطلاح بمعنى الملكة و القدرة على الاستنباط، إلّا أنّها ليست في اللغة كذلك، بل تكون بمعنى استفراغ الوسع‌ و الجدّ في طلب شي‌ء، فأخذ في جميع المبادئ عنوان الفعليّة، (إنتهی ملخّصاً). [18]

أقول: الموادّ و الهیئات مختلفة و فعلیّة کلّ مادّة بحسبها و فعلیّة کلّ هئیة بحسبها أیضاً؛ کما أنّه في قوله- تعالی: ﴿لا تأکلوا﴾ خطاب بالنسبة إلی المخاطبین و کلّ الناس في الأزمنة المختلفة و إن لم یکن فعلیّاً. و هکذا فرق بین التاجر و التجارة؛ فإنّ التاجر تاجر و لو في حال النوم، بخلاف التجارة؛ فلا بدّ من قبول أنّ الفعلیّة في الموادّ و الهیئات بحسبهما و العرف هو المحکّم، کما سبق مفصّلاً.

قال الحائريّ الیزديّ (رحمة الله): «المشتقّات الدالة على الحرفة و الملكة و الصنعة كسائر المشتقّات في مفاد الهيئة من دون تفاوت أصلاً. و صحّة إطلاقها على من ليس متلبّساً بالمبدأ فعلاً، بل كان متلبّساً قبل ذلك من دون إشكال من جهة أحد أمرين: إمّا استعمال اللفظ الدالّ على المبدأ في ملكة ذلك أو حرفته أو صنعته. و إمّا من جهة تنزيل الشخص منزلة المتّصف بالمبدأ دائماً؛ لاشتغاله به غالباً بحيث يعدّ زمان فراغه كالعدم، أو لكونه ذا قوّة قريبة بالفعل بحيث يتمكّن من تحصيله عن سهولة، فيصحّ أن يدّعى أنّه واجد له و الظاهر هو الثاني. و على أيّ حال هيئة المشتقّ استعملت في المعنى الذي استعملت فيه في باقي الموارد». [19]

أقول:لا ینبغي الإشکال في کون الموادّ و الهیئات مختلفة؛ مثل: القتل و القیام في زید قاتل و زید قائم و قد سبق مفصّلاً. و لا یصحّ جعلها تحت ضابطة معیّنة، إلّا بعنوان غالب الموارد؛ فإنّ تلبّس کلّ شيء بحسبه في نظر العرف، کما في الملکات و الحرف و الصنائع و أمثالها.


[1] في ب: الألفاظ.
[12] عطف الصناعة على الحرفة تفسيري. و هكذا عطف الملكة على القوّة.
[13] هي أنّ إطلاق المشتقّ على الذات بعد انقضاء المبدأ- و أيّاً كان المبدأ- عنها حقيقة أو مجاز؛ فالجهة المذكورة جهة عامّة لا يتفاوت عليها سعة بعض المبادي و ضيق بعضها؛ فكما أنّ إطلاق الضارب على الذات المنقضى عنها مبدأ الضرب من محلّ النزاع، كذلك إطلاق المجتهد على الذات المنقضى عنها مبدأ الاجتهاد بلا أدنى مائز و أيّ ربط؛ لتفاوت المبادي بهذه الجهة التي حرّرناها.هي كيفيّة دلالة الهيئة و أنّها أعمّ من المتلبّس أم لا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo